رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    تحرك جديد في أسعار الذهب.. والأسواق تترقب بيانات التضخم الأمريكية    دعم اوروبي 10 ملايين يورو لنفاذ مياه الشرب إلى المناطق المحرومة في إفريقيا وآسيا    «المصري للفكر والدراسات»: مصر أكدت رفضها تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها    بين أوكرانيا وإسرائيل وغيرهم.. الكونجرس يتبنى حزمة مساعدات دسمة    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مواعيد مباريات الجولة 20 من الدوري المصري.. عودة القطبين    ضبط 65 كيلو مخدرات بقيمة 4 ملايين جنيه بمحافظتين    بعد مقتل ربة منزل على يد زوجها فى ملوى فى لحظة غضب ..نصائح هامة يقدمها طبيب نفسى    نقابة الموسيقيين تنعى مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    بكلمات مؤثرة.. ريهام عبدالغفور توجه رسالة لوالدها الراحل في حفل تكريمه    في الذكرى ال42 لتحريرها.. مينا عطا يطرح فيديو كليب «سيناء»    تطرح مرحلتها الأولى اليوم للمستفيدين... مدينة رفح الجديدة" درة تاج التنمية" على حدود مصر الشرقية بشمال سيناء ( صور)    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    إزالة إشغالات وحالات بناء مخالفة في دمياط الجديدة    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    محافظ القليوبية يتفقد أعمال النظافة بمدينتي الخصوص وأحياء شرق وغرب شبرا الخيمة    وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    بالصور .. بدء طباعة وتظريف امتحانات الترم الثاني 2024    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    «المحامين» تعلن موعد جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد بجميع الفرعيات    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوار ميدان التحرير يستحضرون روح الشيخ إمام وكلمات نجم
نشر في القاهرة يوم 15 - 02 - 2011


ان الفنون ابنة الأحداث العظيمة من الصعب نسيانها إلا سيما إذا كانت هذه الفنون ذات تطور ملحوظ، في هذه الحالة تظل جلية وحية ومتجددة، وكثيراً ما تبعث مع الزمن في ظل أحداث مشابهة للأحداث التي خلقت وعاشت من خلالها، وقد يطلق علي الناجح من هذه الفنون أو التجارب ما يعرف بالظاهرة، وهناك تجارب كثيرة استطاعت ان تحقق هذا المسمي «الظاهرة»، من بين هذه التجارب أو الظواهر تأتي ظاهرة «الشيخ إمام عيسي» ذلك الملحن والمطرب الذي استطاع أن يكون مع الشاعر «أحمد فؤاد نجم» ظاهرة من أكبر الظواهر الاحتجاجية في حقل الأغنية السياسية في مصر والعالم العربي في القرن العشرين، ولعل السبب الرئيسي وراء تذكرنا للشيخ «إمام» الآن وتجربته هي الأحداث العظيمة التي تمر بها مصر في ظل ثورة شرفائها من الشباب الذي أعاد إلي المصريين مشاعر الفخر العزة والانتماء، ان أهم ما حققته ثورة الشباب في رأيي هو بعث الهوية من خلال أهمية الاحساس «بالمصرية»، ذلك الاحساس الذي عاش طويلاً علي الحياد، فلابد أن نعترف جميعاً أنه في الخامس والعشرين من يناير في العام 2011، أطلت في الأفق «مصر جديدة» أخرجت إلي العالم جبينها الناصع، عبر شباب نجح ان يخرج إلي ميدان التحرير مسلحاً بوفاء نادر، استطاع هذا الشباب ان يعيدنا إلي تحفة الموسيقي الكبير «صقر علي» «اسلمي يا مصر إنا للفدا»- لذا كان من الطبيعي ان تبعث وتقتحم المشهد صورة الشيخ «إمام» بعوده الذي ألهب كل المحافل الأدبية والفنية في مصر والعالم العربي عبر تجربته مع الشاعر «أحمد فؤاد نجم» الذي شاركه الحلم والرحلة، فعلي الرغم من أن «إمام» رحل عن دنيانا في العام 1995، إلا أن أغنياته باتت حاضرة ترفرف بأجنحتها فوق مصر في ميدان التحرير، ترسم خطوطاً متمردة كالعادة، خارجة عن السياق العادي والمألوف، لقد عادت هذه الأغنيات من جديد لتصبح صوت الثورة الجديدة، كما كانت دائمًا صوت مصر، ولنتذكر معاً أغنيته البديعة في فيلم «الصعفور» من كلمات الشاعر «أحمد فؤاد نجم» «يسبق كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين معنا» ولتتأملوا معي مدخل الراوي الذي اختار الشيخ «إمام» أن يقدمه بإيقاعه الممتد في جملة واحدة دون تقطيع، ثم يجنح إلي «التمويل» من «الموال» «عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معني» ثم يسقط عن أرض سمرة وقمرة وضفة ونهر ومراكب» ثم يتحول الإيقاع تحولاً كلياً من «القاعد» إلي «المتحرك» في تدفق كامل حين يغني «مصر يا أمة يا بهية / يامه طرحة وجلابية/ الزمن شاب وانتي شابة/ هو رايح وانت جاية» إلي آخره، لتصبح هذه الأغنية من الأغنيات المهمة فنياً وسياسياً، فعلي الرغم من أن الشيخ «إمام» لا يخضع إلي استخدام آلات كثيرة، إلا أنه يستطيع ان يقدم لحناً غنياً بتيماته وحركاته، معتمداً في ذلك علي رسم أبعاد الجملة اللحنية ذاتها تفصيلياً، ما من أحد لم يقع في غرام أغنية «مصر يامه يا بهية» والتي كتبها الشاعر «أحمد فؤاد نجم» في معتقل القناطر من العام 1969، بحسب الأعمال الشعرية الكاملة «أحمد فؤاد نجم» «الطبعة الشعرية الثانية» دار ميريت للطبع والنشر»- وهو ما يعني ان كتلة الأغنية عقبت حرب يونية 1967 بعامين، إلا أنها ما زالت تعبر عن مصر في كل وقت وحدث. دور ياكلام ومن الأغنيات الداعمة لفكرة «الثورة» تأتي أغنية «دور يا كلام» وقد كتبها أيضاً الشاعر «أحمد فؤاد نجم» ولحنها الشيخ «إمام» لتكون بمثابة ثورة علي الظلم، حيث يستنكر فيها الشاعر ما تعرضت له مصر من سطو من قبل فئة ما، هي فئة الحكام «مش ح يغني إلا يا مصر/ يا ركوبة ركاب النصر/ سرقوكي بسكان القصر»- لقد اختار الشيخ «إمام» أن يوصل رسائله عبر أشعار «أحمد فؤاد نجم» لما بها من نغمة حادة لاذعة، وسخرية دالة علي الحدث، وقد نجد في «دور يا كلام» إضاءات أخري ترتبط بفكرة التغيير عبر الكلمة أصلاً حين يقول «نجم» «إرمي الكلمة/ في بطن الضلمة/ تحبل سلمي وتولد نور» - لنري هنا إلي أي مدي تصنع «الكلمة» الحلم/ النور، والكلمة هنا المقصود بها التعبير بما في طياته من جناحي القبول/ الرفض، وقد كان للشاعر «صلاح جاهين» قصيدة تجد في «الكلمة» الملاذ الآمن حين كتب «اتكلموا اتكلموا/ محلا الكلام ما ألزمه/ ما أعظمه/ الكلمة إيد الكلمة رجل الكلمة باب الكلمة نجمة كهربية في الضباب»- وثمة رابط ما بين «إرمي الكلمة في بطن الضلمة تحبل سلمي وتولد نور»، وبين «الكلمة نجمة كهربية في الضباب، ويشتركان في ربط «الكلمة» بدال «النور»، وفي لحن «دور يا كلام علي كيفك دور» يوظف الشيخ «إمام» كل طاقاته ليخرج بلحن يتماس مع الحالة الدائرة في طيات الحرف المكتوب، فنجده يقرأ الكلمات تلحيناً في حالة من الصدق ليست بغريبة عليه، ربما ساعده في ذلك مدي عبثه لاستكشاف مافي باطن الجملة الشعرية، كما ألقاها الشاعر «أحمد فؤاد نجم» ببساطتها المحيرة، فالمتأمل لأشعار «نجم» يجدها من السهولة إلي حد اختراق القلب دون حواجز. يا فلسطين/ جيفارامات دائماً ما كانت الثورة هي الحل لدي الشاعر «أحمد فؤاد نجم» والراحل العظيم الشيخ «إمام عيسي» فقد قدما معاً أغنيات كثيرة تؤكد علي هذا المعني، من بين هذه الأغنيات تأتي أغنية «يا فلسطين» والتي حاولا من خلالها ان يطرحا القضية الفلسطينية بأبعادها عبر نص صريح «يا فلسطين وأنا بدي أسافر حداكو/ ناري في إيديه وإيديه تنزل معاكو/ علي رأس الحية وتموت شريعة هولاكو» ثم ينقلنا «إمام» بعد ذلك إلي أهمية «الثورة» كغاية مؤكدة في شطرتين تاليتين «والثورة غاية والنصر أول خطاكو» وفي موضع آخر «يا فلسطين والثورة هي الأكيدة» ، لقد باتت أشعار «نجم» وألحان الشيخ «إمام» في محل «المانفيستو» حين يتولي الاحتجاج المسيرة، فدائما ما كان يؤكدان علي أهمية ان يثور الفرد، متمسكين بما قاله المناضل العظيم «تشي جيفارا» والذي كانت وفاته محل صدمة لكل ثائر علي الظلم في العالم «ان الثورة أهم من الفرد»، حيث غني الشيخ «إمام» من كلمات «نجم» أغنيتهما التاريخية «جيفارا مات/آخر خبر في الراديوهات» وفي الكنايس والجوامع وفي الحواري والشوارع/ وع القهاوي وع البارات/ جيفارا مات»- لقد تحول موت «جيفارا» من موت فرد إلي موت شخصي، لقد كان «جيفارا» بالنسبة لكل سياسي «المثال» والحلم وعلي حد تعبير ما كتبه الشاعر «أحمد فؤاد نجم» «مات المناضل المثال/ ياميت خاسرة ع الرجال» لقد ألهبت هذه الإنشودة حماس الجماهير، كما استطاعت ان تجد مكانها عبر كل الألسنة والأصوات المحبة لفن «الثنائي» «إمام/ نجم» واللذين شكلا بصوتهما معاً واحدة من أكبر ظواهر الاحتجاج في القرن العشرين». شيد قصورك في ميدان التحرير الآن تجدون «مصر» بجمالها الذي اعتادناه في الأزمة، تحول المحتجون هناك إلي «ملائكة» بفعل الاعتراض الحق، وبينهم وقف الشاعر «أحمد فؤاد نجم» يغني ويرددون خلفه ألحان «إمام» ومنها لحنه الخالد لكلمات نجم «شيد قصورك» وهي الأغنية الدالة علي حالة الاتفاق فيما بينهم علي العبور بمصر لغد أروع وأجمل، لقد جاءت هذه الأغنية بمثابة التعبير عن الجميع «شيد قصور ع المزارع/ من كدنا وعمل إيدينا/ والخمارات جنب المصانع/ والسجن مطرح الجنينة» وهي إشارة إلي الطغيان بكل صوره أي كان، وقد كتبها الشاعر في سجن القلعة من العام 1973، ويؤكد فيها علي مدي التقاء الجماهير حين يقول «احنا اتوجعنا واكتفينا/ وعرفنا مين سبب جراحنا/ وعرفنا روحنا والتقينا» وكان لابد إلي الإشارة التالية «عمال وفلاحين وطلبة/ دقت ساعتنا وابتدينا»، لقد أثبتت أغنيات وألحان الشيخ «إمام» أنها ابنة كل الأحداث الشرعية، فهي نبت يصلح لأي وقت، فعلي الرغم من أن هذه الأغنية كتبت في السبعينات إلا أنها مازالت تعبر عن كل ما يحدث الآن في الصورة، فمن يقول إن أغنية «الجدع جدع والجبان جبان» لم تعبر عن نبض الشارع الآن وما يحدث فيه «الجدع جدع والجبان جبان/ بينا يا جدع ننزل الميدان»، فنحن نشعر أنها كتبت اليوم، وعلي حد تعبير الناقد الموسيقي «فرج العنتري»، «دخل فناننا الشيخ «إمام عيسي» برفقة شاعرنا «أحمد فؤاد نجم» إلي قلب التاريخ القومي لموسيقانا من باب الأغنية السياسية، وبالتعبير الوطني الحر، متسلحين معاً بموروث مصري عريق هو الذي لا يكف الواحد منا عن أن يستعصم به لحيازة كأس الصمود» «راجع في التذوق الموسيقي» ل «فرج العنتري» سلسلة مكتبة الشباب عدد «61» الهيئة العامة لقصور الثقافة، ومن هنا أتواصل مع «العنتري» في رؤيته، حيث ان «الشيخ إمام» بتجربته مع الشاعر «أحمد فؤاد نجم» قد حفرا طريقاً وعرة من طرق التعبير الثوري الإنساني.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.