حذرت الكويت من أخطار كبيرة تحدق بالعالم العربي وحثت القادة العرب يوم الثلاثاء على وضع نهاية للنزاعات المتعددة التي تزيد من تعقيد أزمات مثل الحرب الاهلية في سوريا والاضطرابات السياسية في مصر. ودعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الدول العربية إلى تسوية الخلافات التي قال إنها تعرقل العمل العربي المشترك. وخلال القمة التي يحضرها أعضاء جامعة الدول العربية الاثنان والعشرون دعا الأخضر الإبراهيمي وسيط الأممالمتحدة للسلام في سوريا إلى وقف تدفق السلاح على طرفي الصراع في الحرب التي قتلت أكثر من 140 الف شخص وأجبرت الملايين على الفرار. ولم يذكر الإبراهيمي بالاسم الدول التي تقدم السلاح لكن يعتقد أن السعودية وقطر هما الممولان الرئيسيان للمساعدات العسكرية لمقاتلي المعارضة في سوريا بينما تعتبر إيران الداعم الرئيسي في المنطقة للرئيس السوري بشار الأسد. وقال الإبراهيمي إن المنطقة كلها يتهددها خطر الانزلاق إلى الصراع ودعا إلى تجديد الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة التي دخلت عامها الرابع. وفي كلمته الافتتاحية للقمة المنعقدة بالكويت حث الشيخ صباح الدول العربية على نبذ خلافات قال إنها تعرقل العمل العربي المشترك. وأضاف "الأخطار كبيرة من حولنا ولن نتمكن من الانطلاق بعملنا العربي المشترك إلى المستوى الطموح دون وحدتنا ونبذ خلافاتنا." ولم يذكر الشيخ صباح دولة بعينها لكنه كان يشير فيما يبدو إلى خلافات متفاقمة بين دول عربية بشأن الدور السياسي للإسلاميين في المنطقة وما تراه عدة دول في منطقة الخليج تدخلا في شؤونها من جانب إيران الشيعية التي تخوض صراعا إقليميا على النفوذ مع السعودية السنية. وقال مشاركون في القمة إن هناك انقسامات حول دعم قطر لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مصر وكيفية التعامل مع الأزمة السورية وتعريف "الإرهاب" في المنطقة. وتأتي قمة الكويت في أعقاب خلاف غير معتاد بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي جراء دعم قطر لجماعة الاخوان المسلمين المصرية واتهامات من العراق للسعودية وقطر بدعم مسلحين في محافظة الأنبار العراقية. وتميل دول الخليج إلى إبعاد خلافاتها عن المناقشات العامة وهو ما أضفى حساسية خاصة على قرار السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين سحب سفرائها من قطر في وقت سابق هذا الشهر. وعرضت الكويت التي احتفظت بسفيرها في الدوحة الوساطة في النزاع وهي تأمل في انجاح القمة التي تستضيفها دون حدوث مزيد من الانقسامات. وقبيل افتتاح القمة وقف أمير الكويت وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة وهو يتوسط ولي عهد السعودية وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني وأمسك بيد كل منهما في مسعى لابراز روح التضامن والمصالحة. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود غادر الكويت يوم الثلاثاء بعد أن ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية. وقال مساعد إن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ظل في الكويت. لكن مسؤولا كويتيا قال إن جدول أعمال القمة العربية لن يتضمن النزاع بين قطر وجيرانها. وسئل خالد الجار الله وكيل وزارة الخارجية الكويتي عما إذا كان هذا الخلاف سيثار في القمة فقال للصحفيين إن المصالحة الخليجية والقضايا الخليجية هي قضايا تبحث داخل البيت الخليجي. وقال مسؤولون بالحكومة الكويتية إن أمير الكويت لم يقم بأي محاولات وساطة على هامش الاجتماع الرئيسي. ولسنوات طويلة ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يهيمن على القمم العربية وكان لاغلب الدول العربية موقف مشترك من هذه القضية. لكن انتفاضات الربيع العربي التي بدأت عام 2011 أدت إلى استقطاب حاد في المنطقة. وأدت الحرب السورية إلى إثارة توترات بين السنة لاسيما في منطقة الخليج وبين الشيعة في العراقولبنانوإيران نظرا لأن الرئيس السوري ينتمي للطائفة العلوية الشيعية. وأكد الابراهيمي أنه لا يرى حلا عسكريا للحرب في سوريا وقال إن لبنان على وجه خاص مهدد بالانزلاق إلى الصراع. وكان يشير على ما يبدو إلى اشتباكات وقعت حديثا بين العلويين والسنة في شمال لبنان وتفجيرات نفذها مسلحون سنة في مناطق تسيطر عليها جماعة حزب الله الشيعية التي تساعد الأسد في حربه ضد مقاتلي المعارضة السنة. ودعا ولي العهد السعودي الأمير سلمان إلى تغيير ميزان القوى على الأرض في الصراع السوري وقال إن الأزمة في سوريا وصلت إلى حد الكارثة. ويوم الاثنين دعا وزير خارجية لبنان جبران باسيل الدول العربية إلى دعم الجيش اللبناني لمواجهة تداعيات الحرب الأهلية السورية التي قال إنها تهدد بتمزيق البلاد. وستبحث القمة أيضا تحديات اقليمية أخرى مثل ايران التي شهدت تحسن علاقاتها مع القوى الغربية منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني. ويضغط زعماء المعارضة السورية على الجامعة العربية لتسليمها مقعد سوريا في الجامعة وحث الدول العربية على الموافقة على تزويدهم بالعتاد العسكري. وظل المقعد السوري شاغرا خلال جلسة يوم الثلاثاء وقال أحمد الجربا رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض إن إبقاء المقعد خاليا يصب في مصلحة الأسد. وقال الجربا في كلمته أمام القمة "إن إبقاء مقعد سوريا بينكم فارغا يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى الأسد الذي يترجمها على قاعدة اقتل اقتل والمقعد ينتظرك بعد أن تحسم حربك." وطلب الجربا من الدول الغربية الضغط على القوى الخارجية لتزويد المعارضة بالأسلحة الثقيلة وتكثيف الدعم الإنساني للسوريين المتضررين من الصراع. وترفض دول عربية مؤيدة لسوريا منها العراق والجزائر ولبنان دعم مقاتلي المعارضة وتقول ان الاسلاميين ومنهم جماعات ذات صلة بتنظيم القاعدة هم الفصيل الأقوى في المعارضة المسلحة.