يري المستعرب الصيني "تشونج جي كون" الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع شخصية العام مؤخرا أن جائزة نوبل للأدب مسيسة، وأن أدباء مصريين آخرين غير نجيب محفوظ كانوا يستحقون نوبل، مثل توفيق الحكيم، طه حسين، وجمال الغيطاني. ومنذ فوز الشاعرة الأيرلندية: فيسلافا شيمبوريسكا بنوبل عام 1996 لم يفز شاعر واحد بنوبل في الأدب، حتي حصل عليها هذا العام السويدي توماس ترانسترومر، ولا يفهم أحد كيف يتم توزيع " تورتة "نوبل الأدبية، فلسنوات طويلة مثلا كما قيل: كان الروائي الألباني إسماعيل قدري مرشحا علي لائحة نوبل، وكذا أدونيس، كما زعموا، ولكنهما لم يحصلا عليها أبدا، نجيب محفوظ قال: إن أموال نوبل جاءت بعدما ولي عهد الشباب، فلقد جاءته الجائزة وهو في منتصف السبعينات من عمره، حيث لا يحتاج المرء للكثير من المال، وقبل أعوام قليلة سمعنا أن مؤسسة كندية رشحت الراحل خيري شلبي لنيل الجائزة، الجائزة التي رأي يوسف إدريس عام 1988 أنه أحق من نجيب محفوظ بها، وفي عام 1964 حصل الفرنسي جان بول سارتر علي نوبل في الأدب، وقيل إنه رفضها. قال إنه يكتب لا من أجل الجوائز، ولكن من أجل ضمير الإنسانية، والفترة الماضية ثار لغط كثير حول ترشيح علاء الأسواني لنيل جائزة نوبل، وتعامل البعض مع الخبر علي انه صحيح، مع العلم أن هذا تقريبا لم يحدث علي الإطلاق، فليست هناك مؤسسة رسمية في العالم رشحت الأسواني، بل إن الواقع، وطبقا للوائح الجائزة عدم الإعلان عن المرشحين للجائزة، التي تبقي علي أسماء المرشحين لها سرا، ولو كان هذا حقيقيا، وتم ترشيح الأسواني فعلا، فليذكر لنا من أعلنوا ذلك أي جهة تحديدا علي خريطة العالم قد رشحت علاء، وليس هذا تقليلا من شأن الأسواني، ولكنه توضيح لحقيقة نظام هذه الجائزة الدولية الرفيعة المثيرة للجدل، وبمعني آخر أكثر دقة أقول لو افترضنا وجود خمسين مرشحا بجوار توكل كرمان اليمنية، التي فازت بنوبل السلام، فنحن لن نحصل أبدا علي قائمة موثقة بأسماء هؤلاء الخمسين؛ لأن نوبل تعلن أسماء الفائزين فقط، ولا تعلن أسماء المرشحين لنيل الجائزة سوي بعد مرور خمسين عاما كاملة، وكأنها سر عسكري، وهذا هو نظام الجائزة بالفعل، ولجائزة نوبل في الأدب طرائف عديدة، فلقد منحت الجائزة للفرنسي كلود سيمون، الذي لم يكن أحد يعرفه من قبل، بل تساءل البعض عند إعلان فوزه، هل هو رجل أم امرأة، وكانت توني موريسون الأفريقية الأمريكية هي أول زنجية تفوز بنوبل الأدب عام 1993 وهناك من يقول إن سارتر لم يرفض نوبل، فلقد كان يصرح قبل فوزه بها أنه لا يريدها، فلما أعلن عن فوزه، راح يطالب بقيمتها المادية، أما الأديب الإيرلندي صمويل بيكيت. فقام بتوزيع قيمة الجائزة المادية علي الفقراء، والمحتاجين، بعد فوزه بها عام 1969، وعندما حصل عليها، كان وزوجته يقضيان إجازة في تونس، وقرر الاختفاء بعيدا عن مطاردة الصحفيين لهما، وتحتكر الولاياتالمتحدة تقريبا نصيب الأسد من مجموع جوائز نوبل في التخصصات، التي بلغت 949 جائزة حتي عام 2010، حصدت منها أمريكا 320 جائزة، ثلث عدد الجوائز تقريبا. وبرغم عظمة ليو تولستوي الروسي، وعظمة مارسيل بروست، وجيمس جويس، ومارك توين، وأندريه مالرو فإنهم لم يحصلوا علي نوبل، في الوقت الذي عبّر فيه أورهان باموك التركي عن دهشته لأنه نال الجائزة، وقيل إن مارك توين تم ترشيحه للجائزة عشر مرات، لكن لجنة الجائزة لم تمنحه شرف نوبل، لكن من المؤكد أن عنصر الوقت وقف حائلا ضد فوز بعض عظماء الفكر والأدب بنوبل، فنوبل بدأت عام 1903 . وتوفي هنريك إبسن رائد الدراما في العالم، وعظيم الكتابة المسرحية عام 1906، وربما لو امتد به العمر سنوات قليلة لنالها، وينطبق نفس الشيء علي كل من تولستوي، ومارك توين، اللذان توفيا في سنة واحدة 1910، بعد سبع سنوات فقط من بدء ماراثون نوبل، وعندما سأل حسني مبارك نجيب محفوظ بعد فوزه بنوبل عن أمنية يريد أن تحققها له الدولة، تكريما له طلب محفوظ شقة علي النيل، ويحكي أحدهم أن محفوظ عاش وبقلبه جرح كبير، لأن بناته لم يكن يقرأن رواياته، علي الرغم من سفرهن إلي السويد، لتسلم الجائزة نيابة عن الأب، و أنا شخصيا أعتقد أن هناك عدة أسماء مصرية تستحق نوبل قبل علاء الأسواني، مع احترامي الكامل لقلمه، ولم أعتبره أبدا روائيا من طراز رفيع، بغض النظر عن مبيعات كتبه الهائلة، والتي قيل إنها تخطت حاجز المليون نسخة، عبر العالم، فمن المؤكد أن أسماء علي قيد الحياة، مثل جمال الغيطاني، محمد البساطي، صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، سعيد الكفراوي، وربما غيرهم، تجربتهم مع الفن أكثر عمقا، كما، وكيفا، من تجربة علاء، واقع الأمر أنني لم أكن لأحزن لو نال الأسواني نوبل، فهي في النهاية تقدير لإنسان مصري يجتهد، لكنني فقط شعرت أن نوبل ليست مسألة سهلة، بل هي جائزة تتوج مسيرة طويلة جدا في عمر صاحبها، ولعل ترانسترومر السويدي مثال علي ذلك، فقد قدم في نصف قرن 15 ديوانا شعريا. وتقول لجنة تحكيم نوبل في حيثيات فوزه :لأنه من خلال تصويره الشعري المكثف الذي يتميز بالشفافية يتيح لنا الوصول إلي واقع جديد، وترانسترومر مولود عام 1931، وتخرج في قسم علم النفس بجامعة ستوكهولم، وعمل لفترة من حياته في إصلاحية للأحداث، وهو عازف بيانو ماهر، أصيب بجلطة في المخ في التسعينات، أدت إلي شلل نصفي في نصف جسده الأيمن، مما اضطره إلي تعلم الكتابة بيده اليسري، والعزف علي البيانو بيد واحدة .وفي حوار معه يقول ترانسترومر: القصيدة ليست إلا حلما أحققه في الخفاء، الحلم والقصيدة يأتيان من نفس الشخص، لهما بعض القوانين المشتركة، أنا مرتبط بكل حب بالحلم، أذهب إلي السرير كأنني أذهب إلي حفلة، والاستيقاظ من النوم غالبا ما يسبب لي خيبة أمل، وعندما بدأت أتجول في الجزيرة التي ولدت بها، وألتقط الفراشات، ولدت لدي هواية اكتشاف الجغرافيا، أو معرفة حدودها، ورحت أدرس كتب الجغرافيا فأنا أردت أن أعرف أين تقع أفريقيا، والقارات الأخري، هكذا كان لقائي الأول مع الجغرافيا، والطبيعة، عبر جمع الفراشات، واكتشاف الجزيرة، بعدها بدأ يظهر اهتمامي بالموسيقي