في البداية يقول الدكتور مصطفي يحيي إن ما حدث هو نوع من الزلزال ولكنه مصاحب بمقدمات ، جاء نتيجة لتراكم 30 عاماً من القهر وكبت الحريات علي جميع المستويات حيث شعر بها الجيل الحالي ولكن من دفع الثمن كان جيل أكتوبر الجيل السابق وهم آباء هؤلاء الشباب، وتصوري أن هذه الثورة نوع من الاستباق حتي لا يحدث لهم ما حدث لآبائهم فجاءت بهذا النقاء والوضوح وقد ساعد فيها التقنيات الحديثة وزمن الفضائيات والفيس بوك .كما أن نزول مصرفي 25 يناير هو تحول لها من الفضاءالافتراضي إلي العالم الحقيقي وأرض الواقع ، اجتمعت بالثورة جميع طوائف الشعب وهو ما جعلها تختلف عن ثورة 1952 التي قام بها الجيش. وقد تفاعلت مع أحداث الثورة وشاركت في فاعلياتها منفعلاً بها ومما أثمر عن 20 لوحة باللون الأبيض والأسود في معرض بعنوان" وجوه افتراضية نزلت إلي الشارع" لأن تلك الوجوه تحولت بعد 25يناير إلي وجوه حقيقية تبشر بغد أفضل، كما أتصور أن الأعمال الفنية في الفترة الحالية سترصد الثورة برؤية انفعالية مباشرة محملة برموز وأساليب كل فنان بكيان إبداعي خاص به وبعد فترة من الهدوء والاستقرارسيكون للأعمال الفنية طابع البعد السياسي والاجتماعي الفاعل مع أرضية الشارع، كما أن هذه الثورة ستكون زخما ودافعا لكثير من الفنانين المخلصين لتعيد مصر التي خُطفت لمدة 30 عاما. من جهته يري الفنان جميل شفيق أن الإبداع الفني يبدأ ولا نعرف إلي أين يصل ثم يتصاعد حتي يصل إلي مشهد جميل بالنهاية، وقد شمل ميدان التحرير جميع الفنون التشكيلية بطابع شعبي ولكنه كان صادقاً ومؤثراً، عندما جمعوا حجر الرعاع الذين كانوا يلقونه علي الثوار ونظموه صنعوا منه عملاً فنياً كما جمعوا أكواب الشاي البلاستيك في عمل فني بديع، وقد استطاعوا التواصل مع الآخر من خلال هذه الاعمال الفنية ، هذه الثورة لم تحدث في تاريخ البشرية وقد ساهمت في خلق وتفجير رؤية جديدة للشباب القادم ونحن كجيل سابق قدمنا ما علينا وسوف ننتقل لعصر آخر من خلال أولادنا. ويري الدكتور محسن عطية أن الثورة تدعو إلي الحرية والكرامة والفنان الحقيقي لا يكون فناناً بدونهما فكرامة الإنسان من كرامة فنه، ولو تصورنا العكس بمعني أنه غير مشارك في الثورة أو مؤيد لها فلابد أن نحكم علي فنه السابق بالزيف وعدم التقدير حيث إن الفنان الأصيل يظهر معدنه من خلال الثورة والدفاع عنها . ولابد أن نستعيد الأمل في حركة الفن التشكيلي التي ستكون انعكاساً للحياة الحقيقية ، حتي إذا كان هذا الفن تجريدياً لكنه صادق من حيث تعبيره عن الحرية الحقيقية للفن وحقه في الحياة الإنسانية ، ربما صادفنا من خلال الثورة أنشطة فنية تلقائية وفطرية من قبل الشباب وسيظل هذا الفن بمثابة ذكري للانفعالات المصاحبة للثورة يمكن أن يستلهم منها الفنان الحقيقي في المستقبل موضوعاته الفنية. الفنان محمد عبلة أشار إلي أن الثورة غيرت حالة الركود التي كنا نحياها منذ فترة طويلة وهذا من شأنه أن يظهر شيئا إيجابيا يجعل الفنان والمثقف يفكر في المستقبل، كما أنه لا يمكن التنبؤ بشكل الفن في الفترة القادمة وليس معني أن نرسم الثورة أن الفن سيصبح ثوريا والمسئولية علي الفنانين أنفسهم في تغيير شكل الفن وعليهم أن يتخففوا من الوصاية علي الإبداع والقيود. لا يعتقد الفنان عزالدين نجيب أن حركة الفن التشكيلي في مصر سوف تستمر كما كانت قبل الثورة بافتراض أن الفنانين المصريين يحملون جميعاً مشاعر التعاطف والتبني بهذا الحراك الثوري وباعتبار أن موقع الفنان ينبغي أن يكون في المقدمة من حراك الجماهير ، وإذا كانت المشكلة الرئيسية في الحركة التشكيلية حتي الآن هي الانعزال والتعالي علي الجماهير فإنه من المنتظر أن تهبط من عليائها علي أيدي الفنان لتشارك في صنع وعي جديد ورؤي إبداعية للشعب بتأكيد حسن الوحدة والمشاركة والتغير وإعلاء شأن البسطاء وصناع الحياة أبناء الشعب وليس في ذلك أي تناقض مع أساليب الحداثة المختلفة لأن المضمون الثوري يخلق أدواته وليس العكس، وقد كان هذا المضمون قد فارق مجمل إبداع الفنانين في الفترة الأخيرة وصار معظمه منصباً علي تقنيات الشكل والبحث أو أنه أصبح علي كل فنان البحث عن صيغ جديدة تواكب بين مضمون ثوري وشكل جمالي يعايش الحركات الفنية الجديدة .وأعتقد أن الشباب سيكون في طليعة هذا الحراك الإبداعي الجديد حتي إذا استخدموا تقنيات الميديا والتكنولوجيا لكن بتوظيفها في المسار المناسب بغرض مواكبة الموضة والإثارة الجوفاء كما كان الحال في معظم الأحيان ، كما يعتقد أن هذا كله سوف يستدعي من الجهات الرسمية المعنية بالفن تطوير الوسائط وأدوات الاتصال بين الفن والجماهير لتكون اللوحات الجدارية الميدانية هي السمة الرئيسية أكثر من التركيز علي قاعات الفن المغلقة وكذلك من الضروري الأكثار من ورش العمل الجماعي للفنانين في مواقع الحياة والأماكن التي تحمل طابع الهوية المصرية ، ومن شأن ذلك أن يعمق الشخصية المصرية في الفن بعد أن فقدت ملامحها خلال العقود الماضية. كما تري الفنانة وسام فهمي أن الفن يعزز الثورة ويساندها كما أن الثورة من الممكن أن توحي للفنان بأعمال فنية جديدة وتحركها داخلة وهذا يتوقف علي الفنان وثقافته وتوجهه بالحياة كما أن الثورة لم تكن يوماً ما ضد الفن بل دائماً ما تعطي الحماس الممزوج بأفكار جديدة. ومن الممكن أن تحرك الثورة الفنان وتدفعه للعمل وكما يحرك الفن الثورة ويدفعها للأمام. من جهة أخري تري الفنانة نازلي مدكور أن هناك فنانا يستشعر الثورة ويعبر عنها من خلال أعماله وهناك فنان من طبيعته أنه ثوري فيتعامل بنوع من الثورية حيث ينصب اهتمامه علي الموضوعات السياسية، كما يوجد فنان يعزف عنها إذن ليس هناك نموذج محدد علي ضرورة، كما أن تأثير هذه الثورة علي الفن بالطبع سيكون إيجابيا وليس بالضرورة أن يرسم الفنان أشخاصا تهتف في الشارع كي يشير للثورة وقد اعجبتني الرسوم الكاريكاتيرية التي تناولت هذا الحدث وكذلك التصوير الفوتوغرافي .ولكن يجب علي الفنان أن يستغل هذا الحدث وعليه أن يلتحم مع الجمهور حتي لايفقد فرصة كبيرة ، كما تري أن كثرة الإعلانات عن مسابقات النصب التذكاري لتخليد شهداء الثورة دليل علي وعي مجتمعي عالي كانت تنادي به الثورة ولأول مرة يأخذ المجتمع هذه المبادرة ، قديماً كان الفنانون وحدهم يطالبون بعمل نصب تذكاري وتماثيل دون أن يلتفت إليهم أحد لذا فلابد للفنان من اقتناص هذه اللحظة المناسة ليلتف حول المجتمع ويعبر عنه. الفنان باسم فاضل يري أن الثورة قدمت شيئا جميلا للفن حيث جعلت الفنان يخرج من القوقعة التي كثيراً ماحصر نفسه داخلها واهتمامه بالأمور الإجمالية والتشكيلية فقط دون أي مضمون فكري أو وجداني ليتحدث في اهتمامات الناس ويشاركهم آمالهم وأحلامهم ، لابد أن يلتقي الفنان الجمهور في منطقة وسطي حتي يستطع التعبير عنه حيث إن وجدان الناس متعطشاً لمثل هذا التعامل. أخيراً يري الفنان محمد الطراوي أن الثورة وضع طبيعي لما يسمي بالانسداد السياسي والذي أدي إلي حدوث انفجار لطاقات الشعب الكامنة في الشباب فسجلوا أسماءهم بحروف من نور في سجل الوطن. كما يري أن 25يناير كانت ملهم لجميع الفنانين بمختلف أطيافهم والفنان جزء لا يتجزأ من نسيج الشعب ، ويشعر بما يشعر به الآخرون ولكن الفرق بينه وبين الآخرين أنه يستطيع أن يعبر عما يشعر به الناس لأنه يمتلك آليات مختلفة من لغة وأدوات .ومن الخطاً أن نقيم الفن في إطاره الزمني حيث إنني ضد أن يرتبط الفن بالحدثو لابد أن يرتبط بقضية الوطن. كما أن التعبير المباشر عن الحدث يفقده قيمته ولابد من الامساك بناصية الحرية والدايمقراطية وأن يتمرد الفنان علي السطح الأبيض ولكن أن يتشتبك مع الموضوعية.