على الرغم من توصل الأطراف المتنازعة فى ليبيا إلي اتفاق موحد لنزع فتيل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي، والتوقيع على مسودة الحوار الليبي الأخيرة التي ترعاها الأممالمتحدة بقيادة مبعوثها الدائم لدى ليبيا برنادينو ليون، فإنه حتي الآن تتوالي العمليات الإرهابية يوما يلو الأخر دون توقف بل بالعكس فقد زادت حدة التوتر فى اليومين الماضيين بصورة غير مسبوقة فى مدينة "سرت الليبية" مسقط رأس الرئيس الذى تم الإطاحة به معمر القذافي. الحكومة الليبية تستنجد بالدول العربية
وتقف الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عاجزة عن التصدي للعناصر المسلحة وعلى رأسها تنظيم"داعش" الإرهابي الذى توغل فى البلاد بشكل لافت، مستغلا حالة التوتر والفوضى التي تعيشها ليبيا عقب الإطاحة بمعمر القذافي، وانقسام السلطة إلي حكومتين وبرلمانيين، إحداهما معترف بها دوليا وتقيم فى مدينة طبرق ويتزعمها عبدالله الثني ويواليها الجيش الليبي ومجلس النواب، والأخرى موازية وتقيم فى طرابلس باسم المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والمحسوبه على جماعة الإخوان المسلمين، والذى يواليه ميلشيات فجر ليبيا.
ورغم الصراعات بين الأطراف المتناحرة فى البلاد، إلا أن كلا الطرفان يقفا عاجزان على مواجهة "داعش" منذ أن دخلت ليبيا. ومع عجز الحكومة المعترف بها دوليا عن مواجهة التنظيم الإرهابي، يتوالي الهجوم عليها من قبل المواطنين، معتبرين أنها فشلت في حل الأزمة الليبية، الأمر الذى دفع رئيس الحكومة عبدلله الثني إلي التفكير فى تقديم استقالته أخر الأسبوع الماضي ولكن البرلمان الليبي رفضها، لحين تشكيل حكومة وفاق وطني تدفع البلاد إلي الاستقرار.
في هذا الصدد، أعلنت الحكومة الليبية، اليوم السبت 15 أغسطس 2015، عجزها عن التصدي للجماعات الإرهابية بسبب حظر توريد السلاح عن الجيش. وناشدت الحكومة المؤقتة الدول العربية التدخل الفوري بتوجيه ضربات جوية محددة لتمركزات تنظيم داعش في سرت.
وناشدت الحكومة المؤقتة في بيان لها اليوم، الدول العربية الشقيقة ومن واقع التزاماتها تجاه الأخوة العربية وتطبيقًا لقرارات الجامعة العربية بشأن اتفاقيات الدفاع العربي المشترك أن توجه ضربات جوية محددة الأهداف لتمركزات تنظيم داعش الإرهابي بمدينة سرت بالتنسيق مع جهاتنا المعنية. تخاذل المجتمع الدولي.
واتهمت الحكومة، في بيانها، المجتمع الدولي بالتخاذل والصمت المريب تجاه جرائم داعش في ليبيا. كما جددت الحكومة مطالبتها الدول الصديقة والحليفة بممارسة مزيد من الضغوط على مجلس الأمن الدولي لرفع الحظر توريد السلاح عن الجيش وهو يخوض معركته ضد الإرهاب.
وأرسلت الحكومة الموقتة، مساء أمس، رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي عبر مندوب ليبيا السفير إبراهيم الدباشي حول الوضع الخطير في مدينة سرت. وحملت الرسالة غضب الحكومة الموقتة إزاء الموقف السلبي للمجتمع الدولي ومجلس الأمن منتقدة حظر السلاح على الجيش الذي يفرضه المجلس وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين وفقًا للقرار رقم 2214«2015» خاصة الفقرتين الثالثة والسابعة.
كانت أعلنت مصادر ليبية اليوم السبت أن الحكومة المؤقتة المعترف بها دوليا تقدمت بطلب عاجل إلى جامعة الدول العربية لعقد جلسة طارئة على مستوى المندوبين إثر الأحداث الأخيرة في سرت.
وذكرت "بوابة الوسط" الليبية أن مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية، عاشور بوراشد، تقدم بطلب عقد جلسة عاجلة إلى الجامعة العربية لمناقشة إمكانية رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي ودعم الحكومة في معركتها ضد الإرهاب.
الجامعة العربية تدعو لايقاف جرائم داعش
على غرار ذلك، دعا نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية إلى اتخاذ تدابير عربية ودولية لإيقاف عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" في سرت.
وقال العربي في بيان له إنه بحث مع الحكومة الليبية تطور الأوضاع في مدينة سرت، وما يتعرض له الأهالي من جرائم إبادة على يد تنظيم داعش.
وصرح وزير الخارجية الليبي محمد الدايري أنه تباحث عبر الهاتف مع نبيل العربي الأوضاع المتصاعدة في سرت وما يحدث من جرائم إبادة وانتهاكات على يد "داعش" ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا وتهجير قسري للمدنيين.
وأكدت مصادر محلية ليبية إقدام تنظيم "داعش" على صلب 12 شخصا في مدينة سرت وفصل رؤوسهم عن أجسادهم، في الوقت الذي تواصلت فيه المعارك بين عناصر التنظيم ومقاتلين من المدينة.
مجازر داعش فى سرت
وتشهد سرت منذ الأربعاء الماضي، معارك مسلحة بين أهالي المدينة، و"داعش"، في محاولة من الأهالي، لاستعادة المدينة الواقعة تحت سيطرة التنظيم.
أشارت مصادر إلى العثور على 12 جثة مصلوبة ومفصولة الرأس قرب إحدى المدارس بطريق مراح في ضاحية سرت الشرقية، مضيفة أنه لم يتم التعرف حتى الآن على هوية الجثث، في وقت نزحت فيه كافة العائلات من سكان الحي رقم 3 بسبب تهديدات التنظيم وقصفه العشوائي على الحي.
وأعرب أهالي المدينة، وخاصة سكان الحي رقم 3 الذين أجبروا على النزوح عن خوفهم من أن ينفذ التنظيم عمليات إعدام جماعية في حق العشرات من الشبان الذين اعتقلهم خلال المواجهات المسلحة التي دارت طوال الأيام الماضية.
وأصبحت مدينة سرت ميدانا لمعارك طاحنة في الأيام الماضية، وتحدثت تقارير إعلامية عن سقوط أكثر من 100 قتيل، وحرق مستشفى بداخله جرحى على يد "داعش".
وسحقت الدولة الإسلامية على مدى الايام القليلة الماضية تمردا شاركت فيه جماعة سلفية وسكان مسلحين بهدف طردها من المدينة. واستغل تنظيم داعش حالة الفراغ الأمني للتوسع في ليبيا مثلما فعل في سوريا والعراق.
ونفذت الحكومتان ضربات جوية على الدولة الإسلامية في سرت في الايام القليلة الماضية لكن قدراتهما محدودة وتستخدمان طائرات قديمة تعود لفترة القذافي ولا تمتلكان مدافع دقيقة التوجيه.
ولم يتضح كيف سترد الدول العربية على الطلب الليبي، وكان تحالف عربي بقيادة السعودية بدأ في شن ضربات جوية في اليمن في أواخر مارس الماضي في مسعى لمنع الحوثيين المتحالفين مع إيران من التمدد في ارجاء البلاد.
من جانبها أدانت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، هجمات تنظيم داعش في مدينة سرت شرقي طرابلس بليبيا.
وقالت البعثة في بيان لها، اليوم السبت، نشر على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت، "في الوقت الذي اجتمعت فيه الأطراف الليبية الرئيسية في جنيف، لعقد جولة حوار، بغية إيجاد تسوية للأزمة في البلاد، قامت الجماعة الإرهابية داعش، مرة أخرى بشن هجماتها من أجل فرض حكمها بالترويع والإرهاب".
وأوضحت البعثة الأممية، أنها "حذرت مرارًا من خطر داعش المتزايد، والتهديد الذي يشكله على وحدة ليبيا والليبيين بغض النظر عن انتماءاتهم"، مؤكدة أنه "آن الأوان كي ينبذ الليبيون خلافاتهم، ويتضافروا لمواجهة آفة داعش".
وحثت البعثة، الأطراف الليبية على إتمام الاتفاق السياسي بشكل عاجل، وتشكيل حكومة وفاق وطني، يكون بإمكانها بمشاركة المجتمع الدولي، التصدي لتهديد داعش، ومواجهة التحديات التي تواجه البلاد".
مصر تطمئن
وفي هذا السياق، وصل إلى القاهرة اليوم السبت شعيب يوسف الصابر رئيس هيئة عمليات الجيش الليبي قادما على رأس وفد عسكري رفيع بطائرة خاصة من طبرق في زيارة لمصر يبحث خلالها تطورات الوضع في بلاده.
وصرحت مصادر مطلعة شاركت في استقبال الوفد الليبي: سيلتقى الوفد الليبي خلال زيارته مع كبار المسؤولين لبحث آخر التطورات في ليبيا على ضوء ممارسات تنظيم داعش الإرهابي في مدينة سرت الليبية والمساعدات التي يمكن أن تقدمها مصر لليبيا.
من جانبه أجرى سامح شكري وزير الخارجية اتصالاً مع محمد الدايرى وزير خارجية ليبيا لمتابعة تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا.
وصرح أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أشار إلى أن الاتصال تطرق إلى الأوضاع الأمنية المتدهورة في مدينة سرت الليبية، والانتهاكات الانسانية المروعة التي يقوم بها تنظيم داعش ضد المدنيين العزل، مشيراً إلى أن الاتصال تناول تنسيق الموافق المصرية الليبية في إطار جامعة الدول العربية والأممالمتحدة لدعم القضية الليبية.
وأضاف المتحدث الرسمي بأن الوزير شكري أكد لنظيره الليبي على التزام الدبلوماسية المصرية بالتحرك بكثافة على المسرح الدولي خلال الفترة القادمة لضمان توفير الدعم الدولي للحكومة الليبيبة الشرعية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2214 لعام 2015، والذي يؤكد على ضرورة تقديم الدعم والمساعدة للحكومة الليبية، بما في ذلك تزويدها بالمساعدات اللازمة في مجال الأمن وبناء القدرات.