قال ممتاز السعيد وزير المالية إن مصر تعاني منذ سنوات من اختلال في الموازنة العامة، مشيرا إلى أن العجز الكلي بالموازنة الحالية قد يصل لما يتراوح بين 185 مليار جنيه و200 مليار، إذا استمرت الأوضاع الحالية دون تغيير. جاء ذلك خلال اجتماعه مع مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية برئاسة أحمد الوكيل رئيس الاتحاد، وذلك ضمن سلسلة اللقاءات والاجتماعات التي ستستضيفها وزارة المالية ضمن الحوار المجتمعي، الذي دعا له الرئيس محمد مرسي حول الملف الاقتصادي والتعديلات الضريبية الأخيرة، بحضور هاني قدري مساعد أول وزير المالية وأيمن جوهر رئيس قطاع مكتب وزير المالية، ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب، حسن عباس رئيس مصلحة الضرائب العقارية، محمد سرور مستشار وزير المالية للسياسات الضريبية، مصطفى عبد القادر رئيس قطاع المناطق الضريبية، المهندس إبراهيم العربي رئيس غرفة القاهرة التجارية ونائب رئيس إتحاد الغرف ومحمد المصري النائب الثاني لرئيس الاتحاد وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد. وأضاف السعيد أن الإيرادات العامة لا تغطي سوى 60% من حجم الإنفاق العام، وهو ما يفرض على المجتمع 3 بدائل أما أن نخفض الإنفاق العام بنسبة كبيرة للقضاء على هذا العجز، أو تحقيق زيادة في حجم الإيرادات العامة أو نعمل على كلا الجانبين. وأوضح أن الخيار الثالث هو ما سعت له الحكومة من خلال إعداد البرنامج الإصلاحي الاقتصادي والاجتماعي وحزمة من التعديلات التشريعية على قوانين الضرائب هي جزء من هذا البرنامج. وأشار وزير المالية إلى أن الحكومة كانت تستهدف زيادة حجم الإيرادات وترشيد الإنفاق العام بنحو 40 مليار جنيه ومع تأجيل تطبيق الإجراءات الإصلاحية أكثر من مرة فنحن نأمل أن تحقق حزمة الإجراءات نحو 10 مليارات فقط خلال العام المالي الحالي على أقصى تقدير، وفي كل الأحوال لن تؤثر تلك الإجراءات من قريب أو من بعيد بأوضاع محدودي الدخل أو الشرائح العريضة من المجتمع. وأكد وزير المالية ترحيب الحكومة بالحوار المجتمعي حول سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر الآن والمتمثلة في فجوة تمويلية بقيمة 5ر14 مليار دولار حتى 2013 / 2014، مشيرا إلى أهمية أن يدرك المجتمع وقواه السياسية أبعاد هذه الأزمة، وضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بخروج مصر منها، وعلى رأسها حصولنا على شهادة صندوق النقد الدولي بقدرة الاقتصاد المصري على التعافي. ولفت إلى أن البعض يخطيء عندما يتحدث عن أن الصندوق يضع شروطا على مصر أو أنه يرغب في التأكد من قدرتنا على سداد القرض الذي نطلبه، فهذا غير الصحيح وإنما الصندوق يريد التأكد من قدرتنا على التعافي والخروج من الأزمة. وقال السعيد إن هذه الرغبة من الصندوق ترجع إلى أن شهادته لمصر ستحث وتشجع المستثمرين من داخل مصر وخارجها على ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية، وبالتالي فلو زادت المشكلات بمصر ولم تحل وتخرج من أزمتها سيضر ذلك بمصداقية الصندوق لدى مجتمع الأعمال الدولي. وأضاف أن البرنامج الإصلاحي الذي قدم للصندوق، هو برنامج مصري صميم ولا دخل للصندوق فيه، وهو برنامج اقتصادي واجتماعي في ذات الوقت، ويقدم للصندوق للتأكد من قدرة الاقتصاد المصري على العبور والنهوض، وبما يضمن جذب الاستثمارات وزيادة فرص التشغيل. وبالنسبة لحزمة التعديلات الضريبية، قال السعيد إنها تستهدف بالدرجة الأولى سد ثغرات التهرب من الضرائب والرسوم حفاظا على حقوق الخزانة العامة، مشيرا إلى أن معظم هذه التعديلات الضريبية ركزت على تغيير أساليب المحاسبة الضريبية، وتبسيط الإجراءات وحل المشكلات التي أظهرها التطبيق العملي لقوانين الضرائب خلال السنوات الماضية. وقال ممتاز السعيد وزير المالية أن فلسفة التيسير والتبسيط التي تحكم التعديلات الضريبية يعكسها أيضا قرار إعفاء السلع الرأسمالية من ضريبة المبيعات، بجانب إسقاط كافة الضرائب والرسوم المستحقة عن منشآت القطاع غير الرسمي عن السنوات الماضية كلها ومحاسبتها ضريبيا كأنها بدأت نشاطها الآن فقط، بجانب مد فترة حوافز أداء المتأخرات الضريبية إلى نهاية مارس المقبل بدلا من نهاية الشهر الحالي مع حساب حافز الأداء على أصل الضريبة المستحقة وليس من الفوائد وغرامات التأخير. وكشف السعيد عن أن معظم هذه التعديلات والتيسيرات جاءت استجابة لاقتراحات منظمات الأعمال المختلفة، فمثلا المنظفات المنزلية تم زيادة فئة ضريبة المبيعات عليها لتتساوى مع سعر الضريبة المفروضة بالفعل على مدخلاتها الصناعية، أيضا تشاورنا مع شعبة الأسمنت والحديد قبل رفع الضريبة عليهما، ونفس الأمر بالنسبة لضرائب المحمول والتي سترتفع من 15% إلى 18% فقط. وفيما يتعلق بفرض ضريبة بقيمة 25 جنيها على كل خط تليفون محمول جديد تسدد مرة واحدة فقط، كشف هاني قدري مساعد أول وزير المالية أن هذه الضريبة لها شق مجتمعي من خلال العمل على مواجهة ظاهرة شراء أكثر من خط تليفوني يستخدم بعضها لفترات قصيرة للغاية ثم يهمل وبصورة متكررة. وبالنسبة للسجائر، أوضح السعيد أن الزيادة في ضريبة السجائر تبلغ 75 قرشا للعلبة للانتاج المحلي و125 قرشا للانتاج المستورد من الخارج، لافتا إلى أنه قد يتم تخفيض هذه القيمة كي تتساوى بالإنتاج المحلي حتى لا يحدث تمييز للمنتجات المصرية يخالف قواعد منظمة التجارة العالمية. وأكد أن هناك سلعا كثيرة وأساسية لم تشملها أي زيادات على الاطلاق كالدقيق المدعم والسكر والمكرونة والأرز والسلع الغذائية بوجه عام والأدوية، كما لم تتغير ضريبة المبيعات على الأسمدة فهي 5% كما هي لكنها نقلت من جدول لجدول آخر، وذلك حتى لا تنطبق عليها فئة الضريبة العامة للمبيعات وهي 10%، أيضا ضرائب المياه الغازية كما هي ولم تتغير فقط تم تغيير أسلوب المحاسبة الضريبية مع استمرار تمتعها بخصم الضريبة على مدخلات إنتاجها. وردا على تساؤل حول سبب وضع جدول بالسلع في التعديلات الضريبية المنشورة بالوقائع المصرية، أكد ممتاز السعيد وزير المالية أن القانون يتطلب عند تغيير جزء في مادة معينة أن يعاد كتابة ونشر المادة بالكامل، ومع تغيير بعض سلع الجدول رقم واحد بخروج سلع وإضافة سلع أخرى فقد تم كتابة الجدول بالكامل من جديد لتوضيح المعاملة الضريبية للسلع التي يضمها بغض النظر عن حدوث زيادة في سعر الضريبة من عدمه، وهو ما لم يستوعبه الكثيرين ولذا تحدثوا عن زيادة في ضرائب 50 سلعة على غير الحقيقة. وفي هذا الإطار، أكد أحمد الوكيل رئيس إتحاد الغرف التجارية أن الاتحاد راجع التعديلات وتأكد أنها بالفعل تتضمن زيادات في بعض السلع وليس في الكل، مشيرا إلى أنه سيتم إعداد مذكرة توضح السلع التي زادت أسعارها بالفعل لتوزيعها على مجالس الغرف التجارية في محافظات مصر المختلفة لمناقشتها والخروج بتوصيات ورؤية حولها. وقال الوكيل إن المجتمع التجاري يدرك الموقف الدقيق الذي تواجهه مصر ومدى الحاجة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها وأهمية حصولنا على شهادة من صندوق النقد الدولي تؤكد قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية فهذا سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات لمصر، وبالتالي تعظيم جانب الإيرادات من ضرائب دخل ومبيعات ورسوم جمركية. ورغما عن أهمية دعم جهود الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية بأسرع وقت، أشار الوكيل إلى أن اتحاد الغرف التجارية يأمل في ألا تؤثر التعديلات الضريبية أو أية إجراءات أخرى تتخذها الحكومة على أوضاع محدودي الدخل أو الطبقة المتوسطة، وأن يتم مراعاة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الأسر المصرية بالفعل. وردا على هذا، أكد وزير المالية حرص الحكومة على هذا الجانب تماما، مشيرا إلى أن البرنامج الإصلاحي يتضمن أيضا عددا من الإجراءات الاجتماعية لدعم الشرائح العريضة بالمجتمع، كما أن تعديلات ضريبة المبيعات على سبيل المثال أخذت بالاقتراحات الأقل تأثيرا ، حيث كان مطروحا رفع السعر العام للضريبة من 10 % إلى 12 %، ورغم أن هذا الرقم هو أقل من سعر الضريبة المطبق بدول الجوار والبالغ 15% إلا أن القيادة السياسية رأت ألا يزيد السعر، وتم توحيد فئات الضريبة عند مستوى 10% فقط، وهو المتوسط الحالي للضريبة تخفيفا للأعباء على المواطنين، مع وضع السلع التي لها تأثير اجتماعي في جدول لتحديد سعر خاص لها أقل من الفئة العامة.