ادي الاف المواطنيين صلاه عيد الفطر المبارك في ساحة معبد الأقصر الفرعونى وميدان سيدى أبى الحجاج الأقصرى يتقدمهم المحافظ الدكتور عزت ومدير الامن حسن محمد حسن - مدير أمن الأقصر. وحرصت المحافظة علي اتخاذ كفاة التدابير والاجراءات لحماية المصلين والمحتفلين بعيد الفطر وشملت الاجراءات رفع حاله الاستنفار الأمنى وإعلان الطوارئ فى المستشفيات والوحدات الصحية فى المدن والقرى وتزويد الحدائق والشواطئ والمتنزهات بعربات إسعاف وبمياه شرب مثلجة ونقية. وبعد الصلاة حرص المواطنون علي تبادل الزيارات العائلية والخروج ى إلى الحدائق والشواطئ والشوارع والميادين فى احتفالات لا تزال تحمل الكثير من عادات وتقاليد أجدادهم الفراعنة فى الاحتفال بالأعياد منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. يذكر أن قدماء المصريين اهتموا بالأعياد التى كانت مناسبة لديهم لإقامة أفراح عظيمة تغنى فيها أناشيد جماعية تنشدها السيدات النبيلات المشتركات فى المواكب مع أصوات القيثارات وأغانى الغرام والأناشيد المصاحبة لحركات الرقص، وكانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذى حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعى، وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل، كما احتوت السنة المصرية القديمة على العديد من الأعياد التى ارتبطت بالتقويم مثل رأس السنة وأعياد كل شهرين وبدايات الفصول. ولما كانت الأعياد تلعب دورًا مهمًا، وكانت فى كل العصور هناك أعياد جديدة تضاف، فيحتفى بها المصريون ويحتفلون، ففى العصور الفرعونية والبطلمية كان هناك عيد يحتفل به لكل معبود، وفى هذه الأعياد يحمل الكهنة تمثال المعبود ويسيرون به فى موكب مهيب يشارك فيه الجميع، ويؤدى فيه المهرجون والمغنون والراقصون فنونهم، كما كانت تقام العروض المسرحية التى تصور أساطير معينة، وكان الأهالى - وليس الكهنة - هم الذين يحتفلون بأعياد المعبودات الطيبة الصديقة والودودة، والمعبود "بس" هو أحد تلك المعبودات؛ وفى يوم عيده كان العمل فى بناء الأهرام يتوقف. وكان الأهالى يستعرضون فى الشوارع، وهم يرتدون أقنعة يتبعهم الراقصون وضاربو الدفوف، وكان أهالى المدينة يشاركون فى الغناء من أسطح منازلهم؛ بينما كان الأطفال يعدون بجانب الراقصين، وهم يتغنون، وكانت المدينة كلها تستمتع بالأعياد والمهرجانات، كما كانت مناسبات رأس السنة وبدايات المواسم، أيضًا، من الأعياد، وتروى كتب التاريخ أن أعمدة وجدران معابد مدينة هابو غرب مدينة الأقصر قد سجلت طقوس 282 عيدًا عرفتها مصر القديمة. وقد توارثت الأمة الإسلامية عبر عصور تاريخية مختلفة ومتصلة الاحتفال بالأعياد الدينية والقومية، وكما يقول عرفه عبده على - الباحث المصرى فى شئون التراث - فإن ذاكرة تاريخ مصر تحتفظ بالكثير من مشاهد ومواكب الاحتفالات الرسمية والشعبية بالأعياد منذ عصر الدولة الفاطمية، حيث كانت الاحتفالات الفاطمية الباذخة ترتكز على إظهار وقوة الخليفة وسلطانه كحاكم إلى جانب نفوذه الدينى. وكان عيد الفطر من المناسبات التى يخرج فيها الخليفة من قصره فى موكب مهيب وفى أبهى زينة بين كوكبة من الحاشية والحرس الخاص وأربعين من النافخين فى الأبواق عشرة أبواق من الذهب وثلاثون من الفضة وكان يطلق على عيد الفطر فى هذا الزمان "عيد الحلل"، حيث كانت توزع الخلع والعمائم والملابس من "دار الكسوة" على رجال البلاط وعامة الناس. وفى عصر الإمبراطورية العثمانية كان الاحتفال الرسمى بعيد الفطر يبدأ عقب صلاة فجر أول أيام العيد، حيث كان يصعد أمراء الدولة والقضاة فى موكب إلى القلعة ويتوجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة لأداء صلاة العيد، ثم يصطفون لتهنئة "الباشا".. وفى اليوم التالى كان "الباشا" ينزل للاحتفال الرسمى بالعيد فى "الجوسق" المعدلة بميدان الرميلة القلعة والذى كان يفرش بأفخر الوسائد، ويتقدم لتهنئة الأمراء "الصناجق" كبار البكوات المماليك والاختيارية كبار الضباط وتقدم الحلوى والشربات والقهوة، ويسهر الناس ليلة العيد فى ابتهاج وسرور وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار، ويأخذ رب الأسرة زينته ويصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العيد، وكان من المعتاد تناول السمك والفسيخ فى أول أيام عيد الفطر. كما اعتاد الناس زيارة المقابر للتصدق على أرواح موتاهم وإشعارهم بالأنس والمحبة، ويحرص الشباب على الخروج فى جماعات للتنزه فى النيل وكان خليج القاهرة وبركة الأزبكية وبركة الفيل وجزيرة الروضة يشهدون زحامًا شديدًا، ويشير المؤرخ "عبد الرحمن الجبرتى" إلى أن مدافع القلعة كانت تطلق طوال أيام العيد الثالث فى أوقات الصلوات الخمس. وفى الثلث الأخير من شهر رمضان كان الناس يبدأون فى الأعداد لاستقبال عيد الفطر، وأبرز مظاهر هذه الاستعدادات هو كعك العيد.. ويروى أن كعك العيد فى مصر هو عادة ترجع للعصور الفرعونية حيث كانوا يضعونه مع الموتى داخل المقابر وكان الفراعنة ينقشون على الكعك رسم الشمس آتون التى عبدوها لزمن طويل وكانت المصريات يشكلن الكعك على هيئة عرائس. وما زال هذا التقليد متبعًا حتى اليوم فى قرى مصر حيث تصنع الأم عددًا من العرائس بعدد أطفالهن وفى "طلعة العيد" تحرص المصريات على تقديم كعك العيد على هيئة حلقات مغطاة بالسكر ليفرق على الفقراء، ففى معتقداتهن المتوارثة أن "ملاك الرحمة" يقوم بتعليقها فى أحد فروع شجرة الحسنات. وبعيدًا عن الكعك فقد كان الناس ينطلقون عقب صلاة العيد فى بهجة ومرح جنوني، وفى كل منطقة كانت ترى تجمعات الناس وهى تستمتع بمشاهدة رواة القصص والسير الشعبية والغناء ورقص العوالم والمهرجين والبهلوانات والألعاب السحرية والمصارعين والأراجوز والقرداتية والحواة وسباقات الخيل والرماية. وإذا كانت عجلة الزمن قد دارت واندثرت تقاليد عديدة وتغيرت عادات العديد من الشعور فى الأعياد، فان العديد من مظاهر الاحتفال القديمة بالأعياد لا تزال باقية فى صعيد مصر حتى اليوم وتنقسم تلك المظاهر ما بين مبهج ومبك.. وأول مظاهر العيد هنا فى صعيد مصر هو "الخبيز" ثم ارتداء الجديد فزيارة مقابر الموتى صبيحة يوم العيد، وتحرص النساء وربات البيوت فى الأقصر على الاستعدادات للاحتفال بالعيد مبكرًا "بيوم الخبيز" ثم ارتداء الجديد فزيارة مقابر الموتى صبيحة يوم العيد، إذ تقيم نساء كل نجع احتفالية جماعية لإعداد البسكويت و"الشريك" أو "الناعم" أى "الغريبة"، أما الشريك فهو يجمع بين البسكويت والخبز العادى ويجهز على شكل أصابع ثم يحمص فى الفرن لتناوله مع الشاى فى الصباح، وذلك قبل العيد بعشرة أيام، أما ملابس العيد فتشترى قبل العيد، ولا تنسى الأسر الأقصرية فى ليلة العيد إرسال "عشاء" من اللحوم والخضراوات والفاكهة لكل بنات الأسرة المتزوجات وإلى خطيبات الأبناء – أيضًا – وهو عرف لا يتجاهله غنى أو فقير. وفى صبيحة يوم العيد تقتصر مظاهر الاحتفالات على ارتداء الجديد والصلاة وزيارة الأقارب ومصافحة الأهل والجيران وتوزيع العيدية على الصغار ويحرص البعض على تناول الإفطار فى ديوان العائلة – أى دار المناسبات – ثم التوجه إلى المقابر لزيارة الموتى والبكاء على من رحل من الأهل والأحباب ..كما يفضل البعض قضاء صبيحة العيد فى حلقة ذكر بإحدى الساحات مثل ساحة أبو الحجاج والشيخ الطيب والساحة الرضوانية، وتعج شوارع المدينة بالشباب والفتيات الذين يتنقلون ما بين ساحة وحديقة ومطعم خاص المخطوبين والمتزوجين حديثًا منهم كما يمتلئ مجرى نهر النيل برحلات اللنشات السريعة والفلايك الشراعية، ومن اللافت للنظر بالأقصر فى العيد انتقال أهل قرى الغرب إلى الشرق للتنزه أما أهل الشرق فيعبرون النيل إلى غرب المدينة فيركبون الحمير والخيول ويزورون الآثار ويتجولون بين الزراعات وتقام السباقات والمهرجانات الرياضية بمراكز الشباب وتنشط رحلات الحنطور.