أرفض اختزال الوطن فى شخص أيا كان هذا الشخص فالأشخاص زائلون ويبقى الوطن، كلهم ذهبوا الآن صفحات من تاريخ يذكر خطاياهم وجرائمهم وإنجازاتهم، اختزال مصر فى شخص السيسى يحدث من محبى السيسى ومؤيديه ومن معارضيه أيضا، المحبون يعتبرون أى انتقاد موجه للنظام والحكومة والرئيس خيانة للوطن ويريدون تأييد طول الوقت وأى إخفاق أو أزمة ترجع إما إلى مؤامرة كونية أو دولية أو سلوكيات شعب ناقص "رباية"، ومن يكره السيسى تظهر شماتته مع أى إخفاق أو أزمة رغم أن هذه الأزمة لها ضحايا مصريين، وأنها تنال من مصر . مصر لن تنهض بدون معارضة قوية تراقب وتنتقد وتوجه، معارضة عينها على مصلحة الوطن، وعلى محبى الرئيس أن يتقبلوا وجود معارضين للسيسى ونظامه طالما هدف الجميع مصلحة مصر. خلال الأيام الماضية توقفت عند عدة صورة وتساءلت كيف شاهد الرئيس هذه الصور وكيف تعامل معها ؟ الصورة الأولى للشاب أيمن على موسى الذى دشن له نشطاء تويتر وفيس بوك حملة تطالب بالسماح له بالخروج من سجن وادى النطرون لإلقاء نظرة الوداع على أبيه المشاركة فى دفنه، تصدر هاشتاج "سيبوا أيمن يدفن أبوه" المشهد الفيسبوكى، وعندما تأخرت استجابة الداخلية وتم دفن الأب، أصبح المطلب "سيبوا أيمن يأخذ عزا أبوه". أيمن شاب عمره 18سنة محكوم عليه بالسجن 15 سنة والجريمة المشاركة فى مظاهرة عام 2013،أيمن بطل رياضى وطالب بالجامعة البريطانية صور أيمن المتداولة على الفيس بوك وجعت قلبى ضحكته صورته مع شقيقه ووالده أسرة كانت سعيدة، الحكم بحبس أيمن 15سنة صدمة كبيرة لم يحتملها الأب، توفى بعد الحكم عليه بشهور، تقدمت الأم بالتماس للسماح لأيمن بالخروج وإلقاء النظرة الأخيرة على والده ولكن جاءت الموافقة متأخرة لتسمح لأيمن بالوقوف فى العزاء، عشت مشاعر الأم التى خرج ابنها لساعات لتقبل العزاء ليعود بعدها إلى جدران السجن. لحظات قاسية ربما ظلت عيونها مفتوحة لتملأ نظرها من ملامحه فقد لاتسمح لها الظروف برؤيته مرة أخرى، وربما تموت قهرا كما مات والده وتصبح الأمنية "سيبوا أيمن يدفن أمه"، هل شاهد الرئيس السيسى صورة أيمن وأسرته التى كانت سعيدة، وهل فكر فى مستقبل أيمن عندما يخرج بعد انقضاء مدة الحبس كيف ستكون علاقته ببلده، لماذا لايأمر الرئيس بمراجعة الأحكام الصادرة ضد الشباب، من أجل مصر، أى مستقبل لوطن يقضى فيه شباب زى الورد أحلى سنوات عمره فى السجون ؟ لماذا لايقررالرئيس-بصفته رئيسا للجميع-بتنظيم لقاءات مع هؤلاء الشباب والحوار معهم؟ لماذا لايتخذ قرارا يعيد الأمان لأسر مصرية غاب شبابها خلف السجون. تجريس صلاح دياب. الصورة الثانية التى توقفت عندها الأيام الماضية صورة رجل الأعمال صلاح دياب مكبلا بالكلبشات ونشر الصور، قضية صلاح دياب تدرجت كالتالى قرار النائب العام يوم الجمعة 6 نوفمبر بالتحفظ ومنع التصرف فى أمواله وممتلكاته، ويوم الأحد 8 نوفمبر القبض عليه فجرا وتقييد يديه –رغم أن الرجل بلغ من السن ما لايسمح له بالجرى هربا، الكلبش الذى لم يوضع فى يد مبارك ورموز حكمه –وقت أن كانوا متهمين بقتل المتظاهريين ونهب مصر- وفى وقت الفوران الثورى فى هذا الوقت ظهرت أصوات تتساءل عن غياب الكلابشات وكان الرد وقتها إن وضع الكلابشات تصرف مناهض لحقوق الإنسان، هذا المبرر الحقوقى غاب عند القبض على صلاح دياب ونجله،المهم أن تهمة صلاح دياب ونجله كانت حيازة أسلحة ورشاشات إلى غير مرخص للأفراد بامتلاكها وهى تهمة ليست هينة، نختلف حول الأسلوب المهين بالقبض على صلاح دياب وتعمد تجريسه، ونتفق حول خطورة الاتهام لو ثبت صحته، ولكن المفاجأة الإفراج عنه بعد ثلاثة أيام وإلغاء قرار فرض الحراسة ومنع التصرف فى أمواله باستثناء مشروع واحد. تجريس صلاح دياب ونشر صورته مكلبشا حمل رسالة سلبية لرجال الأعمال فى وقت يعانى الاقتصاد المصرى أزمة، حاول الرئيس أن يقلل من تأثيرها عندما قال خلال زيارته لشرم الشيخ "خلينى أقول كلمة لرجال الأعمال ماحدش يقدر يمسكم فى قانون بيحكم.. البلد بلدهم وبلدنا كلنا ليس فيها غير القانون وأى شىء سيئ أو فيه إهانة أنا لا أقبلها". كلام السيسى محاولة لتطمين رجال الأعمال وصلت لحد التحصين "ماحدش يقدر يمسكم"ويبدو منها إنه فوجئ بما حدث مع صلاح دياب. أما صلاح دياب فقد تضمنت مقالته بالمصرى اليوم إشارة إلى إنه قال كلاما حمل انتقادا وصل إلى الرئيس نفهم من مقال صلاح دياب –الذى أكد فيه حبه للرئيس- أن ماحدث معه شد أذن لرأى أبداه. عندما تغيب المعلومات تظهر التكهنات وفى قضية صلاح دياب غابت المعلومات فموضوع أراضى الدولة واستغلالها فى أغراض غير المخصصة لها، مثارة منذ عام 2011، وهى تهمة موجهة لكثير من رجال الأعمال، المبرر المعلن لم يكن مقنعا فكان طبيعى أن تظهر التكهنات المثارة عند القبض عليه هى إن توجه الصحيفة التى يمتلكها "المصرى اليوم" المعارض هو السبب، والدليل أن الصحيفة ألغت مقالات الكتاب المعارضين،أما الإفراج عنه فقد كانت التكهنات أنها بتدخل من أمريكا لرجل أعمال يستحوذ على 70%من توكيلات الشركات الأمريكية فى مصر ونشاط شركاته يتسع من البترول إلى الزراعة والمنتجعات والإعلام. عندما تغيب المعلومات تظهر التكهنات، من حق الناس أن تعرف. ولكن هل توجد علاقة بين صورة أيمن موسى وبين صورة صلاح دياب مكلبشا؟ نعم من حق الناس أن تسأل هل يستحق شاب شارك فى مظاهرة الحبس 15سنة؟ وهل يطلق سراح أب وابن يمتلكان أسلحة غير مرخص للأفراد بحيازتها ؟ ------------ [email protected] المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية