رسوم السحب من ماكينات الصراف الآلي 2024 ب «12 بنك»    «بايدن» خلال اجتماعات مجموعة السبع: لم أفقد الأمل بشأن وقف إطلاق النار في غزة    فيتو داخل مخيمات حجاج قرعة الحج السياحي بمنى وعرفات قبل التصعيد (فيديو وصور)    نجوى كرم بالبنفسجي في أحدث جلسة تصوير    محي الدين: الأهلي للصرافة تعمل خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    أخبار الأهلي: تفاصيل مران الأهلي قبل مواجهة فاركو.. انتظام الدوليين    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    وزير البترول يكشف تأمين الأرصدة وإمدادات المنتجات خلال إجازة عيد الأضحى    اوس اوس يصل العرض الخاص لفيلم «عصابة الماكس»    من فضائل يوم عرفة.. تكفير الذنوب والتأكيد على الأخوة بين الناس    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    "العدل الأوروبية" تغرّم المجر بسبب سياسات اللجوء    بمليار دولار وارتفاعه 250 مترًا.. معلومات عن برج «فوربس» المقترح بالعاصمة الإدارية    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    افتتاح عدد من الوحدات الحديثة بمستشفيات المنيا الجامعية    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    نقل المصابين في مشاجرة عائلتي بكوم إمبو للمستشفى الجامعي وسط حراسة أمنية مشددة    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    على خطى كرة القدم.. ريال مدريد بطلا لدوري السلة    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوكامبو: قوات من ثلاث دول ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في العراق ومازال التحقيق جارياً

نواصل نشر الجزء الثاني والأخير من الحوار المهم مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بعد أن نشرنا في الجزء الأول تمهيدا لهذا الحوار يتكون من تعريف بالمدعي العام لويس مورينو أوكامبو وبالخلفية التاريخية لتأسيس محكمة الجنايات الدولية وبعض الأسئلة. في الحوار الذي أعده باتريك سميث ونشر في مجلة أفريكان ريبورت بتاريخ 19 أكتوبر 2009 .
سميث: هل يمكن أن تقدر لنا حجم الصعوبات التي تواجهك في العمل بسبب رفض أمريكا وروسيا والصين وإسرائيل الانضمام إلي معاهدة روما التي أسست المحكمة وهل سيتغير هذا الأمر؟
أوكامبو: الانضمام للمحكمة هو قرار وطني سيادي لكل دولة. ولكن مع هذا، نحن نعمل ونتواصل مع الدول غير المنظمة للمحكمة لإقناعهم أن ينصتوا لنا. وبالفعل، استجابت روسيا بطريقة غير مباشرة عندما أرسلت لنا وثائق تدين من ارتكبوا جرائم حرب في جمهورية جورجيا وهذا يدل أن روسيا اخذت في الحسبان وجود معاهدة روما عندما بدأت عملياتها العسكرية في جورجيا، وبالنسبة للصين لدينا تواصل وعلاقات جيدة وبالنسبة لأمريكا، أستطيع أن أقول بثقة ان بعض أعضاء الحكومة الحالية يحترمون المحكمة.
سميث: وماذا عن الأمم الإفريقية التي صوتت في قمة عقدت في مدينة سرت الليبية بعدم التعاون مع المحكمة بسبب مذكرة القبض علي الرئيس السوداني عمر حسن البشير؟
(هامش يحتوي علي تحليل سياسي بقلم الصحفي باتريك سميث بعنوان «ثلاثون دولة إفريقية تعلن ولاءها وتمسكها بالمحكمة الجنائية الدولية»: ليبيا ومصر والغابون حاولت جميعا حشد جميع الدول الاعضاء بالاتحاد الافريقي ضد قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. ونتجت ردود فعل متباينة. بعد قمة الاتحاد الافريقي في سرت، طلب الزعيم الليبي معمر القذافي من الثلاثين دولة إفريقية التي انضمت للمحكمة الجنائية الدولية الانسحاب منها احتجاجا علي الإجراءات التي قامت بها ضد الرئيس عمر البشير، والتي وصفها بانها «النظام العالمي الجديد للارهاب»
وزير الخارجية الكيني «موسي وتانجولا» شرح موقف الاتحاد الافريقي في 5 أغسطس 2009 قائلا: «الاتحاد الافريقي لم و لن يقل إن الرئيس البشير بريء لأنه لا يملك القدرة علي فعل وإثبات ذلك. لا أحد سيقف في طريق اعتقال الرئيس البشير ومحاكمته ، لكن موقف الاتحاد الافريقي هو: دعونا نري ما هي الآليات داخل الاتحاد الإفريقي التي يمكن القيام بها للتحقيق المحايد في قضية دارفور». بعد قمة سرت، تساءلت كل من بوتسوانا وأوغندا وتشاد عن قانونية قرار الاتحاد الإفريقي بتعليق التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
رئيس أساقفة جنوب إفريقيا السابق «ديزموند توتو»، والأمين العام السابق للأمم المتحدة «كوفي عنان» حاولا تشجيع الحكومات الأفريقية لدعم المحكمة الجنائية الدولية. وساعدهما في ذلك اتساع نطاق تركيز المحكمة لتشمل الدول غير الافريقية. المحكمة فتحت تحقيقات رئيسية في أفغانستان، وكولومبيا، وفلسطين ، وجورجيا ، وكذلك كوت ديفوار وكينيا. المدعي العام لويس مورينو اوكامبو قال ان الدول الإفريقية الثلاثين المنضمة للمحكمة اجتمعت في مقر الاتحاد الإفريقي أديس أبابا لتؤكد مجددا التزامها بمعاهدة المحكمة ورفض أي ضغط عليهم للخروج من عضويتها، خاصة بعد مذكرة القبض علي البشير. المحكمة الجنائية الدولية لا تزال تعمل بشكل وثيق مع المنظمات والحكومات علي بذل الجهود لزيادة المساءلة القضائية الدولية).
أوكامبو: بعد اجتماع سرت بأيام، زرت أديس أبابا حيث مقر الأمانة العامة للاتحاد الإفريقي، واجتمعت مع لجنة عليا مختصة بقضية دارفور يرأسها ثابو ميبكي رئيس جمهورية «جنوب إفريقيا» السابق، مع أني في العادة أتحدث مع كوفي عنان الذي يمثل الاتحاد الإفريقي في كينيا. نحن نجتمع مع رؤساء دول في جميع أنحاء المنطقة).
سميث: هل تم القبول بوجود المحكمة علي نطاق واسع؟
أوكامبو: إرهاصات قوانين حقوق الإنسان الدولية بزغت في القرن التاسع عشر عندما بدأت الصحف في إرسال صحفيين مع كاميرات خلال حرب القرم(2) Crimean War مما غير الانطباعات والمفاهيم. الآن مع «تويتر» و«يوتيوب» بدأ الناس يأخذون صورًا ومقاطع فيديو. الشباب علي وجه الخصوص يشاهدون هذه الأشياء ويقولون: «يجب عمل شيء هنا او هناك»، علماء القانون الذين من جيلي لايزالون يفكرون في استحداث أنظمة دستورية نموذجية لتدخل دساتير جميع الدول القطرية لمنع انتهاك حقوق الإنسان، ولكن نحن نعيش في عالم متغير وجديد. قبل يومين زارني في المكتب محامون من جنوب إفريقيا يمثلون مجموعة من المسلمين بقضية في غزة تتضمن مواطن من جنوب إفريقيا يعمل في جيش الدفاع الإسرائيلي. لقد أصبحنا في عالم جديد يحتاج مؤسسات تتواصل مع بعضها وهيئات عالمية مثل المحكمة الجنائية الدولية.
هوامش للمترجم:
(هامش للمترجم: حرب القرم Crimean War : حرب نشبت بين روسيا والدولة العثمانية في 28 مارس عام 1853م، واستمرت حتي 1856. ودخلت بريطانيا وفرنسا الحرب إلي جانب الدولة العثمانية في 1854 التي كان قد أصابها الضعف، ثم لحقتها في عام 1861 مملكة سردينيا التي أصبحت فيما بعد مملكة إيطاليا. وكان أسبابها الأطماع الإقليمية لروسيا علي حساب الدولة العثمانية وخاصة في شبه جزيرة القرم التي كانت مسرح المعارك والمواجهات، وانتهت حرب القرم في 30 مارس 1856 بتوقيع اتفاقية باريس وهزيمة الروس هزيمة فادحة).
سميث: هل هناك طرق أخري تستطيعون بواسطتها العمل في نزاعات مثل تلك التي في أفغانستان، والعراق، وسريلانكا؟ وحقا وبدون شك: إسرائيل وفلسطين؟
أوكامبو: أنا لست المدعي العام لجميع دول العالم. أنا أمثل فقط ال 110 دول التي وافقت وصادقت علي معاهدة روما التي أسست المحكمة. ولذلك، لدي صلاحية للعمل في مناطق اختصاصي مثل الكونغو وأوغندا ولكن ليس في سريلانكا بورما أو العراق وهي دول لم تنظم للمعاهدة. ولكن مع هذا، تدخلت في السودان رغم كونها غير منظمة للمعاهدة لسبب وجيه وهو قيام «مجلس الأمن» بتحويل فضية دارفور للتحقيق حسب نظام المحكمة.
سؤال: إذن، أنت تستطيع التحقيق في أعمال دول غير موقعة علي المعاهدة مثل بريطانيا في العراق رغم كون العراق غير موقع علي المعاهدة؟
أوكامبو: نحن نجمع معلومات بخصوص مزاعم عن وجود جرائم ارتكبت من «بعض» ال 25 دولة المنظمة لمعاهدة روما ولها وجود عسكري في العراق. وقد وجدنا معلومات تدين 3 من هذه الدول بخصوص قيام بعض مواطنيها بممارسة تعذيب أو قتل. وبخصوص هذه الدول الثلاث، ستقوم هذه الدول بعمل تحقيقات عن هذه المزاعم. وإذا افترضنا أنهم سيقومون بهذه التحقيقات بصورة مهنية ومحايدة، فلا داع أن نعيد التحقيق بأنفسنا كما ينص نظام المحكمة.
سؤال: بالرغم من انك محام متمرس، إلا أنك بدأت تتصرف كرجل سياسة في عملك في المحكمة!! ما تعليقك؟
أوكامبو: بالعكس تماما!! أنا أضع حدودًا قانونية لكي يلتزم بها السياسيون هذا هو عملي الرئيسي. أنا أراقب الحدود الفاصلة في القضية بين السياسة والقانون. وإذا عبر أي شخص هذه الحدود، فمن واجبي تنبيهه عن هذه المخالفة. أنا بمثابة حارس للحدود في قضايا المحكمة.
سؤال: هل القرار بملاحقة الرئيس السوداني سياسي أم قضائي؟
أوكامبو: حسب علمي، لا يوجد شخص يعتد به يقول إن البشير بريء.
تقدير النواحي السياسية متروك لمجلس الأمن وحكومة السودان، ثم بعد ذلك الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية. واجبهم أن يناقشوا الناحية السياسية وليس أنا. لم يقل احد يعتد به أن لائحة الاتهام خاطئة وأن أدلتي خاطئة. لقد استغرق الأمر 18 شهرا لتأسيس الناحية القانونية للقضية وجمع الأدلة ضد البشير ، وطوال هذه المدة انتقدني زعماء منظمات حقوق الإنسان العالمية قائلين «إنه لا يفعل شيئًا للبشير، إنه حذر أكثر من اللازم» قلت لهم: «أنا آسف يجب جمع الأدلة قبل مباشرة القضية وقبل تقديم لائحة الاتهام وإصدار مذكرة اعتقال». بدون أدلة دامغة، أنا لا أباشر أية قضية.
سؤال: لماذا لم تقابل شهودًا داخل دارفور؟
أوكامبو: واجبي القانوني والأخلاقي أن أحمي شهودي، لا توجد طريقة أحمي بها شهودًا من دارفور لأنني يجب ان أقدم لائحة بأسماء جميع الشهود إلي محامي الدفاع وهذا يعرضهم للقتل إذا كانوا من دارفور.
سؤال: هل تعتقد أنه كان من الممكن أن تقبض علي أحمد هارون وزير حقوق الإنسان في السودان، وعلي زعيم عصابة الجنجويد علي كشيب(3) Ali Kushaib لو أصدرت مذكرات اعتقال سرية ليعمل بها عندما يسافرون إلي دولة تكون عضوا في المحكمة؟
هامش للمترجم:
(3) علي كشيب(3) Ali Kushaib : هو علي محمد علي عبد الرحمن والمشهور بعلي كشيب وهو القائد الأعلي لعصابة الجنجويد التي دعمتها حكومة البشير السودانية لتحارب متمردي دار فور بوحشية كان لقبه (كولونيل الكولونيلات) وركز عملياته في وادي صالح غرب دارفور. صدرت ضده مذكرة إعتقال من محكمة الجنايات الدولية في فبراير 2007 مع قائمة اتهام تشمل: جرائم ضد المدنيين في دارفور من 2003 إلي 2004، وإصدار أوامر بالقتل والسرقة والاغتصاب للمدنيين، وتم توثيق الأدلة ضده في 504 حالات قتل و20 حالة اغتصاب وتشريد 41,000 مدني كما رواها بعض الناجين من هذه العمليات المتوحشة في مدن خودوم، بنديسي، موكجار، وأروالا والقري المحيطة بهم.
أوكامبو: في كل حالة أقوم بتقدير أفضل طريقة لفعل ذلك. هناك ادعاءات عن قيام هارون برحلات لأنه كان يعاني من مشاكل صحية. وفي نفس الوقت، في تلك الأيام، كنا نستقصي إمكانية أن يسمح النظام السوداني بذهاب هارون إلي لاهاي لمواجهة العدالة.
لقد كان هناك أحاديث علنية في السودان لقبول هذه الاستراتيجية أي إرسال هارون إلي لاهاي لمواجهة العدالة. لقد كانت هذه فرصة محتملة قمنا بدراستها.
سؤال: كيف تجيب علي مجموعة من الأسئلة المحيرة بأنه لا أحد سوف يقبض علي الرئيس البشير وبأنك قمت - بدون قصد - بزيادة شعبية البشير في السودان، وبأنك تسببت في طرد وكالات الإغاثة من دارفور وقوضت أي محاولات لقيام سلام في تلك المنطقة.
أوكامبو: تمهل، أنا أرجنتيني... وفي عام 1976 استولي الجيش علي الحكم ووجد مساندة دولية، وبعد 9 سنوات فقط وضعنا قادة الانقلاب في قفص الاتهام، وقمت أنا بدور محامي الادعاء ضدهم.
الأوضاع والأمور تتغير والسلطة ليست دائمة، «إنها مسألة وقت فقط لأن قدر البشير أن يواجه العدالة!! ». ثانيا، ما حدث من التفاف شعبي حول الديكتاتور هو بالضبط المشكلة التي علي مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي التعامل معها عندما يدفعون إلي وجوب احترام القرارات الدولية، وإذا لم يفعلوا سوف يساهمون في تقوية هؤلاء المتهمين، البشير عطل المساعدات الإنسانية للناس الذين في المعسكرات، وأخرجهم من القري، ودمر أنظمة المياه. طرد المساعدات الإنسانية يؤكد النوايا الشريرة والإجرامية للبشير. إنه البشير الذي يقتل الناس وليس أنا!! ما يحدث اليوم في معسكرات الاعتقال يعتبر نوعًا من الإبادة الجماعية.
سؤال: بخصوص أوغندا، كيف ترد مرة أخري علي الجدل بأن مذكرة الإعتقال ضد جوزيف كوني تقوض المحاولات للتفاوض مع (جيش الرب للمقاومة) .Lord's Resistance Army (LRA)
أوكامبو: أي سلام تتحدث عنه؟ كوني كان يخطف الأطفال في جمهورية إفريقيا الوسطي و يتحدث عن السلام. كوني قتل (نائبه) فينسنت أوتي لانه كان مؤيدا لعملية السلام وإيقاف التمرد. ولهذا، أي سلام تتحدث عنه؟ كوني يستعمل نفس الخدعة!! عندما يكون ضعيفا يدعو إلي السلام، كوني يستخدم عملية السلام للحصول علي المال والأسلحة والطعام ليقوي نفسه ثم يهاجم مرة أخري. هذا ما فعله خمس مرات وسيكرره في المستقبل!!
يجب القبض علي كوني ويجب علينا حشد جميع الجهود لعمل ذلك. لأن كوني أجبر اكثر من 100 ألف شخص علي النزوح. كوني خطير جد.
سؤال: إذا أراد الرئيس موسيفيني Museveni ) رئيس أوغاند منذ 1986 وهو الذي ساهم في الانقلاب علي الرئيس السابق عيدي أمين) تعليق مذكرة الاعتقال ضد كوني، هل يغير هذا من الأمر؟.
أوكامبو: أنا لا أستطيع عمل أي شيء باستثناء ملاحقة كوني. عندما تطلب المحكمة إصدار مذكرة إعتقال، فإن هذا أمر قضائي. القضاة يقررون، أنه ليس قراري.
والقضاة لا يستطيعون إدخال العوامل السياسية في القضية. القضاة ينظرون إلي الأدلة فقط. وهذا ما يفعله المحامون مثلي، القضاة لا يستطعون إعادة النظر في مذكرة اعتقال بناء علي اعتبارات سياسية. إنها محكمة جدية.
سؤال: لقد تم انتقادك لأنك فعلت القليل جدا بخصوص جمهورية الكونغو الديمقراطية علي سبيل المثال، يجادل البعض أن قضيتك ضد طوماس لوبانغا(4) Thomas Lubanga كان من الواجب أن تكون اكثر من تجنيد الأطفال كمقاتلين.
هامش للمترجم:
(4) طوماس لوبانغا Lubanga Thomas : من مواليد 1960، الزعيم السابق لمتمردي جمهورية الكونغو الديمقراطية ومؤسس (اتحاد الكونغوليين الديمقراطيين) وهي جماعة متمردة تسعي للاستيلاء علي السلطة بالقوة واتهمت بارتكاب جرائم قتل عرقية واغتصاب وتعذيب وقطع أطراف الخصوم. ألقي القبض عليه بالفعل في مارس 2006، كأول مجرم في التاريخ يقبض عليه حسب مذكرة توقيف صادرة من المحكمة الجنائية الدولية. وتم نقله إلي لاهاي ليحتجز في سجن خاص بالمحكمة.
أوكامبو: اعتقد ان تجنيد الأطفال كمقاتلين جريمة خطيرة، الكثير من هؤلاء الأطفال لا يستطيعون استرجاع براءتهم مجددا إنها تجربة مخيفة ومرعبة، الفتيات تعرضن للاغتصاب بطريقة منهجية منظمة وتم ضربهن وإجبارهن علي القتل وممارسة الجنس إنها تجربة رهيبة بل هي أفظع الجرائم التي سأتعامل معها في حياتي. من المهم جدا ان تكون القضية الأولي في محكمة الجنايات الدولية عن تجنيد الأطفال وسوف أطالب بأقصي عقوبة ممكنة علي لوبانغا.
سؤال: لماذا اخترت اتهام الزعيم السياسي الكونغولي جان بيير بيمبا(5) Jean Pierre Bemba بجرائم ارتكبت في جمهورية إفريقيا الوسطي بينما كانت منطقة عمله الرئيسة الكونغو؟
(5) جان بيير بيمبا J ean Pierre Bemba: رجل سياسة من جمهورية الكونغو الديمقراطية.من مواليد 1962. أسس حركة تمرد لتحرير الكونغو التي تحولت لاحقا إلي حزب سياسي. وفي عام 2002، دعاه رئيس جمهورية أفريقيا الوسطي للجوء إليه وترك محاولة قلب الحكم في بلده.. زعم أنه حصل علي أعلي الأصوات في انتخابات رئاسة الكونغو عام 2006 التي فاز بها خصمه جوزيف كابيلا. وفي عام فاز في انتخابات مجلس الشيوخ وأصبح "سيناتور". اعتقل في بروكسل عام 2008 بحسب مذكرة اعتقال من محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب 3 جرائم ضد الإنسانية و5 جرائم حرب ارتكبتها حركة تحرير الكونغو سالفة الذكر التي أسسها لقلب الحكم في الكونغو. اتهم أثناء حملته للرئاسة بأكل لحوم البشر من الأقزام ولكنه نفي التهمة بشدة قائلا: (الأقزام المذكورين أحياء وبعافية). وفي يوليو 2009، منحته المحكمة إطلاق سراح مؤقت لحضور جنازة والده في بروكسل.
أوكامبو: في قضية بيمبا كان عدد حالات الاغتصاب أكثر من جرائم القتل كثيرا. لقد كانو يبحثون عن رئيس المنطقة وعندما وجدوه أمروا بان يتم اغتصابه علانية لكي يهينوه، بالطبع هناك ادعاءات أن بيمبا ارتكب جرائم أخري.
ولكن مهمتي الرئيسية هي تقصي الجرائم الكبري، لا أستطيع أن أتابع جميع الجرائم التي ارتكبت في المحكمة لأن القضية بهذه الطريقة لن تنتهي.
سؤال: ما دور محكمة الجنايات في الأزمة الكينية؟ نحن نعرف انك التقيت مع وفد من رجال السياسة في كينيا في يوليو الماضي وهذا يثير بعض الشكوك عن المحكمة الجنائية الدولية بخصوص هذه الأزمة.
اوكامبو: أعتقد ان الاجتماع كان جيدا ومثمرا للغاية، لقد أبلغوني رسميا انهم ملتزمون جديا بإنهاء حصانة المتهمين واكدوا بأنه إذا لم تستطيعوا محاكمتهم في الداخل سوف يحيلون القضية لي، وفي تلك الأثناء سوف يزودونني بالمعلومات اللازمة. قبل يومين، استلمت هنا في لاهاي صناديق تحتوي علي وثائق وأدلة من لجنة (واكي waki) (6) للتحقيق في كينيا التي تتقصي العنف السياسي. أنا أشعر أن كينيا اليوم تثبت أهمية فكرة محكمة الجنايات الدولية وأنها تعمل بالفعل.
(6) لجنة واكي waki: هي لجنة تحقيق في (عنف مابعد الانتخابات) أسستها الحكومة الكينية في فبراير 2008 للتحقيق في المصادمات العنيفة التي جرت في كينيا بعد انتخابات الرئاسة في ديسمبر 2007، وهي انتخبابات سادها منافسة وتصادمات قبلية بين قبيلة الكيكويو (ممثلي في الرئيس مواي كيباكي) التي سيطرت علي السياسة الكينية منذ الاستقلال وقبيلة (لو) (ممثلة في منافسه أودينجا) التي تساندها قبائل صغيرة عديدة. تم إعلان فوز كيباكي مرشح قبيلة الكيكويو فائزا في 30 ديسمبر رغم زعم منافسه أودينجدا بفوزه هو الآخر. زعم أودينجا ومعه منظمات حقوقية عالمية ومراقبون مستقلون بأن الانتخابات تم التلاعب بنتائجها. وبعد إعلان النتيجة الرسمية، نشبت صدامات عنيفة بين ميليشيات قبلية ضد أناس من قبيلة الكيكويو يعيشون خارج مناطقهم التقليدية نتج عنها 800 قتيل و600,000 مشرد نزحوا من مناطقهم بالقوة وخوفا من القتل. ونجح كوفي عنان في التوسط وإنشاء لجنة واكي للتحقيق في العنف الذي جري والتي يرأسها القاضي فيليب واكي من محكمة الاستئناف في كينيا. وصدر تقرير واكي في 529 صفحة ولكنه لم يسم أسماء المتهمين بالتحريض علي العنف القبلي، ولكن اللجنة سلمت قائمة المتهمين لكوفي عنان الذي سلمها للمدعي االعام للمحكمة الدولية أوكامبو الذي أمهل الحكومة الكينية سنة واحدة لتأسيس محكمة لمعالجة القضية رسميا وإذا فشلت ستتولي القضية المحكمة الجنائية الدولية في أغسطس 2010.
انه جهد مشترك بين كينيا، والاتحاد الإفريقي الممثل في كوفي عنان، ومحكمة الجنايات الدولية لإنهاء حصانة المتهمين من المحاكمة. إذا لم نفعل شيئا اليوم، فسوف تكون الانتخابات القادمة في كينيا كارثة محققة.
سؤال: هل تعتقد ان محكمة الجنايات الدولية في خطر وأنها قد لا تواصل عملها؟
أوكامبو: هذه بروباغاندا. قبل بضعة شهور فقط انضمت تشيلي إلي المحكمة لتكتمل بذلك عضوية جميع دول أمريكا الجنوبية. وكذلك فعلت جمهورية التشيك عندما انضمت إلي المحكمة قبل شهور قليلة لتكتمل بذلك عضوية جميع دول أوروبا، عندما بدأت عملي كمدع عام للمحكمة كان هناك فقط 78 دولة ولكنها أصبحت اليوم 110، وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كيلنتون قالت مؤخرا: (إنها تأسفت بشدة لعدم عضوية الولايات المتحدة في المحكمة). لقد انتهينا للتو من مناقشة والموافقة علي ميزانية المحكمة للسنوات القادمة كل الدول الأعضاء دفعت حصصها ولا يوجد مشاكل داخلية. هذه المحكمة بدأت تغير الطريقة التي يدار ويرتكب فيها العنف في العالم.
كما في أي بداية، الأمور تكون معقدة وصعبة. عندما بدأت حركة تحرير العبيد في القرن التاسع عشر نشاطها لعرض قضيتها أطلقوا عليهم "مشاغبين" وهناك من أسماهم «طالبوا المستحيل»Impossiblists ، ولكنهم في النهاية نجحوا!! هذا هو الوقت المناسب لتبدأ المحكمة عملها لاننا نعيش في بيئة متعولمة. نحن نحتاج اتفاقات بين دول كثيرة ونحتاج إلي قواعد وأنظمة كثيرة لتحكم تصرفاتنا هذا الأمر البديهي أصبح أساسيا لدرجة أنه لا يوجد من يعارضه لقد أصبحت القاعدة المتبعة الآن «لا ترتكبوا جرائم كبري» لقد أصبحت المحكمة حقيقة واقعة ومن واجب كل شخص ان يعترف بوجودها. إذا لم يحدث هذا لن نستطيع التعايش معا!! الأمر سهل للغاية، ورغم عدم كونه مثاليا، إلا أنه واقعي تماما!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.