ونحن في شهر محرم تمر علينا مناسبة يوم عاشوراء؛ يوم استشهاد ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وسيد شباب أهل الجنة، وأحب أهل الأرض إلى أهل السماء؛ سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما وسيدنا الحسين جدنا نسباً وهوىً، وجميع المسلمين يكنون صادق المحبة لصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأهل بيته على وجه الخصوص، الذي قال عنه: "حسينٌ مني، وأنا من حسين؛ أحب الله من أحب حسيناً؛ حسينٌ سبط من الأسباط" الحسين بن علي بن أبي طالب، خامس أهل البيت في الترتيب، كنيته أبوعبد الله، وهو الإمام الثالث عند الشيعة وخامس أصحاب الكساء. أبوه علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله، وأمه فاطمة عليها السلام بنت النبي (صلى) قُتل الحسين في معركة كربلاء، يوم العاشر من محرم سنة 61 هجري الموافق 10 أكتوبر سنة 680 ميلادية. ويسمى بعاشوراء، وهو الشهر الذي فيه يحيي ملايين الشيعة ذكرى مقتله بطرق فاسدة عقائديا. ميلاده ونشأته ولد الأمام الحسين بن علي عليهما السلام في الثالث من شعبان في السنة الرابعة للهجرة في المدينة. روي أنه عندما ولد سر به جده محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) سروراً عظيماً وذهب إلى بيت ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وحمل الطفل ثم قال: ماذا سميتم ابني؟ قالوا: حرباً فسماه حسيناً، وعمل عنه عقيقة بكبش وأمر السيدة فاطمة بأن تحلق رأسه وتتصدق بوزن شعره ذهبا كما فعلت بأخيه الامام الحسن. وقد ورد في بعض المصادر أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لم أكن لأسبق محمد(صلى الله عليه وسلم) في تسميته، وقال (صلى الله عليه وسلم) واني لا اسبق ربي بتسميته فاوحي إليه حسين. والامامان الحسن والحسين على أسماء شبر وشبير أبناء النبي هارون (عليه السلام) حيث قال النبي (صلى الله عليه وسلم) علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. أدرك الإمام الحسين ست سنوات وسبعة أشهر وسبعة أيام من عصر النبوة حيث كان فيها موضع الحب والحنان من جده النبي، فكان كثيراً ما يداعبه ويضمه ويقبله. وكان الرسول يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره وكان يطيل السجدة فيسأله بعض أصحابه انك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا انه قد حدث أمر أو انه يوحى إليك فيقول النبي : "ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته" ألقابه السبط، سيد شباب أهل الجنة، بضعة كبد سيد المرسلين الشهيد، الزكي، سيد الشهداء، الرشيد، الطيب، الوصي، التقي، المجاهد العبد الصالح، الوتر، الموتور، قتيل العبرات، أسير الكربات، أبو الأحرار
زوجاته ليلى أو برة بنت أبي عروة بن مسعود الثقفي: أم علي الأكبر الشهيد بكربلاء شاه زنان بنت يزدجرد: أم الامام السجاد عليه السلام هي أميرة فارسية، واسمها يعني باللغة العربية "ملكة النساء"، وهي ابنة يزدجرد الثالث آخر ملوك الفرس الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي: أم سكينة وعلي الأصغر المشهور بعبد الله الرضيع الشهيد بكربلاء وامرأة من قبيلة بلي أم جعفر وعلى رواية أم اسحاق بنت طلحة بن عبيدالله، أم فاطمة حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر أبناؤه الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام ويعرف أيضاً بزين العابدين، امه شاه زنان ابنة يزدجرد الثالث ابن كسرى الثاني ملك فارس علي الأكبر الشهيد بكربلاء امه ليلى الثقفية علي الأصغر وهو المشهور بعبد الله الشهيد امه الرباب من قبيلة كندة جعفر أمه امرأة من قبيلة بلي.
بناته سكينة بنت الرباب زوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان فاطمة تزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان زينب، رقية، خولة مقامها ببعلبك. مواقفه موقفه من الفتنة في عهد أبيه الخليفة علي بن ابي طالب قاتل مع أبيه في موقعة الجمل وموقعة صفين لتوحيد صف المسلمين تحت راية الخليفة المبايع من قبل المسلمين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام موقفه من صلح أخيه الحسن مع معاوية بن أبي سفيان إنّ الحسين وافق على صلح أخيه ولم يعترض، وبعد وفاة الحسن استمر في عهد أخيه مع معاوية ولم يخرج إلا بعد استلام يزيد الحكم موقفه من خلافة يزيد بن معاوية فاجأ معاوية بن أبي سفيان الأمة الإسلامية بتعيين ابنه يزيد بن معاوية للخلافة من بعده مخالفا الصلح الذي عقده مع الحسن بن علي، وبدأ في أخذ البيعة له في حياته ترغيبا وترهيبا، في سائر الأقطار الإسلامية، ولم يعارضه سوى أهل الحجاز، وتركزت المعارضة في الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير. الحسين في معركة كربلاء توفي معاوية بن أبي سفيان سنة 60 ه، وخلفه ابنه يزيد؛ فبعث يزيد إلى واليه بالمدينة لأخذ البيعة من الحسين الذي رفض أن يبايع "يزيد" كما رفض- من قبل- تعيينه وليًا للعهد في خلافة أبيه معاوية. حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة يطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع "يزيدا" الذي تربى على يد مربية مسيحية ويصفه المؤرخون: كان شابا أهوجا، خليعا، مستبدا، مترفا، ماجنا، قصير النظر، وفاقدا للحيطة، غادرالحسي المدينة سرًا إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث. وصلت أنباء رفض الحسين مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفة التي كانت أحد معاقل الفتنة وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الامام الحسين بن علي حفيد رسول الله (ص). واتفقوا على أن يكتبوا للامام الحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. قرر الحسين أن يستطلع الأمر فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليكشف له حقيقة الأمر. عندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الإمام الحسين ومعارضة شديدة لخلافة يزيد بن معاوية. وقام مسلم بإرسال رسالة إلى الحسين يعجل فيها قدومه. قام أصحاب واقارب واتباع الحسين باسداء النصيحة له بعدم الذهاب إلى ولاية الكوفة ومنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن جعفر بن ابي طالب وأبو سعيد الخدري وعمرة بنت عبد الرحمن. الأحوال في الكوفة لما وصلت هذه الأخبار إلى الخليفة الأموي الجديد الذي قام على الفور بعزل والي الكوفة النعمان بن بشير بتهمة تساهله مع الاضطرابات التي تهدد الدولة الأموية وقام الخليفة يزيد بتنصيب والي آخر كان أكثر حزما اسمه عبيد الله بن زياد قام بتهديد رؤساء العشائر والقبائل في منطقة الكوفة بإعطائهم خيارين إما بسحب دعمهم للحسين أو انتظار قدوم جيش الدولة الأموية ليبيدهم على بكرة أبيهم. وكان تهديد الوالي الجديد فعالا فبدأ الناس يتفرّقون عن مبعوث الحسين، مسلم بن عقيل لينتهى الأمر بقتله ربما بإلقائه من أعلى قصر الإمارة أو ضرب عنقه، فهناك إجماع على مقتله وعدم معرفة الحسين بمقتله في الطريق إلى الكوفة استمر الحسين وقواته بالمسير إلى أن اعترضهم الجيش الأموي في صحراء تسمى الطف واتجه نحو الحسين جيش قوامه 30000 مقاتل يقوده عمر بن سعد ووصل هذا الجيش الأموي بالقرب من خيام الحسين وأتباعه في يوم الخميس التاسع من شهر محرم. في اليوم التالي عبأ عمر بن سعد رجاله وفرسانه، وكانت قوات الحسين تتألف من 32 فارسا و 40 راجلا وأعطى رايته أخاه العباس بن علي وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الامام الحسين وأهل بيته وصحبه، فلبثوا أياماً يعانون العطش في جو صحراوي شديد الحرارة. مقتله بعد أن رأى الحسين تخاذل أهل الكوفة وتخليهم عنه كما أنكروا الكتب التي بعثوا بها إلى الحسين. وحسب بعض المصادر الشيعية فإن 18,000 شخص (تخلو عنه بالمعركة) وكانوا قد بايعوا الحسين ليكون الخليفة. فعرض على عمر بن سعد ثلاثة حلول: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، وإما أن يذهب إلى ثغر من ثغور الإسلام للجهاد فيه، وإما أن يأتي يزيد بن معاوية في دمشق فيطلب منه الحلين الأولين، فبعث عمر بن سعد لابن زياد خطاباً بهذا إلا أن شمر بن ذي الجوشن رفض وأصر على بن زياد أن يحضروه إلى الكوفة أو يقتلوه، فأرسل بن زياد لعمر بن سعد برفضه. ومع رفض الحسين للتسليم، بدأ رماة الجيش الأموي يمطرون الحسين وأصحابه الذين لا يزيدون عن 70 رجلا بوابل من السهام، وأصيب الكثير من أصحاب الحسين واستمرت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاء وأصحاب الحسين يتساقطون ويستشهدون الواحد تلو الآخر. شجاعته تقدّم نحو القوم مصلتاً سيفه ودعا الناس إلى البراز فلم يزل يقتل كل من برز اليه حتى قتل جمعاً كثيراً ثم حمل على الميمنة وهو يقول: الموت أولي من ركوب العار، والعار أولي من دخول النار، وحمل على الميسرة وهو يقول: أنا الحسين بن علي آليت أن لا أنثني أحمي عيالات أبي أمضي علي دين النبي وكان يحمل فيهم فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، وهو الذي حين سقط عن فرسه إلى الأرض وقد أثخن بالجراح، قاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية. وهو الذي صبر على طعن الرماح وضرب السيوف ورمي السهام حتى صارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ وحتى وجد في ثيابه مائة وعشرون رمية بسهم وفي جسده ثلاث وثلاثون طعنة برمح وأربع وثلاثون ضربة بسيف. وكانت نتيجة المعركة ومقتل الحسين على هذا النحو مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين وغير المسلمين يقول الزعيم الراحل غاندي (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) رأس الحسين عليه السلام هناك خلاف لدى أهل السنة والجماعة حول المكان الذي دفن فيه رأس الحسين عليه السلام، فتوجد العديد من الآراء منها: - أن الرأس دفن مع الجسد في كربلاء وهو ما عليه جمهور الشيعة حيث الاعتقاد بأن الرأس عاد مع السيدة زينب إلى كربلاء بعد أربعين يوماً من مقتله وهو يوم الأربعين الذي يجدد فيه الشيعة حزنهم. - أن موضع الرأس بالشام وهو على حسب بعض الروايات التي تذكر أن الأمويين ظلوا محتفظين بالرأس يتفاخرون به أمام الزائرين حتى أتى عمر بن عبد العزيز وقرر دفن الرأس وإكرامه، كما ذكر الذهبي في الحوادث من غير وجه أن الرأس قدم به على يزيد وما زال المقام هناك إلى اليوم يزار.. - أن موضع الرأس بعسقلان وهذا الرأي امتداد للرأي الثاني حيث لو صح الثاني من الممكن أن يصح الثالث، والرابع. تروي بعض الروايات ومن أهمها المقريزي أنه بعد دخول الصليبيين إلى دمشق قرر الفاطميون أن يبعدوا رأس الحسين ويدفوننها في مأمن من الصليبيين وخصوصا بعد تهديد بعض القادة الصليبيين بنبش القبر، فحملوها إلى عسقلان ودفنت هناك. أن موضع الرأس بالقاهرة وهو أيضا امتداد للرأي السابق حيث يروي المقريزي أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة، وبنوا له مشهدا كبيرا وهو المشهد القائم الآن بحي الحسين بالقاهرة. وهناك رواية محلية بين المصريين ليس لما مصدر معتمد سوى حكايات الناس وكتب المتصوفة أن الرأس جاء مع زوجة الحسين عليه السلام عنهشاه زنان بنت يزدجرد الملقبة في مصر بأم الغلام التي فرت من كربلاء على فرس. - أن موضع الرأس بالبقيع بالمدينة وهو الرأي الثابت عند أهل السنة لرأي شيخ الإسلام بن تيمية حين سئل عن موضع رأس الحسين فأكد أن جميع المشاهد بالقاهرة وعسقلان والشام مكذوبة مستشهداً بروايات بعض رواة الحديث والمؤرخين مثل القرطبي، والمناوي - أن موضع الرأس مجهول كما في رواية قال عنها الذهبي إنها قوية الإسناد: احاديث في مقتل الحسين من مصادر أهل السنة و الجماعة بعض من الأحاديث الصحيحة و القوية الإسناد في مقتل الحسين بن علي من مصادر المسلمين السنّه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ذات يوم في بيتي قال لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبكي فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت قال أفتحبه قلت أما في الدنيا فنعم قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه وسلم فلما أحيط بحسين حين قتل قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء . من أقواله الحسين عليه السلام "ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته في رسول الله (صلى) فيحدث عندها استرجاعاً كتب الله له مثلها يوم أصيب" هذا حديث رواه عن الحسين ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه، وقد عُلم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد، فكان في محاسن الإسلام أن بلَّغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يُسترجع لها فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون» الاسترجاع يعني قول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" .