هالنى وأفجعنى خبر مصرع تلميذة تبلغ من العمر 6 سنوات دهسا تحت عجلات أتوبيس خاص بمنطقة عين شمس، بعدما سقطت من"فتحة" بأرضية الأتوبيس، وتخيلت هذا الجسد النحيل وهو يلقى هذا المصير المؤلم بسبب اهمال سائق لم يدرك أنه يحمل معه أطفالاً بريئة لا تستطيع حماية نفسها من المخاطر، وتذكرت ذلك الحادث الشهير الذى وقع منذ شهر تقريباً لشقيقين لم يتجاوزا العاشرة يدهسهما أتوبيس المدرسة أثناء رجوعه للخلف بعد نزولهما أمام منزلهما بمنطقة المعادى فى غفلة من السائق واهمال من المشرفة.. والطفلة التى سقطت من باص المدرسة بمنطقة جسر السويس فى نوفمبر الماضى وفارقت الحياة قبل وصولها المستشفى، وتبين بعد معاينة الأتوبيس أن الباب "تالف" وخال من وسائل الأمان.. سلسلة من الحوادث المتتالية بطلها الرئيسى الاهمال وضحاياها الأطفال. وتوارد على ذهنى ذلك المشهد العبثى الذى كثيراً ما أراه لصاحب سيارة أجرة أو ميكروباص أو حتى ملاكى يملأها عن آخرها بأجساد طفولية غضة تتراكب فوق بعضها البعض فى السادسة صباحاً وهى فى طريقها ليوم مشحون تواجه فيه مناهج دراسية بالية لا تدرى لماذا تدرسها وتحشو بها عقولها الصغيرة العاجزة عن فهم ما يدور حولها، ثم تعود لتنحشر مرة أخرى فى رحلة عودة مرهقة بين زحام مرورى تعانى منه كل شوارع المحروسة فى وقت الذروة، وسط غفلة أو تغافل من أسرة لا تملك سوى التنازل عن جزء من آدمية أبنائها مقابل توصيلة لا تطغى تكاليفها على تكاليف المعيشة المرهقة، وأدركت أن توصيل التلاميذ للمدارس تحول إلى "سبوبة" الهدف منها الربح حتى لو كان ذلك على حساب براءة الأطفال وأعمارهم.. وتساءلت عن غياب الضمير وحجم الاهمال الذى يسمح لسائق أن يسير بسيارة بها فتحة يمكن أن تسقط منها طفلة، أو بها باب تالف أو محشور فيها عشرات الأطفال بصورة غير آدمية، أعلم أن الحديث مؤلم لكن الصمت عن هذه الكوارث سيكون أكثر إيلاماً، وخصوصاً أن الجميع يرى أنها حوادث فردية ناتجة عن الاهمال وتناسوا حقوق هذه الأطفال فى حياة آمنة ووسيلة مواصلات آمنة وتعليم آمن. ألا تستدعى هذه الحوادث المتكررة إصدار تشريع ينظم مسألة ركوب الأطفال لوسائل المواصلات وأتوبيسات المدارس،وإعداد لجان فنية تابعة لوزارة التربية والتعليم مسئوليتها المتابعة الدورية لسلامة أتوبيسات المدارس وتوافر عناصر الأمان فيها،وتخصيص جلسة فى مجلس الشعب لإصدار قانون يلزم سائق الباص والمشرفة بالحصول على شهادة تفيد بتدريبهم على التعامل مع الأطفال والحفاظ على أرواحهم، والتوقيع على اقرار يفيد بعدم تناولهم لأية عقاقير تؤثر على صحتهم وسلامتهم لأنهم يحملون فى أعناقهم مسئولية الحفاظ على أطفال أبرياء هم فى الواقع جزء من مستقبل مصر.