تكتب : هكذا تدار الاوطان إن كنتم لا تعلمون بعيدا عن الصدمة التى اصابتنا جميعا من جراء الإعلان المفاجىء للتنازل عن الجزيرتين المصريتين بالتاريخ و الجغرافيا والدم التى اريق فيها والشهداء الذين دفنوا فداء ارضها و بعدها بالوثائق والخرائط والمستندات القانونية والاتفاقيات الدولية ، وبعيدا عن المعارك الوطنية التى دارت لإثبات حقنا فى تلك الأرض وهو الحق الذى لا يقتصر على جيلنا هذا ، إنما يمتد لأجيال قادمة ! وبعيدا عن الصدمة التى لحقت بى وأنا أرى إعلام العار والمسؤلين العار والمواطنين العار وهم يتدافعون لاثبات سعودية الجزيرتين فى سابقة سياسية لم يسجلها التاريخ حتى اليوم ومع ذلك تمخض الجبل على مراسلات هزيلة وفاضحة لنية التنازل من البداية لاسباب ستكشفها الايام القادمىة فى المعركة القانونية التى سوف يديرها الشعب حماية لحقه الاصيل فى تراب وطنه و قرارات السيادة !! فكل هذا تم تفنيده وانبرت الأقلام الحرة ومعها المواطنون الغيورون على أرضهم التى هى عرضهم لتقدم الأسانيد ويفندون الاخرى فى لحمة وطنية وحماسة غابت عن الرسميين المنوط بهم كشفها ولكن الأوامر كلنت سعودية الهوى والإرادة السياسية كانت غائبة تماما ربما لضغوط مارسها الجانب السعودى مستغلا أزمة اقتصادية طاحنة سببها الفشل الذريع فى حسن استخدام الموارد والاستعانة بأهل الثقة الأكثر فشلا وتعمد الانفراد بالقرار الناكر لأحقيتنا فى المشاركة والمعرفة بحكم الدستور الذى يطاح به باستمرار بحيث أصبح لا يساوى الحبر الذى كتب به !! والأزمة كانت كاشفة للطبالين والزمارين من الإعلاميين والمسؤولين المنفذين للاوامر الرئاسية مهما تبدلت من شرقها لغربها فى تراقص مذل لبندول الأوامر السيادية ! كأن لاشيىء قد تبدل بل ساءت الأحوال لدرجة جعلت اليائسين يتذكرون لمبارك وطنيته فى الدفاع عن الجزيرتين وعدم استسلامه للضغط السعودى ، قمة الماساة الكاشفة لتردى أحوالنا السياسية بعد ثورتين !! الموضوع بالنسبة لي أخطر من ذلك بكثير ، الموضوع هى الطريقة التى تدار بها الدولة ، بالإخفاق الذى يطاردنا من ملف الى آخر كبرت اهميته ام صغرت !! بالطريقة التى تتم بها دراسة المشاريع والإعداد لها باستخفاف لا يليق بأهميتها وتداعياتها على حياة الناس ومستقبل وطن ، بالسياسة التى تم اغتيالها وعسكرتها وتقييدها بالتقارير الأمنية الكاذبة و المغرضة وماتت معها ألف باء السياسة !! السياسة التى تتطلب دراسة قياسات الرأى العام ومدى استعداده لقبول او رفض أمور تهمه تمس معيشته اليومية و بعدها أمنه الوطنى الذى ربما يدركه اكثر من المتخصصين والتاريخ يشهد على ذلك ! أسلوب الصدمات والمفاجآت الرئاسية تلك يا سادة عفى عليها الزمن ، فالمفروض اننا نعيش عصر المؤسسات والهيئات التشريعية التى تستوجب المشاركة فى اتخاذ كل القرارات فما بالك المصيرية منها !! هذا لو آمن النظام بالقيم الديموقراطية وأدرك أن الرئاسة وظيفة عامة عند الشعب محددة المدة ومرتبطة برضا من انتخبوه وهم قادرون على تغييره بآليات الديموقراطية التى أتت به !! الشعب هنا هو صاحب القرار لأنه هو صاحب الأرض ومع ذلك هو مغيب تماما مفعول به خاصة بعدما تم تفصيل البرلمان على عين الأمن، نظام نعم ونعمين فى إخصاء متعمد للدوره الرقابى والتشريعى ... فلا تنتظر منه اى فاعلية بعيدا عن الأوامر الرئاسية !! لذا تجد الحكومة مطمئنة البال وهى تسعى لعرض القرارات الرئاسية عليه ولا تطمئن للاستفتاء الشعبى حتى لو حكم به الدستور كما هو الجارى فى موضوع الجزيرتين .. لانها للحمد لله لم تنجح فى إخصائه ومازال رجاله قادرين على الدفاع عن شرف الامة وبالقانون وليس بالترويع وبالاختفاء القسرى وتلفيق القضايا !!!! المشكلة فى عدم احترام الدستور للذين يرونه كتب بنوايا حسنة ، بينما نحن نرى النوايا السيئة التى يعامل به ، إلا عندما تستدعى المصلحة الرئاسية استحضاره واحترامه المؤقت! المشكلة أن النظام لم يثق فى قراره ، فتصرف كما لو كانت على رأسه ألف بطحة ، سرية وخفاء كأنه الإثم ذاته والأنكى أننا كنا آخر من يعلم، حتى العدو الاسرائيلى نالت رضاه قبل الشعب فى استخفاف مهين به ، ثم اطلقت علينا عملاءها ليبرروا بمبررات تهين أكثر مما تفسر .. !. لا نعيب على المملكة انها تسعى لتوسيع حدودها وأنها تنتهز فرص ضعف الدول لتثبيت أقدامها فى محيطها الاقليمى ولكننا نعيب على من لم يديروا الأزمة بالمهارة المتوقعة منهم ، فيدركون ما يمكن للناس قبوله وما لن تقبله الكرامة الوطنية مهما ضغط علينا اقتصادنا المريض بسوء الادارة الفاضح !! الازمات تكشف القدرات ، والوطنية الحقة تستنهض الهمم وقيم الإيثار والتضحية حتى نمر من عنق الزجاجة بدون تفريط فيما لا يجب أن يفرط فيه !! الأزمة تقتضى الارتفاع عن الخلافات والايدولوجيات فنستعين باهل الخبرة والعقول الاستثنائية ليخرجونا من تلك الظروف الأكثر استثناء فى تاريخ مصر !! فرقتنا اليوم تغرقنا جميعا دون استثناء ، فلما تشعلون الفتنة ؟؟؟ مصر مليئة بالإمكانيات البشرية وبالموارد الاقتصادية لو حسن إستغلالها لاجتزنا كل الأزمات دون ان نضطر ان نأكل بثديينا عوزا وحاجة ! للأسف ليس هكذا تدار الدول المتقدمة الحديثة فى أزمة هى الأصعب !! نحن مستعدون أن نربط الأحزمة ، حتى نمر من عنق الزجاجة ولكن بشرط أن يربطها الجميع ، مستعدون للتضحية بكل غال ورخيص بشرط أن تكون التضحية جماعية .. مستعدون ان نقف خلف القيادة فى أزمتها بشرط أن يستعان بأخيارنا، بأكفائنا ، بعلمائنا كل فى مكانه الصحيح و باختصاصاته التى تساعده على سرعة الإنجاز وإتقانه! هكذا تدار الاوطان إن كنتم لا تعلمون ! المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية