ياسر حارب، كاتب إماراتي، درس نظم المعلومات الإدارية.. بدأ الكتابة عندما كان طالباً في الجامعة، في العام 1995، كانت بدايته مرحلة أسميها "الشخابيط"، وإن كان دائماً لديه شغف بالثقافة والمعرفة. كان أثناء المرحلة الجامعية يكتب في مجلة الجامعة، وبعد تخرجه شعر أن الكتابة مهمة بالنسبة له، فبدأ بالكتابة على الإنترنت إلى أن أتخذ الأمر صفة شبه رسمية في العام 2006.. وكان طوال تلك الفترة تنشر له كتابات في صحيفة البيان الإماراتية.. والآن يكتب بشكل منتظم في صحف: "الشرق" السعودية و"الوسط" البحرينية و"الوطن" المصرية. - لماذا المقالات الصحفية وحول أي شيء تدور؟ تسير في خطوط ثلاثة، أولهما طرح الأسئلة الصحيحة لأنني أعتقد أن هذه هي مهمة الكاتب، ليس الحصول على أجوبة بل طرح الأسئلة الاستفزازية. والثاني انتقاد الخطاب الديني المتعجرف، إذا صح التعبير، الذي لا يمت إلى صحيح الدين بصلة، ولكن أحاول أن أنتقده بنبرة غير حادة. والخط الثالث هو المقالات التأملية في الحياة. - ما هي إصداراتك؟ لدي عدة كتب، منها كتاب باسم "بيكاسو وستار بوكس" وهو كتاب في التنمية وانتقاد بعض المظاهر في المجتمع، وأركز في انتقادي على المجتمع العربي وتحديداً الخليجي والإماراتي كنموذج، وخصوصاً الممارسات غير الحضارية، التي يكون السبب فيها العقل الجمعي، وفي مجتمعاتنا أظن أن مشكلتها هي غلبة العقل الجمعي كما قال جوستاف لوبون، وأعتقد أنه كتاب ناجح خصوصاً بين الشباب، لاسيما أنه متنوع يضم العديد من الموضوعات وأفكار مختلفة. كما صدرت أول رواية لي في نوفمبر العام 2013 بعنوان "العبيد الجدد"، وأعكف حالياً على الانتهاء من عمل أدبي جديد، هو عبارة عن مجموعة قصصية، تصدر قريباً. وبالنسبة إلى "العبيد الجدد" تدور حول صراع الإنسان على السلطة، وكيف يمكن أن يقدم الإنسان كل ما يملك من أجل لحظات من السلطة. وأحاول أن أتساءل خلال الرواية الحب مقابل السلطة أيهما يبقى؟ أيهما ينتصر؟ أيهما ينجح؟ وتدور أحداثها في مجتمع عربي، وفي الوقت الحالي. - وكم استغرقت لكتابتها؟ استغرقني التفكير والإعداد والتصور نحو ثلاث سنوات، واستغرقت الكتابة نحو شهر. - هل هذا التنويع بين كتابة المقال والخواطر والرواية والقصة.. مقصود؟ أعتقد أنه على الكاتب تجربة مختلفة الأنواع، حتى يستقر على النوع الذي يجيده أكثر من غيره. حارب - وكيف كانت بدايات تكوينك الأدبي؟ نشأت في بيت معرفة وثقافة، والدي أستاذ في الجامعة، ووالدتي حاصلة على ماجستير، نشأت وأنا أشاهد أبي يحضر الماجستير والدكتوراه ويقرأ، وكان في بيتنا مكتبة تزداد حجماً باستمرار.. وبالتأكيد تأثرت بهذا الجو المحيط، حاولت الثورة عليه والاتجاه إلى عالم الأعمال والبزنس ولكن لم أفلح! ساقتني الأقدار إلى عالم الكتابة. - بمن تأثرت من الأدباء؟ في الجامعة أكثر بمن تأثرت المنفلوطي والرافعي وتوفيق الحكيم وطه حسين.. وأكثرهم وأولهم المنفلوطي، فهو الذي أعتبره فتح لي الباب للكتابة الأدبية، ولكن ربما لو قرأته حالياً لا أتأثر به بنفس الدرجة، وعلى أية حال لا يزال "الحنين الأدبي" لدي لأدباء مصر في أوائل القرن العشرين. كما أنني أشعر أن منهم من لم يحصل على حقه تماماً، مثل توفيق الحكيم الذي أقول إننا ظلمناه ولم نعطه ما يستحق، فالرجل في ثلاثينات القرن الماضي كتب مسرحة "أهل الكهف" التي خصها طه حسين بمقال نقدي في "الرسالة"، فهذا الرجل يجب أن يدرس، وغيره من الأدباء العرب الذين لم ينالوا حظهم من الاهتمام. - متى كان أول إنتاج أدبي لك؟ في العام 1998، وكان مقالاً أدبيا في مجلة الجامعة، وأعاد رئيس تحريرها كتابته من جديد، ورغم ذلك كانت فرحتي كبيرة به وشعرت أنني يمكن أن أكتب شيئاً! - وما هو أول كتاب لك؟ كان كتابا بعنوان "نحو فكر جديد"، وهو عبارة عن مجموعة مقالات حول التجارب الناجحة حول العالم، ونشر في العام 2006 بطبعة واحدة ولم أعد نشره. - هل لديك طقوس عند الكتابة؟ سألت عن عظيم! نعم لابد أن أكتب في المساء، وأنا أستمع إلى الموسيقى! إلا إذا كنت خارج الإمارات فعندها تتحول طقوسي إلى حب الصخب، فإذا سافرت إلى القاهرة لا أستطيع الكتابة إلا وأنا جالس على مقهى في الحسين، وإذا كنت في لندن أجلس في شارع بيكاديللي للكتابة. - هل تعد الكتابة مصدر رزقك؟ لدي عمل خاص، مشروع خاص، ولكن أيضاً أحصل على أجر من الكتابة.. كما لدي برنامج تليفزيوني على تليفزيون دبي اسمه "ما قل ودل"، والحلقة مدتها 15 دقيقة، أتكلم فيها عن التنمية الذاتية. - على ذكر التنمية الذاتية.. ما رأيك في من يقول إن الأمر تحول إلى تجارة؟ لا أنكر أن هناك تجارة خصوصاً ما يتعلق بالدورات الخاصة بالتنمية الذاتية، ولكن مع ذلك تظل دورات مفيدة لا يستغني عنها أحد تقريباً، فلندع الناس يتاجرون بالمعرفة أليس هذا أفضل من التجارة بما يضر ولا ينفع، ولكن بشرط أن تكون التجارة (الدورات) تتعلق بمعلومة حقيقية. وأعتقد أن الدول التي تقدمت كان السبب في ذلك أن مواطنيها، كلاً منهم أو أكثرهم، صار لديه مهارات في التفكير والتواصل والتنفيذ وإدارة الوقت، وبالتبعية تطور كل فرد منهم ثم تطور المجتمع.. وهذه المهارات في حقيقتها هي التنمية الذاتية، ولكن يجب أن يتم الأمر بالطريقة الصحيحة، دون مبالغات أي لا تكون جميع قراءاتي في هذا المجال. فأنا مع نشر المعرفة بالتنمية الذاتية ولكن لست مع تكرار الحديث فيها، ففي برنامجي مثلاً إذا تحدثت عن الغضب لا أتكلم بشكل عام وأكرر الكلام، بل أطرح أدوات محددة للسيطرة على الغضب.. وهكذا. - كيف تقيم التجارب الأدبيةالإماراتية الحالية، خصوصاً الشابة؟ إذا قيمناها بالمعيار الأدبي سنشير إلى كثير من العيوب فيها، ولكن إذا وضعناها في سياق النمو الاجتماعي الإماراتي فهي ممتازة! لأن ذلك يعني أن المجتمع بدأ ينضج وبدأ يتحرك فصار هناك منتوج أدبي.. والآن يجب أن يرافق هذا الإنتاج وهذه التجارب حركة نقدية وهو ما نفتقده في الإمارات، ولكن هذه الحركة ستتشكل مع الوقت، وهي التي ستصحح مسار الإنتاج الأدبي وتجعله أكثر نضجاً وتأثيراً. - ما هي المشاكل التي تواجه الأديب الإماراتي الشاب؟ النشر لم يعد يمثل مشكلة أمام الأديب الإماراتي الشاب، فدور نشر عدة منها "كتاب" وغيرها فاتحة أبوابها أمام الأدباء، لكن الأدباء الشباب يحتاجون إلى التدريب على الأنواع الأدبية المختلفة، وتوفير ما يسهل ذلك من سبل مثل ورش الكتابة. المشكلة الأخرى هي انتشار الأديب الإماراتي في العالم العربي، فأنا مثلاً قد أكون معروفاً على المستوى الخليجي، ولكن يهمني أن أكون معروفاً في مصر، وإذا ناقشت الأمر مع دار النشر تخبرك بأنه من الصعب الدخول إلى السوق المصرية، وهذه المشكلة قد تحل بعقد اتفاقات شراكة بين دور النشر في الدولتين، لكنني حتى تحل مثل هذه المشكلة أحرص دائماً على المشاركة في معرض القاهرة للكتاب – على سبيل المثال - والمشاركة في الورش والندوات المصاحبة له لتحقيق حضور بين القراء في مصر.