ليس لغزاً ، لكنه اقتران شرطى ..!! فالمآسى تتكرر أيتها العروبة ، وما بالكِ لا تحفظين ذكراكِ الأليمة ولا تستنفرين هِمَمك الغائبة ولا تقترنين بشروطك المنطقية كى تتذكرى وتنهضى. ليتها تثور وتنتفض نخوتكِ من تحت الغبار الكثيف.. ليته ضميركِ يستيقظ من ثُباته العميق ! ذلك الطفل السورى المُلقى على وجهه غريقاً قُبالة أحد الشواطىء التركية - بعد أن غرقت أسرته اللاجئة عبر مياه البحر الباردة طمعاً فى مصير أقل بؤساً مما كان ينتظرهم بأراضيهم- حتماً لابد وأن يُطلِق مئات الاقترانات الشرطية بوعى وعقل الأمة العربية بأكملها بعد رحيله بهذا الشكل الأليم انسانياً . فقط أتساءل.. ألم يُذكرنا (نحن العرب) ذلك المشهد المأساوى بشىء ؟ ألم يستدعِ مئات الصور المؤلمة من ألبوم الصور العربية ؟ هل نسينا (محمد الدُرة)، ذلك الطفل الفلسطينى المغدور بأيدى الصهاينة ، اللذين لم يقتلوه فحسب بل اغتالوا شعور الأبوة داخل آباه البائس، الذى لم يجد سوى جسده ليستتر به طفله ، ولم يفلح فى تخليصه وحمايته من رصاصهم السافر، وكأنهم بتلك اللحظة أرادوا اغتيال كرامة العرب اللذين أرتضوا هتك عرض الانسانية دون أن ينبثوا بحرف، وكأنه خنوع مستحدث لم يكن لنا عهداً به . تقافز إلى ذهنى فوراً (الدُرة) الذى تناسيناه وتناسينا ذنبه ، فجاء ( ايلان ) شقيقه فى العروبة المُغترِبة يوقظ ذنبه القابع بضريح الضمير العربى .. جاء من خلف رُكام سوريا الحبيبة ليُهَشِم صقيع القلوب وجفاء الأرواح بعد أن قذفه البحر من جوف وطن يحترق هرباً من جحيم الحروب، وإذا بأقدراه تُلقيه بلا هوية على الشطآن الصماء ، ليكون صفعة دامية على وجه العرب أجمع . تراه ذلك الملاك الراقد على وجهه ساكناً صامتاً يمزق قلوب المارة ويُعلِق أحمال وطنه المشتت فى عنق الجميع. يرقد لا حول له ولا قوة كما المُغشى عليه فى سكينة وكأنه نائماً فحسب. تراه البحر وقد ترفق به ، فأخرجه كاملاً غير منتقِصاً الأعضاء، فى حين ضنت عليه عروبته بجدران منزل آمن على أرض وطنه الذى اُغتِيل بمباركة عمياء وصمت جليدى . كلما مرت عيونى المٌثقلة على صورته المُوجِعة احتبس هوائى برئتيي.. كلما رأيت يديه الصغيرتين تتدلى وهو مَحمولاً على الأيدى كى يلقى مثواه الأخير، تخيلته يتضرع إلى ملك السموات طلباً فى رحمة وطنٍ وشعبٍ يستجيران ولا يسمعهما أحد إلا الله ، وما بكثير على ملك الكون تلبية استجارته الملائكية من العالم الأخر . رُحماك يا الله .. تلطف بنا نحن العرب، وأَنزِل سكينتك على القلوب المحترقة.. اللهم لا تجعل أطفالنا يموتون كالحيوانات الضالة، فوالله ما أتوا لهذه الدنيا كى يرحلوا منها بهذا الشقاء ..اللهم أَفِق العرب من هذى الفرقة واجعلهم يا الله عوناً لبعضهم البعض، فالمصائر المتشابهة ليست ببعيدة، وعلينا أن نحذر صمتاً ليس له كفارة. دَعوا طوفان الغضب يُبَدِل صمتنا الجبان بنخوة عربية ما كان لها يوماً أن تٌهان. (لن نكون شرفاء.. ما لم نكن أوفياء ) فاخلِصوا لعروبتكم وكفى من الهدر ما كان ! المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية