حقوقيون: قانون 15 الذى ينظم الاثبات والإنكار لم يتغير منذ عام 1929 الأزهر: إنكار النسب موجود من قبل الرسول والدليل .. زياد ابن أبيه زياد رحبانى وراغب علامة أشهر من رفعوا قضايا ماذا لو ساورت الشكوك زوجًا فى أن زوجته خائنة،ونسبت إليه ولدًا غير شرعى دون أن يكون معه على ذلك دليلًا ؟ كما حدث مع أحد المواطنين المصريين الذى قرر أن يُقيم دعوى «زنا» ضد زوجته، واتهمها بممارسة الرذيلة، مع مدرب الكاراتيه فى قضية المحلة الشهير، إضافة إلى رفع دعوى «نفى نسب» للتأكد من نسب نجلها إليه، بعد مشاهدة زوجته فى أحضان المدرب. هذا السؤال مشكلة تواجه عشرات الآلاف من الأزواج الذين لا يجدون فى الغالب حلا سوى اللجوء إلى القضاء ورفع دعاوى إنكار النسب، والتى تنتهى فيها محاكم الأحوال الشخصية، فى البلاد الإسلامية إلى تطبيق أحكام اللعان وفق المذهب الذى تتبعه. وإن كان الجميع خاصة الإعلام يهتم بأطراف القضية الثلاثة "الزوج والزوجة والعشيق"، إلا أن الجميع أيضا ينسى فى فورة العناوين المثيرة، والتعبيرات الجنسية فى القضية، الطرف الرابع وهو الطفل، والذى يصبح وضعه وحياته بكاملها موضع شك وتساؤل. وقد وصل عدد الدعاوى المرفوعة لإنكار النسب فى المحاكم المصرية وحدها إلى 120 ألف دعوى يرفض أصحابها الاعتراف بالنسب الشرعى لأبنائهم، ولم يحدث تطوير لقانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1929، رغم التغيرات الاجتماعية التى طرأت على المجتمع وقيم وتقاليد الزواج فيه، ورغم ظهور واستحداث تطبيقات علمية للثورة البيولوجية، التى شهدها العالم فى العقدين الأخيرين، والتى يمكن الاستفادة منها فى نظر وإثبات النسب فى مثل هذه القضايا. فقد نظمت المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 أحكام النسب ومنحت للرجل الحق فى نفى نسب طفل تلده زوجته، وذلك فى حالة عدم حدوث تلاقى بين الزوجين منذ عقد القران، وأن تلد الزوجة طفلها بعد غيبة الزوج عنها مدة تزيد عن سنة، أو أن تضع المطلقة أو الأرملة مولودها بعد مدة تزيد عن سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة. وفقا لنفس المادة القانونية يحق للزوج إنكار النسب فى حالة إذا ما وضعت الزوجة مولودها، فى مدة تقل عن 6 شهور من تاريخ الزواج الحقيقى، إلا إذا أثبتت الزوجة أن هناك زواجا عرفيا سابقا على الزواج الرسمى. كما حدد القانون الحالة التى لا يمكن للزوج فيها إنكار إثبات النسب ومسماها ''اللعان''، وهو ما نص عليه القرآن الكريم ولكن يشترط ألا يكون قد أقر الزوج بالطفل فى أى فترة من الفترات بأن يكون قد سكت على مظاهر الحمل، حتى وضعت زوجته مولودها واشترك فى الاحتفال بقدوم المولود لأن ذلك يعد إقرارًا من الزوج بالأبوة ولا يجوز النفى بعد الإقرار. وتنص المادة على: ''لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقى بينها وبين زوجها من حين العقد، ولا لولد زوجة آتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها، ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة''. كل هذا لاينطبق مثلا على حالة اكتشاف زوج خيانة زوجته مما يجعله يتساءل عن حقيقة نسب أطفاله منها، فليس مستبعدا على الزوجة الخائنة أن تنسب طفلا حملته من رجل إلى اسم رجل آخر، والمرآة المتزوجة حين تخون زوجها وتكتشف حملها لايكون أمامها سوى الإجهاض أو إقناع زوجها أن الحمل وقع منه. الولد للفراش فى المقابل توجد آلاف القضايا التى نظرتها المحاكم المصرية لحالات إنكار النسب، وجاءت العديد من الأحكام ليثبت هذا النسب استنادا لقاعدة ''الولد للفراش''، رغم سفر الزوج لمدة تزيد عن عام، ويروى محمد عادل مصطفى، محام متخصص فى قضايا الأحوال الشخصية وإثبات وإنكار النسب، أن حق الزوج فى إنكار النسب يسقط فى حالة علمه بواقعة الزنا ثم علمه بحمل الزوجة، وهو ما يعتبر بمثابة رضى منه عن الأمر، وبعض الأزواج يفضلون الستر على الزوجة الزانية. ولكن ماذا لو حمكت المحكمة بإنكار النسب،فى هذه الحالة يقول المحامى علاء الدين حسنى إنه إذا حكمت المحكمة فى قضى بإنكار نسب طفل إلى أبيه فيمكن فى هذه الحالة نسب الطفل إلى جده لوالدته، وتغيير كل أوراقه الرسمية كشهادة الميلاد بالاسم الجديد، فقانون اللعان على هيئته المستقر عليها، ينتهى فيها الحكم بالتفريق بين الزوجين وإلحاق نسب الولد بأمه. أما عن التأثير النفسى فتقول الدكتورة أمل عامر، أستاذ علم الاجتماع، أن الطفل يكون هو الضحية الأولى فى مثل هذا النوع من القضايا، خاصة أنه يصبح عرضة للسخرية والإهانة، بجانب تغيير شامل فى حياته ما يعرضه لضغوط نفسية وعصبية وتحوله إلى كائن مشوه ورافض للمجتمع. من من جانبه قال الشيخ سيد زايد، عضو لجنة الفتوى فى الأزهر، إن القاعدة الفقهية للفصل فى قضايا النسب لا تتعارض مع التطور العلمى، لقوله تعالى ''وكل يوم هو فى شأن''، مضيفا أن قول الرسول عليه الصلاة و السلام 'الولد للفراش وللعاهر الحجر''، وكان ذلك قبل 1400 سنة، ولو أن تحليل الحامض النووى DNAيعطى نتيجة صحيحة، لا تقبل التشكيك فلا مانع من الاعتماد عليه. وأضاف أن الرسول عليه الصلاة والسلام، اعتمد أساليب أخرى لإثبات النسب، منها ما يعرف ب''القيافة''، وكان فى الجاهلية يقوم بها مختصون يقارنون بين أعضاء جسم الصبى و الزوج، لكن فى بعض الأحيان يكون للتحليل الأولوية إذا علم الزوج على سبيل المثال أنه لا ينجب، وكذلك فى قضايا الميراث فى حالة وفاة الزوج، لذلك فالأفضل أخذ عينة من الزوج حتى وإن رفض التحليل. وأفاد عضو لجنة الفتوى فى الأزهر أن السفيرة مشيرة خطاب، قد تقدمت بمشروع عام 2010، حاولت من خلاله وضع تصور قانونى لحل أزمة مجهولى النسب، وهو تصور لا يخالف الشرع مطلقا، لأن التبنى محرم شرعا، وفى الشرع الإسلامى ''اللقيط'' لا ينسب لأبيه لأن هذا الولد إذا أثبتت التحاليل نسبه إلى أبيه لا ينسب، لأنه جاء من ماء هدر شذر، والهدف من مشروع التشريع القانونى السابق هو ألا تزر وازرة وزر أخرى، وهو ليس نوعا من التبنى لكنه نوعا من الكفالة، وهو فقه الواقع. وأضاف أن التاريخ به نماذج مماثلة، لقضايا إنكار النسب حيث كانوا يقولون ''فلان ابن أبيه'' مثل زياد ابن أبيه، لأنه جاء من زنا، ويمكن أن ينسب لجده من الأم حتى يجد له نسبا، ولا يرث، ولا يمكن أن ينسب إلى أمه لأن الوحيد المنسوب إلى أمه هو المسيح عيسى ابن مريم. أشهر قضايا إنكار النسب قام الفنان اللبنانى زياد الرحبانى ابن المطربة فيروز برفع دعوى كانت هى الأشهر فى قضايا النسب فى لبنان، وذلك لإنكار نسب ابنه عاصى، الذى كان قد تخطى عامه الرابع والعشرين، وخلال القضية قدم الأب أدلة بما فيها فحص الحمض النووى، الذى حسم القضية قبل تحويلها إلى القضاء، وخوفا على اسم العائلة التى صنعت مجد الفن اللبنانى، طلبت المحكمة من كلا الطرفين إيجاد صيغة محترمة لحل القضية وديا. كذلك تحليل الحامض النووى الذى أجراه الفنان اللبنانى راغب علامة دفعه إلى إنكار بنوته ب''سارة لونا''، وكان قد تزوج والدتها رندى زكا الزوجة الأولى للفنان، وانتهت علاقتهما بطلاق هادئ، إلا أن التحليل جاء لينهى علاقته بالطفلة.