تكتب : هؤلاء الرائعين واحتجاجاتهم الوطنية كتب أحد الشباب على صفحته الكلام التالى : " نحن نعيش فى خوف متواصل .. نخاف نظاما اخترناه وخذلنا .. نخاف سقوط النظام و نخاف إستمراره و نخاف البديل الذى سيخلفه ونخاف زعزعة استقرار نحن فى اشد الحاجة اليه ، أو نقع غرقى استقرار مباركى .. يقضى على البلد لالف سنة إلى الامام!! نحن نعيش الخوف بجميع صوره وألوانه!!" تأملت العبارات ، فعلا الخوف حالة عامة ، تشل تقدم الاوطان وتميت قوة الانجاز والإبداع فيه .. وحدهم الشباب لا يخافون ، لأن التجارب لم ترسم حكمتها او جراحها عليهم بعد، فتلون افعالهم إلزاما او انتهازية ... او ربما يقفزون على خوفهم هذا ، من اجل شىء اعظم .. المستقبل الذى هو ملك خاص بهم، بحكم شبابهم و السنين التى تنتظرهم . أو ربما هى نبل المبادىء الندي التى مازالوا يمتحنون قدرتهم على تحمل اثمانها والسير فى دروبها الملتوية التى يرونها فى المحترفين بعيدا عن الأبيض والأسود، المشكلان لوجدانهم الثورى البرىء ! أو هى ببساطة ، الرغبة الحقيقية فى التغيير لان بقاء الحال على ما هو عليه هو المحال ذاته ..!. أو لأنهم لم يغرقوا فى سنوات الهوان والغيبوبة ، عقودا طويلة مثل ابائهم الذى تصوروها قدرا ، حتى أتى هؤلاء الرائعون وغيرونا جميعا ، منحونا الامل ان نكون مواطنين و ليس عبيد مولانا !! انقذتهم ثورتهم من ذلك المصير ، تحركوا وغيروا وانتصروا وانهزموا و لم ينكسروا ، كشفوا الاقنعة وأسقطوا رموزا وأزاحوا ورقة التوت عنا جميعا ، وعن رفقاء الثورة والميدان الذين كانوا أول من خانوهم !! طالهم الظلم والتشويه والاقصاء والمحاكمات السياسية والسجون المذلة ، ولم يفقدوا الأمل مثلنا . ولأنهم مختلفين ونبلاء .. خاضوا مرة اخرى معركة المواجهة من أجل بلدهم، من أجل ألا يروا الماضى يعود منتفخ الأوداج ويعيد منظومة الفساد و الاستبداد مرة اخرى! كانوا يعرفون جيدا ان النزول وكسر قانون التظاهر اللادستورى الذى سجن زملاء لهم ظلما وتجاوزا للدستور الواضح فى هذا الشأن.. سوف يؤدى الى إعتقالهم وربما تعذيبهم ، فى بلد غاب عنها مفهوم ملاءمة التهمة لسنوات عقابها إ ومع ذلك فعلوها ، وعندما ألقى القبض على الكثيرين منهم فى حركة استباقية مفزعة كان رد الفعل مفاجئا وصادما للنظام المزهو بسلاحه وسجونه حسم المترددون أمرهم بدلا من أن يخافوا وتثبط هممهم كما خطط الأمنيون ، وأعلنوا أن النزول أصبح فرض عين من أجل إخوتهم الذين خطفوا من البيوت بالعودة الميمونة لزوار الفجر الكاشف عن خوف فاضح من مظاهرات سلمية تنادى... يا بلادى ! يا لكم من رائعين .. نختلف او نتفق معهم ، ولكنهم حقا استثنائيون ! فمن تلك الأسيرة الرائعة المبتسمة بشجاعة تدين ألف جبان ممن تعدون والتى تطل من خلف الكوة الصغيرة للمدرعة بثبات وإيمان افزع سجانيها ولم يهز ثقتها بقضيتها وبالثمن الذى ستدفعه من أجلها أو ذلك الذي وقف وحيدا أمام الحشود المسلحة وبلطجيهم المأجورين من عهد المخلوعين وسلاحه لافتة تقول الجزر دى مصرية رغم علمه بمغبة تصرفه ومع ذلك واجه بشجاعة صدمت من تصوروا ترويضه!! او تلك العجوز الذى خطف وليدها ولا تعرف له مكانا فى دولة بصقت على القانون والدستور . فصرخت فيهم .. يسقط النظام الذى حرمها من ضناها أحد الذين صوتوا للرئيس!! من اى نطفة مبهرة وإعجازية جاء هؤلاء الرائعون؟؟ احفاد سعد أم عرابى ، أم زملاء محمد الجندى ومينا دانيال ! من هؤلاء بالذات ظهر خوف النظام جليا فاضحا !! رغم أن الهدف كان واضحا ، التحذير من التفريط والاستخفاف بالشعب وليس إسقاط النظام ! ولكنه الخوف من موجة جديدة تطيح بهم كما حدث مع سابقيه .. البطحة السياسية نقحت عليهم فتحسسوها بخوف المريب الذي يكاد يقول خذونى !! والشيىء المضحك فعلا هو تكرارهم لسيناريو يناير بحذافيره فاخترقت أصوات المقاتلات عنان السماء فى استعراض ساذج للقوة، مذكرا بطائرات مبارك التى رقص لها نفس الشباب على نغمة حسنى اتجنن !! فهل جن النظام فعلا بحيث ظل ينفخ فى زبادى ابريل ملسوعا من شوربة يناير ! كان هؤلاء الرائعون صوتنا المفجوع من ممارسات السلطة واستهانتها بحقنا فى المعرفة والمشاركة فى اتخاذ القرارات المصيرية منها على الاخص ؟؟ فهل نتركهم للسجون وللانتقام من الذين مازالوا يعانون من عقدة جمعة الغضب وفى الوقت التى تتوارد الأنباء عن استقبالهم فى السجون ومعسكرات الأمن المركزي بتشريفة أمنية جديرة بالذين أذاقوهم الخوف لأول مرة فى حياتهم خلال ثورة يناير!! رغم أن قلة الحشود كان سببها التوحش الأمنى واستجلاب بلطجية الداخلية لحصار النقابات ومنها الصحفيين وحزب الكرامة ، فإن جدار الخوف انكسر و فاجأوا النظام مرة اخرى ! الأمر تعدى الجزيرتين، انما اعتراض علنى على قائمة طويلة من الإخفاقات وخاصة الاقتصادية التى حملت البسطاء والطبقة الوسطى ما لا تحتمله وانحازت انحيازا فاضحا للاثرياء والفسدة على حد سواء!! كل هذا قادنا الى ابريل فهل وصلت الرسالة ؟؟ لا أتصور، نفس العناد والاستعلاء واحتقار للشعب الذى أتى بهم إلى الحكم !! الآن ، كل الخوف ان نخذل الشباب ونتركهم للعبارة الشهيرة : إيه اللى وداهم هناك ؟؟ أو نسمع كنتاكى وأجندات و ممولين وقبل كل ذلك الكلمة المخيفة "إخوان"! لتنام ضمائر المتخاذلين والناكرين وضحايا متلازمة استوكهولم "التوحد مع المعذب"!! اليوم لابد أن نحمى هؤلاء الرائعين من تلفيق التهم ، والمحاكمات الجاهزة التعليب وقبلها نحاسب الشخصيات الكرتونية العامة التى دعمتهم علنيا ثم اختفت جزعا أو اتفاقا للمرة المليون !! هؤلاء الشباب ضمير مصر، فهل نتركهم يغتالون ضميرنا ! .. المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية