لأنه دائما يبحث عن التميز والاختلاف، ويمتلك مقومات النجاح، لم تشغله آراء المعارضين لتجسيده شخصية عالم الذرة المصري مصطفي مشرفة، ولأنه نجح باقتدار في أن ينقل للمشاهد روح الفنان الراحل فريد الأطرش في مسلسل "أسمهان" دخل السباق بثقة هذا العام وراهن علي رومانسية وعبقرية عالم جليل بحجم مشرفة حاملا معه من مقومات النجاح بضع لغات يجيدها بطلاقة وقدرة علي عزف الموسيقي باحتراف مع روح فنان قادرة علي التحدي لمثل هذه الأدوار التي تحتاج لفنان حقيقي. في حوارنا مع الفنان أحمد شاكر عبداللطيف، يروي لنا تفاصيل المغامرة التي تفرغ لها أكثر من عامين وسر الكيميا التي جمعته بالمخرجة إنعام محمد علي كما تحدث عن مفاجأة يحضر لها مع نفس المخرجة عن شخصية أثارت الرأي العام والعالمي طوال ثلاثين عاما، بدأت من المجد وانتهت خلف الأسوار. منذ عدة سنوات وأنت تتجه لتقديم أعمال السير الذاتية، وكان آخرها شخصية العالم المصري مصطفي مشرفة .. هل كان هذا مصادفة أم تخطيطا مسبقا ؟ تعلمت من التاريخ الفني الطويل للفنان الراحل أحمد زكي ان الادوار التي تصنع تاريخا للفنان هي أدوار السير الذاتية وهو ما فعله الراحل مع طه حسين وعبدالحليم وعبدالناصر والسادات وغيرهم وأري أنه لون مهم جدا في الدراما، لأن الشعب العربي يعشق التاريخ ويتعلم منه الدروس والعبر وهذا ما توفره اعمال السير الذاتية إضافة إلي أنها تضع قدرات الفنان في امتحان صعب وعن نفسي أعشق التحدي والأدوار المركبة والصعبة. لكن حياة عالم كبير بحجم مشرفة لم تكن لتجذب سوي طلاب العلم فقط؟ كل دور وله صعوبته فعندما قدمت شخصية "فريد الأطرش" حرصت ان تكون كما رآها الناس من خلال وجهة نظري الشخصية اما في حالة مشرفة فأنا أقدم وجهة نظر بحتة، خاصة أن مشرفة ليس له صور كثيرة أوتسجيلات او افلام فاستبدلت خوفي بالإيمان بدور مشرفة وقيمته واحببت الشخصية عندما قرأت عنها واستبدلت الصورة التي كونتها بذهني عن حياة العالم الجافة فاكتشفت أن حياته مليئة بالتفاصيل والمواقف الطريفة جدا من خلال قصص حب وسفر وعلاقات انسانية دافئة لعالم كان يكتب الموسيقي ولديه تأملات بالحياة من النواحي الدينية والسياسية فشعرت وقتها أنني وقعت في غرام هذه الشخصية التي أرفع لها القبعة احتراما. كيف وصلت كما شاهدنا إلي روح الشخصية شكلا و مضمونا؟ عندما أشاهد نفسي في أي دور قدمته من ادوارالسير الذاتية، اكتشف أنه لو طلب مني اعادة تمثيل الدور فلن استطيع ان اصل لدرجة الاجادة، فأنا كفنان أضع نفسي مكان الشخصية، فأصل إلي عمقها وهنا تحضرني كلمة رائعة قالها الكاتب الراحل اسامة انور عكاشة علي الهواء بعد نجاحي في دور فريد، قال لي: برافو يا أحمد فرديت عليه التمثيل عجبك فقال :لا طبعا اللي عجبني أنك عرفت ازاي تحضر روح فريد ومن وقتها اعتبر تمثيل الادوار الذاتية هي اعادة استحضار للروح بشكل جمالي وممتع. ألم يزعجكم كصناع للعمل أن قاعدة عريضة من المشاهدين قد لا يروقها متابعة مسلسل يتناول حياة عالم ذرة في ظل وجود اعمال درامية وكوميدية واجتماعية خفيفة؟ بلاشك هذه المخاوف راودتنا منذ البداية كفريق عمل وبالتأكيد اي منتج يقدم علي عمل يبحث عن شيء مليء بالعناصر الجذابة والجريئة، و يحسب لمدينة الانتاج مجازفتها بالعمل وايمانا منا كفنانين، قررنا ان نكون قدوة للجمهور العربي ولأن مصر تستحق أن تسير باتجاه افضل مما كانت عليه بعد ثورة يناير. هل تري أن أحمد شاكر كان الأنسب للدور أم أنها رؤية مخرجة فقط ؟ مدام إنعام حملتني مسئولية كبيرة جدا وكنت قلقا جدا عندما قالت لي انني بحثت في جميع فناني مصر ووقع اختياري عليك فأرجو ألا تخذلني، لذلك قرأت كثيرا عن حياة مشرفة لأن البطولة هذه المرة مطلقة فكان لابد أن ابذل مجهودا مضاعفا عن كل ما قدمته من قبل . معني ذلك أن ثقافتك واجادتك للغات كانت من بين عوامل اختيارك للدور؟ درست في المدرسة الألمانية للغات وكنت " علمي علوم" وأدرس هذه المواد الصعبة بلغتها الأصلية، وكنت اسأل نفسي ماذا سأستفيد من هذه الدراسة الصعبة فقد كنت أشعر أنني سأكون فنانا، والآن اكتشفت أن هذه الدراسة أفادتني كثيرا. هل كانت الفرصة هذا العام أفضل بسبب قلة الأعمال الدرامية المنافسة مقارنة بالعام الماضي؟ بعد الثورة وبعد توجه البلد نحو البناء والنهضة، اعتقد أن دور العلم سيكون مهما جدا في هذه الفترة واعتبر أن سر جمال هذا العمل في أنه يبسط معني وقيمة العلم بعيدا عن التعقيدات والطلاسم، فنحن دائما في مصر نخشي من العلم ونشعر أنه شيء مركب ولأننا بطبعنا نميل للبساطة فكان كل ما يشغلنا أن نسلط الضوء علي حياة العالم وانه بشر مثلنا وليس كائنا من نوع خاص، فهو يحب ويسافر ويعزف الموسيقي ويسهر مع أصدقائه. كيف كان استعدادك لتجسيد شخصية مشرفة؟ استعنت بمذكراته الشخصية التي كتبها بنفسه، بالاضافة الي تعاون اسرته معنا بامدادنا بكل ما نحتاجه من معلومات عنه وصور خاصة به شخصيا، وهو ما ساعدني ايضا أن اقترب من ملامحه الشكلية أيضا . بعد تجسيدك لشخصية مشرفة، كيف يراه أحمد شاكر الانسان؟ هو انسان مبدع بالفطرة وعبقري، يمتلك قدرات تميزه عن غيره فكان لديه مثلا احساس مبكر بالمسئولية بعد وفاة والده ووالدته وهولم يبلغ بعد 11عاما وكان وقتها اكبر اشقائه وشعر وقتها بالمسئولية تجاه اسرته الصغيرة فبذل اضعاف المجهود الذي يمكن أن يبذله شخص آخر وفي النهاية تحول شعوره بالمسئولية تجاه اسرته الصغيرة إلي بلده الاكبر فقدم اشياء جليلة لمصر حيث كان يتمتع بالمنح والعطاء لكل من حوله وليس العكس . تعرضتم، دون تصريح واضح، ومن خلال العمل للغز وفاته الحقيقي .. لماذا؟ حدث نوع من التلميح بعض الشيء لاننا لا نريد بالنهاية أن نرهب الناس من دراسة علم الذرة، فالهدف من المسلسل التأكيد علي قيمة العمل اكثر من أي شيء آخر. لكن أصابع الاتهام اتجهت نحو الموساد الاسرائيلي وتورطه في مقتله .. أليس كذلك؟ فعلا وفاة مشرفة في وقت مبكر جدا وبدون اي سبب، كانت لغزا محيرا خاصة أنه كان رياضيا ولا يدخن، كما كانت لديهم عاملة بالمنزل وجدوها في اليوم التالي من هروبها مقتولة بشقتها وهذا لم نستعرضه خلال احداث المسلسل لأن العمل ينتهي بوفاة مشرفة ولكن تلك الواقعة رويت علي لسان ابنته التي أكدتها، وكل هذه مؤشرات تؤكد أن مشرفة تم اغتياله أو تسميمه داخل المنزل ولكن لم يتم التحقيق في ذلك لأن الملك وقتها لم تكن علاقته بمشرفة جيدة فلم يتم عمل تحقيق رسمي، وغابت الحقيقية الي الآن . هل كانت المرأة تشغل جانبا مهما وكبيرا في حياته؟ مبتسما .. واضح أن دور الست مهم جدا، لو كانت كويسة تخليه يبدع وقد تساءلت كيف كان يعمل مشرفة وفي قلبه كل هذه المشاعر لامرأة، ويبدو أن هذا كان سر عبقريته فقد كان رومانسيا جدا "برج السرطان" ورغم ارتباطه بقصة حب عنيفة مع فتاة إنجليزية، نجده يتزوج في النهاية من امرأة مصرية تقوم علاقته بها علي الحب والرومانسية، فعندما نشاهد العمل نستشعر كما لو انه عمل رومانسي في المقام الأول . - تعاونت من قبل مع المخرجة إنعام محمد علي .. كيف تري العمل معها؟ العمل معها مرهق جدا لأنها تبحث عن الاجادة، والتي لا تتحقق مع اول او ثاني محاولة، فهي لديها دقة شديدة لصالح العمل وعلي الفنان ان يتحمل وهذا ما جعلني اتفرغ لمدة عامين معتذرا عن أعمال اخري كنت البطل بها العام الماضي ولكن الفكرة أنني أنظر دائما للكيف وليس للكم . هل تري أن وقوف هنا شيحة أمامك في بطولة مطلقة لها كانت مجازفة من إنعام محمد علي؟ إنعام محمد علي لا تستعين بالنجوم لكنها تصنع نجوما فهذه هوايتها وتنافس بهم النجوم الكبار والدور دائما لديها مرتبط بالشخصية التي يلعبها فلا تحب الاستسهال في عملها فاحيانا تجد لدي بعض النجوم شعور بالنجومية أثناء العمل فيضعف الشخصية، أما هي فتتحدي من خلال كل دور تقدمه وتراهن علي النجم كما حدث مع صابرين في ام كلثوم . بعيدا عن مشرفة ألم تفكر في الاتجاه للسينما؟ أري أنني حققت نجاحا في التليفزيون اكثر وعرضت علي ادوار في السنيما ولكني ابحث عن الشكل الجديد الذي اظهر من خلاله فالسنيما لا تستوعب كل مجهودي، والكرة الآن في ملعب الدراما التليفزيونية تقدم اعمالا قريبة من واقع حياتنا اما السينما فيركز أغلبها علي الجانب الترفيهي برغم من ان هناك اعمالا قٌدمت ذات قيمة ولكنها ليست بكثيرة إنما لو عٌرض علي عمل ذو مضمون سأوافق علي الفور لأن دراستي في الاصل هي السينما.