شهدت ثورة الشعب اليمني خلال الأسابيع الماضية تجددا لموجات العنف حيث اندلع القتال بين القوات الموالية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح وبين القوات الموالية للمعارضة، و تعرضت منطقة سكنية في مدينة تعز جنوبي صنعاء لقصف من قوات تابعة للرئيس اليمني مما أدي الي مقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين. وأكد نائب وزير الإعلام اليمني، عبده الجندي، أن محصلة القتل منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس اليمني في بلغت 1480 شخصاً من بينهم 100 شخص قتلوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في اشتباكات بين قوات موالية لصالح و قوات معارضة له. عودة صالح وتأتي موجة العنف الجديدة بعد أيام من عودة الرئيس اليمني للبلاد قادماً من السعودية حيث كان يعالج من الإصابة التي تعرض لها في محاولة لاغتياله في يونية الماضي، و إعلانه عن تمسكه بالسلطة. وفي الوقت نفسه، أعلنت وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي أي ايه» أن الغارة التي أدت إلي مقتل أنور العولقي القيادي في القاعدة ربما تكون قد تسببت في مقتل إبراهيم العسيري أحد أبرز القياديين في تنظيم القاعدة والذي يعتقد أنه كان وراء صناعة القنبلة التي حاول النيجيري استخدامها لتفجير طائرة أمريكية كانت متوجهة إلي مدينة ديترويت في ولاية ميتشيجين قبل سنتين. وعلي الرغم من الشراكة بين الولاياتالمتحدة وبين الرئيس اليمني في الحرب علي الإرهاب، فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد أن مقتل العولقي لا يغير من الموقف الأمريكي تجاه رغبة الشعب اليمني في ثورته، و أشار إلي أن الوقت قد حان للرئيس اليمني للتنحي عن السلطة. وأضاف أوباما "أن مقتل العولقي يمثل ضربة كبيرة لواحد من أنشط أتباع تنظيم القاعدة وخطوة مهمة في جهودنا الواسعة من أجل هزم القاعدة وأتباعها". وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض، جاري كارني، أن واشنطن تري أن علي الرئيس اليمني أن يتنحي وأن يقوم بتفيذ بنود المبادرة الخليجية. مخاوف من عودة نشاط القاعدة ورداً علي هذه التصريحات الأمريكية، قال مسئول يمني إن الولاياتالمتحدة أظهرت عدم احترامها للديمقراطية ولشركائها في مكافحة الإرهاب. وكانت طائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قتلت العولقي وهو رجل دين امريكي المولد يتحدث الانجليزية بطلاقة في محافظة الجوف بشمال اليمن يوم الجمعة الماضي. وقال نائب وزير الإعلام، عبده الجنادي، إن مطالبة الولاياتالمتحدة للرئيس صالح بالتنحي هو عدم احترام لمن يتعاونون معهم. واعتبر البعض أن مقتل أنور العولقي مؤامرة أخري من الرئيس صالح للتشبث بالسلطة عن طرق إبراز دوره في مكافحة الإرهاب. وقام الجيش اليمني بقتل 20 من المنتمين للقاعدة في الجزيرة العربية في قتال بالقرب من مدينة زنجبار جنوب اليمن، وأعاد سيطرته علي العاصمة الساحلية لمحافظة مأرب الجنوبية التي تقع الي الشرق من ممر ملاحي استراتيجي و علي عدة مدن في المنطقة. ونقل موقع "26 سبتمبر" التابع لوزارة الدفاع اليمنية عن مصادر عسكرية إن وحدات القوات المسلحة بمساعدة سلاح الجو تمكنت تطهير من أجزاء كبيرة من مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين من العناصر التابعة لتنظيم القاعدة، بما فيها منطقة باجدار وضواحيها. وأثارت هذه الاشتباكات مخاوف إقليمية و دولية من عودة نشاط تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية خاصة بعد أن أعلن التنظيم في بيان نشر علي شبكة الانترنت عن وقوفه وراء ثلاثة تفجيرات استهدفت مبان تابعة للشرطة في عدن وعدة مناطق أخري. وتحدث البيان عن سلسلة العمليات التي وقعت في شهر سبتمبر في جنوب اليمن ومهاجمة المقر العام لقوات الأمن في زنجبار، عاصمة محافظة أبين مما أسفر عن مقتل 130 شخصاً وإصابة العشرات من أفراد قوات الأمن. جمعة النصر ليمننا و شامنا وشهد يوم الجمعة الماضي احتشاد مئات الآلاف من اليمنيين فيما أطلق عليه "جمعة النصر ليمننا وشامنا" استجابة لدعوة اللجنة التنظيمية للثورة الشعبية السلمية. وطالب المتظاهرون بتنحي صالح و بوقف العنف ضد الشعب اليمني، كما نددوا بفتاوي علماء السلطة يتحريم الخروج علي الحاكم بالقول أو بالفعل. وشهدت 21 ساحة يمنية في 17 محافظة هتافات ضد فتوي علماء السلطة، ورفض لأي محاولة لإجهاض ثورة الشعب اليمني. وشهدت العاصمة صنعاء احتشاد أكثر من مليون يمني في ساحة الستين، وردد هؤلاء "سوف يحاكم يا أحرار من أفتي بقتل الثوار". وقال خطيب جمعة في ساحة الحرية بمحافظة حجة، الشيخ كمال القدمي، إن السلطة اليمنية تلتقط أنفاسها الأخيرة حيث تلجأ للعنف ضد المتظاهرين السلميين، وأضاف "لقد سقطت كل أوراق النظام ولم يتبق معه إلا استخدام علماء الدين والزج بهم في إصدار فتاوي له لتثبيت شرعيته وهاهم يزينون له ذلك، ويبررون له القتل والدمار وسفك الدماء من خلال فتواهم المظللة التي خرجت حتي علي الدستور والقانون من خلال تجريم المظاهرات التي هي حق لكل أبناء الشعب وحرمت الخروج علي الحاكم الظالم الباغي الذي يعتدي اليوم علي الحرمات ولم تستنكر الاعتداءات والقتل الذي يمارس علي المواطنين العزل في أرحب وتعز ونهم ، وقتل المتظاهرين السلميين". إدانة فتوي العلماء وأدان العلامة، عباس شرف الدين، خطيب "جمعة النصر ليمننا وشامنا" الفتوي الصادرة عن جمعية علماء اليمن الموالية للسلطة، وطالبهم بالتوقف عن بث القتنة قائلا" "إن الله قد حملكم أمانته في التبيين والتوضيح للناس لا التضليل وقول ما يمليه الحاكم الظالم، وقد رأيتم بأعينكم كيف قتل الشباب المسالم في أنحاء الجمهورية علي يد نظام صالح وبلطجيته. نحن شعب نهبت ثرواته وحقوقه وحريته وممتلكاته، ونحن شعب تسفك دماءه كل يوم، ونحن أضعف الشعوب علي الجزيرة العربية". واحتشد أنصار الرئيس صالح في ميدان السبعين للمشاركة في تظاهرات مؤيدة أطلق عليها "جمعة الحوار والاحتكام لصناديق الاقتراع". وأعلنت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم أن الحوار مع المعارضة قد وصل إلي طريق مسدود. وكانت قوي المعارضة اليمنية و شباب الثورة قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد خطاب علي عبدالله صالح الأخير بعد أن كانوا يتوقعون أن يعلن عن تنحيه في الذكري التاسعة و الأربعين لثورة السادس و العشرين من سبتمبر. ورفضت المعارضة خطاب الرئيس اليمني الذي أعلن فيه عن استعداده لنقل السلطة سلمياً عبر انتخابات مبكرة والتزامه بالمبادرة الخليجية وبتفويض نائبه عبدربه منصور هادي للتوقيع عليها وعلي آلية تنفيذها، و منها ضمان مشاركة المعارضة في حكومة مصالحة وطنية مقابل تخلي الرئيس عن الحكم لنائبه علي أن يستقيل بعد شهر من ذلك مقابل منحه حصانة، وتنظيم انتخابات رئاسية خلال شهرين. وكان الرئيس اليمني قد أعلن عقب عودته من السعودية أنه لن يرحل عن الحكم إذا شارك بعض المنشقين عن نظامه في الانتخابات، وذلك في إشارة إلي اللواء علي محسن الأحمر الذي يعد من أكبر معارضيه. واتهم صالح الأحمر بالوقوف وراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها في يونية الماضي. كما اتهم صالح المعارضة بالوقوف وراء تأجيل العمل ببتود المبادرة الخليحية. التطورات الأخيرة في اليمن تشير إلي تدهور الأوضاع الأمنية بشكل كبير أصبحت فيه البلاد مهددة باندلاع حرب أهلية في الوقت الذي تجددت فيه الهجمات الإرهابية لتنظيم القاعدة مما يعيد اليمن إلي بؤرة الحرب علي الإرهاب. فشل الحوار الوطني في اليمن في التوصل إلي حلول واستمرار تعنت الرئيس صالح حث بعض القوي الإقليمية والدولية إلي السعي لإصدار قرار من مجلس الأمن لتنفيذ المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية تحت بند الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. واتهم دبلوماسي في مجلس التعاون الخليجي الرئيس اليمني بتعطيل المبادرة الخليجية، و أضاف أن دول مجلس التعاون "استنفدت كل الوسائل الممكنة لإقناع النظام اليمني والرئيس علي وجه الخصوص بالتوقيع علي المبادرة الخليجية وإقرار آلياتها التنفيذية، إلا أن تلك الجهود لم يتلقفها النظام والرئيس اليمني". كما اتهم ياسين نعمان، رئيس تحالف أحزاب اللقاء المشترك، الرئيس صالح بتعطيل المبادرة الخليجية كنوع من المحاورة السياسية لكسب الوقت. وأكد الناطق الرسمي باسم اللقاء المشترك، محمد قحطان، أن صالح يتهرب من استحقاقات نقل السلطة التي أصبحت مطلباً شعبياً ودولياً.