كثير منا شاهد حديث الصباح والمساء، أو قرأها كرواية لشيخ الرواة العرب سي نجيب محفوظ، وربما قرأ غير الدرعميين رائعة التعمق في دهاليز الشعر منذ الجاهلية لعمنا طه حسين "حديث الأربعاء"، وهناك ملايين سمعوا أثير الست للسماوات العلا، وهي تغني "حديث الروح للأرواحيسري وتدركه القلوب بلا عناء.. هتفت به فطار بلا جناحٍ وشق أنينه صدر الفضاء "، وملايين مثلهم سلطنهم مفيد فوزي حينما يسأل ضيفا عزيزا سؤالا "رخم" بنبرة ممطوطة في حديث المدينة، وخذ أيضا حديث الثلاثاء الذي كان يلقيه حسن البنا في المركز العام للجماعة، والذي فخخ عقول أجيال بأكملها ثم أغلق الأبواب عليها، في انتظار "الصفارة"، هيت لك! وربما جلس أحدكم في كافيه حديث المدينة 2 بجامعة الدول حيث تقعد الخليجيات يمصمصن لياه الشيش، فاكهة مما يتخيرون، من أسفل أنقبتهن، والعيون الكحيلة فنونٌ وفتون، وعندك حديث الساعة، وحديث العواصم، وحديث اليوم، وحديث الذبابة، وحديث الرئيس، وحديث صححه الألباني، أحاديث وأحاديث. وقد أحببت الآن، بينما الشمس تستعر حرارة ولهيبا في ظهيرة أغسطس المرتد، أن أخلد هذا الوقت المميز بالهروب من الجو الحراري القاتل وبكتيريا الالتهابات السحائية، من رائحة عرق الشوارع والمواصلات، ومن جو الخناق والتكدس والسباب المتقد كشمس الظهيرة إلى دش بارد، ثم غداء طازج، تنكات عصائر ومياه ساقعة، وأخيرا الأنتخة بالبوكسر في مصب مروحة تاتا صيني، تزيّق تارة، وتشخّر تارة، ومن أمامي قناة فنية، وقنوات أخرى شبحية، أراها في خفوت، إنه حديث القيلولة. كانت أمهات زمان يضربن صغارهن من أجل القيلولة، بالجملة الشهيرة: العفاريت بتئيل! يعني غصب عنك ادخل نام أو افتح عين وغمض عين، رغم أن الحديث المشهور يتعارض مع قيلولة العفاريت .. "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل".. وقد ذكرت القيلولة في موضعين قرآنيين "أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا" و"حين تضعون ثيابكم من الظهيرة". سأدخل وأفعل كل الخطوات السابقة، هروب وشاور وأكل وشرب ثم أمدد قدمي في مصب رياح المواتير، والفواتير، لكني لا أقدر على النوم ولا نصفه ولا ثلثه.. إلخ، رغم إرهاقي الشديد، وتوافر كل وسائل الراحة.. فجأة وبالتدريج.. هممت أفكر، أحلق، أجمح، وإليكم حديث القيلولة. قيلولة للعقل، كم من الأشخاص سلموا عقلولهم للآخر/ الوحي المطلق يعبث فيها ويجول وويصول؟! حتى توقفت تلك العقول كلية مع الزمن والزن عن استقبال الجديد، المختلف فضلا عن المتعارض، وران عليها ما كان يسمعون، عقول في قيلولة عظمى وعلى جميع المستويات من جماعات متطرفة لجماعات "متكيفة"، وربما يحمل أستاذ جامعي عقلا كهذا في مرجعيته وحدود تفكيره، الناقد العظيم فلان الفلاني لا يستطيع الفكاك من النظرية البنيوية، والرئيس المش فلان الفلاني مازال يفكر بطريقة دونت ميكس. وقيلولة للقلب.. تسلمه لغيرك، وربما لا يحبك، ليس مخلصا مثلك، يخدعك، بفكر ف اللي نسيني وبهرب م اللي فاكريني، ثم يهجرك ويرحل، تاركا فؤادك في صدمة.. ربما تشرب حتى تسكر، محاولا النسيان، ولن تنسى، لا تملك القدرة السوية على الحب من جديد، فاشل عاطفي، وكأنما الحب يأتي مرة في العمر لا مرتين، هكذا تظن، فإلى متى ستطول قيلولة القلب؟ تتساءل؟ ولا تستطيع الفكاك.. حواليك كل عناصر الأنتخة ونكأ الجراح، لكنك شعوريا لا شيء، مستنفد كإناء عصير جاف، أول الحب نهايته، وقناعتك الوحيدة أن لديك الطاقة الكامنة، مصدر العاطفة، وقد تحب أو تبعث عاشقا من جديد، وحتى الآن تمر السنون، قناعتك لم تشف، وغليلك لم يرو، تلعب "ف فونك"، تلعب بديلك، مازلت في قيلولة حسية تنتظر المعجزة، رغم طوابير العوانس وأحاديث المحبطات والطامعات، فضلا عن "الحك" وأنصار نظرية " اصطادي عريس يا هبلة"! معجزة.. نعرج على قيلولة الإعلام والصحف، فكثير من المواد الصحفية التي تعتمد عليها مواقع معينة معروفة كنوافذ للشهرة لا تخرج عن "وحين تضعون ثيابكم.."، أخبار من نوعية كارداشيان تفاجئ جمهورها بصور عارية خلال الحمل، ومايا خليفة تأكل عيشها من عرق "هانشها"، حتى الmaterial السياسي مبهوت عليه غالبا، ملحدون يؤسسون الحزب العلماني المصري، رغم أن أغلب من أعرفهم شخصيا ووقع للحزب متدينون وسطيا، مسلمين ومسيحيين وربوبيين، وللحصول على أعلى القراءات والشير، ذكر ويبسايت إخباري في شكل مقال أن الرئيس السيسي يقيل محافظ الإسكندرية بسبب زوجته، وهلم أنتخة واستخفافا بالرأي العام ومعايير المهنية، وتصيد خبر افتتاح محافظ الشرقية لإحدى المشروعات متناهية الصغر والتي تشرف الدولة عليها وتمول مستحقيها، لكونه "كوافير"! وكأن الأخبار الأحسن مقيلا هي عماد الstyle book الإخباري في هذه الأماكن الواضعة ثيابها دوما في الظهيرة وغير الظهيرة! قيلولة سينمائية تحت رعاية السبكي وحاشيته، المتصدر صناعة السينما وشبابيك التذاكر في الآونة الأخيرة، قيلولة سياسية وحزبية وصحية وتعليمية، وتشريعية و50% رئاسية.... استفقت من قيلولتي، وقد دونت كل ما تكشف لي خلالها، تحت عنوان "حديث القيلولة الخنيق"، لشرف الزمان والمكان، وبالتأكيد أضغاث هلاوس ومزاح سخيف في منتصف نهارAugust، وأي تشابه مع الواقع وشخصياته فمن قبيل الصدفة البحتة والكوميديا العارية لا خيال المؤلف المشهد لاسقف للحرية المشهد لاسقف للحرية