تتوقع تقارير اقتصادية أن تقود مجموعة الثلاثة والتي تشمل الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأوروبا واليابان العالم في عام 2012 إلى مرحلة ركود، حيث سيبلغ معدل النمو العالمي السنوي نسبة 3% على الأغلب، ومن المحتمل أن تنمو الأسواق الناشئة بمعدل 6% سنويًا. ذكر التقرير الصادر عن الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية والمتخصصة في استثمارات الأسواق الآسيوية الناشئة أن الاقتصادات الآسيوية ستلجأ للتخفيف من سياساتها النقدية لتحفيز النمو الذي سيتأثر أمام انخفاض حجم التبادل التجاري مع مجموعة الثلاثة، أما بالنسبة للصين التي لعبت دورًا محوريًا في الانتعاش الاقتصادي العالمي ما بعد الأزمة، فستسلك طريقًا مختلفًا عن الأسواق الناشئة الأخرى، حيث ستقوم بصقل سياستها النقدية تدريجيًا ولن تتوجه إلى تخفيفها كليًا ومباشرة. وبين التقرير أنه من المحتمل أن ينخفض معدل النمو الصيني في عام 2012 من نسبة 9% سنويًا إلى نسبة 8%، وهى نسبة تظل قوية، وتفوق متوسط معدلات النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة، وسيكون هذا الانخفاض الخفيف نتيجة لانخفاض الطلب من مجموعة الثلاثة. قالت فاطمة عكاشة - المحللة الاقتصادية في الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية - والتي أشرفت على إعداد التقرير "تهدف الحكومة الصينية إلى المحافظة على معدل نمو اقتصادي قوي ومنتظم، وأسعار استهلاكية مستقرة، إلى جانب الاستقرار الاجتماعي لمواطنيها، وسيكون الاستقرار مطلباً أساسياً للصين في عام ستشهد خلاله تغير للقياديين بمن فيهم الرئيس ونائبه. وأضافت "بعد انعقاد الاجتماع المركزي للعمل الاقتصادي، ستركز الصين في 2012 على تطبيق "سياسة مالية نشطة" و"سياسة نقدية حذرة" لاقتصادها الكلي، وبالفعل، فقد انطلقت الحكومة الصينية بصقل سياستها النقدية تدريجياً، وبدأ البنك المركزي الصيني بتخفيف القيود الائتمانية على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كما قام بخفض معدلات الاحتياطي الإلزامي للبنوك ب 50 نقطة أساس لتصل إلى النسبة الحالية البالغة 21% للبنوك الكبرى و19% للبنوك الصغيرة والمتوسطة. وأوضح التقرير بأن هذه المعدلات إحدى الضوابط التي تستخدمها البنوك المركزية للحد من قدرة البنوك التجارية على الإقراض، عبر فرض نسبة احتياطية دنيا من إجمالي ودائع وسندات العملاء يلتزم البنك بحجزها لدى البنك المركزي. وحول سعر الفائدة، ومعدل الإقراض الأساسي، ومعدل الودائع لأجَل التي يديرها البنك المركزي الصيني، بين التقرير أنها مرتبطة مباشرة باستثمارات الأفراد والشركات، فتزيد تكلفة الاقتراض بزيادة هذه المعدلات مما يخفض رغبة الأفراد والشركات نحو الإقتراض وبالتالي يخفض من امكانياتهم الاستهلاكهة. وتوقع بأن تضم عملية الصقل التدريجية أربع تخفيضات إضافية على الأقل لنسبة الاحتياطي المطلوبة ليصبح التخفيض الإجمالي بنحو 200 نقطة أساس، و لكنها لن تضم تخفيفاً في مستوى أسعار الفائدة في بداية 2012، متوقعا أيضا بأن يرفع البنك المركزي الصيني حد الإقراض لدى البنوك الصينية في الربع الأول من 2012 إلى 8 تريليون يوان مقارنةً بالحد الحالي الذي يبلغ 7.5 تريليون يوان. وبين أن الحكومة الصينية ستستمر فى مراقبة سوق العقار السكني المحلي ولن تقوم بتخفيف الشروط الموضوعة لهذا القطاع، وستلجأ الحكومة إلى وسائل توسعية إذا اتضح أن الأوضاع الاقتصادية العالمية قد تصبح أسوأ من المتوقع، آخذين في عين الاعتبار المخاطر التي تشهدها أزمة الديون الأوروبية. ولفت التقرير الى أن سنة 2011 كانت حافلة بالاضطرابات بالنسبة للاقتصاد العالمي، من أزمة الديون الأوروبية التي تزداد سوءً، و مشاكل الميزانية الأمريكية، إلى الربيع العربي الذي ما زال مستمرا، وشهد العام انخفاضاً عالمياً في أسعار الأسهم، وارتفاع في أسعار العملات والسلع التي عاودت الانخفاض في نهاية العام. وشهد العام أيضا تزايد المخاوف من أن تمتد الأزمة لفترة أطول من المتوقع، وبالعودة إلى فترة ما بعد الأزمة المالية في عام 2008، شهد الاقتصاد العالمي والأسواق المالية دفعة انتعاشية بعد أن تم تخفيف القيود النقدية. ونوه إلى أن الحكومات حول العالم قامت بوضع محفزات اقتصادية، وكانت نتيجة هذه الخطوات زيادة التضخم بشكل ملحوظ وبالأخص في الأسواق الناشئة، واستجابت حكومات الأسواق الناشئة من خلال إحكام سياساتها النقدية في أواخر 2010 وفي 2011 للتخفيف من الارتفاع السريع للأسعار، الأمر الذي تسبب في تباطؤ النمو. واستبعد التقرير أن تضع بكين حزمة تحفيزية كما فعلت في عام 2008 عندما قامت بضخ 4 ترليونات يوان في أسواقها، إلا أنها ستحاول أن تدعم اقتصادها المحلي لتحافظ على نمو منتظم، وستسعى الصين لتحسين الاستهلاك ورفع الدخل الفردي عن طريق تخفيض الضرائب، وقد بدأت بمد المساعدات لعدد أكبر من فئة الفقراء. وأشار تقرير الشركة الكويتية الصينية إلى أن الصين تهدف إلى تقليص اعتماد اقتصادها على التبادل التجاري، وتعمل على تحقيق ذلك من خلال الإسراع في تطوير قطاع الخدمات عبر زيادة الإنفاق المالي وتخفيض الضرائب. وأضاف "في الوقت الحالي تركز الحكومة على تعزيز نظام الخدمات الاجتماعية، حيث ستقوم بتمويل القطاع السكني وقطاع الخدمات الصحية لتخفيض عبء التكاليف على الفقراء، ولتخفيض الأسعار المرتفعة للعقار السكني. وقال "ستكون الشركات التي تعمل في قطاعات البنية التحتية والطاقة والمنتجات الاستهلاكية والخدمات المالية المستفيدة من هذا التدخل الحكومي، وبينما تركز الحكومة على تحفيز الاقتصاد المحلي، فإنها ستراقب أيضاً بحذر مخاطر عدم الاستقرار في سوق العقار السكني وارتفاع الأسعار والتأثير غير المباشر لأزمات مجموعة الثلاثة "الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأوروبا واليابان"، التي تمكنت الصين من تخفيف آثارها بتعزيز اقتصادها المحلي وزيادة تبادلها التجاري مع باقي دول آسيا.