الخارجية الأمريكية: إدارة بايدن ترى أن إسرائيل لن تحقق "نصرًا كاملاً" في هزيمة حماس    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    ارتفاع تكلفة الواردات في كوريا الجنوبية وسط ارتفاع أسعار النفط    وزير الزراعة يكشف تفاصيل مشروع مستقبل مصر    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    شولتس يقلل من التوقعات بشأن مؤتمر السلام الأوكراني    إعلامي: الزمالك يدرس دعوة مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    برج الأسد.. ماذا ينتظر مواليده في حظك اليوم؟ (توقعات الأبراج)    لطفي لبيب: أحمد السعدني لازم يفرح لأن والده في مكان أفضل    فريدة سيف النصر تكشف لأول مرة كواليس تعرضها للخيانة    سلوى محمد علي: الشعب المصري لا يكره إلا من يستحق الكره    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    انتقاما ل سلمى أبو ضيف.. كواليس قتل إياد نصار ب«إلا الطلاق» (فيديو)    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هيئة الدواء تحذر من منتجات مغشوشة وغير مطابقة: لا تشتروا هذه الأدوية    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    امتحانات الدبلومات الفنية 2024.. طريقة الحصول على أرقام الجلوس من الموقع الرسمي للوزارة    إبراهيم عيسى: أي شيء فيه اختلاف مطرود من الملة ومتهم بالإلحاد (فيديو)    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع خريجي المبادرة الرئاسية «1000 مدير مدرسة»    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    ضابط استخبارات أمريكي يستقيل بسبب حرب غزة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    مقتل وإصابة 10 جنود عراقيين في هجوم لداعش على موقع للجيش    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    عاجل - "احذروا واحترسوا".. بيان مهم وتفاصيل جديدة بشأن حالة الطقس اليوم في محافظات مصر    «اتحاد الصناعات» يزف بشرى سارة عن نواقص الأدوية    احذر.. هذا النوع من الشاي يسبب تآكل الأسنان    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    القضية الفلسطينية.. حضور لافت وثقته السينما العربية    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية منذ نشأته يتعرض لحملة من الأكاذيب    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    مستشار وزير الزراعة: إضافة 2 مليون فدان في 10 سنوات إعجاز على مستوى الدول    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    دبلوماسي سابق: إسرائيل وضعت بايدن في مأزق.. وترامب انتهازي بلا مبادئ    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصري ينجح في تغيير وظيفة التراث وإعادة خلقه من جديد
نشر في القاهرة يوم 27 - 04 - 2010

باحثا عن تاء تأنيث تعلن الدفء في وجه الصقيع، ونائما في حضن الوطن المخبأ في الصلاة، وفي الشموع، وفي السهر، ولاهثا في شوارع العشاق التي صارت موطنا لغبار الذاكرة، يعدو الشاعر السوري "أسعد المصري" في ديوانه "مد الرمال" إلي ظل لحظة خبأها قبل الرحيل، فيوقفه صدي الشمس علي مد الرمال متسائلا : يارب هل يرضيك هذا الظمأ؟
يقف أسعد المصري في ديوانه، علي بعد مسافة بين المجاز والواقع..تطول أو تقصر، وفق الحالة الشعرية الخاصة والخبرات الجمالية العالية التي اكتسبها عبر رحلة الابداع، وما تخللها من بؤس المناخ وحساسية الترحال والغربة.. مابين رومانسية القمر والبحر والعشق، وواقعية الحزن والعذاب والجروح النازفة، ومن الواقعة اليومية ينتزع الشاعر وقائعه الشعرية فيعيد بناءها داخل النص ليوجهها، منطلقا من ذاته المغتربة، باحثا فيما حوله عما يعزز هذه الذات وما يؤكد إحساساته الموجوعة.
و " أسعد المصري" ينجح بمثابرته في تغيير وظيفة التراث وإعادة خلقه من جديد، وكذلك قدرته علي التركيز علي خاصية الإحاطة بالمعرفة الانسانية وضرورة الاستفادة منها في تركيب النص الشعري، يقول الشاعر في قصيدة "البحر في زجاجة"
طقطقة عكاز جدي
في باحة الدار التي لم تغادرني
ولم أرها منذ نعومة أشعاري
شجرة الجوز العجوز
التي لم تبرح مكانها علي حافة الساقية
معلمة الفلسفة المعجبة ب"جان جاك روسو"
ويبدو لقاريء قصائد ديوان "مد الرمال" أنه لم يعد يواجه في النص الشعري أبعاداً لا عهد لممارسته بها، تدخل في إطار ايقاعي أو لغوي، وإنما تعدي ذلك إلي مواجهته بمعجم معرفي متنوع في الزمان والمكان، وقد سعي الشاعر في منجزه الشعري هذا إلي فك أسرار تلك الانبثاقات ورموز النص وفتح بعض النوافذ التي تجنبهم مخاطر المتاهة، وذلك عندما حشد لأدبية النص لغة وثائقية عمادها تخييل الوقائع .
إن البعد المعرفي في قصائد "المصري" لعب دورا أساسيا في تلبيس حالة بلاغية جديدة تختلف في بنائها الاستعاري عن الخصائص البلاغية المعروفة التي أكسبت القصيدة المعاصرة غموضا، وفتحت أمام القاريء نصية يعتمد فيها الشاعر علي التحويل المجازي، وعلي مجموعة الإحالات التي تشكل فيما بعد المجموعات الدلالية، لذلك كان النص عنده ذا قدرة علي الإقناع بشرعية التلاعب بالحكاية التاريخية ، يقول الشاعر في قصيدة "طلقة أخري.. وأصحو"
لو بعثت يا بروتس
وتقمص في قيصر
لما أردت ملك روما
إنما ميتة ..قيصر
إن هذا النزوع عند الشاعر إلي توسيع الاهتمام في هذا الميدان مشروط بمفهومه للشعر الذي لم يدخر جهداً للوصول إلي منابعه البلورية الأولي بالتعرف والاطلاع علي مصادر الثقافة الإنسانية بمدلولها الشامل، و"أسعد المصري" اقترب بشاعريته من تلك المصادر..من تشكيل وقص وتاريخ ومسرح وسينما، وقد انعكست هذه الاهتمامات في مجاميعه الشعرية التي يندر ألا تصطدم بهذا العالم الغريب اليومي الصاخب الخاضع حتما لسلم من إمكانات الاستيعاب والتمثل، إن أهم مصدر ثقافي يحمل في تركيب النص الشعري عند الشاعر هو المتن الشعري العام كمجموعة كبيرة تشمل كل أنواع الكتابة الشعرية التي استطاع "المصري" الاهتمام بها بوسائل متعددة، وكان من أبرز مظاهر هذه المستويات هو الاقتراب من لغة الكلام اليومي، إذ توصل في بعض نصوصه الشعرية إلي إدماج الكلام اليومي في النسق العام للكلام الشعري، فنتج عن ذلك إغناء للكلام الشعري، يقول الشاعر في قصيدته "وهمي الجميل"
لأن عيونك
قهوة صحوي، سيجارتاي
وصمت الجريدة
لأنك
دافئة مثل شمس الخريف
هتون الربيع..
حديث المساء وموقد جدي
و "ساعد أباك بصنع القهوة" ليلة عيد
وطعم دروب الكروم البعيدة
أحبك جدا
استمد الشاعر تشبيهاته من بيئته، ومما شهده أو خبره، مازجا كل احساساته ومشاعره وذوقه الخاص في التجربة الشعرية الواحدة.. ويبدو أنه سئم التشبيهات التراثية، فتبني مفهوما جديدا للتشبيه هو ما تآزر فيه الفكر بالوجدان.
هائم "أسعد المصري" في حضن الأسئلة الكبيرة، يقول في قصيدته " وجه آخر"
لماذا تبدل الوجوه بالوجوه والأشياء بالأشياء ؟
لماذا تبدل نظراتنا مع كل انقلاب صيف وكل انقلاب شتاء؟
هلا أعدتنا يارب لو يوما واحدا طفلين..يجمعان الحجارة الملساء؟
ومختتما ديوانه بسؤال آخر في قصيدة " البحر في زجاجة"
هل كان سائق الحافلة يعرفك حين قال :
وفر دموعك، فطريق غربتك لم يبدأ بعد؟!!
هكذا تحيل أسئلة الشاعر إلي أسئلة المتلقي، فأسئلة الموضوع..دوامة من الأسئلة..فكانت حوارية الذات مع الذات عملية أن أسقط فيها الشاعر همومه علي الأشياء التي أمامه..ولأن النص الشعري تجسيد لرؤية الشاعر وترسيم لحدودها من منظور سيكولوجي يهدف إلي نقل كثافة المشاعر بأسلوب مؤثر فضلا عن المشبه المحسوس/ المشبه المعنوي، استفاد من دلالات مفردة الأحلام/ شجرة الجوز لكي تتجلي كل ايحاءاته المتكئة علي وحشة الغربة ودموع الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.