"ربما تكون هذه الدورة هي الأكثر تحديا في تاريخ المهرجان بعد ان أعلن عن إقامة المهرجان في موعده برغم الظروف التي تمر بها مصر الان ورأينا انه من الواجب علينا ان نستمر في عملنا بالميدان الثقافي جنبا الي جنب مع الميدان الثائر ايمانا منا بحتمية استمرار الحياة علي جميع المحاور لخدمة الوطن،فلنحتفل بالجاز والحرية.." بهذه الكلمات بدأ عمرو كمال رئيس مهرجان القاهرة الدولي للجاز في دورته الثالثة والذي اقامته ساقية الصاوي لمدة 3 ايام بدأت يوم 17 مارس وحتي يوم 19 مارس واهدي عمرو المهرجان هذا العام الي ارواح شهداء ثورة مصر الذين اهدوا حياتهم في سبيل كرامة الوطن . وعلي الصعيد التعليمي تضمن المهرجان ورشا ومحاضرات مجانية ألقاها ضيوف المهرجان للشباب لاتاحة الفرصة للاحتكاك العالمي مع الضيوف منها ورشة عمل "المقامات الشرقية في موسيقي الجاز" لفريق اريفا بقاعة الحكمة وحوار مفتوح مع انجيليكا نيسيه مؤسسة اوركسترا ألمانيا للسيدات بالاضافة الي برنامج "جازينينو" للاطفال والذي يتيح الفرصة للصغار الموهوبين للوقوف جنبا الي الموسيقيين المحترفين. جاء أول أيام المهرجان 17 مارس ليبدأ بفرقة كوكون المصرية التي اشتهرت بلعب موسيقي الجاز والكيوبان واللاتين وكانت بدايتها 2008 عندما اسسها عازف البيانو هشام جلال وقرر ان يعمل مشروعا موسيقيا طويل الاجل لموسيقي امريكا اللاتينية معتمدا فيه علي خبرته السابقة مع فريق "سابور دي سون" من كوبا ومصر ولم يمض وقت طويل حتي تأسس هذا الفريق المكون من 8 عازفين هم ميتكو-ترومبيت واون جيكس-ساكس التون وفيكتور ليسكوف-ترومبون وعمرو الزنفلي-ساكس تينور وضياء بدر وشمس سالم- بركشن واندريه سيجون-باص. وما إن انتهت فقرة كوكون حتي صعد ادم ميللر مع مجموعته الي مسرح قاعة الحكمة ليغني فالاستماع له يشبه رحلة مثيرة في تاريخ الجاز وهو الاحساس الذي انتاب الجمهور الذي كان يسمعه باهتمام وادم ميللر يعمل كمغن ومؤلف من 20 سنة مع العديد من الفرق بأمريكا وتميزت اعماله بالتنوع لتغطية المراحل الزمنية المختلفة لموسيقي الجاز من جيللي رول مورتن الي ارمسترونج وصولا الي رموز العصر الحديث مثل بوبي ماك فيرين و اال جيرو، وقدم ادم اكثر من نوع للجاز مثل الفنك والسول وحتي الموسيقي الدينية متأثرا بعمالقة الغناء مثل بيل ويذرذ وستيفي وندر. أغان غجرية ما إن انتهت فقرة ادم حتي بدأت البهجة والحماس تشتعل بقاعة النهر لظهور فرقة اسبانيا "كاليما" بأغانيهم الغجرية ورقصاتهم اللاتينة التي يعشقها الشعب المصري وبدأ الجميع ينسجم معها و"كاليما" هي خليط متنوع من الثقافات الموسيقية اجتمعت في هذه الفرقة لتشكل لوحة مزركشة من الغناء والرقص يشترك فيها الجمهور مع العازفين في كرنفال احتفالي تمتزج فيه رقصات الفلامنكو بالايقاعات البرازيلية والكوبية والهندية بالاضافة الي الايقاعات الغربية مثل الفنك والراب. وعن تاريخ الفرقة فبدأ من عام 2005 وقام بتأسيسه المؤلف وعازف الباص الاسباني "خوانلو" وقد ساهم في تأسيس الفريق العالمي الشهير "اوخوس دي بروخو" الحائز علي جائزة جرامي وشارك كاليما في مهرجانات مهمة في جزر الكناري وبلجيكا واسبانيا والمغرب ورشحوا لجائزة جرامي في عام 2008 لافضل ألبوم فلامنكو بعنوان "أزول" وفي عام 2009 اصدر فريق كاليما الألبوم الثاني له بعنوان "تييرا" او الارض وهو ايضا تأكيد لمفهوم الفريق في مزج ثقافتهم الفلامنكو بالجاز والهيب هوب وايقاعات امريكا اللاتينية وتعاونوا فيه مع اثنين من المغنيين الغجر بالاضافة الي عازف الترومبيت والمؤلف الشهير "رينالد كولوم". انتهي اول ايام المهرجان ليبدأ الثاني وهو يوم الجمعة 18 مارس بفقرة لمغنية الجاز الاسترالية ميشيل راوندز وهي من عائلة فنية جدا فقد ورثت موهبة التلحين والغناء من والدها وجدتها وتشتهر ميشيل في استراليا واسيا والمحيط الهادئ باعتبارها واحدة من افضل مطربي الجاز وقد اصدرت العديد من الالبومات الفردية ومع مجموعات اخرها كان ألبوم autumn leaves قدمت ميشيل العديد من حفلات الجاز في جميع انحاء العالم وغنت انواعا كثيرة مثل البالاد والسوينج والبلوز والفالس والطريف ان ميشيل شاركت في المهرجان الماضي كمشاهدة ومتفرجة ولكنها هذا العام استطاعت ان تعتلي المسرح لتغني وتنفرد بموهبتها . بعد ان انتهت ميشيل من فقرتها انتقل الجمهور من قاعة النهر الي الحكمة لكي يستمعوا الي فرقة "ستيلز هاما" من النمسا وهي تجربة فنية مثيرة لتعاون مجموعة من الموسيقيين ذوي الخبرة الموسيقية الواسعة يطبقون فيها مبدأ التفاعل الموسيقي وادراج انماط مختلفة داخل ألحانهم المتأثرة بالاغاني الشعبية النمساوية التي يرجع تاريخها الي القرن التاسع عشر ورغم ذلك فموسيقاهم اتسمت بالحيوية والمرح وجذبوا انظار اناس باستبدالهم الشكل الكلاسيكي للجاز فاستبدلوا البيانو بالاكورديون والباص بآلة التوبا بالاضافة الي الساكس والدرامز واعضاء الفرقة كلهم دارسين للموسيقي في قسم "انطون بروكنز" للجاز بجامعة لينز وهم شارلي شميت- ساكس و جونتر فاجنر-اكورديون وج.جوترينج-توبا و ايوالد زاك-درامز. ريف باند اتجه الناس مرة اخري الي قاعة النهر ليستمعوا الي تريو عمرو صلاح الذي عزف علي البيانو هو احمد هشام- درامز وايهاب تاس-باص ليعزفوا اجمل مقطوعات الجاز الكلاسيكي ومعهم نهي فكري مطربة فرقة ريف باند لتغني علي نغمات ثلاثي عمرو صلاح ، ثم صعد فريق اريفا من هولندا والذي يشارك للمرة الثانية بالمهرجان وقد حصل ألبوم الفريق الاول وكان بعنوان "ما وراء بابل" علي تقدير 5 نجوم من صحيفة فولكس كرانت الهولندية كما حصل نفس الالبوم علي لقب افضل ألبوم في هولندا لعام 2010 ، فريق اريفا يتكون من اربعة اعضاء من بابل وامستردام وبوخاريست واسطانبول ولذلك يأخذون الجمهور في رحلة موسيقية يقومون فيها بمزج الاصول والتراكيب القديمة للانغام العربية والاناضول والبلقان مع الموسيقي المعاصرة وارتجالات الجاز واعضاء الفرقة هم: أليكس سيمو-ساكس وكلارينيت واسامة عبد الرسول-قانون و محمد بولات-عود وغناء و شاهين ديورينج-ايقاعات افرواناضولية. اختتمت ثاني ليالي المهرجان بفرقة انجيليكا نيسيه واوركسترا سيدات ألمانيا للجاز القادمة من ألمانيا وهي تعتبر واحدة من افضل الموسيقيات في اوروبا واكثرهن إلهاما وتجديدا في تاريخ الجاز الاوروبي وقد تلقت نيسيه العديد من المنح والجوائز منها جائزة مهرجان الجاز "ايكو" لعام 2010 وجائزة الفنانين الشباب في شمال الراين واستفاليا لعام 2003 كما شاركت انجيليكا في مهرجان مورس الاسطوري لعام 2008 ، ويتسم اسلوبها بالبساطة كما يتسم بالطاقة والحيوية ولم يقتصر نشاطها وابداعها علي موسيقي الجاز فقط بل قامت بتأليف العديد من المقطوعات الموسيقية للمسرح والباليه والفرق الموسيقية المختلفة وقد قامت القناة الالمانية دويتشه فيله بترشيح فرقة سيدات ألمانيا للجاز لاحياء حفلة الافتتاح لكأس كرة القدم النسائية التي اقيمت في البحرين حيث قامت بتأليف نشيد وطني خاص بهذه المناسبة وتتكون فرقتها من 11 سيدة . بدأت اخر ليالي المهرجان الساعة الرابعة بالبركشن شو وهو عرض ابهر الجميع في قاعة بستان النيل خاصة ان معظم الحضور جاءوا بعد ادلائهم بأصواتهم في الاستفتاء لكي يجدوا شباب مثلهم يزيد من حماسهم بمختلف انواع الايقاع وهم ستة من ابرع عازفي الايقاع في مصر علي الاطلاق جاءوا من اكثر من فرقة مثل رسالة وصحرا وافتكاسات ووسط البلد وكايروكي ليسيطروا علي المسرح ويقوموا بخلق شحنة لا توصف من الطاقة والنبض السريع بإيقاعاتهم القادمة من كل انحاء العالم واجمل ما ميز العرض هو نهايته حيث صعد جميع عازفي الايقاع بالفرق العالمية التي استضافها المهرجان ليشاركوا بركشن شو وكأن الجميع يشارك في خطوة ناحية الحرية،والفرقة تتكون من ميزو وبوب واحمد علي واحمد هشام واحمد بهاء وشمس. الحبر الفسفوري وبدأت بعدها فقرة ريف باند الذي جذب الجميع خاصة عندما بدأ احمد حرفوش يغني ليطلب من الشباب في لفتة طريفة ان يرفعوا اصابعهم ليري آثار الحبر الفسفوري عليه نتيجة الاستفتاء وغني هو ونهي فكري نخبة من الاغاني التي اشتهروا بها وتتكون الفرقة من سامر جورج-باص وهشام جلال-بيانو وعمرو خيري-درامز وميتكو-ترومبيت وفيكتور ليسكوف-ترومبون وارون جيكس-ساكس. ولاول مرة استضاف المهرجان خماسي رامي عطا الله الذي قدم فاصلا من موسيقي الجاز الكلاسيكي مصحوبا ببعض الغناء لمريم علي ويعد رامي اصغر لاعبي الجاز علي الساحة الموسيقية بمصر وهو حفيد لبيب حنين احد رواد الجاز بمصر وقام بتلحين ما يزيد علي 30 اغنية كما كتب توزيعات اغان اخري من ضمنها تأليف الموسيقي التصويرية لفيلم تسجيلي من انتاج الاممالمتحدة ويعمل رامي حاليا مدرسا للبيانو مع مواصلة دراسته للمزيكا وتتألف فرقته من ايهاب تاس-باص وضياء تاس-بركشن واحمد هشام-درامز وشادي احمد-ساكس. وجاءت الفقرة التي انتظرها الجميع في حضور ضخم جدا من الجمهور بصعود فرقة افتكاسات الي مسرح الحكمة لتبدأ في عزف اشهر ألحانها والتي زادت من حماس الجميع مثل دندشة ومولد سيدي اللاتيني ولظروف سفر ليث سليمان عازف الناي استضافت الفرقة أليكس سيمو عازف الكلارنيت بفرقة اريفا الذي قدم سولوهات رائعة وتتكون الفرقة من عمرو صلاح-بيانو واوسو-جيتاروهاني بدير-ايقاع واحمد مدحت-كمان واحمد هشام-درامز وسامر جورج-باص. وجاء الختام مع اوركسترا الحركة الاوروبية للجاز وهي من سلوفينيا وألمانيا والبرتغال وقد تأسست عن طريق مجلس الموسيقي الالماني عام 2007 بهدف ان يكون السفير الثقافي للدول الثلاث خلال فترة رئاستهم للمجلس الاوروبي في ذلك العام وهو محاولة لتوحيد الموسيقيين الشباب من هذه البلدان الثلاثة في اوركسترا كبير استطاع ان ينال شهرة كبيرة بعد ثلاث جولات اوروبية وقد ساعد علي هذا تنوع الثقافات بين العازفين وهو ما جعل هناك استمتاعا من الحضور بفقرتهم وقاد الاوركسترا ايزيدور ليتنجر الذي عبر عن سعادته بالمشاركة في المهرجان وحبه لمصر هو وكل العازفين ليختتم هذه الليلة محمد الصاوي وعمرو صلاح المهرجان بدعوة للحرية التي سنعيشها الان.