مع قدوم شهر رمضان يلجأ عدد كبير من الصحف تخصيص عدد من الصفحات الدينية للحديث عن الروحانيات ولكن من الملاحظ أن هذه الصفحات متشابهة في المضمون في غالبية الصحف لكن ما الهدف من تخصيص هذه الصفحات هل هو من باب العادات الموسمية أم أن القارئ في حاجة الي مثل هذه الصفحات ويقبل علي قراءتها علي الرغم من نمطيتها؟! يري الأستاذ سامي كمال الدين مدير مكتب مجلة الدوحة في القاهرة، أن الصفحات الرمضانية في شكلها الحالي في اغلب الصحف المصرية لا قيمة لها ولا تضيف شيئا إلي واقع الصحافة المصرية عكس ما كانت عليه الصحافة في الخمسينات والستينات فقد كان لها بريقها ومجدها الخاص فقد كانت الصفحات الرمضانية في مجلة الجيل والمصور ومجلة الاثنين ذات طبيعة مميزة فقد كانت تربط بين الحياة الاجتماعية والسياسية وتتناول موضوعات لها صلة بالحياة السياسية والاجتماعية. من أهم الموضوعات التي كانت تنشر في ذلك الوقت هو الحياة الخاصة للمقرئين فقد كان هناك موضوع عن حياة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد بعنوان "عبد الباسط براندو"نظرا لوجود شبه بينه وبين النجم العالمي براندو، فكان الشيخ بمثابة النجم الذي تحاول الصحافة إلقاء الأضواء عليه وهذا ما لجأت إليه الصحف اليوم في تناولها لصفحات رمضانية حيث اعتمدت علي الموضوعات والمعالجات القديمة دون احداث اي تغيير فما هو قائم حاليا لايتعدي نطاق الاستعانة بصحافة زمان دون إحداث اي تطوير يتناسب مع متغيرات العصر لذا فالصفحات الرمضانية الآن تقدم موضوعات مكررة ومعادة فلا يوجد سعي إلي مهنية حقيقية فالانفراد لايخرج عن مجرد حوار صحفي في حين أن الصحف الأجنبية تعتمد علي التحقيقات، فالمؤسسة الصحفية تتعامل مع الصحفي علي انه موظف لديها مطلوب منه أن يقدم عددا معينا من الصفحات خلال الشهر وهذا بالتأكيد يؤثر علي مهنية الموضوعات وبالتبعية يتحول الصحفي الي موظف ينتج باليومية،ففي الصحف الأجنبية يمكث الصحفي في التحقيق الواحد قرابة ستة اشهر. ويؤكد علي أننا في حاجة الي الاهتمام بالصحافة الدينية لتقديم رؤية خاصة في فهم الدين، فما هو مطروح الآن من صفحات رمضانية لا يخرج عن النمط العادي المكرر كل عام. التطوير مطلوب التطوير في الموضوعات الدينية امر اصبح ضروريا وملحا لذا يجب علي الصحفي ومدير التحرير انتاج افكار جديدة والبعد عن الأفكار المعلبة حتي يتم جذب القارئ للصفحات الدينيه فالقارئ اليوم بعد الثورة أصبح اهتماماته في الغالب اهتمامات سياسية،لذا من الضروري طرح قضايا حيوية تمس القارئ وبشكل مهني والبعد عن الأسلوب التقليدي الذي يعتمد علي الاستعانة بأسماء بعينها من رجال الدين،هذا ما أكده الأستاذ احمد خالد الشاعر والصحفي بالأهرام، فلم يتم التطرق مثلا لشخصية مهاتير محمد فهي شخصية اسلامية معاصرة حققت العديد من الإنجازات فالدين هو الحياة وليس الركون علي التراث القديم فعمارة الارض تعتمد علي العلم، فللأسف الثورة لم تغير كل ماهو قائم من فكر تقليدي فلابد من الاهتمام بالصفحات الدينية فالقارئ في حاجة الي معلومات،فالصحافة الآن اصبحت عزبة خاصة تعبر عن افق ضيقا ،فالصحافة في حاجة الي تطوير فلايوجد شيء قائم علي معلومات فهناك خلط بين الرأي والمعلومة 'ويشير الأستاذ احمد خالد إلي أنه آن الأوان للاهتمام بأحوال المسلمين فعلي الشيوخ أن يعبروا عن مواقفهم من الحرية وقضايا التوريث ومشكلة الفقر في العالم الاسلامي علي الرغم من الثروات الموجودة لديه فالتعبير الحديث عن قضايا الأمة الحقيقية من فقر ومرض وجهل يؤكد علي ضرورة أن يكون الصحفي الذي يكتب في الصفحات الدينية هو صحفي متخصص وملم بالشأن الإسلامي وليس مجرد اداة لنقل المعلومات. من الموضوعات الحيوية التي من الضروري طرحها هي الثورات في الاسلام فالدين ليس برجا عاجيا وانما هو الواقع لذا فالصحافة الدينية في حاجة الي تطوير،فمن المتوقع أن المرحلة القادمة ستشهد اهتماما اكثر بالصحف الدينية لتعبر عن التيارات الدينية المختلفة الموجودة علي الساحة وهذا سيكون اضافة الي الحياة الصحفية فالتعبير عن الرأي من خلال الصحف افضل من التنازع والصراع في الشارع، ويؤكد الشاعر احمد خالد علي أن الدين ليس الدولة فالدين هو الحياة لذا لابد من اعداد مشروع نهضوي ديني لأن مصر لها خصوصيتها فهي ليست السعودية وكذلك ليست فرنسا. صفحات نمطية يري الأستاذ احمد الجمال صحفي ومعد برامج،ان الصفحات الرمضانية هي صفحات نمطية تركز علي الموضوعات السطحية مثل فانوس رمضان وكذلك الاكتفاء بالجوانب الفقهية عن الجوانب المستحدثة في الحياة ورأي الدين فيها، ويرفض فكرة الاكتفاء بالتركيز علي مشايخ بعينهم علي الرغم من وجود اخرين ويرجع عدم الاهتمام بالصفحات الدينية الي انها جزء من الفساد العام ولاسيما أن من يصنع الصحافة الدينية غير مؤهلين لتقديم صحافة دينية بشكل صحيح فما يقدم الآن هو شكل نمطي دون اي تطوير ويشير الي ضرورة أن يكون الاهتمام بالصحافة الدينية طوال العام وليس في شهر رمضان فقط فالناس لديهم شغف بهذا النمط ولكنه لابد أن يقدم بشكل متطور ليصل الي جميع القراء بدلا من الشكل الكلاسيكي الذي قد يتعثر علي الكثير فهمه فلا توجد صحافة دينية متخصصة بشكل مبسط بشكل تواصل مع القارئ، ويرفض الجمال فكرة الاثارة في تناول الموضوعات الدينية فلابد من التعامل مع الصحافة الدينية بوعي كبير لأن الإنسان المصري متدين بطبعه،لذا فلابد عدم التوقف عند الموسم الرمضاني فهذا يعني اننا في رمضان متدينون وباقي العام نتجاهل الدين،فمن الضروري ربط الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالدين من خلال طرح مختلف، فالصحافة تتجه نحو التخصص لذا كان من الطبيعي أن تصدر اصدارات صحفية دينية نتيجة الشعور بالحرية لكن لابد أن تظهر بشكل مهني متطور بعيد عن القالب الكلاسيكي، وربط بين ما تشهده المنطقة من أحداث فلابد أن يكون هناك عمق في الرؤي وليس مجرد فتاوي دينية، فوجود تيارات دينية مختلفة يتوقع منه ظهور صحف دينية تعبر عن توجهاتها مثل التيار السلفي وكذلك التيار الصوفي وليس من الشرط أن يكون لها تأثير ايجابي فهناك حديث عن اصدار صحفي باسم جريدة الرحمة للشيخ محمد حسان وهي جريدة اسبوعية متخصصة،لذا من الضروري أن يكون هناك وجود للأزهر وتقديم رؤي متطورة بعيدا عن الشكل النمطي. طقس مهني يعلق د. محمود خليل استاذ الصحافة بكلية إعلام جامعة القاهرة، قائلا"بعد الاطلاع علي عدد من الصفحات الرمضانية في الجرائد اليومية أن عددا كبيرا من الصحف تهتم برمضان علي انه طقس مهني تقدم من خلاله وجبة دينية حياتية تشتبك مع قضايا الحاضر وتستشهد بالعديد من المشاهدات التاريخية فالصحف تحاول أن تستغل المناخ الروحاني الذي يعيشه القارئ من خلال تقديم رسالة تتناسب مع هذا المناخ ولكن من الملاحظ أن أغلب هذه الصفحات تقدم موضوعات موسمية متكررة وكذلك أبرز الأحداث التي حدثت في تاريخ المسلمين وكان من الضروري علي الصحف أن تقوم بعمل استطلاع للرأي لتعرف معدلات قارئي الصفحات الرمضانية فالمضامين الدينية ذات جاذبية للجمهور والدليل زيادة عدد القنوات الدينية، فالمضمون الديني له جمهور وقراء فالصحف إذا اهتمت بتقديم محتوي ديني بمعالجة مهنية مبسطة وتقديم فهم حقيقي للإسلام وبعيدا عن التسطيح المهني سوف تزيد من معدلات توزيعها فهناك فهم خاطئ أن المادة الدينية ترتبط بالصحافة المحافظة، فالصفحات الدينية تستطيع أن تتنافس مع القنوات الفضائية.