حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم متعددة.. أصبحت ممارستها عرفًا متداولا
نشر في المشهد يوم 17 - 05 - 2015

الرشوة تنطوي هذه الجريمة علي الاتجار من جانب الموظف العام أو المستخدم العام بوظيفته لصالحة الخاص سواء كان لعمل معين أو للامتناع عن أداء معين يكون من خصائص وظيفته حيث ان الموظف يرتبط بالدولة لأداء أعمال وظيفته وذلك لقاء اجر وليس له ان يتقاضي من الإفراد مقابل أداء هذا العمل ولا شك في ان البعض يستغل حاجة الأفراد للاذعان لأغراضه وهو ما يؤدي بالمكانة الوظيفية ولاختلال ميزان العدل لذلك وضع المشرع القوانين الخاصة لذلك في قانون العقوبات المصري من المادة ( 103 ) وحتى المادة ( 111 )
ان القانون ذهب للاعتبار الموظف العام الفاعل الأصلي للجريمة بينما صاحب المصلحة أو الوسيط أو من قام بالتوصية ما اعتبره القانون مجرد محرض أو شريك بالتحريض أو الاتفاق حتى استجاب الموظف لذلك، بينما لا يعاقب لنص المادة من كان مستفيداً دون أن يكون له دور في أية مرحلة من مراحل تلك الجريمة. عد الرشوة من أبشع صور الفساد شيوعا لما تتضمنه من معاني اللامبالاة وعدم الاكتراث من قبل الموظف العام بالوظيفة العامة لدرجة انه يتاجر فيها ويبيعها بابخس ثمن، و من هنا فقد حرمت الشريعة الإسلامية الرشوة واعتبرتها من قبيل أكل أموال الناس بالباطل ، و في ذلك قال الله تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون) ، وذهب فقهاء الشرعية الإسلامية إلى اعتبارها من قبيل جرائم الفساد و التي يطلق لولي الأمر العنان في وضع العقاب المناسب لها وفقا لتقديرات المكان والزمان ومدي انتشارها أو قلتها ولا شك أن الوقت الحاضر يحتاج لعقوبات مشددة تحد من هذه الظاهرة التي باتت تأكل في الجهاز الإداري للدولة أكل النار للحطب.
هذا و قد أجمع الفقهاء على حرمة الهدايا التي تعطى للعاملين والموظفين ومافي حكمهم بصفتهم الوظيفية لأنها من قبيل الرشوة المحرمة ونوع من أنواع خيانة الأمانة ولقد ندد القران بها حيث يقول الله عز وجل ( ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ، ويقصد بالغلول في هذه الآية الخيانة في توزيع الغنائم أو الاستئثار بالمال العام لشخص دون الآخرين كما يحدث أحيانا في توزيع المكافآت و الحوافز .
أ‌- الرجاء أو الوساطة أو التوصية
تعتبر تلك الوسائل من وسائل الإغراء التي تقدم للموظف للانحراف من الاعتبارات الوظيفية فالرجاء:- هو حدث من جانب صاحب المصلحة للاستعطاف الموظف العام لقضاء مصلحته الوساطة:- هو حدث من جانب الغير للاستعطاف الموظف العام لقضاء حاجة صاحب المصلحة التوصية:- هو حدث من جانب شخص ذو نفوذ على الموظف العام نفسه بأمر الموظف بقضاء حاجة صاحب المصلحة.
ب_ الاستجابة من جانب الموظف
الاستجابة شرط أساسي لوقوع الجريمة كاملة للأركان بحيث يتعين استجابة الموظف العام للرجاء أو الوساطة أو التوصية.
استغلال النفوذ
ذهبت المادة 106 مكرر عقوبات إلى أن كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعد أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفته أو خدمة أو أية من أي نوع يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون ) إن كان موظفاً عمومياً وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنية ولا تزيد على خمسمائة جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين.
والجاني لا يستغل نفوذه للقيام بنفسه بالعمل المطلوب وإنما يستغل ذلك النفوذ الحقيقي أو المزعوم لحمل الموظف العام علي قيام بأداء أو الامتناع أو الإخلال بواجبات وظيفته تذرعاً بنفوذه لدى السلطة العامة.
الاستفادة من الرشوة
نصت المادة 108 مكرر عقوبات علي معاقبة كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل شيئاً من ذلك مع علمه بسبب يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة متساوية بقيمة ما أعطى به أو وعد به وذلك إذا لم يكن قد توسط إلى الرشوة.
فإذا كان المستفيد وسيطاً في الجريمة أو كان على اتفاق مع الراشي والمرتشي للارتكاب الجريمة استفادته منها فأنة يكون شريكاً في الرشوة فعلاً ما قام الوسيط بالإخبار أو الاعتراف المؤدي للأدلة ثابتة مع بينان أركان الجريمة تامة فإن ذلك يعفيه من العقاب على الاشتراك في جريمة الرشوة ولكن لا يعفيه من الاستفادة من الرشوة ويعاقب بمقتضي المادة 108 مكرر أما إذا اقتصر دور المستفيد بحيث لم يتعدى ذلك ولم يكن له أي دور آخر احدث الجريمة من اتفاق أو الوساطة مع علمه بالرشوة فإنما لا يعفيه ذلك من العقوبة المقررة وفقاً لنص المادة 108 مكرر، حيث إنها تعاقب على الاستفادة من جريمة الرشوة بالجريمة
فجريمة الاستفادة مبنية علي جريمة الرشوة فلا بد من وجود قبول بالإخلال بالوظيفة من جانب الموظف أي توافر أركان جريمة الرشوة لكي يتم محاسبة المستفيد عن تلك الاستفادة ويلاحظ أيضاً أن المشرع لم يفرق بين الموظف العام والموظف الخاص فقد ساوى المشرع في تلك الجريمة بينهما لمعاقبة المستفيد ويشترط توافر الجريمة بركنيها المادي والمعنوي. إذا فشت الرشوة في مجتمع من المجتمعات فلا شك أنه مجتمع فاسد محكوم عليه بالعواقب الوخيمة، وبالهلاك المحقق، لقد تحمل الإنسان الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، والواجب على هذا الإنسان أن يؤدي الأمانة على الوجه الأكمل المطلوب منه لينال بذلك رضا الله تعالى، أما إذا ضيعت الأمانة ففي ذلك فساد المجتمع واختلال نظامه.
(1) الطلب والأخذ والقبول.
تقع هذه الجريمة من الموظف العام المرتشي، وفيها يقوم الجاني بأداء عمل أو الامتناع عن عمل، أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وعلى ذلك يتكون الركن المادي لهذه الجريمة من العناصر الآتية: سلوك من الموظف العام، ويتمثل في شكل طلب أو أخذ أو قبول. أن يكون موضوع السلوك منصبا على هدية أو عطية أو وعد. أن تكون العطية أو الوعد بها مقابلا للعمل الوظيفي الذي يقوم به الموظف العام، أو يمتنع عن القيام به، أو قام به فعلا بالمطابقة أو المخالصة لواجبات الوظيفة1.
وعنصر الطلب يكون مجرد طلب شخصي فائدة معينة للاتجار بالوظيفة أو العمل جريمة تامة فيكون هو البادئ بعرض خدمة معينة لقاء مقابل يحصل عليه ولا يشترط أن يلقى الطلب قبولا من جانب صاحب المصلحة. ولما كانت جريمة الرشوة تقتضي في طبيعتها وجود طرفين، الراشي والمرتشي، وقيام إيجاب وقبول، والتقائهما حتى تصبح تعتبر الجريمة قد تمت، فإنه يترتب على هذا أن مجرد الطلب من جانب المرتشي، أو العرض من جانب الراشي يعتبر شروعا في رشوة، إن لم يلقى أيهما قبولا على أن المشرع رأى في تصرف المرتشي ما يمثل خطورة بذاته فجعله جريمة مستقلة، لأنه كشف عن مدى عبثه بمهام وظيفته واتخاذها موضوعا للاتجار، مما قد يترتب عليه إفقاد ثقة الناس في رعاية مصالحهم بوجه حق.
(2) طلب الوعد أو العطية:
إن خطورة الجريمة تكمن في كل ما يدل على أن الموظف قد باع ذمته فعلا وعبث بواجبات وظيفته عبثا لا نزاع فيه، فتزعزعت به الثقة وهي تمثل مقابلا للعمل الوظيفي الذي يقوم به الموظف، أو يمتنع عن القيام به فعلا.
ونصت المادة 107 على أنه يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك، أو علم ووافق عليه أيا كان اسمها، وسواء كانت فائدة مادية، أو غير مادية. وواقعة أخذ العطية في هذه الحالة من حالات الرشوة لا تثير صعوبة تذكر في مجال الإثبات، حيث لا تعدو أن تكون عبارة عن وقائع مادية من قبل الراشي والمرتشي للموظف العام، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات التي يترك للقاضي الجنائي أمر تقديرها.
(3) المكافأة اللاحقة:
نصت المادة 105 من قانون العقوبات على أن كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملا من أعمال الوظيفة، أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد تمام العمل أو الامتناع عنه، والإخلال بوظيفته، بقصد المكافأة على ذلك، وبغير اتفاق مسبق- يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد عن خمسمائة جنيه. وسبب تخفيف العقوبة في جريمة المكافأة اللاحقة أنها لا تتضمن اتفاق سابق بين الموظف وطالب الخدمة, ولذلك يلزم لتوافر الجريمة أن ينصب القبول على هدية أو عطية وليس على مجرد الوعد بها، وذلك لأن الوعد بعمله على عمل غير مشروع تم دون اتفاق سابق تنتفي بالنسبة له صفة المقابل. الأخذ هو التنأول المعجل الفوري للعطية أو الفائدة، إذ العادة أن المرتشي يقتضي ثمن اتجاره بوظيفته عطية حاضرة هذا ما يعنيه المشرع بقوله أخذ، أي أنه تعبير عن الدفع المعجل. وهذه هي الصورة الغالبة في أفعال الإرشاء، ولا عبرة بنوع العطية، ولا الهيئة التي قدمت بها.
ويطلق اسم الرشوة المعجلة على صورة الرشوة التي يكون فيها الموظف قد قبض فعلا ثمن إتجاره بوظيفته واستغلالها.
ويطلق اسم الرشوة المؤجلة على صورة الرشوة إذا تسلم الموظف العطية. فلا عبرة بنوع التسليم، فيستوي أن يكون حقيقيا أو رمزيا ويعتبر أخذ العطية انتفاع الجاني بالعائدة موضوع الرشوة.
(4) الاستجابة لرجاء أو توصية أو وساطة:
تقع الجريمة هذه من كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته، أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها، نتيجة الرجاء أو توصية أو وساطة.
من النادر أن يقوم موظف بعمل من أعمال وظيفته أو يخل بواجباتها إلا بعد رجاء من طالب الخدمة، أو توصية أو وساطة من المعارف والأصدقاء، أو لطالب الخدمة، ويطلق عليه الفساد الإداري بالمحسوبية.
حكمة التجريم:
لا شك أن المصلحة التي أراد المشرع حمايتها في هذه الحالة حسن سير العمل والأداء للوظيفة العامة، بحيث يكون الباعث على الأداء هو الصالح العام، وليست البواعث الفردية المتأتية من الغير والتي تدل علي فساد الموظف وعدم قيامه بواجباته إلا بناءا على رجاء أو توصية أو وساطة، مع ما في ذل كمن إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في الاستفادة من الخدمات العامة، حيث يحصل على الخدمة فقط من قدم الرجاء أو التوصية أو الوساطة للموظف، ويحرم منها من لا يستطيع تقديم ذلك.
الركن الثالث: القصد الجنائي:
ويقصد به قصد المرتشي والراشي، وإثبات القصد؛ وبما أن جريمة الرشوة جريمة عمديه يتعين أن يتوافر فيها القصد الجنائي. فهل يكتفي بالقصد العام أم بالقصد الخاص؟ ويعرف القصد العام بأنه هو توجيه إرادة الجاني نحو ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل يعلم أن القانون يقرر من أجله العقاب. والقصد الخاص يعرف ويشترط، فضلا عن توافر القصد العام، توفر ثبوت النية نحو تحقيق هدف معين يحدده القانون.
وذهب رأي أنه يجب أن يتوافر لدى المرتشي نية إجرامية خاصة، ولكن الرأي الغالب في الفقه هو أنه يكفي في جريمة المرتشي توافر بالقصد الجنائي العام.
وعلى ذلك قضت محكمة النقض أنه المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة يفعله ذلك لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو بالإخلال بواجباته، وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها. ويستنتج من هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجباته الوظيفية. قصد الراشي يجب أن يكون عارض في رشوة أو شارعا في رشي إلا إذا قصد من عرضه حمل الموظف على أداء عمل من أعمال وظيفته أو امتناع عنه. وبناءا لا يتوفر القصد في حقه إذا كان يجهل أن الموظف المختص.
إثبات القصد: يثبت بكافة طرق الإثبات، فليس من الضروري أن يفصح عنه المرتشي أو شريكه بقول أو بكتابة، لأنه قد يستنتج القصد من ظروف العطاء وملابساته. وقد حكم على متهم بالإدانة لارتكابه شروعا في الرشوة، وذلك بأن قدم خطابا إلى مدير القلم لإيرادات بلدية الإسكندرية يرجوه فيه أن يقبل منه مبلغ مائة جنيه مصري، وبذيل الخطاب بيان بالشهادات المدرسية التي حصل عليها الطالب. فاعتبرت المحكمة ذلك من أنه لا يدع مجالا للشك في العمل المطلوب أداؤه في مقابل الرشوة المقدمة.
ثالثا: عقوبة الرشوة:
أولا: عقوبة الراشي:
اقتصر المشرع في المادة 107 مكرر على بيان عقابة الراشي دون التعريف بجريمته. وهو موقف يوضح اتجاه القانون إلى اعتباره شركا في جريمة الرشوة. إلا أن القانون قد عاقب الراشي باعتباره فاعلا أصليا في جريمة مستقلة، هي جريمة عرض الرشوة دون قبولها. وهي جريمة متميزة عن جريمة الرشوة بمعناها الدقيق. لأن الموظف لا يساهم فيها بأي قسط، بل إنه يتعين عدم قبول الرشوة حتى تقع هذه الجريمة.
واعتبار عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة جريمة خاصة لا يعني أن القانون وضع لها أحكاما خاصة، فهي لا تختلف عن الجريمة التامة إلا في عدم بلوغ الفاعل قصده. فالفاعل يجب أن يتقدم بالعرض، وأن ينصرف قصده إلى حمل هذا الشخص على أداء عمل من أعمال وظيفته، ولو كان العمل حقا أو الامتناع عن عمل من الأعمال المذكورة ولو ظهر أنه غير حق. أو الإخلال بواجبات وظيفته. ويجب أن تكون الرشوة قد أوقفت لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه، وهذا ما يعنيه الشارع بقوله ولو لم تقبل منه، وهي عبارة زائدة لأنها مستفادة من الأحكام العامة للشروع، بل إنها تقتصر عن إحاطة بكل الأسباب التي تحول دون بلوغ الفاعل مقصده، ومنها القبض على الراشي أثناء عرض الرشوة.
ولا يتحقق الإرشاء إلا باتفاق الراشي مع الموظف المرتشي على تقديم الرشوة غلى هذا الأخير مقابل أداء عمل أو امتناع عن أعمال وظيفته، أو يزعم أنه كذلك، أو الإخلال بواجبات وظيفته. ولا أهمية لكون الراشي هو الذي بادر بعرض الرشوة أن يكون الموظف هو الذي بادره بالطلب. فمتى تم الاتفاق بين الاثنين تعين مساءلة الراشي جنائيا بوصفه شريكا، ولو لم يكن بعد قد قام بتنفيذ ما وعد به، وذلك باعتبار أن مجرد قبول الموظف المرتشي للوعد أو العطية-ولو لم يكن قد أخذ الرشوة بعد- يعتبر وحده كافيا لوقوع الجريمة قانونا. ويستوي أن ينعقد الاتفاق المذكور بين الراشي نفسه والموظف، أو بواسطة من يمثلهما، أي الوسيط. ويجب أن يحيط الراشي علما بصفة المرتشي، أو أن الرشوة التي عرضها أو قدمها إليه مقابل إتجار هذا الأخير بوظيفته أو استغلاله إياه ولا يقصد من ورائها شراء ذمة الموظف فإن جريمته لا تقع لو قبلها الموظف قاصدا الإتجار بوظيفته أو استغلالها ثمنا لذلك. هذا دون إخلال بمساءلة الموظف عن قصده الجنائي.
ثانيا: عقوبة الوسيط INTERMEDIARE :
اقتصر قانون العقوبات في المادة 107 مكرر على بيان عقوبة الوسيط دون تعريفه كما فعل بالنسبة للراشي. والوسيط هو كل شخص يتدخل بين الراشي والمرتشي، ممثلا أحدهما لدى الآخر في القيام بدوره لإتمام جريمة الرشوة. ولا شك أن مهمة الوسيط تقتضي منه أن يكون على اتفاق مع من يمثله راشيا أو مرتشيا، أو مع الاثنين معا. ومن ثم فهو لا يعدو أن يكون شريكا في جريمة الرشوة إذا ما تمت بناءا على هذا الاشتراك.
ويجب علينا عدم الخلط بين الوسيط عن المرتشي والمرتشي ذاته، الذي يطلب الرشوة لغيره. الوسيط لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة تنقل رغة المرتشي دن حاجة إلى أن يكون مختصا أو زاعما للاختصاص بالعمل المراد أدواؤه مقابل الرشوة. هذا بخلاف المرتشي الذي يطلب الرشوة لغيره مقابل عمل يدخل في اختصاصه الحقيقي أو المزعوم. بحيث أن الوسيط لا يشترط فيه أن يكون موظفا عاما بخلاف المرتشي الذي يجب توافر صفة فيه.
ويتعين لمساءلة الوسيط عن الرشوة التي ساهم فيها أن يعلم بأركان الجريمة التي يريد المساهمة فيها، فيجب أن يحيط علما بصفة الموظف، وأن الذي سيتقاضاه هذا الأخير إنما هو مقابل عمل من أعمال وظيفته. فمثلا إذا اعتقد الوسيط أن العطية التي أخذها نيابة عن موكله هي هدية أو دين فإن مسئوليته عن الاشتراك في الجريمة لا تتحقق قانونا، ولا يشترط أن تتجه نية الوسيط إلى تقديم العطية للمرتشي، بمعنى أنه إذا تدخل بالوساطة قاصدا الاستيلاء لنفسه على الرشوة، لم يحل ذلك د=ون مساءلته جنائيا باعتباره شريكا في الرشوة، وذلك باعتبار أن الرشوة قد تمت بمجرد قبول الرشوة أو أخذها نيابة عن المرتشي. على أن الوضع يبدو مختلفا فيما لو زعم الجاني أنه وسيط للمرتشي وحصل على الرشوة بنية الاحتفاظ بها لنفسه، فهنا لا يخضع الوسيط لأحكام الرشوة لعدم وقوعها قانونا، بل يخضع لحكم جريمة نصب. والعقوبة الأصلية هي الأشغال المؤبدة، وهي عقوبة صارمة تتعفق مع سياسة القانون رقم 69 لسنة 1953 في محاربة الرشوة وغني عن البيان أن للقاضي أن يخفض العقوبة إلى الحد المسموح به طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات، إذا اقترنت الجريمة بأحد الظروف المخففة التي يرى معها القاضي تخفيف العقاب.
وتوجد عقوبة تكميلية فرض القانون عقوبتين، هما الغرامة النسبية والمصادرة. وبالنسبة إلى الغرامة النسبية، فقد نصت المادة 103 على أن يعاقب المرتشي بغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به، وطبقا للمادة 44 عقوبات يلزم الجناة إذا تعددوا بهذه الغرامة متضامنين على أنه إذا تعدد المرتشون واختلف نصيب كل منهم في الرشوة، فإن الغرامة الواجب الحكم بها في هذه الحالة تحدد حسب مقدار ما استولى عليه كل من المرتشين، أو ما كان موضوعا لطلبهم أو قبول الرشوة. وإذا دعت رأفة القضاء إلى تخفيف العقوبة الأصلية وفقا للمادة 17، فلا يجوز أن يمتد ذلك إلى الغرامة النسبية وذلك باعتبار أن المادة لا تشتمل غير العقوبات المقيدة للحرية.
هذا إلى أن رد مبلغ الرشوة إلى الراشي لا يعفي المرتشي من هذه الغرامة. ذلك باعتبار أنها عقوبة وأن خالطها عنصر التعويض-وليست تعويضا بحتا. والحد الادنى لهذه الغرامة هو الف جنيه حتى ولو كانت قيمة الرشوة أقل أو تعذر تحديدها. والعقوبة التكميلية الثانية هي المصادرة التي تشمل مصادرة النقود أو غيرها من القيم التي كانت موضوعا لجريمة الرشوة. ويتعين لذلك القضاء بالمصادرة عندما يكون لها محل.
وأن المادة 108 عاقبت المستفيد لم تفرق بين رشوة الموظفين العموميين والرشوة في نطاق الاعمال الخاصة، بل وردت عبارة عامة تسري على نوعي الرشوة دون تمييز. حيث تنص المادة سالفة الذكر على أن: "كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل من ذل كمع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أو بغرامة مسأوية لقيمة ما أعطي أو وعد به. وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة. ويفترض لتطبيق هذا النص ألا يكون وسيطا في الرشوة وإلا اعتبر شريكا فيها وعقب بعقوبتها فيلزم الفعل المادي الواقع منه على أخذ أو قبول شيء مع علمه بأنه عطية أو فائدة ملحوظ في منحها له أن تكون مقابلا لرشوة يرتكبها موظف أو مستخدم يمت إليه بصلة.
يتحقق القصد الجنائي للمستفيد باتجاه إرادته من الرشوة مع علمه بأن سبب الوعد أو العطية هو اتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته فإذا جهل المستفيد هذا السبب فلا جريمة في الأمر. ويعاقب الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مسأوية لقيمة ما أعطي أو وعد به، فضلا عن عقوبة المصادرة طبقا للمادة 110 عقوبات.
الحالات التي شدد فيها المشرع العقوبة
وقد شدد المشرع العقوبة في حالتين:
1. إذا كان الغرض من الرشوة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها. تضاعف الغرامة المقررة لجريمة الرشوة، فيصبح حدها الأدنى ألفي جنيها، وحدها الأقصى ضعف العطية والوعد. ولا أثر لهذا التشديد على العقوبات الأخرى.
2. إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة، أي الإعدام فإنه يجب توقيع هذه العقوبة. ويلاحظ أن القانون لم يعلق تشديد العقاب في هذه الحالة على ارتكاب الجريمة الأشد بالفعل، وإنما يكفي مجرد ارتكاب الرشوة من أجل هذه الجريمة، ومثالها جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج المعاقب عليها بالإعدام.
وقد جاء مشروع قانون العقوبات الجديد بسياسة مختلفة في العقاب على الرشوة، إذ خفف العقوبة المقررة لهذه الجريمة، وذلك لعلاج تفشي الرشوة لم تنجح في وقف تيارها بسبب أعمال الجانب الاقتصادي، مما يشكل ضغطا يقتضي الاعتدال في العقوبة.
-عقوبة الراشي والوسيط وبما أنهما ليسا إلا شريكين في جريمة الرشوة ومن ثم يتعين توقيع العقوبة المقررة لجريمة الرشوة وفقا للمادة 41 عقوبات التي نصت على أن كل من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها. والعقوبة التي نصت على أن كل من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها. والعقوبة المقررة لهم في صورتها البسيطة أو مقترنة بإحدى الطرفين المشددين1.
حالات الإعفاء من العقاب في جريمة الرشوة.
نصت المادة 107 مكرر على حالتين يمتنع فيهما العقاب على جريمة الرشوة نظرا لما يؤديه الجاني من خدمة تساعد على كشف هذه الجريمة الخطيرة، والتعريف بفاعلها أو إثباتها ضده. ويقتصر نطاق الأشخاص الذين يتمتعون بالإعفاء من العقاب الراشي والوسيط دون غيرهما من أطراف الجريمة. كما تقول المادة 107 مكرر يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفى الراشي والوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ويكون الإعفاء من العقاب مسألة موضوعية لا قانونية.
أن العذر المعفي من العقوبة المقررة للرشوة بالمادة 107 مكرر من قانون العقوبات مقصور على حالة وقوع جريمة المرتشي بقبوله الرشوة المعروضة عليه دون حالة امتناع الموظف عن قبول الرشوة . ذلك أن الراشي أو الوسيط يؤدي في الحالة الأولى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها، والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها وتسهيل ارتكاب الجريمة عليه. وهذه العلة التي أدت إلى الإعفاء من عقاب الراشي أو الوسيط منتفية في حالة عدم قبول الموظف الرشوة.
أن المشرع قد منح الإعفاء الوارد بها للراشي باعتباره طرفا في الجريمة ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها- سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب، أو يعمل من جانب المرتشي، وهو من يتصور وقوعه أحيانا دون أن يمتد الإعفاء للمرتشي. وإذا كان الحكم دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشيا وليس وسيطا، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب.
وتوجد حالتان يعفى من العقاب الوسيط أو الراشي وهما على التوالي:
الحالة الأولى: إخبار السلطات بالجريمة
يتمتع الراشي أو الوسيط بالإعفاء من العقوبة إذا أبلغ السلطات بالجريمة. والفرض في هذه الحالة أن الجريمة قد وقعت، إلا أنها لا زالت في طي الكتمان، فيكون لهذا التبليغ فضل تمكين السلطات من كشف الجريمة. أما إذا كانت الجريمة قد وصلت إلى علم السلطات ، فإن مجرد التبليغ في هذه الحالة لا ينتج أثره المطلوب، وهو الإعفاء من العقاب، ويتعين أن تكون السلطة التي تلقت التبليغ بالجريمة المختصة بذلك. ويمكن إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من الرشوة أي الإعدام فيجوز إعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب متى توافرت إحدى حالتي الإعفاء في جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من عقوبات الإخبار بوجود الاتفاق بما اشتركوا فيه قبل وقوع الجريمة المتفق عليها. والإخبار بعد البحث والتحقيق إذا أدى فعلا إلى ضبط الجناة.
الحالة الثانية : الاعتراف بالجريمة :
و الغرض في هذه الحالة أن السلطات قد علمت بالجريمة ، و يجب على المعترف ان يكون صادقا و كاملا يعطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف . و إذا اثبت أن الراشي أو الوسيط اغفل في اعترافه بعض وقائع الرشوة بسبب جهله بها فانه لا يمكن اهدار حجة الاعتراف . و القانون لم يحدد جهة معينة يتعين الاعتراف أمامها المعترف. و ذهبت محكمة النقض الى انه كان الاعتراف لا تتحقق فائدته الا إذا كان حاصلا لدى جهة الحكم ، فانه إذا حصل لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعطاء و نحن نؤيد هذا القضاء. و يمكن ان نقول ان انكار الراشي أو الوسيط في التحقيقات الأولية لا يسلبه فرصة التمتع بالإعفاء من العقاب و له ان يعترف بذلك الى ما قبل انتهاء المحاكمة امام قضاء الموضوع و لايجوز التمسك باعتراف بعد قفل باب المرافعة الا إذا رات المحكمة فتح باب المرافعة للاستماع اليه.
عدم جواز تعويض الراشي :
أوجب القانون مصادرة العطية المقدمة من الراشي الى المرتشي من ثم فلا يجوز بداهة ان يطلب استزاداها و قد رفضت محكمة النقض من جواز الراشي ان يدعو مدينا قبل المرتشي بتعويض عن الضرر الذي اصابه بسبب ارتكاب جريمة الرشوة . و ذلك لانه لا يحق للراشي المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو في ارتكابها و ذلك لان خطا الراشي وحده هو الذي ادى الى ما لحقه من ضرر.
الجرائم الملحقة بالرشوة و سبل مكافحة جريمة الرشوة :
ألحق قانون العقوبات بجريمة الرشوة لفيفا من الجرائم المشابهة لها و التي تشترك معها في وحدة الهدف ، و هو محاربة الفساد و توفير النزاهة الكاملة في أداء الوظيفة العامة و الخاصة . و تنص على ذلك المادة 109 مكرر مع عدم الاخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو اي قانون اخر يعاقب بالحبس و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ، أو باحدى هاتين العقوبتين كل من عرض أو قبل وساطة في رشوة و لم يتعد عمله العرض أو القبول . فإذا وقع ذلك من موظف عمومي فيعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 و إذا كان ذلك بقصد الوساطة لدى موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مكرر .
و الجرائم المتعلقة بالرشوة هي:
1. الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة2. رشوة المستخدمين في محيط الأعمال الخاصة 3. استغلال النفوذ4. عرض الرشوة دون قبولها 5. عرض الوساطة أو قبولها
6. الاستفادة من الرشوة
و سوف نتطرق فيما يلي لكل حالة على حدة:
أولا : الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة :
تشتبه هذه الجريمة مع جريمة الرشوة في طبيعة النشاط الذي أريد من الموظف أداءه مقابل الرشوة ، وهو أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة ، و تتم هذه الجريمة إذا نفذ الموظف فعلا العمل أو امتنع أو اخل بواجبات الوظيفة
أركان هذه الجريمة تتوافر في ثلاثة أركان و هم : الشرط المفترض المتعلق بصفة الجاني، و يكون موظف عام أو من في حكمه . • الركن المادي والركن المعنوي:
و الركن المادي يتوافر بعنصرين : أولهما : الرجاء أو الوساطة أو التوصية : والرجاء يتحقق بواسطة صاحب المصلحة مباشرة أو دعوته في تزلف الى قضاء الحاجة. الوساطة تتحقق في صورة رجاء أو طلب أوامر يؤديه الغير إلى صاحب المصلحة . الأمر أو الطلب تتحقق في حالة إخلال الموظف بواجباته استجابة لأمر أو طلب صادر ممن يملك سلطة عليه حرمت الشريعة الإسلامية الرشوة.
«كُل موظف عام أخل بواجِبات وظيفته بأن قام بعمل أو امتنع عن عمل من أعمال تلك الوظيفة نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة، يُعد في حُكم المُرتشي...» وعلى الرغم من أن هذه الجريمة تختلف عن جريمة الرشوة حيث إن جوهر الرشوة هو الاتجار فى العمل الوظيفي، وهو أمر غير متوافر فى هذه الجريمة.
فالاتجار بالوظيفة يفترض مقابلا نظير العمل، وانصراف إرادة الموظف إلى تلقى هذا المقابل. أما جريمة الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة فتفترض تخلف المقابل إطلاقا. كما تتطلب أيضا قيام الموظف فعلا بالعمل أو صدور الامتناع أو الإخلال بواجبات وظيفته، أما جريمة الرشوة فلا تتطلب ذلك. والسؤال الذي يمكن أن يثور هو لماذا جرم المنظم الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة ؟ في الحقيقة أن هذه الجريمة هى سبيل إلى الخروج على النظام، إذ أن هذا الموظف لن يكون اهتمامه باتباع النظام بمقدار حرصه على إرضاء من كان الرجاء أو التوصية أو الوساطة لمصلحته. كما أن هذا التصرف من جانب الموظف يعنى التفرقة بين المواطنين تبعا لقيام صلات القرابة أو الصداقة بينه وبينهم ،الأمر الذي يؤدى في النهاية إلى الحط من كرامة الموظف،والثقة في الدولة التي لم تلتزم الحيدة والموضوعية في تصرفاتها. ويجب لقيام هذه الجريمة أن تتوافر فى الفاعل صفة الموظف العام المختص.
وأن يؤدى العمل الوظيفي فعلا، فلا يكفى أن تكون نيته متجهة إلى ذلك. غير أن أداءه لهذا العمل يجب أن يكون بناء على الاستجابة إلى الرجاء أو التوصية أو الوساطة. وهذه الجريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي وأهم عناصره هى: علم الموظف بمضمون الرجاء أو التوصية أو الوساطة، وعلمه بمخالفة العمل للنظام ،واتجاه إرادته إلى الاستجابة للرجاء أو التوصية أو الوساطة،واتجاه إرادته أيضا إلى القيام بالعمل المخالف للنظام الذي أداه. ولكن فى المقابل إذا لم يصدر رجاء أو توصية أو وساطة وأدى الموظف العمل على الوجه الذي يحقق مصلحة صاحب الحاجة (المواطن) فلا قيام لهذه الجريمة. كما نري أيضا أنه لا قيام لهذه الجريمة إلا إذا كان العمل الذي قام به الموظف مخالفا للنظام بمعناه الواسع (نظام أو لائحة أو تعليمات إدارية ). ونرى أنه إذا كان العمل مطابقا للنظام فلا عقاب على الموظف ولو كان قيامه به بناء على الرجاء أو التوصية أو الوساطة. لأنه وأن كان المنظم لم يتطلب هذا الشرط صراحة إلا أن المبادئ العامة تفرضه. ذلك أن أداء الموظف عمله على وجه مطابق للنظام يجب أن يفسر دائماً على أنه خضوع للنظام واحترام لإحكامه فلا يجوز أن يسأل من أجل ذلك. ومن باب أولى إذا صدر الرجاء أو التوصية أو الوساطة ولم يستجب الموظف فلا عقاب.»... ويُعاقب على هذه الجريمة بالسجن مُدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العُقوبتين « (م/4) من ذات النظام. وتوقع العقوبة على الموظف باعتباره فاعلا للجريمة ومن صدر عنه الرجاء أو التوصية أو الوساطة يعاقب بوصفه شريك وكذلك صاحب الحاجة (المواطن).
ويترتب على الحكم بالإدانة فى هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المنصوص عليها فى نظام مكافحة الرشوة سالف الذكر عقوبات تبعية « يترتب على الحُكم بإدانة موظف عام أو من في حُكمِه بارتِكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا النِظام العزل من الوظيفة العامة وحِرمانِه من تولي الوظائف العامة أو القيام بالأعمال التي يُعد القائمون بِها في حُكم الموظفين العامين، وفقاً لنص المادة الثامنة من هذا النِظام.» . ويبدأ السلوك الإجرامي في تلك الجريمة بأن يطلب الموظف العام أو من في حكمه لنفسه أو لغيره عطية أو فائدة أو أي مزية كانت ميزة ، أو يأخذ شيئاً من ذلك ، أو يقبل وعداً بذلك. ولا يخرج مضمون الطلب أو الأخذ أو القبول ، أو مضمون العطية أو الوعد بها عما سبق وذكرناه بشأن السلوك الإجرامي والفائدة في الرشوة الحقيقية. على أنه يجب أن يتلقى الموظف للعطية أو الوعد بسبب وظيفته من أجل متابعته معاملة صاحب الحاجة لدى غيره من الموظفين. فإذا كان الموظف قد طلب العطية أو قدمها له صاحب الحاجة دون اعتبار للوظيفة التي يشغلها فإن جريمة المادة السادسة لا تجد محلاً لها. ويكون تلقي العطية أو الوعد بها قد جاء بسبب الوظيفة ، حينما يثبت أن هذه الأخيرة من شأنها أن تسهل لشاغلها الاتصال بغيره من الموظفين في الجهات الحكومية. كما لو بذلت العطية لفراش في أحد المصالح للتعقيب على المعاملات التي بين يدي موظفي الجهة التي ينتسب لها. أو تلقي أستاذ جامعي عطية من أجل التعرف على نتيجة أحد الطلاب لدى أستاذ جامعي أخر ، سواء في ذات جهته أو في جهة تعليمية أخرى. فلاشك أن الوظيفة التي يشغلها الجاني في هذين المثالين قد سهلت متابعة معاملة صاحب الحاجة. أما إذا ثبت أنه لم تكن للوظيفة التي يشغلها الموظف أي دور في تيسير متابعته لمعاملة صاحب الحاجة ، وأنه جاهد كأي فرد عادي يريد أن يقضي حوائج الناس في سبيل تتبع تلك المعاملة.
على أنه لا يشترط أن ينفذ الموظف ما اتفق عليه من تعقيب. فتقع الجريمة ، شأنها شأن الرشوة ، بمجرد طلب أو أخذ الموظف للعطية أو قبوله الوعد بها. فالجريمة تدخل في باب جرائم الخطر أو الجرائم الشكلية التي لا يشترط أن تفضي إلى نتيجة ما.
وتدخل الجريمة في زمرة الجرائم العمدية ، التي يلزم لاكتمالها توافر القصد الجنائي بحق الجاني. وهكذا يلزم أن تنصرف إرادة الجاني إلى طلب العطية أو أخذها أو قبول الوعد بها ، عالما بالغرض الذي تبذل من أجله ، أي أنها مقابل متابعته لمعاملة لدى جهة حكومية. وتقع الجريمة تامة ولو اتجهت نية الجاني منذ البداية إلى عدم متابعة المعاملة ، فليس القصد الخاص من مكونات الركن المعنوي في تلك الجريمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.