"الصحة" والشركات ولعبة القط والفأر: توجهات حكومية لزيادة أسعار الدواء فىالخفاء بضغوط من المصنّعين "شعبة الأدوية": الصحة لن تعلن رفع الأسعار خوفًا من الرأى العام والاحتكار توقعات بتطبيق زيادات تدريجية ل60 صنفًا مع مطلع العام الجديد بعد رفع 130 نوعًا "الإدارة المركزية": الوزارة تتفهم خسائر الشركات وتتخوف من حدوث أزمة "الحق فى الدواء": الحكومة لجأت للتضحية بالمرضى إرضاءً للشركات "الدراسات الدوائية": القرار الرسمى سيظهر نية الحكومة تجاه شركات قطاع الأعمال
حالة من الجدل والترقب تسود الرأى العام والقطاع الدوائى فى مصر خلال الفترة الحالية، بعد أن ترددت توقعات حول إصدار وزارة الصحة والسكان قرار برفع أسعار عدد من الأدوية وعقدها اتفاق مع الشركات بهذا الشأن. ويأتى ذلك فى ظل ضغوط من المصنّعين المحليين لتحريك الأسعار لحل أزمة نواقص السوق وإعادة تنشيط شركات قطاع الأعمال العاملة فى المجال الدوائى، وهو الأمر الذى قوبل باستحسان من جانب قطاع التصنيع، وغضب من الرأى العام والمجتمع المدنى المعنى بالمرضى الفقراء. ضغوط على الحكومة "المركز المصرى للحق فى الدواء"، أكد أن الوزارة قامت برفع أسعار 130 صنف دواء بنسبة من 10% إلى 40%، مُشيرًا إلى أنها أجلت زيادة 60 صنفا أخر يمثلون الأدوية الحيوية جدًا، لمطلع العام الجديد وهى أصناف ستؤثر تأثيرًا شديدًا على الصحة العامة للمواطنين خاصة أن بعضها لأمراض مزمنه يتعامل معها أصحاب المعاشات. وقال "الحق فى الدواء"، إن الوزارة واجهت ضغوطا شديدة منذ شهور من صنّاع الدواء لتحريك أسعار الأدوية فى الوقت الذى امتنعت فيه تلك الشركات عن إنتاج هذه الأصناف محاولة منها إلى "لى ذراع الحكومة" لرفع الأسعار، بينما هددت الشركات الأجنبيه بضرورة إعادة تسعير الأدوية الحديثة وتعللت بإتفاقية منظمة التجارة العالمية بعدم تدخل الحكومة فى تسعير أى منتج دوائى. ورأى المركز أن رفع أسعار الأدوية لن يؤدى إلى حل مشاكل صناعة الدواء المستعصية والتى تشهد فوضى وتضارب مصالح بين كبريات الشركات من ناحية والصيادلة وشركات التوزيع من ناحية أخرى، وأن الوزارة لجأت إلى التضحية بالمريض إرضاءً للشركات وإنها بعد شهور ستبدأ نفس المشاكل وستظهر النواقص وستقوم الوزارة بنفس ماقامت به من رفع الأسعار. الدكتور على عبد الله، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الدوائية والإحصاء، قال: إذا تم تحريك أسعار الأدوية التى تنتجها شركات قطاع الأعمال فهناك "صدق فى النية" من جانب الحكومة لحل أزمة الدواء واقعيًا وأزمة شركات الدولة، مُعربًا عن تخوفه من أن الوزارة تقوم بزيادة أسعار الدواء التى تنتجها الشركات الأجنبية والاستثمارية، واصفًا الاتفاقية بأنها "باطله"، أو أنها ربما تزيد لأصناف معينه لا تنتجها شركات قطاع الأعمال وهو أمر مُضلل وتحايل على الشركات لصالح رجال أعمال وأصحاب مصالح. وأوضح "عبد الله"، ل"المشهد"، هناك بعض من أصناف الدواء التى تنتجها شركات قطاع الأعمال بحاجة فعلية إلى الزيادة وهى ما يقل سعرها عن 10 جنيهات لأن تكلفة الإنتاج تتعدى هامش الربح بكثير، مشيرًا إلى أن خسائر شركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال بلغت 350 مليون جنية سنويًا. وشدد على أن تكون الزيادة منطقية وليست عشوائية حتى لا تزيد من الأعباء على المرضى الفقراء، مُشيرًا إلى أن الزيادة تغطى خسائر الشركات وسعر التكلفة وهامش الربح والتوزيع، وذلك حفاظًا على استمرارية منظومة الدواء المصرى وعدم انهيارها. حلول للأزمة الدكتور جميل بقطر عضو مجلس نقابة الصيادلة، رأى أن حل مشكلة نقص الأدوية ليس برفع سعرها باستمرار، بل بإنشاء الدولة مصنع للمواد الخام بتكاليف 100 مليون دولار لينتج 850 مادة خام تمثل 80 %من استهلاكنا المحلى. وأضاف: أن تعديل أسعار الأدوية كل سنة أو عدة سنوات ليس هو الحل الأمثل ولكنه جزء من الحل لتوفير الأدوية، ولضمان عدم احتكار الشركات المنتجة للمادة الخام، مشددًا على دخول الدولة طرف أساسى بإنشاء مصنع للمواد الخام، وذلك لحماية أمننا الوطنى الدوائى من الاحتكار والتبعية للدول المنتجة للمواد الخام. وأوصى بقطر بضرورة تقنين مراكز التكافؤ الحيوى وتشجيعهم على الحصول على الأيزو وموافقة هيئة الدواء الأمريكية، وتعديل السياسة التسعيرية للأدوية المخسرة للقطاع العام، ولتوفير أدويتها الرخيصة، وإعادة تسجيل أو إضافة تحليل التكافؤ الحيوى للأدوية المُسجلة قبل 2006. وطالب بإنشاء الهيئة المصرية للدواء لتطبيق معايير الجودة العالمية وزيادة التصدير حيث ستزداد الثقة بالدواء المصرى، مع إتباعه الإجراءات العالمية مثل إجازته من جهة رسيمة، مثل باقى دول العالم. زيادة فى الخفاء تكهنات كثيرة خلفتها الأحاديث حول زيادة الأسعار، وتوقعات بحسم الموضوع لصالح شركات قطاع الأعمال أو ربما تلاعب لصالح القطاع الإستثمارى، ووزارة الصحة لم تخرج برد رسمى ينفى أو يؤكد صحة ذلك، "المشهد" تواصلت مع الإدارة المركزية للصيادلة لحسم الجدل الدائر حول القضية، ونفى الدكتور ياسين رجائى مدير المكتب الفنى للإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة، صدور أى قرار رسمى بزيادة أسعار الدواء، مُشيرًا إلى أن لجنة تسعير الدواء لم تخرج بقرار رسمى للوزير. وأضاف ل"المشهد"، "ربما يحدث زيادة في الأسعار خلال الفترة القادمة فى الأدوية التي تقل سعرها عن 10 جنيهات، وخلال الفترة الحالية تدرس لجنة التسعير مطالب الشركات بزيادة أسعار أصناف، وعلى الأغلب سيتم استبعاد الأدوية الأساسية والحيوية ذات الاستهلاك الكبير مثل أدوية الضغط والسكر والقلب وغيرها. وقال الدكتور"رجائى": ستراعى الدولة أن يكون أسعار الدواء فى حدود الموطن محدودى الدخل، بالإضافة إلى أنها تغطى خسائر الشركات التابعه لقطاع الأعمال، مُضيفًا أن الوزارة تتفهم أزمة هذه الشركات، وهى ثبات الأسعار منذ سنوات طويلة، فعدد من الشركات تحولت إلى نيابة الأموال العامة بسبب الخسائر الفادحة التى تكبدتها. وأفاد بأنه فى حالوجود إتجاه أو نية لزيادة الاسعار، فإن الوزارة لن تُعلن بذلك خوفًا من إثارة البلبلة وإحداث أزمة حقيقية فى سوق الدواء، خشية أن يقوم أصحاب الصيدليات وكبار المصنّعين بتخزين الأدوية، مما يتسبب فى اختناق حاد فى السوق، ورفض "رجائى" الكشف عن المدة التى تستغرها اللجنة فى الإفصاح عن ذلك. الدكتور هشام حجر رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، أكد أن وزارة الصحة لن تعلن عن توجهات لزيادة الأسعار لأنها تعلم ما سيحدث من قلق وبلبلة، لذلك فهى لن تصدر ذلك رسميًا سوى بعد الزيادة الفعلية، ولكنها ستأتى تدريجيًا. وقال "حجر" ل"المشهد"، إن زيادة أسعار بعض أصناف الدواء أمر ضرورى للحفاظ على استمرارية صناعة الدواء المصرى، فالأسعار ثابتة ولم تتحرك منذ أكثر من 20 عامًا، وكانت بهامش ربح قليل جدًا. وأوضح أن من أسباب الزيادة ارتفاع تكاليف المواد الخام، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، مع ثبات الأسعار، وهو ما أدى لخسائر تراكمية فادحة على الشركات الأمر الذى يهدد باستمرار الصناعة.