يصوت سكان منطقة القرم يوم الأحد على الانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا في الوقت الذي اتهمت فيه كييف موسكو بزيادة حجم قواتها المسلحة بسرعة في شبه الجزيرة في "انتهاك صارخ" للمعاهدة الدولية. وقال ايهور تنيوخ القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني يوم الاحد إن وزارتي الدفاع الأوكرانية والروسية اتفقتا على هدنة في شبه جزيرة القرم تستمر حتى 21 مارس آذار. وأضاف إيهور تنيوخ للصحفيين على هامش اجتماع حكومي "تم التوصل لاتفاق مع أسطول البحر الأسود (التابع لروسيا) ووزارة الدفاع الروسية على هدنة في القرم حتى 21 مارس آذار.. لن تتخذ إجراءات ضد منشآتنا العسكرية في القرم خلال تلك المدة." وصرح تنيوخ في وقت سابق بأن أعداد القوات الروسية في القرم تبلغ الان تقريبا مثلي المستوى الذي جرى الاتفاق عليه مع موسكو وإن القوات الأوكرانية تتخذ "إجراءات متناسبة" على طول الحدود مع روسيا. ورفض تنيوخ أي إشارة إلى أن أوكرانيا الضعيفة عسكريا واقتصاديا قد تستسلم في مواجهة القوة الروسية. وقال في مقابلة مع وكالة انترفاكس للأنباء "القرارات ستتخذ اعتمادا على كيفية تطور الأحداث. لكن دعوني أقول مرة أخرى إن هذه هي أرضنا ولن نتركها." وتقول الدول الغربية إن التصويت المرجح أن تأتي نتيجته في صالح الوحدة مع روسيا لمنطقة بها أغلبية تتحدث الروسية غير قانوني ويجرى تحت تهديد السلاح. وفي الأممالمتحدة صوت 13 من أعضاء مجلس الأمن لصالح مشروع قرار يقول إنه يتعين عدم الاعتراف بالنتيجة دوليا لكن موسكو استخدمت حق النقض (الفيتو) بينما امتنعت الصين عن التصويت. ورفض وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاتهامات الروسية مبلغا نظيره الأمريكي جون كيري أن الاستفتاء يتفق مع القانون الدولي. وعجزت كل من أوكرانيا والغرب عن منع الاستفتاء. وفي مدرسة في سيمفروبول العاصمة الاقليمية للقرم اصطف عشرات الناخبين للتصويت في الصباح الباكر. وقالت سفيتلانا فاسيليفا وهي ممرضة تبلغ من العمر 27 عاما "صوتت لصالح روسيا.. هذا هو ما كنا ننتظره ونريد أن نعيش مع أشقائنا." وأثار سقوط الرئيس الأوكراني الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش في أعقاب احتجاجات شهدت سقوط قتلى في كييف مخاوف بين بعض سكان البلاد الذين يتحدثون الروسية. وأضافت فاسيليفا "نريد أن نترك أوكرانيا لأن الأوكرانيين قالوا لنا إننا أناس من نوع أدنى.. كيف يمكنك البقاء في دولة كهذه؟" وفتحت مراكز الإقتراع أبوابها في الثامنة صباحا (0600 بتوقيت جرينتش) وتغلق بعد ذلك باثنتي عشرة ساعة. وستعلن النتائج المؤقتة في ساعة متأخرة مساء الأحد مع توقع معرفة النتيجة النهائية بعد يوم أو يومين. وأمام الناخبين في القرم البالغ عددهم 1.5 مليون خياران: الوحدة مع روسيا أو منح منطقتهم التي يسيطر عليها ساسة موالون للكرملين الحق في تحديد مسارها واختيار إقامة علاقات مع من تريد بما في ذلك موسكو. ولروسيا حق الاحتفاظ بقوات في شبه الجزيرة الواقعة في البحر الأسود بما في ذلك في قاعدتها البحرية في ميناء سيفاستوبول بموجب اتفاقية وقعت بعد نيل أوكرانيا الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي بعد انهياره عام 1991. لكن تنيوخ اتهم موسكو بتجاوز الحد المتفق عليه بشأن الجنود الذي قال إنه 12 ألفا و500 لعام 2014. وقال تنيوخ "للأسف أنه في فترة قصيرة جدا زاد العدد من 12500 إلى 22 ألفا. هذا انتهاك فظ للاتفاقيات الثنائية ودليل على أن روسيا أحضرت قواتها بصورة غير قانونية إلى أراضي القرم." وأبلغ الوكالة أن العدد بلغ 18400 جندي يوم الجمعة. وأضاف "نرى زيادة في عدد الجنود الروس في القرم." وتابع قائلا "ولذلك تتخذ القوات المسلحة الأوكرانية الإجراءات الملائمة على امتداد الحدود الجنوبية." ويأمل كثير من الأوكرانيين أن تجلب لهم الوحدة مع روسيا رواتب أفضل وأن تجعلهم مواطني بلد قادر على تأكيد نفسه على الساحة الدولية. لكن آخرين يرون أن الاستفتاء ليس سوى استيلاء من الكرملين على أراض من أوكرانيا التي يريد حكامها الجدد الاقتراب بها من الاتحاد الأوروبي والابتعاد بها عن الهيمنة الروسية. أما التتار وهم مسلمون سنة يشكلون نحو 12 في المئة من سكان القرم فقالوا إنهم سيقاطعون الاستفتاء على الرغم من تعهد السلطات بإعطائهم مساعدات مالية وحقوقا مناسبة في تملك الأراضي. وقالت شيفكايي أسانوفا وهي من تتار القرم وفي الأربعينيات من العمر "هذه أرضي. هذه أرض أجدادي. من يسألني إن كنت أريدها أو لا؟ من يسألني؟ سأظل طوال حياتي ألعن من جلب هؤلاء الأشخاص إلى هنا. لا اعترف بذلك على الإطلاق. سألعنهم جميعا." وبرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقفه بشأن القرم قائلا إنه يتعين أن يحمي الشعب من "الفاشيين" في كييف الذين أطاحوا بيانوكوفيتش في أعقاب انتفاضة قتل فيها أكثر من 100 شخص. وترفض القوى الغربية التي تعد عقوبات اقتصادية ضد موسكو بسبب القرم توصيفه للسلطات في كييف بأنها خلفاء للقوات الأوكرانية التي تحالفت مع النازي وقاتلت الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية. وفي الأممالمتحدة استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن صاغته الولاياتالمتحدة دعا "جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة إلى عدم الاعتراف بأي بديل لوضع القرم على أساس هذا الاستفتاء." وقالت سامانثا باور السفيرة الأمريكية بالامم المتحدة "هذه لحظة حزينة واستثنائية. القرم جزء من أوكرانيا اليوم وستكون جزءا من أوكرانيا غدا وستكون جزءا من أوكرانيا الأسبوع المقبل." وحاولت باريس تصوير موسكو على أنها معزولة. وقال السفير الفرنسي لدى المنظمة الدولية جيرار أرود في بيان "هذا الضم.. يتجاوز أوكرانيا فهو يهمنا جميعا. يجب أن يعتبر هذا الفيتو هزيمة لروسيا وحدها." غير أن وزارة الخارجية الروسية قالت يوم الاحد إن لافروف أبلغ نظيره الأمريكي جون كيري في اتصال هاتفي أن الاستفتاء قانوني. وأضافت الوزارة في بيان "لافروف أكد مجددا على أن استفتاء القرم يتفق تماما مع القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة ويجب أن تكون النتيجة نقطة البداية في تحديد مستقبل شبه الجزيرة." وساد الهدوء شوارع العاصمة سيمفروبول خلال الأيام الماضية رغم تراجع الوجود العسكري المكثف في المدينة الهادئة عادة. ولا يعترف رئيس وزراء القرم سيرجي أكسيونوف الذي لا تسلم كييف بانتخابه الذي تم في جلسة مغلقة للبرلمان الإقليمي ولا موسكو رسميا بسيطرة القوات الروسية على القرم ويقولان إن آلاف الرجال المسلحين الذين يظهرون في أنحاء المنطقة ينتمون لجماعات "الدفاع عن النفس" التي تشكلت لتحقيق الاستقرار.