كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل اقترب سيناريو النهاية؟
نشر في القاهرة يوم 19 - 04 - 2011

ثورة اليمن تستمر والمعارضة تتحفظ علي الوساطة الخليجية وتمنح الرئيس علي عبد الله صالح أسبوعين للتنحي * المبادرة الخليجية تؤيد نقل سلطات الرئيس اليمني لنائبه وائتلاف الثوار يعتبرها التفافا علي مطالب الشعب اليمني * ثورة اليمنيين تستمر "سلمية " بالرغم من المواجهات الدامية مع السلطة وساحات الاعتصام تقرّب بين الإسلاميين والليبراليين * كبار العلماء والمشايخ في اليمن يطالبون الرئيس اليمني بالتنحي مؤكدين سقوط شرعيته الدستورية بسبب سفك دماء المواطنين الأبرياء د. ثناء فؤاد عبد الله راوحت الأزمة اليمنية مكانها، مع ترحيب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح "بالمبادرة الخليجية"، والتي تقوم علي نقل السلطة سلميا، وتسليم الحكم إلي نائب الرئيس، وهي المبادرة التي جاءت بناء علي طلب الرئيس صالح من دول مجلس التعاون الخليجي للمساعدة في حل الأزمة التي تواجه البلاد، فيما اعتبرت المعارضة والثوار المبادرة الخليجية التفافا علي مطلب تنحي الرئيس، وأمهلته اسبوعين للرحيل . وعلي الرغم من تغير موقف الرئيس صالح تجاه المبادرة الخليجية بين القبول والرفض، فإن وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أكد من ناحيته أن المبادرة هي موضع اهتمام من قبل القيادة السياسية في اليمن، وأن أية مبادرة تستهدف إيجاد الحلول للأزمة، تتفق مع دستور الجمهورية اليمنية، هي موضع الترحيب، وتمثل مدخلا حقيقيا لحل هذه الأزمة، وأكد القربي علي الروابط والوشائج الأخوية التي تربط الشعب اليمني بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي . وكانت دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، الإمارات، الكويت، سلطنة عمان، البحرين وقطر) قد أطلقت وساطة لحل أزمة السلطة في اليمن، ودعت الحكومة والمعارضة التي تطالب وتصر علي رحيل صالح، إلي "محادثات في الرياض " لإنهاء الموقف الصعب الذي يعصف بالبلاد . وفيما رحبت الحكومة اليمنية مبدئيا بهذه الوساطة، فقد أكدت مصادر المعارضة الشعبية اليمنية بأنه لا قبول بأية مبادرة أو مفاوضات إلا علي أساس التسليم بمسألة تنحي الرئيس علي عبد الله صالح فورا، مع رفض المعارضة لما تردد عن منح صالح وأبنائه ضمانات وحصانة من أية ملاحقة . ومن ناحيتهم، طالب علماء ومشايخ اليمن الرئيس صالح بالتنحي، تحت شعار " التغيير السلمي، والانتقال الآمن للسلطة " . المبادرة " الخليجية " جاءت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية في سياق حالة إيجابية غير مسبوقة، اتسم بها المجلس تجاه الأحداث الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية في ضوء اندلاع " الثورات الديمقراطية " في غالبية الدول العربية، وإن كانت مواقف دول مجلس التعاون تجاه هذه التطورات، تختلف من حالة إلي أخري . فعندما عمت المظاهرات الاحتجاجية البحرين للمطالبة بمزيد من الحريات، فإن مجلس التعاون الخليجي، طالب بكبح هذه التظاهرات، ومنع توسعها، ثم بادر بإرسال قوات " درع الجزيرة " إلي البحرين، الأمر الذي ترتب عليه " قمع " و" إنهاء " احتجاجات البحرين، حيث بدا واضحا أن الدول الخليجية كيفت هذا التطور انطلاقا من " منظور إقليمي " بحت، واعتبرت أن " الأيدي الإيرانية الخفية". بدأت تثير الفتنة الطائفية في منطقة الخليج، وأنه لابد من قطع دابر هذه الأيدي في مهدها، من أجل ما تعتبره حفظا للاستقرار والنظام في منطقة الخليج . علي العكس من هذا الموقف، فإن مجلس التعاون الخليجي، اتخذ موقفا إيجابيا وحركيا للغاية حيال ما جري في ليبيا، فبادر بتأييد " الثوار الليبيين " الذين ثاروا ضد القذافي مطالبين برحيله، كما سعي مجلس التعاون الخليجي لدي الأطراف الدولية لاتخاذ مواقف قوية ضد القذافي، وتأييد إصدار قرار مجلس الأمن رقم 1973 لفرض الحظر الجوي علي ليبيا، لمنع القذافي من سحق المعارضة، وقد كان . وفي حالة " الثورة اليمنية "، وبعد أن ظلت الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية لأكثر من شهرين، مع إصرار ملايين اليمنيين علي مطلب تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، واشتداد عضد هذه الثورة علي الرغم من وحشية النظام في مواجهتها، وسقوط الضحايا بالمئات مما كان يزيد ويؤجج من قوة الشارع اليمني، وبعد مراحل " مراوحة " من قبل مجلس التعاون الخليجي، بدا واضحا ميل المجلس إلي تأييد مطالب الشعب اليمني، ومطالبة الرئيس علي عبد الله صالح بالرحيل، أي "التنحي"، وهو ما صرح به رئيس وزراء قطر في أحد تصريحاته، ورد عليه بغضب الرئيس اليمني، رافضا (علنا) أي تدخل خارجي في شئون اليمن، وأعقب ذلك توتر العلاقات اليمنية القطرية، وتردد أنباء عن أن صالح سيرفض مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، طالما أنها تؤيد فكرة تنحيه عن السلطة . غير أن دول مجلس التعاون الخليجي استمرت في جهودها لبحث التوصل إلي مبادرة مقبولة لحل الأزمة اليمنية . وفي هذه الأثناء بدت مؤشرات علي " تباين " أو " انقسامات " بين الدول الخليجية بين من يؤيدون التنحي (وهو ما يؤيده الشارع اليمني وائتلافات الثورة) ومن يؤيدون فكرة " نقل السلطة " وليس التنحي . ويبدو أن الاتجاه الثاني هو الذي تّغلب، وجاءت المبادرة " وسطية " وتقوم علي خمسة مبادئ هي : أن يؤدي الحل المقترح إلي الحفاظ علي وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبي طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح، وأن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنب اليمن الانزلاق إلي الفوضي والعنف ضمن توافق وطني، وأن تلتزم جميع الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسيا وأمنيا، وأن تلتزم كل الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطي لهذا الغرض . وتدعو مبادرة دول مجلس التعاون الخليجية إلي أن يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلي نائب الرئيس، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ووضع الدستور، وإجراء الانتخابات. وبالطبع، جاء موقف دول الخليج تعبيرا عن القلق من استمرار الاحتقان السياسي في اليمن، والتدهور الخطير في الحالة الأمنية، وسقوط الضحايا، الأمر الذي يعرّض السلم والأمن والاستقرار في المنطقة لمخاطر حقيقية . وبينما أعلنت الرئاسة اليمنية قبولها للمبادرة (علي هذا النحو)، فإن الائتلافات الشعبية اليمنية أكدت أن المبادرة في صورتها الأصلية جري الالتفاف عليها، وبعد أن كانت تؤيد التنحي الفوري للرئيس، فقد مالت إلي " مصالحة " علي عبد الله صالح، واكتفت بمسألة " نقل السلطة " وبالتالي تحفظت المعارضة اليمنية علي ما أطلقت عليه " الموقف المفخخ " للمبادرة الخليجية . وكان المعني الذي وصل إلي المعارضة أن عملية نقل السلطة يمكن أن تستغرق وقتا حتي موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2013، وبالتالي السماح باستمرار صالح في السلطة حتي يشرف علي تسليم السلطة لما يصفه بالأيدي الأمينة . وتقول مصادر المعارضة إن المبادرة غامضة، ولايوجد في الدستور اليمني مادة تتعرض لنقل صلاحيات الرئيس للنائب، لذلك طلبت التوضيح . كما يعلق يمنيون بأن "الخليجيين ربما غير قادرين علي فهم حقيقة مايجري في اليمن من "ثورة حقيقية" وقد يكون ذلك لكون النظم الخليجية هي في التحليل الأخير نظم أبوية تقليدية، تقوم علي التسليم بحق الحاكم في الاستمرار، مهما يكن الأمر . ومن المؤكد أن البيان الذي أصدره الملتقي التمهيدي الأول للعلماء والمشايخ والشخصيات الاجتماعية في اليمن في 14 /4 تحت شعار "التغيير السلمي، والانتقال الآمن للسلطة "، لمطالبة علي عبد الله صالح بالتنحي، واحترام إرادة الشعب اليمني، سيمثل عنصر دعم رئيسيا لساحات التغيير، كونه أسقط الشرعية الدستورية التي يدعيها صالح، لأن سفك دماء اليمنيين هو في ذاته انتهاك للدستور والقوانين والأعراف والقيم المتعارف عليها في كل الشرائع والمواثيق الإنسانية، كما جاء في البيان . "ثورة" اليمنيين يقول باحث يمني إنه من إيجابيات " الثورة اليمنية " أنها وحّدت أهداف جميع الأطراف في اليمن علي هدف واحد هو المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، حتي أن هذا الهدف أزال الصراعات الفكرية بين الاتجاه الإسلامي، والليبراليين، والحوثيين، وقد تلاشت فيما بينهم الخلافات التي زرعها بينهم النظام، للمحافظة علي بقائه في الحكم . ويفصّل ذلك علي الديلمي العضو في اللجنة التنفيذية لساحة التغيير بأن ساحة الثورة تجمع حاليا نشطاء الزيديين والحوثيين والإخوان المسلمين والسلفيين والاتجاهات الليبرالية، كذلك مع النشطاء المستقلين، بما يعني جمع اليمين واليسار والوسط معا علي هدف واحد. ويؤكد أكثر من 50 ائتلافا في الثورة أن هدف الجميع هو دولة مدنية تقوم علي المساواة والعدل والديمقراطية واحترام الآخر. وتعلق باحثة يمنية علي ثورة بلادها السلمية والصامدة بأنها الثورة التي اتسعت علي مساحة الوطن ويقف فيها المغنيون والمنشدون والممثلون والخطباء إلي جانب السياسيين والعسكريين، رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا. ويتغني باحث يمني بما تشهده " الساحات الشعبية " في اليمن بأن " الاعتصامات السلمية اليمنية جسدت ثورة أخلاقية في اليمن "، فهاهو الإنسان اليمني، يبدو جميلا، بدون سلاح، وهو أبعد ما يكون عن الارهاب، الذي صورته أجهزة إعلام النظام الاستبدادي . فاليمنيون يصرون علي ثورة سلمية، بالرغم من أن مصادر عليمة تؤكد أن هناك 60 مليون قطعة سلاح موجودة في البلاد، بمعدل ثلاث قطع سلاح لكل مواطن . ويؤكد باحث يمني أن ساحات الثورة هي مناطق آمنة، ومنزوعة السلاح، وأن ما يتشكل في هذه الساحات هي ثقافة مدنية جديدة، وحديثة، تقوم علي التسامح، وهي المقدمات التي سيتم بناء عليها بناء الدولة المدنية الجديدة . وفي محاولة من جانب اللجنة التنظيمية للثورة الشعبية في صنعاء لبلورة "خطة ذاتية" للمرحلة الحالية، فقد أعلنت اللجنة بيانا يتضمن البنود التالية: 1 تنحية علي عبد الله صالح من منصبه، وإبعاد أقاربه من المؤسسات المدنية والعسكرية. 2 تشكيل مجلس رئاسي مؤقت من خمسة أو سبعة أعضاء مشهود لهم بالكفاءة. 3 تحديد فترة انتقالية لاتتجاوز تسعة أشهر تبدأ بإعلان دستوري، حيث يعطل الدستور الحالي ويتم حل مجلسي النواب والشوري، ويحدد الإعلان الدستوري الحقوق والحريات العامة . أزمة الرئيس يوم بعد يوم، يضيق الخناق حول الرئيس علي عبد الله صالح ( 69 سنة ) والمتمسك بالسلطة التي يتولاها منذ 32 سنة، وهو الرئيس الأول للجمهورية اليمنية منذ قيام الوحدة في 1990، وكان قبلها رئيس الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) منذ 1978 1990 . ويعد علي عبد الله صالح صاحب إحدي فترات الحكم الطويلة علي الصعيد العربي . وفي عام 2003 تم تعديل الدستور اليمني، مما سمح باعتبار ولاية صالح ولاية أولي، ما يمنحه الحق في الترشح لولاية ثانية مدتها سبع سنوات . وفي حفل بمناسبة الذكري 27 لولايته السلطة، أعلن الرئيس عدم نيته للترشح لانتخابات الرئاسة القادمة في سبتمبر 2006، فخرجت المظاهرات، ونظمت حملة لجمع التوقيعات لإقناعه بالترشح ( اعتبرتها المعارضة مسرحية مدبرة ) وتمسك به حزبه ( حزب المؤتمر )، ثم أعلن صالح قبوله الترشح نزولا علي الضغوط الشعبية . وفي 11 ديسمبر 2010، تقدمت الكتلة النيابية للحزب الحاكم الذي يترأسه صالح بمشروع قانون يقضي بالسماح له بالترشح لفترة رئاسية قادمة، ويلغي تحديد مدة الرئاسة، والذي عرف حينها بمشروع " تصفير العداد"، وأطلق عليه البعض (خلع العداد) إلا أن أحزاب المعارضة الرئيسية والمنضوية تحت " تكتل اللقاء المشترك " أعلنت مقاطعتها لجلسات البرلمان، واعتبرت مشروع التعديلات الدستورية انقلابا علي الدستور، ومضامين الجمهورية. وعندما قامت ثورة الشباب اليمني في فبراير 2011 لمطالبة صالح بالرحيل، أعلن الرئيس تعهده بعدم تسليم مقاليد الحكم لأبنه كما كان يعتزم، بعد انتهاء فترة ولايته الحالية في 2013، وفي تظاهرة يوم الغضب في فبراير الماضي، وفي مرحلة تالية، أعلن صالح في مواجهة الغضب الشعبي (لا للتمديد.. لا للتوريث) ولا لإعادة عقارب الساعة للوراء.. غير أن الموقف حمل في طياته فصلا داميا شهدتها المواجهة بين المتظاهرين في المحافظات اليمنية، وقوات الأمن والشرطة، ومع سقوط الضحايا، فإن ملايين اليمنيين في شوارع اليمن لم يبق في جعبتهم ما يطالبون به سوي الرحيل الفوري للرئيس علي عبد الله صالح . ومع
استمرار الثورة اليمنية والاحتجاجات الشعبية القوية في حوالي 19 محافظة يمنية، علق وزير الخارجية أبو بكر القربي إن الخلاف بين السلطة والمعارضة في اليمن ليس علي انتقال السلطة، ولكن علي آلية الانتقال التي تضمن الحفاظ علي وحدة اليمن وامنه واستقراره، بحيث لا تؤدي إلي الفوضي وتشطير البلاد . غير أن مؤشرات عدة تثبت تمسك صالح بالسلطة، بالرغم من الأنباء التي ترددت عن ضعف سلطته، ليس فقط منذ قيام الثورة الشبابية، ولكن علي مدي عامي 2009، 2010 . أزمة النظام (سياسيا) يؤكد اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولي مدرع، والذي أعلن في 21 مارس انضمامه للحركة الاحتجاجية الشعبية، أن ما يجري في اليمن هو "ثورة شعبية" بكل ما تعنيه كلمة ثورة، وقد تماهت في هذه الثورة كل ألوان وأطياف الشعب اليمني، وكل فئات وشرائح المجتمع، واتهم علي محسن الأحمر نظام الرئيس علي عبد الله صالح بالضلوع في إثارة الأزمات التي واجهت اليمن، علي مدي العقود الثلاثة الماضية، والتي تمثلت في نشاط القاعدة في اليمن، وحركة الحوثيين، والحراك الجنوبي، وأنها في الأصل من صنع النظام . ومن المعروف أن المشهد السياسي في اليمن كان قد أعيد صياغته بالكامل في أعقاب الحرب الأهلية في 1994، حيث استبعد الحزب الاشتراكي اليمني، مقابل صعود حزب صالح، حزب المؤتمر الشعبي، غير أن النظام انعكست عليه مخاطر محاولة الانفصال، مما عرضه لعدم الاستقرار، والتهديد بانفصال حضرموت الغنية بالنفط عن اليمن، وانتشار مشاعر الظلم لدي عدة مناطق في الجنوب والشرق، وانتشار الجماعات الانفصالية في هذه المناطق، والتذمر العلني في محافظة عدن، بالإضافة إلي خروج التمرد الحوثي في 2004 في محافظة صعدة القريبة من الحدود السعودية والبحر الحمر، ومناداتها بعودة " النظام الإمامي الزيدي " واتهام الدولة اليمنية بالخروج عن الإسلام بسبب دورها في الحرب علي الارهاب، وعلاقاتها بالدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. وفضلا عن هذه "المخاطر" التي هددت في الصميم استقرار النظام اليمني، فإن مظاهر التسلط العسكري، وتعسف السلطة، وأحكام السجن بدون محاكمة، وسلطوية الحكم، والمواجهات الأمنية المستمرة بين شيوخ القبائل والأمن، وإضعاف المؤسسات السياسية والعسكرية، بالإضافة إلي تدهور الأحوال المعيشية وانتشار الفقر والبطالة والفساد علي أوسع نطاق، حيث يقل دخل نحو 40% من اليمنيين عن دولارين يوميا، ويواجه ثلثهم الفقر المدقع، كل ذلك جعل من " الثورة " الشعبية رد فعل طبيعيا بهدف تغيير النظام، وإعادة صياغة معطيات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل دولة مدنية، تقوم علي إعمال مبدأ المواطنة، والعدل والمساواة، وكفالة الحقوق، وفقا للدستور والقانون. وعندما رفعت الثورة اليمنية هذه المطالب، فقد توالي تأييدها من جانب الشخصيات العامة، والرموز السياسية والعسكرية، ومنظمات المجتمع المدني . وكان انضمام علي محسن الأحمر للثورة الشعبية قد وجه ضربة قاصمة لنظام الحكم في اليمن، مما وفر للمتظاهرين درجة كبيرة من الحماية في مواجهة حملات الترويع التي قامت بها أجهزة الأمن والحرس الجمهوري والحرس الخاص التابع للنظام ضد المتظاهرين والمعتصمين. فاللواء علي محسن الأحمر كان هو العمود الفقري للمؤسسة العسكرية اليمنية، والرجل الذي حقق للنظام علاقات جيدة مع رجال القبائل، ويتمتع بشبكة قوية من العلاقات، وقد شجعت خطوته بالانضمام للثورة عددا كبيرا من العسكريين والسياسيين لإعلان تأييدهم لساحات التغيير، وقد أكد المسئول العسكري الكبير أن انضمامه للثوار لا يعني عسكرة الثورة، لأن الثوار أصلا مسلحون بالوعي ومنطق المطالبة بحقوقهم سلميا . المهم أن تأييد علي محسن الأحمر للثورة اعتبر مكسبا ودعما كبيرا للحركة الشعبية . ويوم بعد يوم، أخذ النظام يترنح بعد إعلان عدد من الوزراء والنواب استقالاتهم (وزيرة حقوق الإنسان، وزيري السياحة والأوقاف، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية، وعدد من السفراء، و11 نائبا من الحزب الحاكم، والقطاع الخاص ممثلا في الاتحاد العام للغرفة التجارية والصناعية ..الخ )، كما أصدر علماء ومشايخ اليمن بيانا لإدانة المجازر التي يقوم بها النظام ضد الثورة، واعتبر العلماء والمشايخ أن ما تم هو " عيب أسود " وفقا للأعراف القبلية، وحمّلوا السلطة المسئولية الكاملة عن الدماء التي سفكت . والمهم هنا أن " دموية المواجهة " في الحالة اليمنية، جعلت جميع الأطراف، والعناصر الشبابية الثورية، وممثلي المجتمع المدني، مصممين بصورة أساسية علي "محاسبة" نظام علي عبد الله صالح عنما ارتكب في حق اليمنيين، ومحاسبة الرئيس شخصيا عن سقوط مئات الشهداء في ساحة المواجهة. ومن المؤكد أن ظواهر ضعف النظام سوف تتضاعف في حالة تنفيذ العصيان المدني الشامل الذي ينادي به ثوار اليمن . أزمة النظام (اقتصاديا) تقف اليمن اقتصاديا علي أعتاب " كارثة " تعد بكل المقاييس المناخ الأمثل لاندلاع " ثورة " . فاليمن مصنفة دوليا علي أنها من دول"انعدام الأمن الغذائي"، وتعتمد اليمن علي مساعدات عربية ودولية، ولم تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في 2010 عن 8 . 7 %، وتأثرت اليمن بشدة من أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، ويعيش نحو ربع اليمنيين علي مستوي استهلاك غذائي ضعيف، وتمثل مشكلة توفير الغذاء التحدي الأكبر علي مدي السنوات القادمة، خاصة انه لاتزال هناك مشكلة تفضيل زراعة القات علي زراعة الحبوب، وتتفاقم يوما بعد يوم مشكلات ارتفاع الأسعار والتضخم والمديونية وما يشكله ذلك من مخاطر علي السلم الأهلي . وتتعدد التحليلات علي الصعيد الاقتصادي، التي تؤكد أن النظام اليمني يتراجع تراجعا مخيفا ينذر بكارثة اقتصادية في بلد فقير، وقد ارتفعت خسائر الاقتصاد اليمني بنحو 3 . 1 مليار دولار خلال شهرين منذ بدء الاحتجاجات . وكانت نسبة البطالة في اليمن أصلا تصل إلي 35%، وتصل المديونية العامة إلي 39% من الناتج المحلي الاجمالي، وترتفع نسبة الغلاء بنحو11% مما يزيد من الأعباء المعيشية علي ذوي الدخل المحدود . وتؤكد مصادر يمنية أن الاحتياطي القومي اليمني تعرض للاستنزاف علي أيدي الرئيس علي عبد الله صالح الذي دفع بسخاء (حوالي 150 مليون دولار) لآلاف من مناصريه حتي يخرجوا في مظاهرات موالية له، كما أعطي أموالا طائلة لزعماء القبائل لتظل علي ولائها له . وقد حصل اليمن علي المرتبة 133 من أصل 169 في تقرير التنمية البشرية لعام 2010، وتحتل اليمن خانة دولة بها تنمية بشرية متدنية، بناء علي معايير العمر المتوقع عند الولادة، ونسبة المتعلمين، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. أما عن الفساد في اليمن، فتأتي اليمن في المرتبة 146 من أصل 178 دولة في تقرير مدركات الفساد لعام 2010، مشابهة لدول مثل ليبيا وهاييتي . وينظر لليمن علي أنها من الدول التي لاتتمتع بالأهمية الاقتصادية عالميا، لذلك تقل فيها نسبة الاستثمارات العالمية ( 129 مليون دولار في عام 2009) . مجددا "لعبة الأمم" كثيرة هي الدوائر والمصادر التي تؤكد أن " الثورات العربية " هي انتفاضات عفوية، توفرت لها شروط الصحوة للمطالبة بحقوق شعوب المنطقة ونصيبها في الحريات والتمتع بالحقوق الديمقراطية . وعلي الرغم من أصالة وقوة هذه العفوية الثورية، فإنها أبدا لاتترك وشأنها، ودائما هناك " الأيدي " الخفية الخارجية التي تتدخل في وقت ما للتأثيرعلي الثورة، أولإعادة توجيه المسار، أو " فرملة " الحركة الثورية، حتي لاتسبق الأحداث "رغبة وإرادة " المصالح الكبري، صاحبة الاستراتيجيات الشمولية، والتي لم تعد توفر أحدا علي ظهر المعمورة . وفي حالة الثورة اليمنية، يتردد أن علي عبد الله صالح كان مقدرا له السقوط منذ شهر تقريبا، فنظامه قد ترنح وتهاوي، ولم يعد له من سند حقيقي اللهم إلا بقية من قوة غشوم تضرب ضربات عشوائية هنا وهناك دون جدوي . غير أنه علي الصعيد الإقليمي، والعالمي لم يكن ممكنا السماح بسقوط صالح، لينضم في وقت قياسي لرئيسيين عربيين سقطا للتو (بن علي ومبارك)، خاصة وأن ثورتي اليمن وليبيا تزامنتا تقريبا، وقد تهاوي عرش القذافي بدوره، ويقترب من خط النهاية . من هنا يقال إن "جرعة" من المساندة الوقائية مُنحت للرئيس عبد الله صالح من جانب الولايات المتحدة والسعودية، ليمتد عمر النظام عدة أيام أخري، ريثما يتم إعداد المسرح الدولي والإقليمي، لخطوات محسوبة لاتخرج عن نطاق السيطرة . وفي حقيقة الأمر، فإن كل ما يهم الولايات المتحدة هو استمرار أزعومة " الحرب علي الإرهاب " سواء قام بذلك رئيس اسمه علي عبد الله صالح، أو أي رئيس آخر غيره، بغض النظر عن مسألة حقوق الشعب اليمني، أو طموحاته الديمقراطية، تلك التي يرفعها الغرب شعارا مزيفا لسياساته، علي حسب الأحوال . ومن المعروف أن الثورات العربية مثلت " معضلة جديدة " لأجهزة المخابرات الأمريكية والغربية، كونها فككت نسيج العلاقات التي نسجتها هذه الأجهزة مع الرؤساء والملوك العرب، لحماية المصالح الغربية، علي مدي عقود . ويقول الكاتب "دان دي لوسي"إن أحداث الشرق الأوسط تدشن عهدا جديدا للقوة الأمريكية في المنطقة . ويضيف مايكل ديش الأستاذ في جامعة نوتردام الأمريكية أن مايجري في المنطقة من شأنه تقليص نفوذ الولايات المتحدة، ولذلك فهي مضطرة لإعادة رسم حدود هذا النفوذ . وهذه الرؤي الجديدة تنطبق تماما علي الحالة اليمنية، لتجسد الفصل المتجدد من " لعبة الأمم " في " هندسة " التغيير العربي الذي فرض نفسه علي العالم، فلم يكن بد من " مفاوضات " بين أمريكيين ويمنيين لبحث الحالة اليمنية، وتفصيلات نقل السلطة، في توقيت مناسب، وتأمين جدول زمني لخروج الرئيس، وترتيب مسألة المساعدات الضخمة التي تمنحها واشنطن (أكثر من 200 مليون دولار) عدة مرات في السنة للرئيس اليمني حتي يستمر في محاربة الإرهاب، والسماح للقوات الأمريكية بضرب تنظيم القاعدة، علي أنها ضربات تقوم بها قوات يمنية . غير أن "هندسة " التغيير في المنطقة تريد أن تضمن أهدافا أخري جوهرية منها : عدم السماح بأية أوضاع جديدة تهدد المصالح الأمريكية، والتدخل في توجيه التغيرات والمستجدات في التوجهات الإسلامية بحيث تتماشي " الإسلامية الجديدة " مع استمرار النفوذ الأمريكي في المنطقة، وضمان اتباع سياسات غير عدوانية مع إسرائيل، وتخفيف الحماس لحل القضية الفلسطينية . وبناء عليه، جري التدخل المخابراتي لترتيب عمليات التقديم والتأخير بين تطورات اليمن وليبيا، فتقدمت أمريكا في ليبيا، ثم دفعت بالأوروبيين للتدخل الحثيث، ثم توارت خلفا ليترك الجميع المهمة لحلف الناتو، وتفرغت امريكا لإدارة أزمة اليمن، علي خلفية تنافس أمريكي بريطاني مخابراتي في المنطقة التي لا يمكن تركها (منطقة مضيق باب المندب) لربط السياق الاستراتيجي بين مضيقي باب المندب ومضيق هرمز، وهو الهلال الذي يضمن تأمين السيطرة علي أهم منابع النفط العالمية .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.