لم تعد شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط اليوم مجرد منتج للطاقة، بل باتت شركات منتشرة جغرافياً لها مصالح عالمية. فرهانات هذه الشركات عالية نظراً إلى اكتساب مصادر الطاقة الجديدة أهمية كبيرة وإلى أن نجاح قطاع الطاقة يؤثر بقوة في الاقتصاد بشكل عام. وخلال الأعوام الماضية، استجابت شركات النفط الوطنية لهذه الظروف المتغيرة عبر رفع المستوى الاحترافي للمهارات الرئيسية. غير أنها ما زالت تميل إلى مقاربة إدارة التخطيط والأداء بصورة غير شاملة. ومع هذا النقص في التكامل الذي يؤثر سلباً في الأعمال، وجدت بوز أند كومباني أن الاستراتيجية المتكاملة لإدارة التخطيط والأداء ضرورية لشركات النفط الوطنية لتحقيق منافع واضحة وملموسة. ثغرة في قدرة الأداء والتخطيط تواجه شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط في الوقت الراهن سلسلة من التحديات، إذ تطالب حكومات المنطقة – وهي المستفيدة الرئيسية من نجاح شركات النفط الوطنية – بزيادة المساهمات الضريبية لتمويل البرامج الاجتماعية والتعليمية وتنويع قاعدتها الاقتصادية. نتيجة لذلك، وضعت شركات النفط الوطنية برامج مكثفة للاستثمار الرأسمالي والتخطيط الأفضل وتحسين إدارة الأداء. وشرح شون ويلر، وهو شريك في بوز أند كومباني، أنه "خلال هذا العقد، نتوقع أن يستثمر منتجو النفط العرب الرئيسيون أكثر من 800 مليار دولار في المشاريع الرأسمالية. لذلك وضعت غالبية شركات النفط الوطنية أنظمة لتخطيط موارد المؤسسة لتوفير مجموعة كبيرة من معلومات الإدارة للمسؤولين التنفيذيين وكبار المدراء. كما وضعوا خططاً استراتيجية مفصلة ولسنوات عدة، مع لوائح أهداف متوازنة ومؤشرات أداء رئيسية ومقاربات إدارة تخطيط وأداء أخرى قائمة على أفضل التجارب المشابهة. ورغم أهمية هذا التقدم، فإن ما زال ينقص هو القدرة على إتمام إدارة متكاملة للتخطيط والأداء – بما أن نطاق أنشطة شركات النفط الوطنية وتعقيداتها تزداد. وقال آلان ماسوي، وهو مدير في بوز أند كومباني، إن "أفضل الإجراءات تُعتمد غالباً، لكن يجري تخفيف الآثار الإيجابية لأنه لا يتم تكييف الخطط والأداء والتقارير والتوصيات بالكامل. ويمكن أن يؤدي هذا إلى أداء ما دون المستوى، وإلى عجز عن تحقيق الأهداف، وربما إلى مشاكل خطيرة في الامتثال على مستوى الصحة والسلامة والبيئة. ويتعين على شركات النفط الوطنية إدارة الأداء بطريقة أكثر ذكاء وبديهية من أجل جمع أدوات الإدارة المتطورة وأدوات التخطيط الأخرى معاً بشكل متلائم. الحاجة لدورة تخطيط متكاملة مستمرة تقضي الوسائل الأكثر فاعلية لمعالجة نقاط ضعف الأداء والتخطيط هذه بملاءمة التخطيط مع أنشطة إدارة الأداء في إطار دورة تخطيط مستمرة ومتكاملة. وتناسب هذه الطريقة قطاع النفط والغاز نظراً إلى آفاقه الطويلة الأمد والتعقيدات التشغيلية القصيرة الأمد. وتتضمن الدورة المستمرة للإدارة المتكاملة للتخطيط والأداء خمس خطوات. . التخطيط الاستراتيجي وإدارة المحافظ – تطوير الروابط تبدأ الخطط الاستراتيجية في قطاع الطاقة بشكل عام بهدف تسييري للقدرة الانتاجية. وتنبع جميع أوجه الخطة الاستراتيجية من هذا العامل الأساسي للقدرة الفعلية التي تحدد بوضوح الرؤية المستقبلية وموقع الشركة. في الواقع، يتعين على الشركة إيلاء عناية متأنية للقدرات الداخلية الحالية والأهداف المستقبلية لتحديد هدف القدرة. وهذه القدرات والأهداف هي التي ستميز الشركة في أي سوق ترغب في تقديم الخدمات لها، ومن ثم يجري تطوير العناصر الرئيسية للخطة الاستراتيجية لتحقيق هدف القدرة هذا. وعند هذه النقطة تحديداً يجب إقامة الرابط الأول في دورة التخطيط والأداء، إذ يتعين على الشركة ضمان تحقيق هذه الاستراتيجية نفسها وفق واقع حالة الأعمال الحالية. وهناك أربعة أوجه لمزاوجة الخطة الاستراتيجية مع الواقع. أولاً، يحدد بعد القدرة بدقة الوضع الحالي للعمل والانتاج. ثانياً، يجري تخطيط أي تغييرات في بعد القدرة وفق إطار زمني واقعي من مرحلة التخطيط حتى مرحلة التقديم. ثالثاً، يجب أن يعكس بعد القدرة العمل الجاري والتزامات المشروع، فضلاً عن التوسع المحتمل. رابعاً، يجب وضع جميع المشاريع المرتبطة ببعد القدرة الاستراتيجية أو الوظائف المساندة مع شروط، بما في ذلك الأهداف الواضحة والأنشطة والجداول الزمنية. وأضاف ويلر في هذا الإطار أن "هذا النهج يشمل في الواقع خبرات تطاول العديد من الوظائف مجموعة من خلال جلسات عمل تفاعلية. فهي تستخدم معرفة الهيكل التنظيمي الأوسع وخبرته مبكراً وبفاعلية في عملية التخطيط. والنتيجة هي إيلاء اهتمام مناسب لقدرات وخيارات وظائف العمل، مع جعلها مسؤولة عن الجزء الذي يخصها من الخطة ومنحها حساً بالولاء تجاه الاستراتيجية الشاملة". . التخطيط التشغيلي وإعداد الموازنة – ترجمة التفكير الاستراتيجي إلى واقع تشغيلي يقوم التخطيط التشغيلي وإعداد الموازنة على إتمام مهمة بسيطة تقضي بملاءمة التخطيط الاستراتيجي مع الوقائع والأهداف التشغيلية. وهذه هي الخطوة الأهم في دورة التخطيط والأداء – والمرحلة التي يمكن أن يبدأ فيها تقسيم الخطط. ويجب ظهور بعد القدرة بوضوح كبير عندما تستحق زيادات الإنتاج وعندما يكون على الأنشطة أن تبدأ للتمكن من تقديم المشاريع في الوقت المناسب. وقال ماسوي إن "على الخطة التشغيلية أن تعبر باختصار وبشكل مؤثر عن نية الشركة، تدعمها بيانات تصف المخرجات والاحتياجات. ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن تكون عملية التخطيط التشغيلي دورة بذاتها، حيث يجب أن تنظم المهام الاستراتيجية تباعاً وانطلاقاً من المستوى الأعلى في الهيكل التنظيمي". ويجب أن تبدأ المهام ببعد القدرة الاستراتيجية الفائق الأهمية. ويعزز التنظيم العلاقات بين العميل ومورد الخدمة التي ستؤدي إلى النتائج الاستراتيجية المرجوة. وبعد ذلك تدخل الخطة التشغيلية أي ضوابط إلى النظام. وهذا بدوره يجبر المخططين على التصنيف تبعاً للأولوية إلى حين تمكن وثيقة نهائية من البروز تكون متلائمة مع الاستراتيجية وتوضح مخاطرها والضوابط على الموارد. . تحديد الهدف – التأكد من الواقع تصبح وظيفة التخطيط مسؤولة عن تجسيد نتيجة عملية التخطيط التشغيلي في الأهداف التي تدفع الأنشطة خلال السنة. وتقضي غاية الأهداف السنوية بتحفيز هيكل تنظيمي للمضي في اتجاه تحقيق هدف طويل الأمد عبر تقسيمه إلى خطوات مجدية. غير أنه في هذه المرحلة من الدورة تحديداً يظهر غالباً العجز عن دمج مجالات التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي. في الواقع، تكمن المشكلة في العجز عن دمج العملية، الأمر الذي يؤدي إلى استخدام معلومات خاطئة لوضع الأهداف, وفي إمكان شركات النفط الوطنية اعتماد واحدة من ثلاث آليات أداء لوضع الأهداف بطريقة تدمج عملية التخطيط: يحدد الأداء الشامل عدداً معيناً كهدف يحدد الأداء النسبيالأهداف بشكل يرتبط بسجل الإنجازات السائ يشمل الأداء المقارنأهدافاً مرتبطة بتجارب مشابهة وبالإضافة إلى آلية وضع الأهداف، يتعين على شركة النفط الوطنية أن تضع أيضاً نطاقاً لكل مؤشر أداء رئيسي. . محادثات الأداء – الاستفادة من معلومات الإدارة ترتبط العناصر المتبقية من الدورة بإدارة الأداء وضمان تقديم المهام التي تتالت حتى وظائف العمل خلال العملية. ويعتبر الحصول على معلومات الإدارة أمراً سهلاً. لكن الأصعب والمهم هو شرح الوقائع وإعطائها قيمة.
وعملاً بهذا الأمر، يجب أن تسعى وظائف تخطيط شركات النفط الوطنية إلى شروحات أعمق، إذ يجب أن تتعمق في دراسة الأسباب الجوهرية للوقائع، مما يؤدي إلى اطلاع على الأداء، الأمر الذي يسرع بدوره التوصيات.
فن محادثات الأداء تقضي الخطوة التالية في الدورة المتكاملة بتحويل معلومات الإدارة ذات النوعية الجيدة إلى محادثات ذات معنى في شأن الأداء. وتقع مراجعات الأداء من أي نوع ضمن هذه المرحلة من الدورة المتكاملة.
وهناك ثلاثة مبادئ خاصة بالممارسات الجيدة التي يجب أن تتشاطرها المراجعات هي:
· أن ترتكز على الوقائع وإنما أن تحركها الفطنة · أن تكون مركزة وإنما أن تتطلع إلى المستقبل · أن تنطوي على تحديات، وإنما أن تكون تعاونية
وتجد الهياكل التنظيمية التي تعتمد هذه المبادئ أن الديناميكية الكاملة لإدارة الأداء تتغير.
5. الحوافز والمكافآت – نتائج متميزة لمخرجات متميزة تقضي الخطوة الأخيرة لتقديم خطة استراتيجية بفهم آليات الحوافز والمكافآت بشكل صحيح. فالآلية الصحيحة تعتمد مزيجاً من المكافآت المالية وغير المالية. ورغم أن الحوافز المالية شعبية، فإن الآليات غير المالية تعتمد أيضاً وسائل فاعلة وطويلة الأمد لمكافأة مساهمة الموظفين.
وبطبيعة الحال، سوف تبقى العملية السنوية لتقييم أداء الموظفين الأداة الأهم لتقديم الحوافز والمكافآت. وهناك مستويان لهذه التقييمات، المستوى الشخصي ومستوى الشركة. فعلى المستوى الشخصي، على من نال المكافآت أن يحصل عليها، ومن لم يفعل، يجب ألا ينال أي شيء. وعلى مستوى الشركة، في حال كانت شركة النفط الوطنية بشكل عام تلبي أهدافها الاستراتيجية، فيتعين على جهاز الموظفين بأكمله المشاركة في ذلك النجاح. وفي حال تخلف شركة النفط الوطنية، فيتعين على جميع الموظفين أن يفهموا بأن عليهم زيادة جهودهم أو إعادة توجيهها.
في النهاية، سوف تحقق شركات النفط الوطنية من خلال جمع أبعاد التخطيط والأداء، الوضوح والتلاؤم الواسع النطاق وفق مجموعة جديدة من الأهداف الاستراتيجية. وسوف تتمكن من توجيه أنشطة وظائف العمل وأهدافها بصورة أفضل لتجسيد هذه الأهداف الاستراتيجية. علاوة على ذلك، سوف تعقد اجتماعات إدارة أكثر فاعلية بفضل المحادثات المركزة والمطلعة الخاصة بالأداء. والأهم أنه سيكون لها قوى عاملة تركز على تلبية أهدافها ومتحمسة لتولي مسؤولية مستقبلها.
يمكن الاطلاع على المزيد من التقارير والأوراق البحثية على الموقع الإلكتروني لبوز أند كومباني.