منذ شهرين تقريباً قمت بزيارة قصيرة لمدينة الاقصر - عاصمة السياحة العالمية - لحضور الملتقى الإعلامى لشركة فودافون مصر، وخلال إقامتى فى واحد من أجمل الفنادق فى العالم أحزننى خلوه تماماً من السائحين، وما أبكانى حقاً هو حال البقية الباقية من العاملين الذين آثرو تقليل الراتب على ترك العمل، وقال أحدهم: "ماحدش من المسئولين حاسس بينا أو بيعمل حاجة علشانا". وعندما تلقيت الدعوة للتغطية الإعلامية للملتقى العالمى للإتصالات بمدينة السلام - شرم الشيخ - والذى حضره ممثلين عن 90 دولة تخيلت أن عدد الحضور لن يزيد عن 200 أو 250 شخص - بمعدل شخصين لكل دولة - إلا أننى فوجئت بحضور كثيف أعتقد أنه فاق الألف زائر. وأثناء رحلة العودة إلى مقر إقامة البعثات المشاركة فى اليوم الثانى للمؤتمر عبر لى "شاه جاهين" رئيس مرفق الاتصالات بدولة بنجلاديش عن سروره وإعجابه بزيارته الأولى لمصر من خلال هذا الملتقى، مؤكداً أن مايعرفه عن مصر لا يمثل ذرة من روعة الواقع، وواعداً أنها ستكون بداية لزيارات قادمة للتمتع بسحر مدينة السلام وطقسها ومناظرها الخلابة. فى ذات السياق أظهرت إحدى موظفات الاتحاد الدولى للاتصالات إنبهارها بشرم الشيخ كمزار سياحى رائع لم تكن لديها أدنى معرفة به أو بما تتمتع به مصر من إمكانات سياحية هائلة، وقالت: "خططت أن أحظى وعائلتى بعطلة طويلة وسريعة، وأبدأ بعد أسبوعين فى تنفيذ مخططى"..مما سبق نستنتج مايلى: أولاً: الحكومة ومسئوليها لم تنجح فى الوصول إلى "قاع الطبقة العاملة بالقطاع السياحى"، وفقد هؤلاء الثقة فى مسئوليهم نتيجة القصور فى إطلاعهم على الجهود الحثيثة التى تبذلها حكومتهم لبعث الحياة من جديد فى هذا القطاع الحيوى للإقتصاد وللوطن. ثانياً: حملات الدعاية لمصر والتى أستنزفت عشرات الملايين من أموال الوطن عقمت أن تؤتى أى ثمار، بل ولم يراع فيها القائمين عليها ضمائرهم تجاه عملهم ووطنهم، الأمور الوحيدة التى تم تأديتها بكفاءة منعدمة النظير هى الجولات الأوربية للبعثة وبعثرة الأموال هنا وهناك..والمحصلة صفر. ثالثاً: ببساطة نجح المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات -الغير مسئول أو متخصص فى الشئون السياحية أو مطالب بذلك- فيما فشل فيه الآخرون، وأستطاع دمج هموم السياحة إلى جانب إهتماماته، فقرر أن يعقد الملتقى بشرم الشيخ، ليحضره مايزيد عن 1000 من الشخصيات التى نجح الوزير فى "تعيينهم" سفراء عالميين لدولته لدى دولهم، ينقلون عن مصر لبلادهم وعشائرهم عظمتها، وروعتها، وأمنها، ورقيها، ونهضتها، وإمكاناتها، وطموحها، وسبل ومناخ الإستثمار بها، بل وبادر بإعلان ترحيب مصر بعقد الدورة القادمة من مؤتمر الراديو الذى يحضره قرابة 10000 شخص بها، ضاربً خير المثل فى التطبيق العملى على أرض الواقع لل " التفكير متعدد الفوائد "..تخيلوا حجم المردود الإقتصادى والمعنوى والدعائى المباشر والغير مباشر لمصر من هذه الدعوة. أخيراً: هكذا يكون المسئول قدوة لنظرائه، يفكر دائماً بإيجابية فى كيفية إستثمار الفوائد التى من الممكن أن تعم على باقى القطاعات، فعندما تختلط الوطنية بالإخلاص والذكاء بالفطنة والنشاط بالثقافة والقدرة على تحمل المسئوليات والشعور بمشكلات الآخرين ووضعها محل الإهتمام مع العمل فى صمت وتقبل النقد البناء وحسن إختيار توقيت ونوعية القرار فى مسئول تعطينا "توليفة ممتازة" نحترمها ونثق بها ونقدرها وندعمها. لا سقف للحرية لا سقف للحرية