أفادت أنباء عن قيام مسلحين في العاصمة الليبية مساء الأربعاء، باقتحام مقر قناة "النبأ" الفضائية المقربة من حكومة طرابلس، وأجبروا العاملين فيها على مغادرتها بعدما أوقفوا بثها. وقال صحفي يعمل في القناة لوكالة الأنباء الفرنسية إن "جماعة تضم مسلحين بثياب مدنية، وآخرين بثياب عسكرية، دخلوا مقر القناة (في وسط طرابلس) وجمعوا الموظفين في غرفة، وقالوا لهم ان عملهم فيها انتهى". وأوضح صحفي آخر أن المسلحين "أتوا وأخرجونا كلنا من القناة وسيطروا عليها وأوقفوا البث"، مضيفا: "لم يصب أحد بأذى". وتوقف بث القناة كلياً بعدما ظهر على شاشتها خبر كتب فيه "عاجل: أبناء مدينة طرابلس وثوارها يوقفون قناة النبأ قناة الفتنة والتحريض وكل من يشارك في القناة بعد فتحها سيتعرض للسؤال من ثوار المدينة". وكانت القناة القريبة من الحكومة غير المعترف بها دولياً في العاصمة الليبية، بثت اليوم بيانا متلفزا لرئيس الحكومة، خليفة الغويل، دعا فيه رئيس الحكومة المدعومة من الأممالمتحدة، فايز السراج، إلى مغادرة المدينة بعدما دخلها فجأة عن طريق البحر. كما بثت القناة تصريحات لأعضاء في البرلمان غير المعترف به دوليا في طرابلس، أدانوا فيها دخول حكومة السراج إلى المدينة من دون موافقة سلطاتها، واصفين الضباط الذين سهلوا مهمة السراج ب"الخونة". وكان السراج قد وصل إلى طرابلس في وقت سابق الأربعاء يرافقه عدد من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي رغم الرفض المعلن من السلطات المنافسة في البلد الغارق في الفوضى. وبعد ساعات من وصوله، سمع إطلاق نار في وقت مبكر من المساء في طرابلس حيث تم إغلاق العديد من الطرق وعمت حالة من الهلع بحيث كان الناس يحاولون العودة إلى منازلهم. ولم يعرف على الفور مصدر وسبب إطلاق النار، في حين يثير وصول السراج المخاوف من اشتباكات مسلحة في طرابلس بين السلطات المحلية من "فجر ليبيا" والجهات المؤيدة لحكومة الوفاق. ويعارض حكومة الوفاق مجلس الوزراء والبرلمان المقرب من ائتلاف ميليشيا "فجر ليبيا" في طرابلس والحكومة الأخرى القائمة في الشرق، والمعترف بها دوليا. وأكد المكتب الإعلامي للسراج ومسئول عسكري في القاعدة البحرية الرئيسية في العاصمة وصوله عن طريق البحر. وقال المسئول العسكري إنه "وصل إلى القاعدة البحرية اليوم السيد السراج برفقة عدد من أعضاء المجلس الرئاسي، وقد تناولوا هنا طعام الغداء وعقدوا اجتماعا مع ضباط في القاعدة". ودعا موفد الأممالمتحدة إلى ليبيا إلى "انتقال سلمي ومنظم للسلطات" بعد وصول السراج. وقال مارتن كوبلر على تويتر "وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس يمثل خطوة مهمة في الانتقال الديمقراطي في ليبيا والمسيرة نحو السلام والأمن والازدهار"، داعيا إلى انتقال "سلمي" للسلطات. من جهته، رحب الاتحاد الأوروبي بما اعتبره "فرصة وحيدة للاتحاد والمصالحة" بعد وصول السراج. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني أن "وصول المجلس الرئاسي إلى العاصمة (الليبية) يمثل فرصة وحيدة لليبيين من جميع الفصائل للاتحاد والمصالحة". بدوره، اعتبر وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني أن وصول السراج إلى طرابلس يمثل "خطوة إلى الأمام لاستقرار ليبيا". وقال "أنها خطوة جديدة إلى الأمام لاستقرار ليبيا. فبفضل تصميم رئيس الوزراء فايز السراج والمجلس الرئاسي بات ممكنا تحقيق تقدم جديد من اجل الشعب الليبي". كما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أن وصول السراج "خبر سار" ورحب ب"قرار شجاع" بالنسبة لليبيا. وقد ولدت حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون في ديسمبر برعاية الأممالمتحدة، واختار تشكيلتها المجلس الرئاسي الليبي، وهو مجلس منبثق عن الاتفاق ذاته ويضم تسعة أعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة. ويترأس السراج المجلس الرئاسي أيضا إلى جانب رئاسته لحكومة الوفاق. وتحظى حكومة الوفاق بدعم الأممالمتحدة ودول كبرى لا سيما الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تواجه بالرفض من قبل السلطتين المتنازعتين على الحكم في ليبيا واللتين تطعنان في شرعيتها. ويخشى سكان في العاصمة أن يؤدي دخول الحكومة إلى طرابلس رغم معارضة سلطاتها لها إلى اشتباكات بين الجماعات المسلحة الموالية للسلطات التي تدير المدينة، والجماعات التي قد تنحاز لحماية حكومة الوفاق.