اقرأني لتراني ذكريات أولى ثانوية عامة (5) تخرجت من جامعتى الإقليمية بتفوق أثبت صحة وجهة نظر أبوى فى رفضهم لسفرى للدراسة فى القاهرة. لكن المشكلة الحقيقية فى الجامعة الإقليمية كانت فى جودة دراسات ما بعد التخرج، أى التمهيدى والماجستير والدكتوارة. فالتمهيدى ماجستير الذى لابد من إجتيازه للتسجيل للماجستير ليس بالضرورة على مستوى يؤهل الباحث بالفعل لما قد يحتاجه من معرفة وعدد الحاصلين على درجة الأستاذية ليس بالضرورة عدد كاف فى كل التخصصات، وبالتالى لابد من الإستعانة بأساتذة فى جامعات أخرى. ظهرت هنا أزمة نظرة الجامعات الأم لخريجى الجامعات الإقليمية، فهى نظرة بالضرورة دونية وتسلتزم جهداً فردياً خارقاً لتغييره.ورغم انه حٌكم فى المطلق لايليق بأساتذة الجامعة إلا أن له ما يبرره فى بعض الأحيان.ويبدو أنه مايشبه الإتجاه العام فالجامعات الحكومية المعترف بها فى مصر هى جامعة القاهرة أوعين شمس ومن بعدهم الأسكندرية وفى بعض التخصصات ظهرت جامعات إقليمية إشتهرت بتميزها فى مجالات طبية على وجه التحديد. لكن النزعة العامة تشبه السؤال التقليدى " إنت اهلاوى ولا زملكاوى؟" لو قلت أنا غزل محلاوى لنظر الناس لك بشك وريبة. من ضمن ما أحزننى لسنوات طويلة كان قبولى كطالبة للماجستير عند الأستاذة العظيمة رضوى عاشور، وحددت معها الموضوع وجمعت المادة العلمية بالفعل ثم بسبب خلاف مع جامعتى حول طالب آخر نابه وفى لحظة غضب عارمة (ندمت عليها الأستاذة بعدها وكانت من القوة والعظمة أن تعتذر لى بعدها بسنوات) رفضت تسجيلى للماجستير بعد قبولى!! النتيجة كانت كثيرا من سوء الحظ فى التسجيل للماجستير، مقترناً بكثير من الأخطاء الشخصية داخل مكان عملى الجديد والسبب الطبيعة الشخصية وقلة الخبرة التى إقترنت بالبقاء فى حماية الأسرة فترة طويلة، ولن ننسى المناخ العام الذى لاتحكمه قواعد أخلاقية حقيقية يمكن الإرتكان إليها. سجلت الماجستير مع أساتذة كرام آخرين ثم تزوجت وإنتقلت للقاهرة، الزواج تفصيلة فرعية للغاية، لا، ربما ليست فرعية تماماً عزيزى القارئ. لكنها ليست ذات قيمة كبيرة فى هذه اللحظة من السرد.الإقامة فى القاهرة والعمل فى طنطا هو قطعة من العذاب كان على أحد أن ينبهنى لخطورته. فلو كنت قد إعتمدت على أن الكثيرين من الأساتذة أغلبهم من الرجال فى مثل حالتى كان لابد أن أدرك ان وضعى كزوجة وأم محتملة يجعل الأمر شائكاً. كنت فى شبابى وبصحة جيدة وكنت أسافر عدة مرات فى الأسبوع لأداء عملى لكن الأمر تعقد فيما بعد. وكنت فى سفرى افكر أحياناً فى غرابة القدر الذى جعل أبى يرفض سفرى للدراسة ويوافق على سفرى للزواج. إجتزت الماجستير بنجاح ممزوج بحزن عميق لما إكتشفته من صعوبة الحياة فى الجامعة وصعوبة الحياة فى القاهرة وصعوبة الحياة بوجه عام والأهم أن أبى كان قد توفى قبيل المناقشة بوقت بسيط. كنت وحيدة للغاية سوى من جنين فى رحمى حضر معى المناقشة فى شهره الثامن. صور الرسائل صور الرسائل