تبقى حالة من حالات الترقب الغاضب لدى غالبية الجالية المسلمة والتي يتأكد لها كل يوم أنها قد باتت الضحية التي يجب عليها دائما دفع فاتورة المنافسة والصراع الانتخابي الرئاسي في فرنسا، كما يبقى التساؤل دائما مطروحا ومعلقا في آن واحد كيف لفرنسا التي تبدو الآن وكأنها حامية الشعوب العربية ضحية الديكتاتوريات أن تمس فيها قبور المسلمين الذين سقطوا دفاعاً عنها منذ عقود دون إدانة واضحة من قبل القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء؟. فلازالت ردود الفعل في تصاعد منذ أيام بعد الاعلان عن اكتشاف تدنيس ما يقرب من ثلاثين قبراً للمسلمين في مقبرة كاركاسون بغرب فرنسا بكتابات عنصرية، وقد نددت السلطات فور تأكيد مصدر قضائي لوجود مثل هذه الكتابات نهاية الأسبوع الماضي ووصفتها "بالأعمال الشنيعة"، الأمر الذى دفع رئيس بلدية المدينة التي تقع فيها المقبرة للتأكيد على أن الكتابات المناهضة للأجانب بشكل دائم تستهدف الجالية المسلمة. وكتب أيضا: "ليسقط المسلمون، فرنسا للفرنسيين"، مضيفاً أنه لم تلاحظ أي أعمال تخريب لقبور، وأنه أوكل التحقيق إلى مفوضية كاركاسون التي قال المدعي العام لها إن هذه الوقائع مؤذية، مؤكداً على أن القصد عنصري ولابد من ملاحقة الفاعلين ومحاكمتهم. ووصف رئيس بلدية كاركاسون أيضا ما يحدث بأنه عمل "وحشي لا يوصف" وقد نفذ في رأيه للمرة الأولى في هذه البلدة التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، فاذا كان عملاً سياسياً فإنه يدل على أنه لا يزال هناك أناس يدعون الى الحقد على الاخر. وعلى الرغم من هذه التصريحات والتي ترى بأن اليمين المتطرف يقبع خلف مثل هذه التصرفات، وأيضا حتى وإن كانت أجهزة البلدية قد قامت على الفور بطلاء شواهد قبور المسلمين فور انتهاء عمل الشرطة من معاينة المكان لاخفاء هذه الكتابات المهينة والمسيئة للمسلمين والاسلام. إلا أن الوضع لم ينته عند هذا الحد، كما أنه لن يتصاعد كالعادة أو يتعدى التصريحات والبيانات الشاجبة، فقد أعرب محمد موساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية عن استنكاره الشديد لما يحدث وأدان هذا الفعل الذي يشكل إهانة لذكرى الجنود المسلمين المدفونين في هذه المقبرة والذي قتلوا في المعارك من أجل فرنسا، ولذكرى عائلاتهم. كما دعا موسوي السلطات العامة الى "استنفار كل الأجهزة المعنية لكي يتم تحديد هوية الذين قاموا بهذا التدنيس في أسرع وقت ويتم التعامل مع افعالهم بالقسوة التي تستحق". من جهته، أعلن عبد الله ذكري رئيس المرصد الوطني لمكافحة كره المسلمين في المجلس الفرنسي للديانة المسلمة في فرنسا لوكالات الاعلام أن: "الأمر يتكرر للأسف كثيرا. فمنذ الجدل حول العلمانية، نلاحظ تصعيدا في الأعمال المناهضة للمسلمين"، داعيا "السلطات العامة الى وضع يدها على المشكلة"، خصوصا وأنه خلال العام الماضي فقط تم رصد تدنيس لشواهد قبور المسلمين أربع مرات. هذا وقد أجرت مديرة المقاطعة آن ماري شارفيه "اتصالا شخصيا مع الهيئات المسلمة في الدائرة لتأكيد دعمها وابلاغها بأن تعليمات صدرت لالقاء الضوء على ملابسات هذه القضية"، بحسب بيان للدائرة. كما أضاف البيان أن آن ماري شارفيه "تدين بشدة هذه الاعمال المستنكرة و"تحرص على التعبير عن تضامنها الكامل وتعاطفها مع عائلات الموتى".