أنوشكا سليم فنانة متألقة ذات صوت رقيق ولدت معها موهبة الغناء منذ طفولتها بحضانة المدارس الأرمنية بباب اللوق ثم المرحلة الثانوية ولم تنضج هذه الموهبة إلا في الجامعة الأمريكية عندما جاءتها فرصة الاشتراك في مسابقة عالمية وتقدمت في المسابقة بأغنية فرنسية من تأليف المستشار جمال عبدالحليم. وانطلقت شهرتها منذ غنت الموال المصري ياليل ياليل ممتزجا بأغنيتها الفنية وتألقت في هذا الحفل الذي أقيم في فرنسا فأعادت إلينا فن غناء الفرانكوآراب الذي غناه الراحل عبدالعزيز محمود في الستينات. وانطلقت بعدها تغني في العديد من المهرجانات العالمية بفنلندا وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا وتركيا وأمريكا اللاتينية وقد فازت في مهرجان تركيا بالجائزة الثالثة لأغنية «حبيتك» من تلحينها.. وأصدرت عددا من الألبومات منها «حبيتك» و«ناداني» و«تيجي نغني» و«أبين زين» و«كداب». هي شخصية متفردة، عصامية لا تعرف الشللية لم يتلقفها ملحن أو منتج ليصنع نجوميتها بل صنعتها بنفسها كلما وفرت شيء ما من المال قامت بصناعة ألبوماتها وكلما وجدت مهرجانا يتم اختيارها فيه تتألق بغنائها وقد أحيت العديد من حفلات كأس العالم في الرياضة ففي كرة القدم عام 97 وكأس كرة اليد وحفل افتتاح كأس العالم للألواح الشراعية عام 2000. شخصية تحترم وجودها الفني وقيم مجتمعها فلم تلهث خلف منتج أو رجل أعمال ليصنع لها وجودا فنيا.. وعندما أكدت هذا الوجود الفني اختارها المخرج الراحل صلاح أبوسيف في فيلم السيد كاف، وشاركت في فيلم «من أطلق هذه الرصاصة» وبدأت تغزو عالم التمثيل بأداء يمتزج بصوتها ورقتها فاشتركت في مسلسل «الطاووس» وقامت ببطولة أوبريت «الورد» في أعياد الطفولة.. كثيرا ما تختفي عن الوسط الفني ثم نفاجأ بعمل فني يعيد وجودها أقوي فأقوي.. فكانت لها تجربة الغناء المشترك مع محمد منير «دويتو». امتلأت الساحة بالعديد من المطربين والمطربات بأعمال ليست كلها علي المستوي الذي يتناسب وذوق الجماهير وامتلأت شاشات الفضائيات بالكليبات إلا أنها وإن كانت أعمالها محدودة فهي أعمال ذات مذاق خاص. وسألتها.. كيف تجد أنوشكا نفسها؟ - فأجابت أجد نفسي إنسانة أعطاها الله موهبة الغناء فأثبتت وجودها وسط طوفان المطربين والمطربات وتحملت مسئولية تمثيل بلدي في المهرجانات الدولية بشكل يليق بمكانتها في مهرجانات كأس العالم للكرة بأنواعها الرياضية وفي مهرجانات الأغنية ومهرجانات الإذاعة والتليفزيون واشتركت أيضا في مهرجان الأغنية العربية مع الفرقة العالمية بوني إم. ما الذي أضافته أنوشكا للأغنية؟ - أنا أعتبر نفسي آخر من قدم الأغنية الخفيفة بشكل أعجب الناس بعد حنان ومني عبدالغني وسيمون وما يميزني في أغنيتي الخفيفة أنها صنعت مني شخصية لها «ستايل» خاص خفيفة ممتزجة بالكلاسيكية وقد قدمت من خلال غنائي الوطني والعاطفي ومزجت بين الشرقي والغربي وكثير من النقاد قالوا إن لي خطًا مختلفا عن الآخرين. نعرف أن والدك مصري ووالدتك أرمينية ألم يؤثر هذا في شخصيتك الفنية؟ - بالعكس أنا نشأت نعم في مدارس أجنبية ولكن تربيتي كانت شرقية وتعليمي كان شرقيا وعربيا ونشأت وأنا أعرف أن هناك فرقا بين الشرقي والغربي كبرت علي الثقافتين ثم مزجت الأفضل منهما فلم أغن الربع تون حتي أكون شرقية كلاسيكية خالصة ولم أغن الغربي وحده وهناك العديد من مطربي العالم نعشقهم مع أنهم لم يغن أي منهما الربع تون فالمزج بين الثقافتين هو الذي جعلني أقدم نفسي بمصداقية وبشكل محترم بعيدا عن «العري والتنطيط» فأنا موضوعية فيما أقدم شكلا وموضوعا وقد ظهر ذلك في بداياتي مع أغنية «ياليل» التي صنعت وجودي ولذلك لم يقدم أعمالي سوي أنا، فأنا المنتجة لأعمالي والحمد لله. بمن تأثرت من الملحنين والمطربين؟ - الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب والذي اختلطت موسيقاه منذ أغنية انت عمري لأم كلثوم بالآلات الغربية واستطاع أن يصنع هارموني جديدًا في كل ما قدم من بعد هذه الأغنية ولذلك غناء المطرب عبدالحليم حافظ في «قارئة الفنجان» و«رسالة من تحت الماء» وغيرهما فقد أثر المناخ الغربي علي أغانينا وعاشت الجاليات الأجنبية في بلادنا العربية تستمع لأغانينا الممتزجة بموسيقاهم وانتشر الموزعون الأجانب في الساحة الغنائية كأندريه وغيره وتأثر كثيرا الموزعون الموسيقيون العرب بموسيقي الغرب وخرج من المناخين الحاد وسمة هذا المزج نفسه هو نتاج لثقافتي ونشأتي. لماذا انفردت بإنتاج أعمالك بنفسك؟ - لأني أختار أعمالي بدقة شديدة والمنتجون يفرضون علي المطرب لونًا معينًا وأداء معينًا وهذا سبب جوهري بأني لا أغني إلا بنفسي ومن إنتاجي وما يتناسب مع شخصيتي فأنا أقدم أحاسيسي ومشاعري في الكلمات والألحان وليس لي دخل بمتطلبات الألبوم وهنا مربط الفرس. أين أنت من الساحة الغنائية والإعلام الآن؟ - يجب أن يقف الإعلام مع المطرب فأنا بنيت نفسي وقد عشت عامين في بداية حياتي في التسعينات لا أري أهلي من كثرة سفري ومشاركتي في المهرجانات وكنت بين خيارين إما أن أعيش لفني أو أتركه لأعيش مع أهلي لأنني لم أجد من يأخذ بيدي إعلاميا أو فنيا فالفنان يحتاج مؤسسات كما هو في الدول الأخري. هل يستطيع مطرب إحياء حفل بمفرده عربيا كان أم مصريا كما كان في الستينات وما بعدها؟ - أعتقد أن هذا صعب فقد شاركت في حفلة افتتاح كان يغني بها كل من هاني شاكر ومحمد منير ونحن غير الغرب فهناك ممكن مطرب «يشيل حفلة لوحده» ثلاث ساعات لأن هناك إمكانيات في الإضاءة والإخراج والإبهار فالتذكرة يدفعها المشاهد لدي كل التقنيات الفنية من إضاءة ودخان وجماليات للعين وليس لسماع المطرب فقط والمنظم للحفلات هناك يعمل حساب ذلك ونحن كثيرا ما نشاهد حفلات أضواء المدينة في التلفاز ولا نستطيع الانتظار حتي ينتهي المطرب من أغنيته ونقوم بالعديد من التغييرات بالريموت. إنتاجك قليل بالنسبة لألبوماتك لماذا؟ - لأن الإنتاج يجعلني أختار الكلمة واللحن والأداء الذي أحب أن يصل إلي المستمع والمشاهد إذا كان كليبا ويتفاعل معه ولهذا ليس الإنتاج أمرا سهلا. هل مساحات صوتك يمكنك بها غناء أغنية من أغنيات الكبار الراحلين؟ - أي فنان يستطيع أن يوظف صوته ومساحته ليغني للكبار ولكن لماذا أغني للكبار، أنا يجب أن أغني لنفسي لكن الكبار أتعلم فقط من أدائهم وأدرب نفسي علي ما قدموه لنا لكن إذا غنيت أغانيهم أين تكون شخصيتي الفنية. بدأت تنتشرين في الأعمال المسرحية في مسرحية أولاد الغضب والحب وقمت بتقديمها منذ أكثر من عشر سنوات وتعاد الآن علي مسرح السلام وقدمت حلم بكرة ورأيناك تغنين وترقصين وتمثلين ما الذي أهلك لكل هذا؟ - أي فنان في أوروبا علي سبيل المثال يختبرونه في الغناء والاستعراض والتمثيل فهناك فنان ممثل لا يستطيع الغناء والاستعراض وهناك مطرب لا يعرف التمثيل أو الاستعراض لكن الفنان الشامل يكون قد تدرب علي كل هذه الأعمال وأنا سبق وتدربت علي يد محمود رضا وعاطف عوض ووليد عوني المهم دراسة ما يود الفنان عمله.. وعندما أعمل الألوان الثلاثة كفنانة شاملة يكون هذا فضل من الله وهذه التجربة عشتها ومارستها وظهرت بها أمام الناس والنقاد والرأي لهم فأنا إنسانة قدرية جدا. تجربتك مع الفنان محمد منير لماذا لم تتكرر؟ - أنا لا أحب التكرار إلا إذا كان هناك نص أو موضوع يفرض علي عمله ويكون قد أعجبني. أنوشكا والوسط الفني ماذا تقولين؟ - العلاقة بيني وبين الزملاء في الوسط الفني لابد وأن تكون قائمة علي التعاون والحب بروح العمل الجماعي دون فرض رأي من أي واحد علي الآخر ولا أنسي بعض الزملاء كرضا حين كان معي في بداية مشواري الفني أعطاني ثلاثة نصوص غنائية بثمن نص واحد فهناك أناس بدأت معهم وأناس عرفتهم في طريقي منهم عبدالرحمن أبو سنة ومحمد عزام وغيرهما وهناك من يجعلك تحس بأن الأنا عنده متضخمة لأنه نجح في عمل أو عملين ويجب علي الإنسان أن يجتهد لمدي الحياة دون غطرسة. ما أمنياتك وماذا تقولين للقراء؟ - أمنياتي أن تعود الأفلام الغنائية والاستعراضية الاجتماعية الهادفة التي لا تخرج عن قيمنا وأصالتنا وشرقنا العربي وعاداتنا وتقاليدينا لا أن نري أفلاما لا تمت لهذا بصلة ويقولون عنها إبداع مع أن الفن هدفه تهذيب ذوق المتفرج.. أحب قراء مجلتي التي أفضلها وأتمني أن ينال ما قلته رضاهم.