رأى الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" أن الهجرة الجماعية في الشرق الأوسط ليست شيئا جديدا، إلا أنه حذر من أن ضخامة الأعداد المهاجرة سيكون لها تأثيرها المدمر على المنطقة بأثرها. وأضاف الكاتب البريطاني - في مقال نشرته اليوم صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على موقعها الاليكتروني- أن المأساة السورية تزداد شراسة كل أسبوع ، مشيرا إلى صدمته عندما علم بأن حوالي ألفي أفغاني، من أفقر فقراء أقسى بلد على وجه الأرض، الذين فروا من الغزو السوفيتي لبلادهم والحرب الحالية بعدها وحروب طالبان، محاصرون في الطوابق السفلية في دمشق، غير قادرين على الهرب من سوريا، أو العودة إلى بلادهم التي سيكون لهم فيها أبشع كابوس حيث أن أغلبهم من الشيعة الذين تحتقرهم طالبان، والآن تحاول المعارضة السورية السنية الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ، وبما أن الأسد شيعي علوي، فإن هؤلاء الأفغان ينظر إليهم على أنهم موالون للنظام ومتهمون بالوقوف بجانبه. واستنكر فيسك حجم التحركات السكانية الهائلة في الشرق الأوسط، إذ أنه وفي فترة السبعينيات والثمانينيات تدفق الأفغان بالملايين عبر الحدود الباكستانية والإيرانية كما فر عشرات الآلاف من اللبنانيين خلال الحرب الأهلية إلى سوريا، كما فر عشرات الآلاف من الكويتيين في عام 1990 هربا من غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إضافة إلى فرار ملايين العراقيين من بيوتهم إلى سوريا وإيران أثناء الغزو الأمريكي عام 2003 . وتابع الكاتب البريطاني قوله " والآن هناك مئات الآلاف من السوريين يعيشون في لبنان وفى بعض القرى الجبلية في بيروت ، أي بما يمثل ربع سكانها، وقد أعلنت السلطات المحلية حظر تجول السوريين في الشوارع ، لافتا إلى أن العديد منهم يتسولون في جميع شوراع العاصمة اللبنانية الآن ". وتساءل فيسك عن الآثار الكارثية للهجرات الجماعية في الشرق الأوسط منبها الى أن من شأنها أن تدمر مجتمعات بأكملها، وتفكك الهويات القبلية والعائلية، وتحول الشعوب المسيحية أو المسلمة إلى جيوش ضخمة من المشردين والمحطمين. ومضى متسائلا عن تأثير هذا الأمر على الدين وعلى إيمانهم، واصفا ما يحدث بأنه الهجرة الأكبر للأرواح عبر الحدود منذ حركة اللاجئين التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأشار فيسك إلى أن الصراع في سوريا كانت له العديد من التبعات ومنها البؤس والجوع والأمراض، وقال أن انتشار مرض شلل الأطفال اليوم في سوريا ليس من بين الأمور التي تثير الدهشة ، الأمر الذي يتطلب ضرورة تطعيم نحو 20 مليون طفل في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط من تركيا إلى غزة ومصر. ولفت فيسك إلى أن السوريين في مصر الآن يتلقون معاملة قاسية ، فبعد أن رحب بهم الرئيس المعزول محمد مرسي ، وقال إنه بإمكان اللاجئين السوريين دخول نظام التأمين الصحي والتعليم في مصر، وكان مؤيدا للمعارضة السورية وربما كان ذلك سببا في الدعم الأمريكي له، رغم أن الأمريكيين ربما لم يلحظوا علاقته بالإخوان المسلمين في سوريا، لكن بعد عزل مرسى، شددت الحكومة الانتقالية للبلاد من قيود الهجرة ضدهم ، فضلا عن ذلك بدأت حملة ضد اللاجئين الفلسطينيين والسوريين . واختتم الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" –مقاله- محذرا من تأثير استمرار هذا الكم الهائل من اللاجئين الذي بدأ منذ العقود الماضية على المنطقة بأكملها، ومعيدا للأذهان عملية تهجير 750 ألف لاجيء فلسطيني من بلادهم بعد أن استولت القوات الإسرائيلية على أراضيهم منذ أكثر من 60 عاما، ولا يزالون حتى يومنا هذا يعيشون في مخيمات ، معربا عن قلقه من أن يحكم العالم ازاء هذه المأساة اغلاق حدوده أمام هولاء اللاجئين ، ويكتفي بالقاء اللوم عليهم ، مع بعض المال للمساعدة في تضميد جراحهم ، على أمل أن يذهبوا بعيدا .