الأمن والاقتصاد والنيل أبرز التحديات .. والصدام مع أمريكا مستبعد "النور": المصالحة الوطنية من أولوياته عبد الغفار شكر: ليس عبدالناصر حسين عبدالرازق: لن تكون له صلاحيات مطلقة
عززت نتيجة الاستفتاء الشعبي على وثيقة دستور 2014 التي تجاوزت العشرين مليون مواطن من فرص ترشح الفريق السيسي لانتخابات الرئاسة القادمة، خاصة وأن مصادر عسكرية أكدت مؤخراً أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عقد اجتماعا مساء الاثنين قبل الماضى، لمناقشة ملف ترشح الفريق السيسى للانتخابات الرئاسية المقبلة، وضرورة التوافق التام حوله، وتوضيح المخاوف التي رددها البعض من تفسير تدخل الجيش من البداية أنه يعود لهذا الهدف. كان النائب البرلمانى السابق مصطفى بكرى، أكد أن المشاركة الشعبية فى الاستفتاء على الدستور ستكون دافعاً قوياً لحسم وزير الدفاع أمر ترشحه للانتخابات، قائلاً: "أعتقد أنه لم يكن هناك خلاف على السيسى، لكن نتيجة الاستفتاء ستكون من العوامل التى ستدفعه للترشح". الكثير من المراقبين أكدوا أن نتيجة الانتخابات تكاد تكون بالفعل حسمت لصالح السيسي، الذي اعتبره الكثير من أفراد الشعب مُخلّصاً من تنظيم الإخوان الذي كاد أن يُدخل البلاد إلى نفق مظلم. كان للقوى المدنية دور كبير في الدفع لترشيح الفريق السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية، فتم تدشين العديد من الحملات الداعمة له والتي تطالبه بالترشح للانتخابات مثل (كمل جميلك – السيسي رئيسي) وهي حملات يقف وراءها شخصيات مدنية، هتفت سابقاً "يسقط يسقط حكم العسكر"، وعلى وجه التحديد إبان فترة حكم المجلس العسكري الذي حكم البلاد في أعقاب ثورة 25 يناير. حدد الفريق السيسي مؤخراً خلال حضوره ندوة تثقيفية نظمها الجيش على مسرح الجلاء وحضرها شخصيات عامة وسياسية بمناسبة المولد النبوي الشريف، شروط ترشحه للانتخابات الرئاسة، التي حددها بشرطين الأولى تفويض القوات المسلحة، والثانية تفويض الشعب، الذي ربما ترجم هذا التفويض بمشاركته الواسعة في الاستفتاء على الدستور. يواجه الجنرال المدفوع دفعاً من القوى المدنية وشخصيات عامة تحديات جمة في حال فوزه بمنصب الرئيس، حيث يعاني الاقتصاد المصري من تدهور ملحوظ منذ أحداث ثورة 25 يناير، أهمها تراجع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، فضلاً عن التحديات السياسية والأمنية التي عززت من الرغبة الملحة من قطاعات الشعب المختلفة على ضرورة فرض الدولة هيبتها، وتوفير القدر الكافي من الأمن لضمان تحقيق السلم المجتمعي، فضلاً عن السياسات الخارجية التي تدعو إلى ضرورة عودة مصر إلى مكانتها الأصلية في الريادة وقيادة المنطقة، خاصة مع وجود تحديات خارجية مع وجود بلدان تسعى للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر هي قطر وتركيا. كما أحدث استعداد الفريق السيسي الترشح للانتخابات الرئاسية، حالة من الارتباك على الصعيد الدولي، وعلى جه التحديد الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي أبدت رفضها منذ إعلان الفريق نيته الترشح، وتتلخص تخوفات أمريكا من الفريق السيسي الذي أفسد تحالفها مع تنظيم "الإخوان" في إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط ورسم مناطق النفوذ بها، وهو ما عبر عنه الجنرال هيو شيلتون الرئيس السابق لهيئة الأركان الأمريكية المشتركة حين قال لمحطة فوكس نيوز: لقد أفسد السيسي على البيت الأبيض وحلفائه مخططا لإعادة رسم المنطقة. كما تدرك أمريكا أن تمتع الفريق بشعبية جارفة يمكن أن يتخذ قرارت صعبة مثل طرح اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل للاستفتاء تنفيذاً لمطالب شعبية أو الاستغناء عن المعونات الأمريكية إلى الأبد، فضلاً عن تعزيز تحالف مصر الاستراتيجي مع موسكو ويبعد البلد الأهم استراتيجيا في المنطقة عن نفوذ واشنطن التي ظلت طوال أربعين عاماً تلعب الدور الأهم في سياسات القاهرة، كما يؤدي إلى تعزيز التحالف المصري - الخليجي عبر محور "القاهرة - الرياض - أبو ظبي" في مواجهة السياسات الأمريكية الداعمة لتنظيم الإخوان في المنطقة. من جانبه قال القيادي بحزب النور السلفي شعبان عبدالعليم إنه من السابق لأوانه إعلان دعم الحزب لشخص بعينه في انتخابات الرئاسة، خاصة مع عدم إعلان أحد قراره الصريح للترشح للانتخابات الرئاسية بما فيهم الفريق السيسي، مؤكداً ل"المشهد" أن الحزب ينتظر أن يقدم الجميع برنامجه ليختار الحزب بينهم. وأشار عبدالعليم أن الرئيس القادم يواجه تحديات جمة ومهام كبيرة في مجالات عدة، ولن تكون المسؤولية يسيرة عليه كما يتصور البعض، موضحاً أن من بين أهم أولويات الرئيس القادم جمع شمل المصريين، من خلال إعادة بناء التماسك المجتمعي، وإنهاء حالة الاستقطاب الموجودة حالياً من خلال قيامه بمصالحة وطنية شاملة مع كل أطياف الشعب المختلفة لضمان استقرار الأوضاع حتى يتفادى ما سقط فيه الرئيس الإخواني محمد مرسي إبان فترة حكمه، أضاف عبدالعليم: "تحديات آخرى اقتصادية وأمنية وملف نهر النيل كلها ملفات شائكه تواجه الرئيس القادم". عن التحديات الخارجية، قال مساعد رئيس الحزب النور إن الرئيس القادم عليه مهام خارجية ثقيلة منها إعادة هيبة مصر خارجياً، دون إفراط أو تفريط، مشيراً إلى أنه من الخطأ الاتجاه إلى معسكر على حساب معسكر آخر. اعتبر عبدالعليم اتجاه مصر منذ 30 يونيو إلى الشرق نحو روسيا والصين اتجاها تكتيكيا وليس استراتيجيا، لكسب أوراق خارجية يستطيع اللعب بها، موضحاً أن سياسات مصر الخارجية بعد انتخاب الرئيس القادم لابد أن تكون إيجابية لتغيير الصورة النمطية لمصر خاصة وأن العديد من بلاد الغرب لا يزالون يعتبرون ما حدث انقلابا عسكريا وليس ثورة شعبية. من جانبه، رفض وكيل مؤسسي حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي عبدالغفار شكر، في تصريحات خاصة ل"المشهد" أن تكون النسبة التصويتية العالية في الاستفتاء على الدستور هي تفويض للفريق السيسي للانتخابات الرئاسية القادمة، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن كل المؤشرات الأولية تصب في صالحه بأنه رئيس مصر القادم، إلا أن من يحدد دعم الرئيس من الأحزاب والأشخاص من عدمه هو برنامجه الانتخابي وقدرته على التنفيذه، وهو ما لم تظهر معالمه إلى الآن من ناحية الفريق. عن التحديات الخارجية التي تقابل الفريق السيسي حال فوزه بالمنصب، مع إظهار أمريكا تخوفاتها من ترشح الفريق السيسي، استبعد شكر أن تحل روسيا محل أمريكا، مشيراً إلى أن روسيا لا تستطيع مواجهة أمريكا في أي حال من الأحوال، مؤكداً أن وجود الفريق السيسي في منصب رئيس المخابرات الحربية جعله يدرك تماماً أبعاد القوة الخارجية. قال شكر إن السيسي ليس عبدالناصر ولا روسيا لديها القوة التي كانت عليها من قبل، متوقعاً أن يحدث الفريق السيسي نوعاً من التوزان في العلاقات وليس الاتجاه لمعسكر على حساب الآخر، مستبعداً أن يطالب الفريق السيسي فور وصوله للمنصب بتعديل اتفاقية السلام ين مصر وإسرائيل، نظراً للظروف السياسية التي تمر بها المنطقة العربية وتغير موازين القوة، مشيراً إلى أن مصر هي الجيش الوحيد الموجود في العالم العربي حالياً، الأمر الذي يجعل الجيش في حاجة حالياً إلى التمسك باتفاقية السلام مع إسرائيل. عن العلاقات المصرية التركية والقطرية، أوضح وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي أن السيسي في حال فوزه لن يسعى للقطيعة معهم، بل ستتوقف العلاقة على سياستهم مع مصر وقتها. وفيما يخص التحديات الداخلية، وتحديداً نية الفريق السيسي في إحداث مصالحة مع تنظيم الإخوان المسلمين، أكد شكر أن المصالحة والتواجد في المشهد السيسي متوقفان على إفراز تنظيم الإخوان قيادات جديدة تعمل على تجديد الخطاب الإخواني، والعمل على تنقيحه وتقديم مراجعات فكرية لأحداث العنف التي قاموا بها خلال الفترة الماضية. تابع شكر: "الملف الاقتصادي والأمني وملف نهر النيل من أولوليات الرئيس القادم، حتي يستطيع النهضة بالبلاد ووضعها على الطريق الصحيح". كما أكد القيادي اليساري حسين عبدالرازق أن الدستور الجديد حدد للرئيس صلاحياته ولم يجعله سيد قراره، موضحاً ل"المشهد" أن الدستور الجديد جعل صلاحيات الرئيس مقسومة بينه وبين رئيس الوزراء والبرلمان، وأنه حد للرئيس صلاحيات أختيار السياسيات الخارجية وتعيين وزراء الدفاع والداخلية. أشار عبدالرازق إلى أن من أهم التحديات الداخلية التي يواجهها الفريق السيسي حال فوزه هو ملف الاقتصاد والامن وتحقيق السلم المجتمعي، أما خارجياً فهو يستبعد، وجود قطيعة مع أمريكا رغم فتور العلاقة معهم. أوضح عبدالرازق أن الرئيس القادم عليه أن يحدث توازنا في العلاقات الخارجية، خاصة وأن مصر ظلت تابعة للمعسكر الغربي أكثر من 30 سنة، مشيراً إلى أن نصف السلاح في الجيش المصري روسي، والقطيعة مع روسيا بهذا الشكل لا يحقق المصالح المصرية.