أثار قانون العزل السياسى ضجة كبيرة فى الشارع المصرى بعد أن أعلن المستشار محمد عطية - وزير التنمية المحلية - عن تطبيقه خلال أيام بين مؤيد له، يطالب بتنفيذ القانون لعزل فلول الحزب الوطنى المنحل لمنعهم من خوض الانتخابات المقبلة، حتى وصل الأمر إلى قيام العشرات من ائتلاف شباب سفاجا بتنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بسرعة تنفيذ القانون. كما جاءت آراء أخرى ترى أن هذا القانون إجراء شكلى وغير سريع ولن يقتلع فلول الحزب الوطنى، كذلك اختلفت آراء فقهاء القانون الدستورى حول مدى دستورية هذا القانون وتطبيقه بأثر رجع، فيرى البعض أن هذا القانون مجرد تهدئة للرأى العام، وأنه غير فعال، فى حين أن البعض الآخر أكد أنه يحمى الثوار من تهمة الانفراد بالحكم كما اتهم الحزب الوطنى. ويصف الدكتور ثروت بدوى الفقيه الدستورى قانون العزل السياسى بأنه مسرحية هزلية لتضليل الرأى العام، لأنه إجراء سوف يمهل الفاسدين والمفسدين الذين خربوا البلاد اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً على مدى عشر سنوات ولا يجوز للمجلس العسكرى القائم على شئون الحكم أن يصدر مثل هذا القانون الذى سيتراخى تنفيذه سنوات طويلة وقد لا ينفذ إطلاقاً ويتركوا هؤلاء المفسدين يرتعون والحل الوحيد الجائز هو الحل الفورى بأن المجلس العسكرى ليس له سند وإنما سنده ثورى كما اعترف المجلس العسكرى أنهم يستمدون شرعيتهم من الثورة، والشرعية الثورية تعنى إجراءات سريعة وفعالة للقضاء على الفساد والمفسدين واتخاذ إجراء تنظيمى عام يحرم جميع قيادات الحزب الحاكم فى السنوات السابقة من الحقوق السياسية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، لأن جميع القيادات مسئولة عن الفساد الذى حدث خلال الثلاثين سنة الماضية، سواء كانوا من الوزراء المسئولين تضامناً مع سياسة الوزارة أو من أعضاء مجلسى الشعب والشورى الذين وافقوا على تلك الإجراءات الفاسدة أو من قيادات الحزب الوطنى المنحل فى الأمانة العامة أو أمانة السياسات أو السياسات الفرعية هم جميعاً شاركوا فى الفساد سواء مشاركة إيجابية بصدور أعمال الفساد من جانبهم أو بالمشاركة السلبية بعدم اعتراضهم على تلك الإجراءات واستمرارهم فى الجرائم التى حدثت فيها أعمل الفساد والتخريب و النهب فهم جميعاً فاسدون ولا يحتاج الأمر إلا إلى قرار فورى وكان يجب اتخاذ القرار منذ عزل الرئيس السابق حسنى مبارك. ويقول الدكتور أحمد رفعت - عميد كلية الحقوق جامعة بنى سويف - إن قانون العزل السياسى هو قانون الغدر السياسى الذى طبق على من أفسدوا الحياة السياسية من رموز حزب الوفد وبعض السياسيين الآخرين من عام 1923 إلى عام 1952، حيث تم عزلهم ومنعهم من الترشح فى الانتخابات، وهذا القانون قد تم إحياؤه وإجراء بعض التعديلات وسمى قانون افساد الحياة السياسية ليعاقب كل من ثبت أنه أفسد الحياة السياسية بالمنع من الترشح فى الانتخابات، ويتم عزله لمدة خمس سنوات، وفى حال تطبيق هذا القانون يمكن منع كل رموز الفساد فى العهد السابق من الترشح ولكن هناك شرط واحد مهم، هو أن النائب العام هو الذى يرفع القضية ولابد أن يصدر حكم من محكمة الجنايات، وهو حكم قابل للاستئناف، والقرار لا ينفذ طالما أنه قابل للاستئناف ومن سيرشح نفسه للانتخابات وينجح سواء من الحزب الوطنى المنحل أو غيره وصدر ضدهم حكم بإفساد الحياة السياسية سيتم عزلهم. ويرى رفعت، أن هذا القانون حل توفيقى وأن ما يطالب به الأحزاب السياسية بإعداد قوائم عزل هو إجراء غير قانونى، لأن التعميم قد يجعل هذه القوائم غير عادلة ويؤدى إلى مشاكل عديدة فليس كل قيادات السياسة مفسدين، وهذا القانون أعدل من إعداد القوائم، لأن القوائم لا تستند إلى دلائل على الفساد. وأضاف رفعت، أن هناك احتمالات بالحكم بعدم دستورية هذا القانون، لأنه هناك مادة بالقانون لا تجيز تنفيذ القوانين الجنائية بأثر رجعى، ومن الممكن أن ترفع دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لإلغاء القانون، وأعتقد أن هذا سبب تردد المجلس العسكرى لإصدار القانون. ويرى رفعت، أنه لا مانع من إصدار القانون، لأن عددًا كبيرًا من فلول الحزب الوطنى عزل نفسه بالفعل ومن سيدخل منهم الانتخابات ستحكم عليه الصناديق ولا يجب تنفيذ قوائم العزل حتى لا يتهم الثوار بالانفراد بالحكم عن طريق عزل بعض الشخصيات، كما أتهم الحزب الوطنى من قبل بالانفراد بالحكم عن طريق إقصاء الأحزاب المعارضة لهم من خلال انتخابات صورية. أما الدكتور إبراهيم العنانى أستاذ القانون الدولى، فيقول إنه من أشد المنادين بأن يتم تعديلات لهذا القانون بما يتماشى مع الأوضاع الجديدة وأن يتم تفعيله لمحاكمة كل من شارك فى إفساد البلد، لأنه من الناحية القانونية لا نستطيع أن نتخذ إجراءات ضد أحد دون دليل إدانة، كما أنه ليس كل من كان ينتمى للحزب الوطنى أو العمل السياسى متهم بالفساد. وعن احتمالية عدم جواز تطبيق العزل السياسى بأثر رجعى يقول إبراهيم العنانى، إن هذا غير وارد، وذلك لأن قانون العزل السياسى ليس جديد وإنما هو قانون الغدر الذى تم تعديل البنود الخاصة بأن يكون النائب العام هو جهة الإدعاء والمحكمة هى محكمة جنائية وليس محكمة استثنائية، وهذا التعديل فى صالح المتهم، ويكون الوضع غير دستورى إذا حدث تعديل على التجريم والعقاب وهذا موجود ولم يمس.