تتمتع المرأة الصحراوية بجنوب المغرب بمكانة خاصة تختلف عن مكانة المرأة في عموم الشرق، فبينما يعد وقوع الطلاق عبئا كبيرا على المرأة في الشرق، فإنه بالنسبة للمغربية الصحراوية مناسبة تعد لها الولائم. ففي مجتمع الصحراوي يتم الاحتفال بالطلاق، كما يحتفل عموم الشرق بالزواج، حيث تقوم احتفالية الطلاق التي يحييها المغنيين، وتستعد النساء للاحتفال برسم الحناء، وقد يصل الأمر إلى عمل دعوات لحضور الطلاق و"زفة" و"زغاريد" و"ولائم" وهدايا وغناء وكافة الطقوس الأخرى الخاصة بالزواج. وتروي الفتيات المغربيات قصصًا مثيرة عن عادات الطلاق في جنوب المغرب عند الصحراويين فتقول "شمس الضحى بريكة" 21 سنة، طالبة، أن "ظاهرة الطلاق عموما في المغرب تنامت كثيرا بعد إصلاح قانون الأحوال الشخصية، فقبل دستور عام 1996 لم يكن للمرأة حق التطليق أو الخلع، إلى أن نص عليها المشرع المغربي فيما بعد، ثم جاءت قانون الأسرة الجديد والذي أثار نقاشا مجتمعيا بين التيارات المحافظة والليبرالية والتي أقرت حق المرأة في الطلاق للشقاق". ووبحسب دراسة لوزارة العدل والحريات المغربية فإنه منذ 2004 وحتى 2014 ارتفعت نسبة الطلاق وكلها طلاق للشقاق. ورأت بريكة أنه ربما يكون التحول المجتمعي، وخروج المرأة للتعليم والعمل وتقلدها مناصب مهمة واستقلالها ماليا وفكريا عن الرجل، ساهم في ارتفاع هذه النسبة. أما المجتمع الصحراوي فيحتفل بالمرأة المطلقة لأنه يرى أنها سنظل مطلوبة للزواج، ويعتقدون أن للمطلقة تجربة في تدبير أمور المنزل والحياة والعلاقات الزوجية. وعلى صعيد آخر قالت "وصال الحمدوشي" 24 سنة، مضيفة "أنا أمازيغية والطلاق عندنا في منطقة ورزازاتجنوب شرق المغرب يعد عيبا كبيرا، فلا توجد امرأة واحدة مطلقة في عائلتي، وطبعا العائلة تبذل كل ما بوسعها وتحاول الإصلاح حتى لا يقع أبغض الحلال عند الله لأن الرجل الأمازيغي لن يتزوج بامرأة مطلقة". وأضافت الحمدوشي أن "الأمر مختلف في المجتمع الصحراوي، فالمرأة المطلقة مهرها الثاني عند زواجها يكون أكثر من مهرها الأول، لأنها مطلوبة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج، وأرجعت ذلك لتوفر الزوجة على تجربة في الحياة وأنها تكون أكثر قدرة على فهمها والتعامل مع الأمور، كما أنها تكون كسبت مالا من طلاقها بخلاف السكن أو الأثاث". أما السيدة "أمينة واجو" ربة منزل فتقول أن "المنطقة الجنوبية في المغرب تعد استثناء إيجابيا، مشيرة إلى أنها رصدت هذه الظاهرة عندما كانت في مدينة العيون في الجنوب، وسببها أن الرجل يتزوج المرأة المطلقة ولسان حاله يقول "أنا أرجل من ذلك الذي طلقها"". وتضيف واجو أن احتفال المطلقة بأبغض الحلال عند الله يعد تعبيرا من أهلها بفرحتهم بقدومها، ولإشعارها بأنها لازالت على الرحب والسعة، مشيرة إلى أن هذا التصرف المتحضر يراعي الحالة النفسية للمطلقة في وقت تكون فيه أحوج من ذي قبل بالإحساس بالرغبة فيها. من جانبه قال الدكتور "محمد دحمان" المدرس بجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة بالمملكة المغربية "الطلاق في المجتمع الصحراوي المغربي لا يلحق الضرر بالمطلقة، مشيرا إلى أن من عادات هذا المجتمع أن المرأة يوم طلاقها يتم استقبالها بالطبول في بيت أهلها، حيث يضرب الطبل وتنحر الناقة، وهو ليس يوم شؤم أو بكاء، بل "تبرز" المرأة، أي تلبس لباسا جديدا ويأتي المغنون والفنانون والطبالون حولها، ويقصد من ذلك الإشهار لمن أراد أن يتقدم للزواج منها بعد انقضاء مدة عدتها". ويوضح دحمان كون المطلقة مطلوبة فيعود لطبيعة هذا المجتمع الصحراوي الذي يعتبر قليل الكثافة السكانية ونسبة السيدات قليلة والبحث عنها يتطلب التنقل في الصحراء، والمطلقة يفضلها الكثير من الرجال في هذا المجتمع نظرا لتجربتها أو لمكانة أهلها ولأنها تكون نضجت جسمانيا وفكريا خصوصا ان الزواج الأول يكون في سن صغيرة بالنسبة للفتيات في العادة، واضاف أن من ضمن الأسباب التي تسهل عملية زواج المطلقة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج أنه يمكن للرجل ان يلتقي بها، نظرا لأنه مسموح لها بالخروج والتنقل بين الخيمات الأخرى، والخروج مع صديقاتها لقراءة الشعر النسائي والذي يسمى "التبراع" أو شعر تغزل المرأة في الرجل واسمه "البشتون"، بينما الفتيات البكر تبقى داخل الخيمة ولا تخرج إلا مع أمها. والمرأة في المغرب وخاصة في الصحراء في جنوب المغرب وموريتانيا تتلقى منذ الصغر تربية خاصة وعناية خاصة بجسدها، حيث يتم تغذيتها بشكل خاص في عملية يطلق عليها "لبلوح" من البلح، حيث يتم منحها مقادير من الغذاء من اللبن والتمر بشكل مضاعف عن الرجل لأنه ووفقا لثقافة تلك المنطقة كلما كانت بدينة كلما كان ذلك دليل على مكانة أهلها وكلما كانت مقبولة اجتماعيا بعكس النحيفة التي لا مكان لها في هذا المجتمع، وعندما تبلغ سن الزواج كانت تشترط شرطا يطلقون عليه في الصحراء "لا سابقة ولا لاحقة" بمعنى أنها لا تتزوج من رجل متزوج قبلها ولا يأتي بامرأة عليها وإلا شرطها أن تخرج من بيت الزوجية إن فعل.