وقع في يدي كتاب «الأوله مصر» تأليف إيهاب قاسم عن الدارالمصرية اللبنانية- عام 2010 استفزني العنوان، لأنه مُحمّل بالعنصرية التي تأباها النزعة الإنسانية. ويُوحي بشعارالنازية «ألمانيا فوق الجميع» فقرّرتُ إهماله. وعندما وقع بصري علي العنوان الفرعي «عن هوية مصر ومستقبلها» قلتُ لنفسي فلتكن القراءة هي الحكم علي المحتوي، إذْ ربما استهوي الكاتب التعبير الشعبوي فمشي وراءه. وفيما يلي بعض ملاحظاتي النقدية علي منهج الكتاب : يتضح من الإطارالعام للكتاب الدفاع عن خصوصية مصر، والإشارة إلي الجذورحيث الحضارة المصرية، ورغم ذلك وجدتُ الكاتب يستشهد بكتابات بعض الكتّاب أصحاب المرجعية الدينية أمثال د. محمد عماره «ص24، 56، 119، 140» ود. مصطفي محمود «ص178، 181» ينصب نقدي علي غياب المنهج العلمي الصارم، الذي يتطلب توافرالحد الأدني من الاتساق، وهذا الاتساق يختفي عندما يستشهد الكاتب بأصحاب المرجعية الدينية، الذين ترتكز كتاباتهم علي محورين : الدعوة للدولة الدينية والهجوم علي الحضارة المصرية باعتبارها «وثنية» ويتصل بغياب المنهج ما نقله الكاتب عن د. محمد عماره الذي ذكرأنّ فصول «الحجاب الشرعي»، «الزواج»، «تعدد الزوجات» و«الطلاق» في كتاب تحريرالمرأة إنما هي فكرخالص وصياغة خالصة للأستاذ الإمام «ص140» المنهج العلمي يُحتم مناقشة هذا الزعم، وماهوالدليل علي أنّ قاسم أمين لم يكن هومؤلف هذه الفصول إلخ ؟ وهوما سكت عنه أ. إيهاب قاسم . الملحوظة الثانية تتعلق بالإهمال المتكررفي ذكرالمصادرالتي اعتمد عليها. فهومثلا يتحدث عن الأصولية المسيحية. وينقل فقرات طويلة عن كتاب «أصول التطرف» تأليف كيمبرلي بلاكر الذي تناول أفكاراليمين الأصولي الأمريكي، ورغم أهمية الاقتباسات عن التعصب الديني الذي يصل في مداه إلي امتلاك الصواب المطلق إلخ، إلاّ أنّ أ. إيهاب يُصرعلي تجاهل حق القاريء في ذكردارالنشروسنة الطباعة وأرقام الصفحات، وهل هوالمترجم عن النص الأصلي أم يعتمد علي ترجمة عربية، فإذا كان الأمركذلك فمن هوالمترجم ودارالنشرإلخ ؟ «من ص 34- 39» وعندما يذكردراسة علمية عن القرود لايذكر المصدر «ص109» وفي ص110- 113فقرات تبدأ بالتنصيص «وهذا شيء يُحمد عليه» ولكن القارئ لايعرف صاحب النص إلاّ بعد أربع صفحات ويكتفي أ. إيهاب بأنّ يكتب ««هكذا حكي لنا ابن إياس في بدائع الزهور، وذكرمحمد حسين يونس في كتاب قراءة حديثة في كتاب قديم»» ورغم ركاكة الصياغة فإنّ القارئ المتابع لما تُصدره المطابع يستنتج أنّ أ. إيهاب اعتمد علي كتاب محمد حسين يونس، ويترك هذه المهمة للتخمين مع تجاهله للناشر. كما أنّ التخمين يخضع لقانون المصادفة التي جعلتني أقرأ كتاب محمد حسين يونس الصادرعن مكتبة مدبولي 2009. ويعتبرأ. إيهاب أنّ التنصيص هوغاية الأمانة العلمية، فينقل نصًا عن طه حسين قال فيه إنّ الإسلام لم يُغيرالعقل المصري وعقل الشعوب التي اعتنقته والتي كانت متأثرة بالبحرالمتوسط . ولأنّ نص طه حسين من النصوص المهمة، فمن حق القاريء أنْ يعرف المصدر، ولكن الكاتب لايهتم، وحتي عندما نقل نصًا آخر لطه حسين قال فيه «أنا مؤمن بأنّ مصرالجديدة لن تُبتكرابتكارًا.. ولن تقوم إلاّ علي مصرالقديمة الخالدة» فإنه ذكركتاب «مستقبل الثقافة في مصر- ص18» ولم يذكرالناشر ولاسنة النشر، وكان يجب عليه أنْ يفعل لأنّ كتاب طه حسين صدرمنه أكثرمن طبعة مثل طبعة دار الكتاب اللبناني- بيروت عام 73وطبعة هيئة الكتاب المصرية- سلسلة المواجهة- التنويرعام 93. وإذا كان هذا هومافعله مع معظم الكتاب الذين نقل عنهم، فإنّ مافعله مع د. مرفت عبدالناصر ينطبق عليه التعبيرالمصري «كل اللي فات كوم ودا كوم لوحده» إذْ اكتفي سيادته بأنْ أشارإلي كتابها «لماذا فقد حورس عينه» «ص83» مرة واحدة ودون ذكر دارالنشر، واستباح لنفسه أنْ ينقل عنها «حرفيًا» الكثيرمن ترجمتها لنصوص من التراث المصري القديم أولكتاب أوروبيين، نقلا من كتابين لها صدرا قبل كتابه بعدة سنوات. ينقل أ. إيهاب نصًا طويلا عن المفكر مايكل رايس، وعندما قارنتُ النص بالنص المذكورفي كتاب د. مرفت «لماذا فقد حورس عينه- دار شرقيات عام 2005ص 40» وجدتُ التطابق التام، فهل هوالذي ترجم عن النص الأصلي ؟ وهل المترجمون يتطابقون، أم أنّ الخبرة تؤكد اختلافاتهم ؟ وإذا كان سيادته نقل ترجمة د. مرفت حرفيًا فلماذا لم يذكرذلك ؟ ولماذا لم يذكرأنّ د. مرفت ذكرت في مراجعها عنوان كتاب رايس باللغة الإنجليزية وداروسنة النشر«ص137» ؟ كما أنّ د. مرفت تكن تقديرًا خاصًا لمايكل رايس وأشارتْ إليه في معظم كتبها مثل كتابها «معني الوطن الصادرعن نهضة مصرعام 2009 ص151» وأجرتْ معه حديثًا بعد أنْ بلغ الخامسة والسبعين في لندن قبل أنْ تعود إلي مصر. وينقل أ. إيهاب نصًا من شكوي الفلاح الفصيح «ص 90» وبالمطابقة وجدتُ أنه منقول حرفيًا من كتاب لماذا فقد حورس عينه «ص80» ولأنها تلتزم بالمنهج العلمي الصارم ذكرت في الهوامش أنها اعتمدت علي ترجمة العالم ريتشارد باركنسون «ص83» وفي قائمة المراجع ذكرت عنوان الكتاب بالإنجليزية وسنة ودارالنشر. وفي ص95ينقل نصًا عن كتاب د. مرفت «ص91» مع تغييركلمة واحدة. أما ما زاد وغطي فهو قيام أ. إيهاب بنقل عدة نصوص من التراث المصري القديم نقلا حرفيًا من كتاب د. مرفت عبدالناصر«نقش البردي» الصادرعن نهضة مصر عام 2007وفيما يلي التطابقات التي تؤكد أنّ أ. إيهاب نقل ترجمة د. مرفت عن الهيروغليفية وعن علماء مصريات أوروبيين، مع حرصها علي ذكرمصادرها وبمراعاة أنّ كتابها صدرقبل ثلاث سنوات من كتاب أ. إيهاب الذي نقل نصًا يبدأ ب«لاتستخدم الحبرلتكتب شرًا»» «ص91» هذا النص منقول حرفيًا عن د. مرفت «ص 39» كما أنها حرصتْ علي التنويه إلي أنّ النص جاء علي لسان ««تحوت حامي المفكرين والكتاب»» وينقل أ. إيهاب نصًا آخر«ص94» منقول حرفيًا من كتاب د. مرفت «ص 43» وتنويهها إلي أنه جاء علي لسان الحكيم «بتاح حوتب» وهويتحدث عن شيخوخته. وفي ص94 من كتاب أ. إيهاب نص آخرمنقول حرفيًا من كتاب د. مرفت ص68 بعنوان «قصيدة حب» وتبدأ ب«كم أحبك يا حتحورتي»» ويقع أ. إيهاب في خطأ منهجي عندما يُكررمقطع ««إنك يا حبيبتي كنسمة الربيع»» وهوالأمرالذي لم تقع فيه د. مرفت لأنها قرأتْ النص الأصلي . وفي ص95 من كتاب أ. إيهاب نص آخرمنقول حرفيًا عن كتاب د. مرفت «ص 28، 29» وذكرتْ عنوان النص «في حب أوزوريس» وينقل في ص99نصًا نقلا حرفيًا من كتاب د. مرفت «ص3» وهوالنص الذي يبدأ ««أيها الكاتب كم تبدووكأنك تُبصرمالايراه أحد»» وحرصها علي ذكرأنه من نصوص الدولة الحديثة. وينقل في ص100نص منقول حرفيًا من كتاب د. مرفت التي حرصتْ علي ذكرأنه من تعاليم بتاح حوتب «ص40» وفي ص100أيضًا ينقل نقلا حرفيًا نصًا من كتاب د. مرفت «ص16» وفي ص101ينقل نقلا حرفيًا نصًا من كتاب د. مرفت ص44 وفي نفس الصفحة ينقل نقلا حرفيًا نصًا من كتاب د. مرفت «نقش البردي ص 52» ومن كتابها «لماذا فقد حورس عينه ص53» وفي نفس الصفحة كذلك ينقل نقلا حرفيًا نصًا من كتاب نقش البردي ص60 وفي نفس الصفحة- للمرة الرابعة- ينقل نقلا حرفيًا نصًا من نقش البردي ص 72وهوالنص الذي حرصتْ المؤلفة علي ذكرعنوانه «أنشودة النيل» فَعَلَ أ. إيهاب فِعْلْ الاستباحة «خاصة مع كتاب نقش البردي» ولم يهتم بالتحذيرالمنصوص عليه في الصفحة التالية للغلاف من حظرالنقل إلاّ ««بإذن كتابي صريح من الناشر»» مما يُعرّضه للمساءلة القانونية. وفي الفصل المعنون «مصروطن يعيش فينا» يُصدره بأغنية «أنا المصري كريم العنصرين» فكيف لم ينتبه إلي أننا «مسلمين ومسيحيين» أبناء ثقافة قومية واحدة، لأنّ تعبير«عنصريْن» يعني «شعبيْن» فكيف انزلق وراء الأغنية التي شوّهتها «القافية» في البيت الثاني «بنيت المجد بين الأهرامين» وهل «هوية مصرومستقبلها» العنوان الفرعي للكتاب، مع النزعة العنصرية ؟ أم أنّ الثقافة القومية المصرية تسعي إلي «وطن إنساني» من خلال ««جمهورية العالم أوكوزموبوليتانية الإنسان»» كما كتبتْ د. مرفت في كتابها «معني الوطن» مصدرسابق ص8 ؟