يبدو أننا نسير بخطوات متسارعة نحو عصر السيارات ذاتية التحكم،وتشير الدلائل إلى أن الإقبال الجماهيري الواسع حول العالم على شراء وامتلاك هذه السيارة سيكون أبرز نقطة تحول في تاريخ صناعة السيارات، بما يحمله من منافع كبيرة للمجتمع. لكن في المقابل فإن انتشارالسيارات ذاتية التحكم، يضعالشركات المصنعة والهيئات ذات العلاقة والجهات المسؤولة عن تشغيل البنية التحتية اللازمة، والمستهلكين بوجه عام، أمام مجموعة من المشكلات والمسائل الفنية والتنظيمية الملحة التي تجب معالجتها قبل طرح هذه السيارات للجمهور وعلى الطريق! ولأن الأمر يستحق العناء، فإنه يتطلب تعاون جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المشترون! لحل هذه المشكلات ومعالجة هذه المسائل، كما ورد في تقرير أخير صدر عن "مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب". ولتوضيح المقصود بالقول إن الأمر يستحق العناء، فإن اعتماد السيارات ذاتية التحكم، يمكن أن يساهم في تقليل أعداد الوفيات بسبب حوادث الطرق، والتي تصل إلى 30 ألف حالة في الولاياتالمتحدة وحدها. إضافة إلى خفض زمن التنقل على الطرقات بنسبة تصل إلى 40٪، أو بالأرقام توفير ما يصل إلى 80 مليار ساعة بسبب التنقل والازدحام، والحد من استهلاك الوقود بنسبة تصل أيضاً إلى 40٪، وبحسبة أخرىيمكن أن تصل القيمة الإجمالية لتلك الفوائد المجتمعية إلى 1.3 تريليون دولار في الولاياتالمتحدة وحدها، وفقاً لدراسات مختلفة! لكن هناك تحديات عدة تواجه الدخول إلى عصر السيارات ذاتية التحكم، وهنا يجب على الشركات العاملة في مجال صناعة السيارات التعاون للتغلب على التحديات التكنولوجية، بما في ذلك التي تتعلق بالأمن الرقمي، والخرائط عالية الدقة، وحلول الاتصال بين المركبات، وبين المركبات والبنية التحتية. فضلاً عن تعاون الجهات الحكومية فيإصدار تراخيص المركبات، والأطر التنظيمية اللازمة للدخول إلى عصر السيارات ذاتية التحكم. ولذا يعد تعاون جميع الأطراف أمراً ضرورياً، لأننا باختصار سنشهد إعادة صياغة ملامح قطاع صناعة السيارات بأسره! من جهة أخرى فإن قبول الناس أو المستهلكين، لهذا النوع من السياراتأمر أساسي لبدء عصر السيارات ذاتية التحكم. وإن كان الكثيرون متحمسينلهذا النوع من السيارات، إلا أنهم في الوقت نفسه يشعرون بالقلق إزاء معايير السلامة والأمن الرقمي. وقد يؤدي حادث خطير واحد، حتى لو لم تكن السيارة ذاتية التحكم المتورطة فيه على خطأ، إلى تأخير دخول عصرالسيارات ذاتية التحكم، كما أن الجهات المتضررة من هذه السيارات، مثل شركات سيارات الأجرة أو سائقي الأجرة، قد تشكل مصدر معارضة لاعتمادها. ولذا يجب، مرة أخرى،على الشركات المصنعة للمعدات الأصلية، والداخلين الجدد إلى القطاع، وغيرهما من اللاعبين في قطاع السيارات ذاتية التحكم، العمل بشكل وثيق وفعال مع الحكومات لتوضيح جدوى هذه السيارات. ومن التحديات أيضاً أمام عصر السيارات ذاتية التحكم تهديدات الأمن الرقمي، وتحتاج الأطراف المعنية إلى التركيز على إدارة هذه المخاطر، إذ يجب عليهم التعاون من أجل التعرف على الأنماط الجديدة للاختراقات الرقمية، وتطوير استراتيجيات استباقية لمقاومتها. أما التحديات التنظيمية فهي تختلف باختلاف دول ومناطق العالم، بشكل كبير، ولكن بشكل عام يجب تعديل أنظمة المرور الدولية (اتفاقية فيينا على سبيل المثال)، للسماح بتشغيل السيارات ذاتية التحكم على الطرق العامة، حيث إنها غير قانونية في العديد من الدول في الوقت الراهن. كذلك يجب أن تتطور معايير ترخيص المركبات والتقنيات، للسماح بإدخال هذه السيارات إلى السوق، فعلى سبيل المثال تمنع المعايير الحالية في أوروبا (لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لأوروبا) وغيرها، السيارات ذاتية التحكم من التوفر في السوق. كما يتعين على الحكومات وقطاع تصنيع السيارات التعاون بشكل وثيق، لضمان مواكبة التشريعات للتطور التكنولوجي، لتجنب أي تأخير غير مرغوب فيهقد يؤخر عصر السيارات ذاتية التحكم.