"فيس بوك" يواجه الدعاية الإرهابية فى سرية "يوتيوب" تطور (المبلغون الموثوق بهم) للإرشاد عن الإرهابيين مواقع تتبع السرية خشية لعب دور "شرطى العالم" و"صديق الحكومات" اشتعلت الحرب الإلكترونية بين تنظيم "داعش" الإرهابى من ناحية ومواقع التواصل الاجتماعى من ناحية أخرى، خلال الأيام الماضية، فيما أعلنت مجموعة "أنونيموس" للقراصنة الإلكترونيين، عن قرب معركتها المصرية للقضاء على تنظيم "داعش" بشكل كامل. وفاجأ تنظيم "داعش" الإرهابى، مواقع التواصل الاجتماعى، بتطوير استراتيجية إعلامية على تلك المواقع، لتسهيل التواصل مع عناصره، والهيمنة على العالم الإلكترونى، فى حرب ربما تُعد الأشرس من نوعها، حسبما قال مايكل سميث المؤسس المشارك لشركة "كرونوس" الاستشارية المتخصصة فى مجال استشارات الأمن القومى، والمستشار لدى الكونجرس، فى تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسى". وذكرت المجلة أن أنصار داعش أطلقوا مؤخرًا تطبيقًا ذكيًّا خاصًّا بأنظمة "أندرويد"، فى إطار تطوير وتوسيع وجوده الافتراضى كتكتّل أو كتنظيم إرهابى على شبكات التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام الحديثة، والرد على غارات قوات التحالف الدولى بقيادة أمريكا والدول الأوروبية على معاقله فى سوريا والعراق، بشن حرب من نوع آخر فى العالم الافتراضى. ويفتح التطبيق طريقًا مباشرًا أمام مستخدميه، للحصول على آخِر الأخبار والمستجدات فيما يخص نمط الحياة فى الدولة الإسلامية، وحول الأراضى التى سيطر التنظيم عليها، فضلًا عن وجود بوابة "وكالة أنباء الأعماق"، التي تحتوى على أخبار يومية وصور عاجلة وتقارير مصورة، إضافة إلى إصدارات "داعش" المرئية، المرتبطة بعملياتهم و أفلامهم الدعائية والترويجية. يأتى ذلك بعد أيام من تصعيد شركات مواقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر"مساعيها للتصدى لما يبثه "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية من دعاية ومحاولات لتجنيد مقاتلين جدد عبرها، فى سرية شبه تامة، لتجنب خلق انطباع أنها تساعد السلطات بالقيام بدور "شرطى العالم" عبر سيطرتها على شبكة الإنترنت. وأعلن موقع "فيسبوك"، إغلاق حساب يعتقد أنه يخص تشفين مالك، التى شاركت مع زوجها في الهجوم الدامى فى سان برناردينو، الذى سقط فيه 14 قتيلًا، ويحقق فيه مكتب التحقيقات الاتحادى الأمريكى بوصفه "عملًا إرهابيًّا". وقبل الحادث بيوم واحد، التقى رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس ومسؤولون من المفوضية الأوروبية فى اجتماعين منفصلين، بمسؤولين من "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر"، وشركات أخرى للمطالبة بسرعة التحرك فيما تصفه المفوضية "بالتحريض على الإرهاب وخطاب الكراهية عبر الإنترنت"، وذلك بعد أيام من هجمات باريس الدموية، التى أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها. وتحاول شركات مواقع التواصل الاجتماعى أن تنفى عن نفسها وصف "صديق الحكومات"، حيث وصفت سياساتها بأنها صريحة ومباشرة، فهى تحظر أصنافًا بعينها من المحتوى بما يتفق مع شروط الخدمة التى تقدمها، وتحتاج صدور أمر قضائى لإزالة أي شىء أو لمنع نشر شىء ما. ويمكن لأى مستخدم أن يبلغ عن أى محتوى بحاجة للمراجعة أو لاحتمال إزالته. وقال موظفون سابقون فى شركات مواقع التواصل الاجتماعى لوكالة "رويترز" إن الشركات الثلاثة تخشى إذا أعلنت على الملأ المستوى الذى تتعاون به مع وكالات إنفاذ القانون فى العالم الغربى، أن تواجه مطالب لا نهاية لها من مختلف دول العالم، بالتعاون معها بالقدر نفسه. كما يقلقها أن ينظر إليها المستهلكون باعتبارها من أدوات الحكومات، والأسوأ من ذلك أنها تخاطر إذا كشفت بالضبط عن كيفية عمل وسائل الفحص فيها، بأن تزداد معارف المتشددين الماهرين في استخدام وسائل التكنولوجيا عن كيفية التغلب على نظمها. إلى ذلك، تعتقد "فورين بوليسى" أن التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش دأبت على استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا، وتوظيف جميع منصات التواصل الاجتماعى مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" وغيرها، للترويج لفكرها ومعتقداتها المتطرفة، والوصول إلى مجندين ومقاتلين محتملين، الذين يتواصلون مع "داعش" عبر برامج المراسلات المختلفة، مبرهنة بذلك الدور الفعال والقوى الذى يمكن أن تقوم به تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، لجماعة إرهابية متعددة الجنسيات. وتضيف المجلة أن العلاقة التى تربط تطبيق "أعماق" بالجماعات والتنظيمات الإرهابية غير واضحة المعالم على وجه الدقة، إلا أن "وكالة أنباء أعماق" كانت أول من أعلن عبر تطبيقها تبنِّى تنظيم داعش مسؤوليته عن حادث إطلاق النار فى ولاية كاليفورنيا الأسبوع الماضى، والتى أسفرت عن مقتل 14 شخصًا. ويعكس التطبيق الإلكترونى غزو داعش الإلكترونى لعالم تقنية المعلومات، وانتشاره فى فضاءات شبكات التواصل الاجتماعى، إذ أكد خبراء ومراقبون أن "داعش" أصبح من أكثر التنظيمات استغلالًا لشبكة الإنترنت. لكن حقيقة سيطرة "داعش" وغيره على مواقع العالم الافتراضى أكثر صعوبة وتعقيدًا بكثير؛ إذ لفتت المجلة إلى عدم قدرة معظم وكالات الاستخبارات الغربية على التصدى لوجود تلك الجماعات الإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر و"فيس بوك" وغيرها، حتى أن مجموعة المخترقين العالمية الأنونيموس قامت بشن هجمات إلكترونية موسعة على عناصر تنظيم الدولة، ضمن جهود منسقة من أجل الإبلاغ عن الحسابات الموالية لداعش في تويتر وفيس بوك، بهدف إغلاقها ومسح كل محتوياتها. وكشفت مجموعة الأنونيموس خلال جهودها في التصدى ل"داعش" عن وجود رابط تطبيق "أعماق"، حيث يتبادل أعضاء داعش والجماعات الجهادية، الرابط فيما بينهم على موقع التواصل الاجتماعى. ومن أبرز جوانب قضية الدعاية غير المفهومة، عدد الوسائل التي تتعامل بها شركات وسائل التواصل الاجتماعي مع المسؤولين الحكوميين. وتقول "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر"، إنها لا تعالج الشكاوى الحكومية بشكل مختلف عن الأسلوب الذى تتعامل به مع شكاوى المواطنين، ما لم تحصل الحكومة على أمر قضائى. والشركات الثلاث من بين عدد متزايد من الشركات ينشر تقارير شفافية منتظمة، تلخص عدد الطلبات الرسمية من المسؤولين، فيما يتعلق بالمحتوى الموجود فى مواقعها، لكن مسؤولين سابقين ونشطاء ومسؤولين حكوميين يقولون، إن ثمة سبل للالتفاف على ذلك. ومن أبرز هذه السبل أن يشكو مسؤولون أو حلفاء لهم من تهديد أو خطاب كراهية أو احتفاء بالعنف يخالف شروط الخدمة التى وضعتها الشركة وليس مخالفًا للقانون، ومثل هذا المحتوى يمكن إزالته فى غضون ساعات أو حتى دقائق دون الإجراءات والمستندات المطلوبة فى حالة الأمر القضائى. وفي سياق متصل، وسعت شركة "يوتيوب" التابعة لجوجل برنامجًا غير معروف باسم "المبلغون الموثوق بهم"، يسمح لجماعات تتراوح من وحدة شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية إلى مركز "سايمون فيسنتال" لحقوق الإنسان بالإبلاغ عن أعداد كبيرة من مقاطع الفيديو والتصرف فى هذه البلاغات على الفور. كما حقق بعض النشطاء المنظمين على الإنترنت نجاحًا فى حمل مواقع التواصل الاجتماعى على إزالة بعض المحتوى.