صممه المعماري القبطي سعيد الفرغانى سر بناء جامع أحمد بن طولون في القاهرة "أريد أن أبني جامعاً من مال حلال، جامعاً إذا غرقت مصر أو احترقت بقي".. كلمات قالها أحمد بن طولون، عندما أراد بناء مسجده الجامع عند تأسيسه للدولة الطولونية في مصر، قال هذه الجملة لأنه كان من المعتاد أن يتم نقل الأعمدة الجيرانيتية والرخامية من المعابد والأديرة والكنائس القديمة ليتم بناء المساجد بها. وأثار ذلك الشك في نفس بن طولون بأن يكون جامعه من مال حرام، ولكن بعد تفكير طويل ومع عدم وجود حل قرر أن يسير على نفس نهج من سبقوه في البناء مبرراً الأمر بأن الله سيسامحه ويغفر له نظراً لأنه يريد بناء بيتا من بيوته في الأرض. وكان يوجد في الدولة مهندس معماري قبطي متدينا غيوراً على ديانته المسيحية يُدعى “سعيد بن كاتب الفرغاني” علم بنوايا أحمد بن طولون في تخريب العديد من الكنائس ليبني الجامع فطلب مقابلته، وعرض على بن طولون أن يبني له الجامع ويحقق له فيه الشروط التي جاءت في مقولتةالشهرية. فقام المهندس الفرغاني بعمل ماكيت لما سيكون عليه تصميم الجامع بعد البناء مما أثار دهشة بن طولون الذي بدوره عهد له بالبناء، وبالفعل تم بناء الجامع كما أراد أحمد بن طولون. فاستطاع المهندس الفرغاني أن يبني الجامع بالكامل من دون أعمدة عدا العمودين الحاملين لعقد المحراب تجاه القبلة وعوض عن الأعمدة بالدعامات “كتل حجرية مبنية” لتحمل السقف وبذلك يكون تحقق الشرط الأول وهو “جامعا من مال حلال". ومن ناحية آخرى تم بناء الجامع فوق جبل يعرف بجبل "يشكر” وكانت تلك المنطقة هي أعلى نقطة في العاصمة الطولونية “القطائع” وبهذا يكون الجامع قد حقق الشرط الثاني وهو “جامعا إذا غرقت مصر بقي”، وحقق "الفرغاني" الشرط الثالث عن طريق بناء الجامع من الطوب الأجر “المحروق” وليس "الطوب اللبن"، وعلي مدار السنين تعرضت المنطقة للفيضانات والغرق تارة وللحرق والتخريب تارة اخرى إلا ان الجامع لم يَغرق ولم يٌحرق وبقى فعلياً. وجامع أحمد بن طولون أقدم جامع في مصر، ولا يزال محتفظًاً بجميع عناصره المعمارية، كما يُعد أكبر جامع في مصر من حيث المساحة، الجامع الذي يحتوي على مئذنة لا مثيل لها بين آثار مصر الإسلامية، وعن حياة المهندس، تقول روايات أن بن طولون بعد افتتاح الجامع صعد بالمهندس القبطي فوق سطحه وعرض عليه الدخول في الاسلام، ولما رفض ألقاه من فوق المسجد ليلقى حتفه، إلا أن روايات أخرى نفت تلك الواقعة وقالت إنها تتعارض مع تدين بن طولون وتتعارض مع شخصيتة المتسامحة.