لاتزال معدلات العنف مستمرة في أفغانستان مما يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل البلاد. وتزايدت في الآونة الأخيرة العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين والقوات الأمنية و القواعد العسكرية في محاولة لإثارة الرعب. ويتزامن تصاعد معدلات العنف مع قيام حركة طالبان بهجمات منظمة ضد المسئولين الحكوميين الإقليميين وقوات الشرطة والمدنيين لاستهداف القوات الأفغانية والأمريكية والقوات التابعة للناتو، مما آثار المخاوف من انزلاق البلاد إلي حالة من الفوضي أو الحرب الأهلية. تزايد العنف وأدي انفجار قنبلة وضعت علي حافة طريق في الطريق إلي مدينة مزار الشريف إلي مقتل 15 شخصاً وجرح 18 آخرين كانوا يتوجهون لحضور حفل زواج في شمال افغانستان. وعلي الرغم من عدم تبني أي جهة لهذا الهجوم الذي أسقط ضحايا مدنيين غالبيتهم من النساء و الأطفال، إلا أن أصابع الاتهام تتجه إلي متمردي حركة طالبان الذين يريدون إحراج الرئيس الأفغاني. كما أعلنت حركة طالبان مسئوليتها عن مقتل ستة رجال شرطة أفغان بالرصاص بعد أن سممهم زملاء لهم في جنوبأفغانستان وبعدما فقدوا الوعي قتلوهم رمياً بالرصاص. من ناحية أخري، تعرضت قاعدة مشتركة للحلف الأطلسي (الناتو) والجيش الأفغاني في ولاية باكتيا في شرق أفغانستان لهجوم انتحاري بسيارة مفخخة مما تسبب في سقوط 45 جريحاً في صفوف القوات الافغانية بينما أعلن ناطق باسم حاكم باكتيا أن عدد القتلي غير معروف. وتبنت حركة طالبان هذا الهجوم، وقال ذبيح الله مجاهد، الناطق باسم الحركة، "إن مجاهدينا المسلحين بصواريخ ورشاشات وقنابل يدوية وسترات انتحارية تسللوا بنجاح الي قاعدة أمريكية في منطقة زرمات بعد هجوم بسيارة مفخخة شنه مجاهدونا". كما وقع انفجار يوم السبت الماضي في في إقليم هلمند جنوبأفغانستان بالقرب من مبني حاكم الإقليم بسبب زرع متفجرات بجانب مبني حاكم الإقليم الواقع في مدينة شكر كاه وسط إقليم هلمند الجنوبي. ولم تعلن أي جهة مسئوليتها عن الانفجار. أعلنت حركة طالبان مسئوليتها عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف عسكريين غربيين وعناصر استخبارات أفغان في منطقة معروفة بإقليم قندهار جنوبأفغانستان يوم السبت الماضي. و أسفر الهجوم عن مقتل 6 أشخاص بينهم جنديان أجنبيان. في الوقت نفسه، قالت ناطقة باسم شركة سوبريم جروب ان متمردي طالبان شنوا هجوما علي مخزن أغذية وإمدادات للجنود الأمريكيين بقذائف آر بي جي بالقاعدة الأمريكية الرئيسية في أفغانستان. وقالت فيكتوريا فروست، الناطقة باسم الشركة، إن الهجوم لم يسفر عن إصابات أو وفيات و إنما تسبب في حريق هائل وخسائر مادية. وتعرض موكب نائب الرئيس الافغاني، محمد كريم خليلي، لهجوم من قبل مسلحين في مقاطعة الشيخ علي في إقليم باروان بوسط افغانستان. وهاجم مسلحون الموكب بقذائف صاروخية، ولاذوا بالفرار من المنطقة بعد اشتباك استمر نحو نصف ساعة ولم يسفر عن سقوط ضحايا. وأعلنت حركة طالبان مسئوليتها عن الهجوم، وقال ذبيح مجاهد، المتحدث باسم الحركة، إن الهجوم علي نائب الرئيس أسفر عم مقتل ثمانية أشخاص غير أن السلطات الأفغانية نفت هذا الخبر. خسائر مدنية ولا يشير تزايد معدلات العنف في الآونة الأخيرة إلي استمرار الصراع بين عناصر حركة طالبان و القوات الدولية و الأفغانية فقط، و إنما يشير إلي تدهور الوضع الأمني برمته حيث يستخدم المدنيين كطرف في الصراع مما يتسبب في كارثة إنسانية متواصلة. وتفيد تقارير الأممالمتحدة، إن 1145 مدنياً قتلوا منذ مطلع العام الحالي بسبب الصراع الدائر في أفغانستان، و تشير إلي أن 80 % من الضحايا قتلوا بسبب اعتداءات نفذها متمردو طالبان بينما قتل عشرون 20% بسبب تفجير عبوات ناسفة تزرع علي حافة الطرقات. من جانبها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أزمة إنسانية بسبب النزاع المسلح في أفغانستان بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وسوء التغذية و صعوبة الحصول علي المساعدات الطبية. وطالب ريتو ستوكر، رئيس بعثة الصليب الأحمر في أفغانستان، أطراف النزاع بوقف الهجمات علي موظفي الرعاية الصحية وعلي السيارات والمرافق الخاصة بهذا القطاع. كما دعا تحالف يضم 30 منظمة غير حكومية، من بينها منظمة العفو الدولية، المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عاجلة لرعاية اللاجئين حيث تعاني مخيمات النازحين ظروفاً مناخية قاسية تسببت في حدوث وفيات الشتاء الماضي خاصة بين الأطفال و المسنين. ويصل عدد النازحين في أفغانستان إلي نصف مليون نازح وفقاً لمفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. مرحلة حساسة و تحديات أشارت عضو البرلمان الأفغاني، ناهيد فريد، في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" إلي أن أفغانستان تمر بمرحلة حساسة وتنتظرها تحديات كثيرة مع اقتراب موعد خروج القوات الأجنبية من البلاد عام 2014. وأضافت "أمامنا قضايا مهمة وعلي رأسها الانتخابات الرئاسية. وهي أول انتخابات ستجري في غياب القوات الأجنبية في بلدنا، والقضية الملحة الثانية هي خروج القوات الأجنبية من أفغانستان حيث يعتبر هذا الخروج عملية عسكرية. ومن ناحيه أخري، هي عملية سياسية حكومة أفغانستان والجيش الوطني غير جاهزين لاتخاذ إجراءات لتأمين حماية الأمن والاستقرار في البلاد. غير أن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أكد أن أفغانستان قادرة علي حفظ الأمن فور رحيل قوات حلف الأطلسي (الناتو)، و أضاف "إن الأفغان مستعدون لتسريع عملية نقل المسئولية الأمنية إذا كان ذلك ضرورياً. هذه أخبار جيدة بكل المقاييس لنا ولحلف الناتو. إن عملية النقل تجري الآن حسب ما هو مقرر. لقد جرت بشكل جيد. والحكومة الأفغانية مستعدة لتولي المسئولية". كما أعرب الأمين العام لحلف الأطلسي، أندرس فوج راسموسن، عن ثقته في قدرات القوات الأمن الأفغانية علي حفظ الأمن في البلاد خاصة أن حلف الناتو سيشرف علي مهمة جديدة للتدريب والاستشارة بعد المهمة الحالية القتالية لقوات التحالف التي ستنتهي عام 2014 يذكر أن عدد القوات الأفغانية يبلغ 184184.676 جندي، ويقدر عدد أفراد قوات الشرطة ب 146.339 عنصر. واشار راسموسن إلي أن المرحلة الثالثة من تسليم الأمن سوف تنتهي بحلول نهاية الشهر المقبل، وسوف تعلن الحكومة المرحلتين الرابعة والخامسة في الشهور القادمة مؤكداً انخفاض أعمال العنف انخفضت في المناطق التي تتولي فيها القوات الأفغانية المسؤولية الأمنية. قلق دولي ومع استمرار معدلات العنف في أفغانستان، طالبت عدة صحف أمريكية الإدارة الأمريكية بضرورة إنهاء تواجد القوات الأمريكية في أفغانستان، والالتزام بالموعد المحدد لانسحاب القوات الأمنية كافة بحلول نهاية عام 2014 وحذرت صحيفة "النيويورك تايمز" من مغبة بقاء القوات الأمريكية لفترة أطول خاصة مع توارد أنباء عن محاولة باكستان دعم عناصر حركة طالبان. وأضافت الصحيفة أن "التهديد الحقيقي للديمقراطية الأفغانية لا يتمثل في التفجيرات والهجمات، ولكنه يتمثل في تفشي الفساد في أركان الدولة، لاسيما أن الفترة الماضية شهدت تزويرًا في انتخابات الرئاسة الأفغانية الأخيرة وتولي علي إثرها حامد كرزاي منصبه الذي أدر عليه الكثير من المال، فضلاً عن أن النهج الذي تسير عليه أفغانستان حاليا هو خاطئ بكل المعايير والمقاييس". أما صحيفة "الفايننشال تايمز" فدعت إلي ضرورة استئناف المفاوضات بين واشنطن وحركة طالبان، وقالت إن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لضمان استقرار البلاد بعد انسحاب قوات التحالف. ووصفت الصحيفة استراتيجية الخروج من أفغانستان بأنها يشوبها خلل كبير بسبب فشل قوات الناتو في إعداد القوات العسكرية والشرطة الأفغانية بشكل جيد، وحذرت من احتمال نشوب حرب أهلية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في أعقاب انسحاب قوات التحالف منها، ودعت إلي ضرورة إيجاد استراتيجية سياسية لمستقبل البلاد بالتزامن مع الاستراتيجية العسكرية للخروج منها. لايزال الوضع الأمني في أفغانستان يثير قلق المجتمع الدولي. وتبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً يقضي بتمديد الإذن الممنوح ببقاء القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان لعام آخر ينتهي في الثالث عشر من أكتوبر 2013 وفي هذا القرار إشارة إلي عدم ثقة المجتمع الدولي في قدرة الحكومة الأفغانية علي إدارة دفة الأمور وضمان سيادة القانون و حفظ الأمن وتوفير الخدمات والرعاية الأساسية للمواطنين.