أسعار الدواجن اليوم 6 يونيه 2024    أخبار مصر: موعد إعلان أسعار البنزين الجديدة، تسجيل صوتي مثير للطبيبة المصرية قبل مقتلها في تركيا، مواجهة مصر وبوركينا فاسو    الطريق إلى كأس العالم 2026.. منتخب مصر يصطدم ببوركينا فاسو في إستاد القاهرة و60 ألف متفرج    "مش هرجع لك لو آخر يوم في عمري".. انتقام ناري كاد يكلف سيدة حياتها على يد طليقها    سيولة في شوارع القاهرة.. تفاصيل الحالة المرورية اليوم    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات الخميس 6 يونيو    الجيش الإسرائيلي يعلن قصف مجمع ل "حماس" داخل مدرسة تابعة لأونروا في غزة    الحرارة على القاهرة 41.. «الأرصاد» تحذر من طقس الساعات المقبلة    جيش الاحتلال يشن غارات على عدشيت وعيتيت ووادي جيلو بالجنوب اللبناني    حدث ليلا.. أول رد لنتنياهو على إصابته بالسرطان ورعب عالمي من متحور أنفلونزا الطيور    الثانوية العامة 2024| انطلاق الماراثون الإثنين المقبل.. مواصفات المواد غير المضافة    متى موعد عيد الأضحى 2024 في السعودية؟.. الجمعية الفلكية تجيب    531 ألف جنيه، إجمالي إيرادات فيلم تاني تاني    النشرة الفنية.. تكريم سميحة أيوب وشائعة عودة أمير طعيمة لطليقته    الصحة العالمية تؤكد أول حالة وفاة مرتبطة بسلالة إنفلونزا الطيور «إتش 5 إن 2» في المكسيك    ناقد رياضي: قلق من كثرة الزيارات لمعسكر منتخب مصر وتوقعات بخطة جديدة أمام بوركينا    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: خارطة دخول جماهير مباراة مصر وبوركينا فاسو اليوم وقائمة المحظورات.. سفاح التجمع وعلاقته ب«نيبال».. مكالمة من أمريكا تكشف الحقيقة    رئيس وزراء سلوفاكيا يحمل المعارضة المسؤولية جزئيا عن محاولة اغتياله    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 6 يونيو 2024    الأخضر بكام؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 6 يونيو    مبادرات رسمت ملامح الزراعة الحديثة في مصر.. الرئيس السيسي مر من هنا    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    وزير خارجية قبرص: نعمل على تهيئة الظروف للانتهاء من المشروعات المشتركة مع مصر    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    إبراهيم عيسى: تكرار الأخطاء جريمة بحق التاريخ.. لم نتعلم من الأحداث    خطة بايدن لوقف إطلاق النار بغزة.. حماس تسمع عنها في الإعلام ونتنياهو يسعى لوفاتها قبل أن تولد    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    «بايك» تُعلن التحدى مع «ألكان أوتو» فى مصر    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    «الأهلي» يكشف تفاصيل تجديد كبار الفريق.. وموقف علي معلول    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع دسوق في كفر الشيخ    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    احتراق 25 فدانًا فى الوادى الجديد    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    وزير الصحة يستقبل نظيره الزيمبابوي لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الظلال».. بدء العالم ونهايته في عالم مغلق
نشر في القاهرة يوم 22 - 03 - 2011


خط صغير شاحب يفصل بين الجنون والعبقرية .. وجبل من التراكمات والتقاليد والمفاهيم المغلوطة يفصل بين عالم الأصحاء وعالم «المجانين» كما يطلقون عليهم.. والفيلم التسجيلي المهم الذي أخرجته ماريان خوري بالتعاون مع المخرج التونسي الراحل مصطفي الحسناوي يضرب علي هذا الوتر الحساس بالذات. ماريان خوري التي قدمت لنا من قبل أفلاما عن النساء سواء رائدات السينما أو بعض الفنانات الأجنبيات المقيمات في مصر .. خرجت من عالم النسوة الضيق لتلج عالما آخر شديد الاتساع وشديد الغموض .. يحمل في طياته آلاف الإشارات وكثيرا من الرموز والاسقاطات متخذة في سبيل ذلك أسلوبا واقعيا شديد السحر والإثارة، لقد اختارت مستشفي العباسية للأمراض العقلية مكانا لفيلمها .. ومرضاه هم الشخصيات التي تدور حولهم أحداث الفيلم. لقد أمضت ماريان خوري ومصطفي الحسناوي ثمانية أشهر كاملة يزوران فيها يوميا هذا المستشفي .. ويلقيان بنظراتهما علي ما يدور فيه ويرقبان بصمت حينا ويتدخلان أحيانا فيما يقوله هؤلاء المرضي .. وكيف يتعاملون مع أنفسهم ومع رفاقهم في المستشفي ومع المجتمع الخارجي ومع العالم بأسره. أشهر ثمانية صور فيها المخرجان مائة ساعة خضعت لمونتاج متميز وذكي لتخرج علينا هذه «الظلال» المدهشة لتهزنا من الأعماق.. ولتجعلنا نتساءل بعد رؤية الفيلم هل كان هؤلاء الذين رأيناهم يتحدثون ويتألمون ويصرخون ويضحكون ويتهامسون ويحبون ويكرهون هم «المجانين»، كما اعتدنا أن نسميهم .. أم أن العالم الذي رفضهم ونبذهم ووضعهم وراء القضبان والسدود هو المجنون؟ النماذج التي انتقاها الفيلم بعناية من خلال عشرات أو مئات المرضي الذين يعيشون في هذا الجزء النابض بالحياة في وسط القاهرة «العباسية» يحييون تحت شروط لاإنسانية .. في جميع احتياجات حياتهم أنهم أشبه ما يكونون بالسجناء في سجن قضبانه من أوهام الناس واتهاماتهم الظالمة. خيوط رفيعة لقد استطاعت المخرجة أن تلتقط الخيوط الرفيعة التي تقود احاسيس هذه الزمرة من الناس التي رفضها المجتمع ، ويجبرها علي أن ترفض نفسها أيضا. النماذج التي تتكلم أمامنا تنبض بالحياة وبالحيوية.. وتطلق الحزن العميق القابع في أعماق قلوبها بعفوية أخاذة وبسلاسة لا يقدر عليها أي كاتب حوار مسرحي أو سينمائي ، كلمات تتدفق قاسية وكالحديد الصلب.. وناعمة كالحرير فظة أحيانا إلي درجة القسوة .. ورقيقة أحيانا أخري كالهمس. هذه الزوجة التي تفتقد الحنان والتي وضعها زوجها في المستشفي .. تتحدث عن الحب .. وعن الرابطة بين الرجل والمرأة.. وتبث شكواها إلي سيدة حسنة هي الأخري ذهبت ضحية احساسها وعقوق اسرتها.. حديث يكاد أن يكون بعفويته وصراحته وقسوته .. قصيدة من الشعر .. أحسنت المخرجة التقاطها في اللحظة المناسبة وفي التوقيت الصحيح. الشخصيات كلها تتكلم دون تكلف ودون اصطناع .. وكأن الكاميرا لا وجود لها أمامهم وهذا الرجل الذي يحس أن الألوهية تقمصته وهذا المتمرد الذي يحطم كل شيء أمامه.. والذي يعلن عن تمرده بحرق اثاث وجهاز شقيقته وهذه الأم التي انكرها أولادها وإخوتها .. تدور حول وحدتها كفراشة محروقة الجناح. كلمات تصدر من أفراد هؤلاء الناس وكأنها حجرات من نار أو كأنها تنهيدة محتضرة لكن العين تظل ثابتة لا تتحرك. عين تحمل الاتهام الصريح.. لمجتمع ظالم حكم عليهم بالنبذ والإهمال والنسيان. المبني كله بحيطانه المشققة وردهاته الباردة والشروخ في سقوفه والقضبان علي نوافذه لا يبدو لنا كمستشفي قدر ما يبدو لنا كسجن رهيب وضع فيه أناس خرجوا عن تقاليد المجتمع وعاداته فحكم عليهم بالإبعاد والنفي. منطق شديد الإقناع يخرج أحيانا من بين أفواههم بكلمات متقطعة ولكنها شديدة الوضوح والصفاء. لقد أصبح هذا المكان عالمهم .. لا يستطيعون البعد عنه «في حال خروجهم منه» إلا لكي يعودوا إليه.. لأن لا مكان لهم في مجتمع بارد وقاس اعتاد أن يعاملهم بسادية قاتلة أو يضعهم موضوع التهكم والفرجة. البداية والنهاية «العباسية» هي بدء العالم ونهايته بالنسبة لهم يسيرون في ردهات المكان وفي حدائقه الزابلة المهملة يتهامسون فيما بينهم أو يرتفع صراخهم الأحادي. يخضعون لأدوية عشوائية ويعذبون أحيانا بالكهرباء .. لا أحد يسمعهم ولكنهم يحاورون أنفسهم حينا ولخالقهم أحيانا .. محطمين أي جدار فاصل بينهم وبينه. لقد جعلها هذا الفيلم ولا أقول جعلنا .. والأفضل أن أقول أجبرنا علي أن ننظر إلي داخلها نظرة جديدة وأن نتساءل بحق من هو المجنون فينا. لقد كان الجنون موضوعا لأكثر من فيلم شهير.. ولعلنا مازلنا نذكر «خارقون عش الوقواق» فيلم ميلوش فورمان الشهير الذي حاز علي كثير من جوائز الأوسكار ويروي قصة صحفي ادعي الجنون .. لكي يذهب إلي مستشفي الأمراض العقلية.. ويعاشر المجانين ويفهم تصرفاتهم. فيلم ماريان خوري لا يلجأ إلي هذه الوسيلة المصطنعة .. إنه يدخل بنا منذ البداية من بوابة المستشفي .. لنري «الأهل» الذين يسيرون بأولادهم نحو هذا المصير .. هناك عين حقيقية لا نراها تتبعهم وترصد حركاتهم وانفعالاتهم .. ضعفهم ونقاط القوة في أجسادهم الهزيلة الهشة.. وفي نظراتهم التي يشع النار منها حينا والنور أحياناً كثيرة. ثم تلاحقهم الكاميرا لترصد حياتهم اليومية .. وتصرفاتهم كل حالة تظهر أمامنا وتنايدنا من خلال نظرة أو جملة حوار.. أو تصرف صغير عجيب. جدران وقضبان ولا تكاد تمضي دقائق من الفيلم .. حتي تنسي تماما وجود هذه الكاميرا وتنطلق ببساطة لنحيا مع هؤلاء «المعزولين» حياتهم اليومية وهمومهم وأحلامهم المجهضة. عالم العباسية المغلق هو عالمهم المحدد بالجدران والقضبان تهيمن عليه قوة لا يدركونها ولا يستطيعون مواجهتها .. والغريب أنهم إذا خرجوا منها لسبب ما .. فإنهم سرعان ما يعودون إليها مجذوبين بسحر خفي لا يقاوم. العالم الخارجي .. أصبح بالنسبة لهم هو العالم المجنون، والخط الفاصل بيننا وبينهم يبدو في الفيلم رقيقا هشا .. يكاد لا يري.. ومن هنا يأتي سحر هذا الفيلم.. الذي جعلنا دون أن ندري ننظر إلي عالمنا وكأنه عالم مجانين وإلي عالمهم وكأنه عالم العقلاء.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.