شرايين الحياة إلى سيناء    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    رئيس الوزراء يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي نيابة عن رئيس الجمهورية    لميس الحديدي: رئيسة جامعة كولومبيا المصرية تواجه مصيرا صعبا    قطارات السكة الحديد تغطي سيناء من القنطرة إلى بئر العبد.. خريطة المحطات    إعلام إسرائيلي: معارضة بن غفير وسموتريتش قد تجهض أي صفقة لتبادل الأسرى مع حماس    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    تعليق ناري من أحمد موسى على مشاهد اعتقالات الطلاب في أمريكا    المنتخب الأولمبي يخوض وديتين فقط بمعسكر يونيو    محافظ القاهرة: استمرار حملات إزالة التعديات والإشغالات بأحياء العاصمة    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    أصالة من داخل قصر الإمارات قبل انطلاق حفلها في أبو ظبي ( صور)    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    "اشتغلت مديرة أعمالي لمدة 24 ساعة".. تامر حسني يتحدث عن تجربة ابنته تاليا    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    افتتاح المدينة الطبية بجامعة عين شمس 2025    غدا.. إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية "رشوة آثار إمبابة"    80 شاحنة من المساعدات الإنسانية تعبر من رفح إلى فلسطين (فيديو)    ما هي مواعيد غلق المحال والكافيهات بعد تطبيق التوقيت الصيفي؟    صور.. إعلان نتائج مهرجان سيناء أولا لجامعات القناة    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    «الحياة اليوم» يرصد حفل «حياة كريمة» لدعم الأسر الأولى بالرعاية في الغربية    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    طاقة نارية.. خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد من هذا القرار    أنس جابر تواصل تألقها وتتأهل لثمن نهائي بطولة مدريد للتنس    بالصور.. مجموعة لأبرز السيارات النادرة بمئوية نادى السيارات والرحلات المصري    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة| الأنابيب الكيني يفوز على مايو كاني الكاميروني    ليفربول يُعوّض فينورد الهولندي 11 مليون يورو بعد اتفاقه مع المدرب الجديد    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بلينكن في الصين.. ملفات شائكة تعكر صفو العلاقات بين واشنطن وبكين    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    ضبط عاطل يُنقب عن الآثار في الزيتون    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    عمرو صبحي يكتب: نصائح لتفادي خوف المطبات الجوية اثناء السفر    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات العالم العربي ..زلزال اليابان ..أسعار النفط والغذاء تعيد الاقتصاد العالمي إلي الأزمة
نشر في القاهرة يوم 28 - 06 - 2011

يشهد الاقتصاد العالمي تطورات مهمة يمكن أن تؤثر علي مستويات النمو في الدول المتقدمة والدول النامية علي حد سواء ، نتيجة العديد من الظواهر والأحداث، التي قد يستمر تأثيرها علي مدي سنوات قادمة. وفي تقرير أصدرته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في يونية 2011 أكد أن تراكم المخاطر والمشاكل المالية المستمرة في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا قد يؤدي إلي توقف النهوض الاقتصادي العالمي، وأنه إذا كان النهوض الاقتصادي العالمي قد بدأ فعلا، إلا أنه يبقي محاطا بالمخاوف، إذ لم تبلغ الأزمة العالمية نهايتها بعد، ويأتي ذلك، بينما تتضاعف عالميا الآثار السلبية علي الصعيد الاقتصادي للانتفاضات الشعبية في العالم العربي،وزلزال اليابان، وأزمة الديون في أوروبا. من ناحيته يحذر البنك الدولي في تقرير صدر مؤخرا من ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الذي خلف آثارا خطيرة علي معدلات النمو الاقتصادي العالمية، والذي لن يتجاوز وفقا للتوقعات 2.3 % في 2011 علي أحسن تقدير، وهو ما يقل عن التوقعات في بدايات العام الحالي. ومع ترقب الدوائر الاقتصادية في العالم ما يمر به الاقتصاد الأمريكي من تطورات ، فإن الأنباء الصادرة عن واشنطن لا تنبئ بخير، حيث حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أنه بالرغم من تحسن الاقتصاد الأمريكي مؤخرا، غير أن عدة عوامل خارجية تؤثر سلبا علي اقتصاد بلاده، ومنها زلزال اليابان، ومخاطر ارتفاع أسعار الوقود، والوضع الاقتصادي المتدهور في أوروبا، وبالتالي اعتبر الرئيس الأمريكي أن أسبابا خارجية هي التي تؤدي إلي تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي . يأتي هذا، بينما يتصاعد تحذير المؤسسات الاقتصادية العالمية من تباطؤ شديد في معدلات النمو في الدول العربية نتيجة لأحداث " الربيع العربي" والثورات الديمقراطية، والتي اندلعت أصلا لأسباب عديدة، في مقدمتها انتشار الفقر وارتفاع نسب البطالة في المنطقة. سوء الأداء " العالمي " يغلب علي الاقتصاد العالمي في الفترة الراهنة سوء الأداء علي أكثر من صعيد وفقا لتقارير المؤسسات الدولية ذات الاختصاص في تقييم هذا الأداء. فقد خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد الدولي من 4.4% إلي3.4 %، كما خفض توقعاته بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، محذرا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من التأخر في خفض العجز في ميزانياتها. في الوقت نفسه،علي المستوي العالمي حذر البنك الدولي من تباطؤ نمو إجمالي الناتج المحلي ليصل إلي 2.3 % عام 2011، مقابل 8.3 % عام 2010، ولكنه توقع أن يعود إلي مستوي 6.3 % عام 2012، 2013. كذلك صدرت تحذيرات من تفاقم أزمة ديون منطقة اليورو، والنمو التضخمي في الاقتصادات الناشئة، وتراجع معدلات النمو في الدول النامية من 3.7 % في عام 2010 إلي 3.6% في 2011، 2012، ومع ذلك أكد تقرير البنك الدولي أن تباطؤ نمو الدول النامية لم يؤثر علي نجاحها في عبور محنة الأزمة العالمية، مؤكدا أن اقتصادات الدول النامية تبقي أكثر ديناميكية من اقتصادات الدول المتطورة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ولكن يبقي أمام الدول النامية التحدي الرئيسي وهو الحفاظ علي درجة النمو، وضبط مستويات التضخم. أما عن أهم العوامل التي أثرت علي مستويات الاقتصاد في أنحاء العالم فقد تمثلت، من وجهة نظر مؤسسات الاقتصاد العالمية، في الثورات والاضطرابات السياسية في العالم العربي، وزلزال اليابان، واضطرابات سوق النفط، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وزيادة معدلات التضخم. وقد أدي ارتفاع أسعار النفط ونقص الإنتاج إلي ارتفاع أسعار السلع الغذائية وزيادة العبء علي الفقراء الذين ينفقون الجزء الأكبر من دخولهم علي الغذاء. وقد سجلت أسعار النفط مؤخرا تراجعا فانخفضت أكثر من 8 دولارات للبرميل في لندن وحوالي 6 دولارات في نيويورك بعد قرار وكالة الطاقة الدولية سحب 60 مليون برميل من المخزونات الاستراتيجية لدولها الأعضاء لإمداد السوق. وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من نقص بترول ليبيا، وأنها ستسحب 30 مليون برميل من احتياطياتها التي بلغ مستواها في الوقت الراهن ارتفاعا تاريخيا يقدر بنحو 727 مليون برميل. لكن في المحصلة، فإن الأفق الاقتصادي في الدول الغنية، والدول النامية، ودول أوروبا لايزال غارقا في أتون " الأزمة " وما يترتب عليها من مشكلات، كارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض حجم ما يتم طرحه من مساعدات وقروض للأسرة مصرفيا. ولكن من الملاحظات المهمة التي يطرحها أندروبيرنز المعد الرئيسي لتقرير البنك الدولي أن الأزمة المالية انتهت في غالبية الدول النامية، ومن المناسب الآن إعادة السياسة النقدية إلي موقع أكثر حيادية، وإعادة تشكيل عوامل ضبط الموازنة التي أتاحت للدول النامية مواجهة الأزمة، ولفت البنك إلي مخاطر النشاط الاقتصادي المفرط في آسيا ودول أمريكا اللاتينية، وعلق الاقتصادي هانز تيمر أن اجراءات متعلقة بالسياسة النقدية اتخذت نتيجة ذلك، ولكن يجب اللجوء إلي شكل إضافي من سياسة الموازنة وسياسة الصرف لضبط التضخم. أما علي صعيد أزمة الدين التي تعصف بأوروبا وأصابت الأسواق العالمية بالذعر، فإنها تذكر العالم بإفلاس بنك " ليمان برازرس " الأمريكي في سبتمبر 2008، حيث إنها يمكن أن تؤدي إلي إفلاس عدة بنوك عالمية، وتهدد الأزمة بالانتقال من اليونان إلي أيرلندا والبرتغال واسبانيا وإيطاليا، وقد شهد مؤشر داوجونز الصناعي وأسواق أوروبا هبوطا خطيرا، خاصة أن الوضع السياسي في اليونان ينذر بمزيد من الاضطرابات، ويري خبراء اقتصاديون أن الحالة الأوروبية يمكن أن تصل إلي زعزعة استقرار النظام المالي العالمي مجددا. وبالطبع، فإن الكثير من الدول تسعي جاهدة لمعرفة " الطريق الأسلم " للنجاة من تداعيات الأزمة، ومحاولة تحسين الأداء الحكومي، ففي روسيا علي سبيل المثال تطرح بقوة حلول علي غرار التخلص من الوظائف غير المجدية وإيجاد المزيد من الوظائف في قطاع التكنولوجيا المتطورة. يذكر أن متوسط دخل الفرد من إجمالي الناتج المحلي في روسيا هو 700.19 دولار، وقد حقق اجمالي الناتج المحلي الروسي نموا بنسبة 1.4 % في الأشهر الثلاثة الأولي من عام 2011، ولكن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يؤكد أن اقتصاد بلاده " سيكون واحدا من أكبر خمس قوي في الاقتصاد العالمي خلال العقد القادم. علي صعيد آخر، فإنه بالنسبة للسياسات التجارية ، حذرت منظمة التجارة العالمية من أن دول العالم تستسلم للحماية التجارية بعد الأزمة المالية العالمية مما يحد من صادرات الغذاء والمواد الخام ويضع حواجز جديدة أمام الواردات. وفي تقرير يقيم سلوك الحماية لأكثر من 180 دولة، أكد أن القيود علي تصدير السلع الأولية من القطن الهندي والقمح الأوكراني والمعادن النادرة الصينية والفحم الصيني، لا تخلو من الأخطار. ويتعارض اتجاه الحماية التجارية المتنامي مع الوعود التي قطعتها الاقتصادات الرائدة والصناعية بمقاومة الحماية التجارية وتداعياتها السلبية. وأكد التقرير أن غياب القواعد العالمية بشأن التصدير أدي إلي فرض 30 قيدا جديدا علي الأقل في الفترة من اكتوبر 2010 إلي ابريل 2011 من قبل الصين والهند وأوكرانيا وفيتنام ودول أخري، إذ قد تنجذب الحكومات إلي استخدام قيود التصدير لتعديل أسعار صادراتها لصالحها، وتزيد انتاجها، علي حساب الانتاج الأجنبي. غضب الشعوب عندما ثارت الجماهير في فرنسا في الشهر الماضي، واحتلت ساحة الباستيل بوسط باريس، وعندما انتشرت المظاهرات الغاضبة في العاصمة اليونانية أثينا في منتصف يونية الحالي، وعندما تعهد عشرات الآلاف في اسبانيا في ميدان الشمس بمواصلة الاحتجاجات مؤخرا ومشاركة المسنين والأطفال في تظاهرات الغضب، فقد جاء ذلك كله أيضا في خضم أوسع موجة من الانتفاضات الشعبية في العالم العربي، وعندها فقد جاءت غالبية التفسيرات التي خرجت بهذا الشأن لتؤكد غضب الشعوب إزاء الأداء الاقتصادي للحكومات، ومؤسسات الاقتصاد العالمية، وفساد طبقة السياسيين، وتدني مستويات المعيشة ونوعية الحياة. ففي فرنسا، كانت الشكوي عارمة من مضي النظام السياسي في مساندة ودعم كبار الرأسماليين علي حساب الطبقة الكادحة، كما ثار غضب الفرنسيين علي خطط الخصخصة لمؤسسات الدولة، وتراجع القوة الشرائية، وتدني مستويات الأجور مقارنة بالأسعار والإيجارات المرتفعة. أما اليونان، فإنها تشهد أكبر أزمة مالية تسببت في موجة من الإضرابات والاحتجاجات الشعبية في مواجهة خطط التقشف التي تتبناها الحكومة اليونانية لتوفير ما يقرب من 70 مليار دولار. ومن الملاحظ أن الدعوة إلي المظاهرات في أوروبا جاءت هذه المرة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وليس عن طريق أحزاب المعارضة والنقابات العمالية، من أجل التجمع والتظاهر ضد الآداء الاقتصادي والسياسي للحكومات، وللمطالبة بديمقراطية حقيقية. ولا يبدو أن هناك أدني درجة من التوافق بين الحكومات والشعوب فيما يتعلق بسبل الخروج من " الأزمة ". ففي جمهورية التشيك هدد اتحاد رابطة النقابات المستقلة بتنظيم إضراب ووقف حركة القطارات وقطع الطرق إذا لم يبدأ مجلس الوزراء في الحد من خطة الحكومة الرامية لخفض العجز في الميزانية عن طريق إصلاح نظام المعاشات والرعاية برفع الضريبة وزيادة المدفوعات للرعاية الصحية ونظم الإحالة إلي المعاش. وفي اليونان، تعارض المظاهرات خطة التقشف التي تواجه معارضة حتي داخل الحزب الاشتراكي الحاكم . وتتضمن الخطة تخفيض الرواتب في القطاع العام، والتشدد في فرض الضريبة، والحد من الكتلة المالية لرواتب الموظفين، وتقليص النفقات العسكرية، وبرنامج واسع من التخصيص، وقد بلغت ديون اليونان 350 مليار يورو في 2010 وفي استطلاع للرأي تبين مطالبة 47 % من الناخبين اليونانيين للبرلمان برفض خطة الإصلاحات الاقتصادية الصارمة التي وافقت عليها الحكومة مقابل حزمة ثانية من الدعم المالي لتفادي العجز عن سداد الديون. وتثور التساؤلات : هل تجر اليونان الاتحاد الأوروبي إلي هاوية التفكك وسط تصاعد الخلافات بين دول الاتحاد حول إنقاذ اليونان، وتوقعات الأسواق أن تتخلف اليونان عن سداد الديون، ومظاهر الاحتجاج الواسعة في اليونان وأسبانيا ؟ ففي اسبانيا، ثارت الاحتجاجات مجددا علي أسلوب الحكومة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الراهنة واجراءات التقشف التي اتخذتها قبل الانتخابات المحلية والإقليمية في 22 يونية، فضلا عن ارتفاع معدل البطالة والفساد السياسي في البلاد. ونتيجة للرعب الذي يسود أوروبا خشية انتقال عدوي أزمة الديون السيادية إلي اسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، فقد اقترحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تأسيس وكالة تصنيف أوروبية بديلة حتي تستطيع الدول الأعضاء في منطقة اليورو دخول هذا المجال، الذي أصبح حكرا علي وكالات التصنيف الأمريكية، شريطة أن تكون وكالة التصنيف الأوروبية اقتصادية بحتة. وفي 21 يونية، تبخرت الآمال في توصل مسئولي الاتحاد الأوروبي إلي صفقة سريعة لإنقاذ اليونان عبر الموافقة علي القسط الأخير من المساعدة والبالغ 12 مليار يورو (17 مليار دولار) من أموال خطة الإنقاذ البالغة 110 مليارات يورو، وثارت المخاوف في أوروبا، وتحولت مؤشرات الأسهم العالمية إلي الأحمر في كل من لندن وباريس وفرانكفورت وطوكيو. وتبدو المؤشرات بأن أزمة اليونان الاقتصادية ستؤدي إلي تطورات سياسية في نظام الحكم، إذا ما استمر الغضب الشعبي في مواجهة الحكومة اليونانية. أما علي صعيد الغضب الشعبي في المنطقة العربية، فيؤكد الكاتب البريطاني نايل فيرجسون علي ما يسميه " انفجار الثورة " والذي كان سببه المبدئي هو إحراق الشاب التونسي بوعزيزي نفسه بسبب الفقر وارتفاع معدلات البطالة الذي بلغ في تونس 24 %، كذلك معاناة الشباب المصري من البطالة وسوء الأحوال المعيشية والأزمات التي تفاقمت بفعل أزمة الغذاء العالمية منذ عامين. وهنا لابد أن نذكر أن مصارف البلاد التي شهدت ثورات واحتجاجات شعبية شهدت رحيل 50 مليار دولار، ويمكن أن تزيد النسبة مع الانخفاض المستمر في العملات، خاصة وأن الغضب الشعبي العربي لايزال مستمرا سواء في الدول التي شهدت ثورات ناجحة وقصيرة في تونس ومصر، والدول التي لاتزال تشهد انتفاضات شعبية في سوريا واليمن وليبيا. ومع استمرار الوضع الاقتصادي في دول الثورات علي أيدي شباب يعانون البطالة، تتضاعف
مشكلة البطالة لتصل بعض التقديرات إلي 42 %، مع انخفاض الانتاج من السلع والخدمات في جميع المصانع وبنسبة كبيرة، وتسريح عدد من الموظفين، وتقول تقديرات البنك الدولي إن وتيرة النشاط الاقتصادي في مصر وتونس ستتغير في 2012، وقد تصل نسبة النمو إلي قرابة 5 % في 2013، ولكن من بين الدول النامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستكون الصعوبة في معدلات النمو في مصر وتونس وليبيا. من ناحيته يؤكد الكاتب البريطاني نايل فيرجسون إنه بالرغم من استمرار التدهور الاقتصادي في العالم العربي خاصة دول الثورات، فإن هذه الحالة تمثل " الدورة الطبيعية " لكل ثورات التاريخ والتي تشهد في لحظة الثورة التالية شللا اقتصاديا، تعود بعده الأمور إلي طبيعتها شريطة عودة الاستقرار إلي البلاد من جديد. الفشل الأمريكي يؤكد جيفري ساكس الأستاذ في جامعة كولومبيا أن مشكلة البطالة لا تقتصرعلي بلدان العالم النامي، ففي الولايات المتحدة يبلغ معدل البطالة الإجمالي نحو 9 %، ولكنه يرتفع بين الشباب من سن 18 25 سنة إلي 19 %، وهذه النسبة لا تشتمل إلا علي الشباب من العاملين بالفعل أو الباحثين عن عمل، وهناك كثيرون يصيبهم اليأس والإحباط إلي درجة تدفعهم للخروج من سوق العمل. وهناك من لايذهبون إلي المدرسة، ولا يعملون، ولايبحثون عن عمل، ولا يحتجون، وينتهي بهم المطاف إلي السجن. ويؤكد ساكس أن الولايات المتحدة تشكل " حالة فشل " لأن الأطفال الذين تربوا في بحبوحة من العيش، هم فقط الذين يتيسر لهم القدر المناسب من التعليم الجيد وبالتالي فرص العمل الجيدة، وقد فشلت الحكومة الأمريكية في توفير التدريب والبنية الأساسية اللائقة، والتي يمكن أن يستفيد منها أبناء الأسر الفقيرة. وعلي نفس المنوال، يشير الكاتب الأمريكي ديفيد ليونهاردت إلي حالة فشل أخري في الولايات المتحدة، مبينا الفروق بين النموذجين الأمريكي والألماني علي الصعيد الاقتصادي، خاصة في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية في العالم. ويقول ليونهاردت إن ألمانيا كانت أكثر ميلا من الولايات المتحدة لاستخدام سلطة الحكومة لمساعدة اقتصادها، ولكنها أيضا كانت أكثر قسوة في التخلص من الأشياء المسرفة داخل الحكومة، ويستنتج أن وتيرة النمو في ألمانيا تسارعت، وبدا الألمان أفضل حالا من الأمريكيين، لأن السخاء الذي فاض به نموهم لم يتركز في جيوب مجموعة صغيرة من الأثرياء. ويؤكد ليوناردت أن ألمانيا تمكنت من تجنب فقاعة الإسكان، علي عكس الولايات المتحدة وبريطانيا وأيرلندا وإسبانيا، ولدي أطفال الألمان مهارات أقوي في مجال الرياضيات والعلوم بالمقارنة مع نظرائهم الأمريكيين، ويعد العجز في الموازنة داخل ألمانيا علي المدي القصير أقل منه داخل الولايات المتحدة، ويلفت الكاتب الأمريكي الانتباه إلي أن الحكاية الألمانية لا ترتبط فقط بجعل الحكومة أكثر كفاءة، بل تتعلق أيضا بفهم الدور الفريد الذي يجب أن تلعبه الحكومة داخل الاقتصاد. ويلحظ الكاتب ستيفن بيرلستاين ما يسميه " غرابة الأداء الاقتصادي الأمريكي " حيث بدأت أرباح الشركات وأسعار الأسهم تزداد بسرعة أكبر من النمو الاقتصادي، في الوقت الذي يسير فيه النمو الاقتصادي بخطي أسرع من زيادة الوظائف. وكانت هذه المعطيات الثلاثة متزامنة في الماضي، والمفترض أن سبب هذا الانفصال هو زيادة إنتاجية العاملين الأمريكيين، وذلك سيكون له تأثير إيجابي علي الاقتصاد علي المدي الطويل. ولكن علي عكس المزايا التي حققها تزايد الإنتاجية سابقا، لم تؤد هذه الزيادة إلي زيادة دخول أكثر العاملين، ولم تترجم إلي تحسن في القدرة التنافسية، أو تحسن في عجز الميزان التجاري. ويبدو أن المشكلة في الولايات المتحدة أكثر عمقا بالنسبة لأزمة الديون الأمريكية، مما يثير قلق عواصم عالمية. ففي الصين يؤكد مستشار البنك المركزي الصيني أن النواب الأمريكيين في الكونجرس " يلعبون بالنار " عندما يبحثون عدم سداد الديون، ولو لفترة وجيزة، كأداة لإجبار الحكومة علي خفض أعمق للإنفاق، بينما حذر مسئول في البنك المركزي العمُاني أن أي تخلف أمريكي عن سداد الديون قد يتسبب في زعزعة احتياطيات دول الخليج العربية من الأصول الأجنبية، لأن اقتصاديات الخليج ترتبط بدرجة كبيرة بالتطورات المالية الأمريكية. يذكر أن معظم منطقة الخليج ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي، وهي من كبار حائزي السندات وسائر الأصول الأمريكية، كما أن النفط الذي يسعر بالدولار هو مصدر الدخل الرئيسي في منطقة الخليج ، ويقول محافظ البنك المركزي في الإمارات إن البنوك المركزية الخليجية مازالت تعتبر سندات الخزانة الأمريكية استثمارا آمنا. ويحذر مسئولون أمريكيون من أن أي تخلف عن سداد الديون الأمريكية يمكن أن يزعزع الاقتصاد العالمي، ويكدر العلاقات الأمريكية مع دائنين كبار مثل الصين، أكبر دائن أجنبي لأمريكا، حيث تجاوزت قيمة سندات الخزانة الأمريكية في حوزتها تريليون دولار في مارس 2011، ويحجم الكونجرس الأمريكي عن زيادة سقف قانوني للإنفاق الحكومي، بينما يتجادل المشرعون حول سبل كبح عجز من المتوقع أن يصل إلي 1400 مليار دولار في السنة المالية الحالية. وفي بداية شهر يونية، استعان الرئيس الأمريكي باراك اوباما بقائمة من رجال الأعمال لتحقيق برنامجه لمضاعفة الصادرات الأمريكية وخلق ملايين من فرص العمل. وفي إطار ذلك عين أوباما رجل الأعمال جون برايسون وزيرا للتجارة لينضم إلي فريقه الاقتصادي بهدف تعزيز الشركات والمنتجات الأمريكية في العالم، وفتح أسواق جديدة في الخارج. وكانت بيانات الحكومة التي صدرت مؤخرا قد بينت تراجع أعداد العمال الذين حصلوا علي وظائف في ثمانية أشهر، وارتفاع نسبة البطالة الأمريكية إلي 1 .9 % وهو ما يمثل تحديا سياسيا للرئيس الأمريكي الذي يواجه ظروفا صعبة قبيل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية في 2012، ويركز الجمهوريون في الفترة الراهنة علي " فشل الاقتصاد الأمريكي " في عهد أوباما، وبعد أن كان مقتل بن لادن قد أفضي إلي ارتفاع شعبية الرئيس، فقد تسببت حالة الاقتصاد الأمريكي في هبوطها مجددا، وأعطي 59 % من الأمريكيين تقييما سلبيا للرئيس أوباما علي مستوي معالجته للاقتصاد، وسجلت نسبة الراضين عن أداء أوباما بشأن مشكلة عجز الميزانية مستوي منخفضا جديدا هو 33 % بانخفاض يبلغ 6 نقاط عن إبريل الماضي. وتشكل حالة الاقتصاد الأمريكي أكبر تحد للرئيس الذي ربما يعتمد مستقبله السياسي وإعادة انتخابه في 2012 علي قدرته في اقناع الناخبين بأن سياسته الاقتصادية تحقق النجاح المنشود. ويقول الكاتب ستيفن غلين إنه في الوقت الذي يكافح فيه المحافظون الماليون عجز الميزانية الأمريكية، فإن الجيش الأمريكي يستمر في إنفاق صارخ للمزيد من الأموال الحكومية، وعلي الرغم من أن بعض السياسيين وصانعي السياسات يدرسون فكرة تخفيض ميزانية الجيش بدرجة معقولة، فإنه ليس واضحا ما إذا كان هذا الهدف يبدو ممكنا بصورة جيدة ومؤثرة من جانب الكونجرس الأمريكي. صراع الموارد يبدو أن الأزمات التي تتعرض لها الاقتصادات الكبري في العالم، وتعثرها في معالجة ظواهر الخلل الكامنة في بنياتها وهياكلها الاقتصادية دفعت هذه الدول مجددا للتوجه شطر مناطق الثروات والموارد الطبيعية، علي غرار ما فعلته الدول الاستعمارية التي نهبت علي مدي تاريخها الاستعماري ثروات شعوب أسيا وافريقيا. ففي التقرير الذي أصدره معهد أوكلاند، وهو مركز دراسات متخصص في كاليفورنيا ذكر أن مستثمرين أمريكيين وأوروبيين أثرياء يجمعون مساحات كبيرة وهائلة من الأراضي الزراعية في أفريقيا، عبر صفقات لا تخضع للمساءلة، وتعطيهم سيطرة كبري علي إمدادات الغذاء لفقراء العالم. وحسب التقرير، يشارك في هذه الصفقات صناديق التحوط والمضاربون وبعض الجامعات الأمريكية وصناديق المعاشات، وهم يتطلعون إلي عائد علي الاستثمار يتراوح بين 20 40 %. وتتضمن هذه الصفقات الحصول علي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وتهجير للسكان المحليين في مجتمعات أفريقية فقيرة، ويخصص جزءاً من صفقات الأراضي في انتاج الوقود الحيوي علي حساب انتاج المواد الغذائية. ويؤكد باحثون في معهد أوكلاند أمضوا حوالي عام في بحث سري بهذا الصدد أن الصفقات السرية للأراضي شملت سبع دول أفريقية هي أثيوبيا ومالي وموزمبيق وسيراليون وتنزانيا وزامبيا، وأنه يجري حاليا منح الأراضي إما بأسعار رخيصة أو مجانا، وأنه في ظل حوافز مذهلة تمنحها بعض الحكومات، فإن معدل شراء الأراضي في أفريقيا يبدو مذهلا، وفي عام 2009 وحده، تم شراء أو استئجار نحو 60 مليون هكتار، وتصل مدة امتياز بعض الأراضي إلي 50 عاما دون مقابل. ومن المفارقات الغريبة، أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حذرت منذ أيام مما أطلقت عليه " الاستعمار الجديد " في أفريقيا في إشارة إلي توسع الصين في القارة الأفريقية. ويأتي ذلك مؤشرا واضحا علي التنافس الاستعماري الجديد بين الصين والولايات المتحدة علي أراضي وموارد أفريقيا، حيث ضخت الصين بدورها حوالي 10 مليارات دولار في أفريقيا في 2009، ونمت تجارتها مع الأفارقة، وتوسعت في شراء النفط والمواد الخام. ويتوقع تقرير لبنك " ريناسانس كابيتال " أن يصل حجم المبادلات الصينية في أفريقيا إلي 400 مليار دولار بحدود عام 2015، وقد عززت الصين وجودها في السوق الأفريقية في كل المجالات من تشييد المباني واستخراج المواد الخام والخدمات والسلع المصنعة والمواد الغذائية والنقل والطرق والاتصالات والزراعة، وتوجه عدة جهات اتهامات للصين بنهب موارد القارة الأفريقية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.