قال الحارس الشخصي لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، جولدا مائير، ان العاهل الأردني الملك حسين كان يحب "جولدا"، واعتاد زيارتها بمفرده منذ عام 1970 . وعوفاديا ناتان (69 عاما)، يهودي من اصول عراقية، ولد بالقدس، هاجرت اسرته، والده نعيم ناتان، اخذ شقيقتيه وشقيقه وجدته من البصرة عام 1932 إلي فلسطين. ولد عوفاديا عام 1942 في القدس. وبعد طلاق والديه انتقل للعيش مع والده في شقة حصل عليها من الجيش الاسرائيلي، وكان يعاني من فقر شديد، حتي ان عوفاديا نفسه كان يبحث عن الطعام وسط أكوام القمامة، علي حد قوله لصحيفة معاريف الاسرائيلية. وعندما بلغ الرابعة عشرة من عمره ترك المنزل وذهب ليقيم في كيبوتس تل يوسف، حيث تعلم هناك وكان يعمل بجد. وبسبب قوة بنيانه كان يقوم بعمل شخصين. وخلال خدمته بالجيش الاسرائيلي كان مدربا للياقة البدنية في السجن السادس، وفشلت كل محاولاته للهرب من الخدمة في الشرطة العسكرية. وفي اغسطس 1965 تم تسريحه من الجيش، وعاد الي المستوطنة، حيث التقي المتطوعة الامريكية جيري جولدين، التي اصبحت زوجته فيما بعد. وعندما سعي الي السفر اليها في الولاياتالمتحدة رفضت ادارة المستوطنة، فترك الجميع وعاد الي والده في القدس، والذي تزوج للمرة الثانية. وعمل سائقا للشاحنات والجرارات. تم تجنيد عوفاديا في الشرطة العسكرية، في حرب 1967، وتم تكليفه بحراسة منزل رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، لتتحول العلاقة بينهما إلي صداقة وطيدة. وبعد ذلك تم تجنيده علي يد رجل الاستخبارات الإسرائيلي المحنك رافي سيتون، لصالح الوحدة 504 . ويحكي عوفاديا عن عربي تم تجنيده للعمل بتلك الوحدة آنذاك، تعهد بأن يعبر نهر الأردن وان يقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعبر الرجل إلي الأردن بالفعل لكنه اختفي هناك. في صيف 1968 تزوج عوفاديا بصديقته "جيري" في فيلادلفيا، ثم عاد الي اسرائيل وعمل في شركة يملكها المخرج الاسرائيلي ميخا شاجرير. لكن رجل الاستخبارات رافي سيتون استدعاه مرة ثانية للعمل، ولكن في جهاز الاستخبارات الداخلي "الشاباك" هذه المرة. وبعد اسابيع قليلة قضاها في حراسة رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي اشكول، والتي انتهت بوفاته عقب إصابته بسكتة قلبية، تم تكليفه بحراسة جولدا مائير، دون ان يعلم انها ستصبح رئيسة للحكومة الإسرائيلية بعد فترة وجيزة. وظل يحرسها طوال خمس سنوات ونصف، حتي توفيت في أغسطس 1974، عقب حرب اكتوبر. ويذكر عوفاديا انها استدعته ذات مرة في الثانية بعد منتصف الليل، فسارع اليها وكانت ليلة ممطرة، ليجد انها تطلب مساعدته لان المطر تسرب من السقف إلي فراشها، فقام بزحزحة الفراش قليلا حتي تتمكن من اكمال نومها، ويصفها بانها كانت متواضعة وودودة للغاية، مشيرا إلي انها كانت تقاسمه في ادوية للتخسيس كانت تأتيها من الولاياتالمتحدة خصيصا، بعد ان لاحظت ان وزنه بدأ يزداد هو الآخر. ولفت إلي أن قائمة أصدقائها المقربين كانت تضم الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران. عوفاديا نفسه، الذي يناديه أصدقائه في جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) باسم "عوفيد"، يصفونه بأنه فنان موسيقي وساحر، ولا ينسون انه كان الحارس الشخصي لثلاثة من رؤساء وزراء إسرائيل، فضلا عن عدد آخر من المسئولين الإسرائيليين لمدة سنوات طويلة، وكانوا يعتمدون عليه ويعرف عنهم كل شيء. وقال عوفاديا ناتان، لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الاسبوع الماضي، ان العاهل الأردني الملك حسين سافر إلي إسرائيل في 25 سبتمبر 1973، لتحذير جولدا مائير من اندلاع حرب مصرية سورية في مطلع شهر أكتوبر. وأضاف: "اعتاد الملك حسين أن يأتي بمفرده علي متن مروحيته الخاصة، فقد كان رجلا جريئا وشجاعا، واعتاد ان يقابل جولدا كثيرا منذ عام 1970، وكانت علاقته بها غير طبيعية، فقد كان يحبها كثيرا، وكانت كل زيارة له تستغرق ليلة كاملة، وكانت تمنحه هدايا لأبنائه. وكانت اللقاءات تتم علي شاطئ البحر الأحمر، أو البحر الميت، وكنا ننقل أكواخا خشبية إلي هذه الأماكن كي يلتقيا بها". والقي عوفاديا (69 عاما) بمسؤولية هزيمة إسرائيل في حرب اكتوبر 1973 علي عاتق وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه ديان، وقال ان جولدا مائير اعتمدت عليه اكثر من اللازم حتي اضاعها، وكشف عن ان ديان دخل إلي جولدا في اليوم الثاني من اندلاع الحرب، واقترح عليها أن تعلن إسرائيل الاستسلام أمام مصر، وان ترفع علما ابيض وتوقف القتال تجنبا لسقوط آلاف القتلي من الإسرائيليين، لكن جولدا مائير طردته من مكتبها، وهي تقول: لن يحدث ذلك أبدا". وسخر عوفاديا من مقولات بيجين المتعجرفة ورفضه العمل بنصيحة الزعيم الإسرائيلي ديفيد بن جوريون الذي طالبه بإعادة الضفة الغربية إلي الأردن بعد حرب يونية 1967، وقوله إن "شرم الشيخ بلا سلام، افضل من سلام بلا شرم الشيخ"، وانه ينتظر "اتصالات هاتفية من الرؤساء العرب". وما زال يذكر كيف استقبل الجنود الاسرائيليون جولدا مائير بحماس شديد عندما زارتهم في وحداتهم العسكرية عقب حرب 1973، لكنها بدأت تفقد بريقها، وتنطفئ شيئا فشيئا، حتي اجريت الانتخابات في ديسمبر 1973، وفاز حزب العمل، وانتهي المشوار السياسي لجولدا مائير. وقال انها كانت مصابة بسرطان الجلد، ولم يكن يعرف بمرضها سوي اثنان فقط، هما سكرتيرتها التي كانت تدعي "كيدر"، واللواء يسرائيل جاليلي، الذي عمل ل 44 عاما في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وينسب اليه الفضل في ابتكار البندقية الخفيفة "جاليل" وساعد في ابتكار رشاش "عوزي" الاسرائيلي. وكان ينبغي عليها ان تتلقي علاجا اشعاعيا في مستشفي "هاداساه عين كيرم"، وكان ينبغي ان يتم ذلك في سرية تامة، دون ان يعرف احد، فوضع "عوفاديا" خطة لذلك اطلق عليها اسم "عملية الوشاح". فكان يأخذ جولدا مائير وسكرتيرتها "كيدر" علي متن سيارته "الخنفساء" من طراز فولكس فاجن، وما ان تركب جولدا حتي يغطيها بوشاح كان اشتراه من العاصمة اليابانية طوكيو، حتي يخفيها عن الانظار. وكانت تتلقي علاجها الاشعاعي، لكنها لم تكن قادرة علي الذهاب الي العمل في اليوم التالي، وكان يبدو للجميع انها تعمل من البيت. وقال عوفاديا ان جولدا لم تكن تتحدث عن زوجها السابق موريس مايرسون ابدا، لكنه كان يعلم انها تركته وانفصلت عنه منذ عام 1943، وانها انجبت منه ولدا يدعي مناحم، وابنة تدعي سارة، توفيت منذ فترة قصيرة. لكنه قال انه كان في بيروت خلال حرب لبنان الاولي، حيث كان من المفترض ان يلتقي مسؤولا لم يكشف عن هويته من حركة فتح الفلسطينية، كان يعمل جاسوسا للموساد الاسرائيلي. وفجأة وفي الظلام وجد من ينادي عليه باسمه الحقيقي، فاذا به "جيدي مايرسون" ابن مناحم، وحفيد جولدا مائير. واكد أنها كانت تري اسحاق رابين وريثا لها، وبذلت قصاري جهدها من اجل مساعدته علي بلوغ منصب رئيس الوزراء في اسرائيل. وذات يوم، قامت جولدا باستدعاء عوفاديا الي غرفتها، في وجود رئيس وحدة الاستخبارات الاسرائيلية، اهارلا اردان، وقالت له: "سوف تتركني من اليوم، لتبدأ في حراسة اسحاق رابين"، فجمع عوفاديا حاجياته بالفعل وسافر إلي مقر اقامة رابين في مستوطنة "مجدال شالوم"، وكان آنذاك وزيرا للعمل، وبمجرد وصوله قال له عوفاديا: "اهلا يا اسحاق؟ كيف حالك؟ لقد ارسلوني اليك، من هذه اللحظة لن افارقك"، فرد عليه رابين قائلا: "هل تشرب قهوة؟"، وبعد ذلك بأسبوعين فقط اصبح رابين رئيسا لوزراء اسرائيل. وما زال يذكر بكل مشاعر الألم والحزن اللحظات التي تم فيها اغتيال رابين علي يد متطرف يهودي، رأي ان يعاقبه لتنازله عن الأرض اليهودية المقدسة لصالح الفلسطينيين!.