ينظر الكثيرون من النقاد السينمائيين بعين الاعتبار علي أن ميريل ستريب أعظم ممثلة سينمائية علي قيد الحياة، فقد قدمت في فيلم «المرأة الحديدية» أداء استثنائيا غير عادي لأنها عاشت فيه ولم تعبر عنه، ولذا فازت بجائزة الأوسكار لأحسن ممثلة في دور رئيسي عن جدارة وذلك للمرة الثالثة في حياتها حتي الآن. جسدت ستريب في هذا الفيلم شخصية «مارجريت تاتشر» رئيسة وزراء بريطانيا السابقة والتي كانت من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، لقد خصصت ستريب علي نحو غريب ومخيف صوتها، وجهها وروحها في هذه الحدة المروعة «لمارجريت تاتشر» في هذا الأداء الرائع. إذا أردت أن تشاهد فيلما حول الحياة الشخصية والمهنية «لمارجريت تاتشر»، فإنك تضيع وقتك سدي، أما إذا أردت أن تشاهد سيدة مسنة وهي تصارع ضعف الذاكرة لمدة ساعتين من زمن الفيلم فهذا هو فيلمك، يصور الفيلم رحلة صعود تاتشر لتولي رئاسة الوزراء أو حتي حياتها الشخصية علي نحو هزيل، وبدلا من ذلك يركز الجانب الأكبر من الفيلم علي الحالة الصحية المضطربة «لمارجريت تاتشر»، الأمر الذي أثر علي أداء عملها السياسي المالوف وأنها غير قادرة علي إدارة حكومتها في سنواتها الأخيرة في الرئاسة. يستخدم كاتب السيناريو ابي مورجان والمخرجة فيليدا لويد خمسة ارتدادات الي الماضي متفرقة يستغرق كل منها خمس دقائق لالقاء الضوء علي حياة تاتشر ابتداء من شبابها كابنة لبائع خضار مرورا بسنواتها الأولي في حزب المحافظين ونهاية بتوليها السلطة كرئيسة وزراء وهي في خريف العمر إنه من المهين أنه بدلا من التأكيد علي انجازات تاتشر، اختارت هوليوود استثمار ذاكرتها الضعيفة وهي التي كانت تحمل مبادئ سامية رفيعة لا ترجع أو ترتد عنها علي نحو واضح ومحدد، وفي النهاية أدي كل ذلك إلي سقوطها، كان زوجها الراحل دينيس «اضطلع بدوره ببراعة جيم برود بنت» كان بمثابة دعامة وملاذ لها عندما دخلت البرلمان، وكان يحاول دائما أن يعيدها للواقع، وقدم نيكولاس فاريل أداء قويا كمستشار لها في حزب المحافظين البريطاني. في الواقع، يعد الفيلم عرضا لامرأة واحدة، نراه من وجهة نظرها، ولهذا لا يجب أن تتوقع أن يكون بالغ الكمال في كل تفاصيله من الوجهة التاريخية. مشاركة وجدانية لقد حولت ميريل ستريب رئيسة 10 داوينينج ستريت «مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا» إلي امرأة تستحق تعاطفنا ومشاركتنا الواجدنية وحزننا. تم ترشيح ميريل ستريب للجائزة الأكاديمية ل17 مرة مما يثير الدهشة، فازت بالجائزة المذكورة مرتين عن فيلميها «كرامر ضد كرامر» (1979)، «اختيار صوفي» (1982)، كتب سيناريو فيلم «كرامر ضد كرامر» وأخرجه روبيرت بينتون وقامت ببطولته ميريل ستريب أمام داستين هوفمان وتدور أحداثة حول ما يحدث عندما تترك الزوجة التعسة زوجها وطفلها الذي يبلغ من العمر ستة أعوام لكي تعود بعد مرور ثمانية عشر شهرا بعد ذلك لتحارب في طلب الوصاية علي الطفل. مشاعر شخصية يركز الفيلم بصفة خاصة علي مشاعر الشخصيات دون أي شيء آخر، حيث يعتمد في معظمه علي وجوه الممثلين والممثلات والعواطف المشبوبة وقدمت ستريب دورا مركبا أظهرت فيه أدق مشاعر وأحاسيس الأم جوانا. كتب آلان جي باكولا فيلم «اختيار صوفي» وأخرجه، وفيه تجسد ستريب علي نحو يوجع القلب دور أم بولندية نزيلة بأحد معسكرات التعذيب التابعة للنازي في اقتباس رواية ويليام ستايرون الأحسن مبيعا والتي تحمل نفس اسم الفيلم، جاء أداء ستريب في هذا الفيلم نموذجاً مغرياً للأداء المتماسك، فيبرر ماضي صوفيا سلوك ستريب المألوف: الابتسامة الحزينة المتعمدة، أصابع اليد العصبية الخائفة، بدايات ونهايات جمل الحوار حتي في لحظات ذروة التوتر بينما تنتشر البقع الحمراء في أماكن متفرقة من جسمها من اثار التعذيب. ولدت ماري لويز ستريب في 22 يونية 1949 في سوميت، نيوجرسي بالولايات المتحدةالأمريكية، مازالت طموحات ميريل المبكرة ناحية الأوبرا، كانت تهتم بالتمثيل عندما كانت طالبة في مدرسة «فاسار»، وعندما تخرجت التحقت بمدرسة «ييل» للدراما، أثناء دراستها، اضطلعت بعدة أدوار في مسرحيات شهيرة مثل «حلم ليلة صيف» و«النهاية السعيدة»، بعد تخرجها من مدرسة «ييل» ظهرت في مسارح برود واي ثم انتقلت للتليفزيون، حيث لعبت دورا رئيسيا في مسلسل «الابادة» وفازت عنه بجائزة «إيمي» كأحسن ممثلة تليفزيونية، قدمت أداء مذهلا في فيلمها السينمائي الأول «جوليا» (1977)، وفي العام التالي رشحت لأول أوسكار لها عن دورها في فيلم «صائد الغزلان»، (1978) ثم حصلت علي جائزتي أوسكار عن أدائها في فيلمي «كرامر ضد كرامر» (1979)، «اختيار صوفي» (1982). مرتبة الكمال تبلغ ستريب مرتبة الكمال في حرفة التمثيل، شديدة التدقيق في التوافه والتفاصيل، تتسم بالمثابرة في بذل الجهد في إعدادها لأدوارها، كل هذه العوامل أنتجت في النهاية سلسلة من الأدوار لاقت نجاحا هائلا علي المستويين النقدي والتجاري عبر عشر سنوات لأفلام عظيمة مثل sillrwood (1983)، «خارج افريقيا» (1985)، «الأعشاب الحديدية» (1987) و«ملائكة أشرار» (1988). هبطت حياتها المهنية طفيفا في بواكير التسعينات نتيجة لعدم عثورها علي أدوار مناسبة ولكنها ارتفعت فجأة إلي القمة في عام 1995 فاضطلعت بدور امرأة متزوجة تقع في حب كلينت ايستوود في «جسور مقاطعة ماديسون» (1995)، وقدمت دور الابنة المسرفة في فيلم «حجرة مارفين» (1996). في عام 1998، قامت بمجازفتها الأولي في ميدان الإنتاج، حيث كانت المنتج المنفذ لأحد الأفلام التليفزيونية، واقعية عندما تتحدث عن سنواتها المستقبلية في الأفلام السينمائية، تعلق قائلة «مهما يحدث، فعملي سيظل دائما مستمرا».