صاحب إحساس صادق ومشاعر مرهفة ورؤية فنية صائبة مميزة وملائمة لكل ما هو عصري وجديد، إنه الشاعر الفنان د. نبيل خلف الذي تميز بكلماته الرقيقة والمؤثرة التي تعرف طريقها مباشرة لقلوب محبيها، هذا الشاعر المتألق الذي استطاع أن يقود ثورة علي كل ما هو مبتذل ومتدن في عالم الأغنية، فقدم لنا روائع من الأغاني الدينية أبهر بها الجمهور، شاركه في تقديم تلك الأغنيات الرائعة رفيق عمره وصديقه المقرب الملحن العبقري وليد سعد، شكلا معا دويتو رائعا ومتفهما، وقد بدا ذلك واضحا من الصدق الذي يغلف جميع أغنيات ألبوماتهما بداية من حضرة المحبوب للفنان وائل جسار والذي لاقي نجاحا مذهلا فاق كل التوقعات مما دفعهما لاستثمار ذلك النجاح والخوض في تجربة رباعيات في حب الله، ولم يكتف د. نبيل بذلك بل قدم مع الفنانة أنغام ألبومها الديني «الحكاية المحمدية» بعدما أبدت اعجابها الشديد بروعة «في حضرة المحبوب» ونحن نلتقي معه في هذا الحوار ليحكي لنا عن تفاصيل رحلته مع كتابة الأغاني الدينية. (النار بتاكل نفسها من غلها ومن يأسها.. والروح يارب بقدرتك مفيش شيطان هيمسها.. إحنا اتخلقنا مسلمين.. وخاشعين نطلب رضاك ومفيش سواك وبنور جلالك نستعين). ما ظروف وملامح تجربة كتابة الأغاني الدينية؟ كان ذلك بالصدفة، حيث اني كنت قد شاهدت ابني شادي وهو يقدم دور الداعية الديني في فيلم «الثلاثة يشتغلونها» في الصيف الماضي، وأعجبت بدوره جدا، ووقتها قررت أن أكتب أغنية عن رسول الله «صلي الله عليه وسلم»، وبعد ذلك فوجئت بزوجتي تقترح علي أن أكتب ألبوما كاملا في حب رسول الله، وبالفعل كتبت خلال عشرة أيام عشر أغانيا بمعدل كل يوم غنوة، ومنذ ذلك الوقت شعرت أن كتابة الأغاني الدينية عطية ربانية من عند الله ومنحة قد منحني الله إياها من عنده. ( شجرة قلبي تملي بصوتها ودموع روحي علي أغصانها لما تغيب الشمس عليها نور سبحانه بيطمنها). ترشيح وائل كيف جاء ترشيح وائل جسار لغناء ألبوم «في حضرة المحبوب»؟ لقد جاء ترشيح وائل بناء علي رغبتي ورغبة الملحن «وليد سعد» وكذلك المنتج «محمد ياسين» صاحب الشركة المنتجة، حيث حدثت بيننا نحن الثلاثة اجتماعات مشتركة للاتفاق علي الأغاني وأسلوبها، وبالفعل قمت بوضع كل أغنيات الألبوم بصوتي ووضعتها علي اسطوانة مطبوعة، وأرسلتها إلي «وائل جسار»، الذي أعجب كثيرا بها، واستطاع أن يعيش مع كل كلمة من كلمات تلك الأغاني بروحه ووجدانه، وبالفعل جاء وائل وتناقش معي أنا ووليد سعد في الألبوم، ودخل بعد ذلك الاستديو لعمل بروفات الألبوم. (عليه العوض منه العوض مقبلش من غيره العوض.. يارب راض بقسمتي بالفقر والجوع والمرض.. بخاف من الضحكة والتكشيرة واللي في قلبه بيداري الغيرة.. من إللي بيضحك وبيحسدني.. وعين القلب يارب بصيرة) لكن ألا تجد أنه بعد النجاح الهائل الذي حققه «في حضرة المحبوب» أن الجمهور أصبح بالفعل ميالا لتلك النوعية من الأغاني الدينية وخصوصا انها جذبت كل الفئات العمرية؟ الجمهور يملك حسا راقيا جدا، بدليل انجذاب أغلب الجمهور لأغنيات الألبوم سواء الشباب والكبار وحتي الأطفال، وذلك لأننا فعلا شعب نملك هوية ثقافية مميزة ، ولكننا بالفعل متعطشون للأغاني الدينية التي تناشد وجداننا وتنقلنا لحالة من الروحانيات عالية جدا، فالغناء الديني به سمو بالنفس إلي أعلي درجة، فنحن كشعب متمسكين بهويتنا الدينية ونحافظ عليها، لذلك فقد كان من الطبيعي حدوث ذلك القبول غير العادي لتلك النوعية من الأغاني وهي الأغاني الدينية. (بناديلهم وبسمعهم وبدعيلهم تشفعهم.. متحوجهمش لحد يارب ولا لمخلوق يجوعهم.. أمك وأبوك علطول حبوك.. ليه أنت بقيت غصن من الشوك.. ادعي لربك يغفر ذنبك.. وافتح قلبك لما يعاتبوك). ولكنك قمت بتقديمها بأسلوب مختلف عكس الأغاني المتعارف عليها والخاصة بالإنشاد الديني لأحمد الكحلاوي وغيره ؟ بالفعل قد تعمدت تقديم الأغنية الدينية ولكن بأسلوب عصري حديث يتماشي مع لغة العصر، وذلك حتي يكون قريبا من قلوب الشباب ويمس صميم وجدانهم، لأن كل شيء لابد أن يتطور حسب إيقاع العصر ليلقي النجاح، لذلك قمت بوضع شكل جديد ومتطور للأغنية الدينية، وساعدني في بلورة ذلك الشكل المبدع «وليد سعد» الذي قدم الأغنية الدينية بألحان حديثة وعصرية ومواكبة لجيل الشباب. ( يا الله يا الله يارب سلم منهم من غلهم وجهلهم وأزرع في قلبي المغفرة لما يزيدوا في ظلمهم .. رب الحياة والموت بخاف أنام لأموت.. ببكي في أحلامي من غير دموع ولا صوت) كيميا وليد ما سر الكيميا التي تجمع بينك وبين الملحن وليد سعد؟ أنا ووليد سعد أكثر من أخوات، فأنا أعتبره توأم روحي، فهو أكثر شخص يفهمني، ويشعر بكلامي ويحس به بمنتهي الصدق، ويظهر ذلك بوضوح من خلال ترجمته لأشعاري بألحانه الرائعة، وللعلم فوجود الدويتوهات الفنية ليست جديدة علي الساحة، فهي موجودة منذ أيام عبدالحليم حافظ، حيث كان يوجد صلاح چاهين وكمال الطويل، وغيرهما من الثنائيات التي قدمت أعمالا محترمة من خلال ورش عمل مستمرة مبنية علي أساس فني، وأنا أجد وليد سعد ملحن موهوبا وشديد الشبه بعبقرية الملحن بليغ حمدي. هل تعتبر نفسك استطعت أن تحدث انقلابا في مجال الأغنية العربية في الفترة الأخيرة من خلال مساهماتك في الرقي بها؟ مما لا شك فيه أني استطعت المساهمة في التغيير في نمط الأغنية واتجاهاتها، ولكن لا ينفع أبدا أن يكون شاعر واحد أو مطرب واحد أو ملحن واحد هو الذي يستطيع عمل هذا التغيير وحده، فلابد لجميع المبدعين أن يخطوا في ذلك الاتجاه حتي يستطيعوا أن يتركوا أثرا مميزا عند الجمهور، وليس معني ذلك أني أطلب من الجميع الاتجاه للأغاني الدينية، ولكن من الممكن الخوض في كل الاتجاهات في الكتابة، وعن طريق تناول العديد من الموضوعات عن الصداقة والعاطفة والوطن، ولكن شرط التزام المصداقية والرقي والاحساس بالكلمة، لأن ما يخرج من القلب يدخل للقلب. ( في رياض الحُسن الرباني.. أنا برا مكاني وزماني.. اشجار بتسبح لخالقها.. وزهور بتطير من بستاني.. الدنيا حلم بتحلموه.. هتندموا لو تفهموه.. استغفروا رب العظيم.. واتعلموا إزاي تحمدوه) رباعيات قدمت ألبوما آخر مع وائل جسار يضم مجموعة كبيرة من الرباعيات ويحمل اسم «رباعيات في حب الله» ما الذي أردت أن تقدمه من خلال تلك الرباعيات؟ أردت تقديم رسالة للجمهور من خلال أربعة أبيات فقط عن كل النواحي الحياتية والإنسانية عندنا، مثل علاقة الإنسان بربه وبلده وحياته، ووجوده في الكون، فتلك الرباعيات لم تمثل حالة دينية فقط ولكنها صرخة من داخل كل إنسان يحكي فيها كل همومه وما بداخل نفسه من معاناة، وللعلم فهذا الألبوم ينفع لكل الأديان لأن رسالته تمس الإنسان عموما وصميم علاقته بربه وبمجتمعه ووطنه، وذلك لأن الإسلام دين تسامح، وبالتالي فإن هذا الألبوم يختلف كلياً عن «في حضرة المحبوب» و«الحكاية المحمدية». ( ياربي أنا مكسوف بزرع في قلبي الخوف.. مبقولشي كلمة حقي لو شفت سيف مقصوف.. نحل الخيال بيطن إبليس يزوم ويزن.. ارحمني ياربي قلبي الضعيف بيئن) وهل ستستمر في تقديم تلك النوعية من الأغاني الدينية ولن تفكر في كتابة أغنيات في مجالات أخري؟ وما المانع، طالما أن كتابة الأغاني الدينية عبارة عن عطية منحها الله لي، ولكن لا يمنع ذلك أن أكتب في مجالات أخري عن الوطن والمصداقية والجوانب الإنسانية الأخري، ولكن بدون إسفاف ولا ابتذال بكل تأكيد. ( يارزاق يا كريم ياعظيم بمشيئتك.. الشمس نسيم وبتشيع من لقمة حلال.. وبحمدك بنعيش في نعيم.. الموت فرح يوم الحساب وياريت دعائي مستجاب.. أوعدني ياربي بلقاك خلصني من طبع القراب) لكن ألا تجد أنه بعد النجاح المذهل لألبوم «في حضرة المحبوب» أصبح أغلب المطربين يتهافتون علي غناء الأغاني الدينية فهل ذلك نوع من التقليد أو اعتبار أن ذلك نوع من الموضة؟ الفكرة ليست تقليدا، ولكن عندما يجد المطربون أن هناك اتجاها مميزا أثبت نفسه وبقوة علي الساحة، واستطاع أن يجذب الجمهور، وذلك عن طريق مخاطبة مشاعره بطريقة سامية وبدون إسفاف، مما دفع الكثيرين للتفكير في خوض تلك التجارب في الغناء الديني، وفي النهاية فهذا كله يصب في مصلحة المستمع الذي سيتسفيد بسماع شيء راق ومحترم. ( قلت لنبينا المصطفي هو السلام ليه اختفي .. صرخ اليمام في الغار وقال عشان مفيش لحظة صفا.. يارب الروح أنا طيب مع الشرير مع الطيب.. ملاذ ليهم وأم وأب ولو بعدوا أنا قريب) وكيف جاءت تجربتك مع الفنانة «أنغام» في «الحكاية المحمدية»؟ لقد قالت أنغام إنها قد شاهدت الحلقة التي كنت فيها ضيفا ومعي وائل جسار ووليد سعد وذلك في برنامج «مصر النهاردة» وقد اعجبتها الحلقة كثيرا ، وبعد ذلك مباشرة قامت أنغام بالاتصال بوليد سعد، وتحدثت معه بخصوص رغبتها في تقديم ألبوم ديني، وبالفعل تكلمت معي بخصوص كتابة كلمات الأغنيات وقد اطلقت لي الحرية في كتابة شخصيات الحكاية المحمدية وهو اسم ألبومها، ولكن بعد أن تناقشنا عدة مرات في الشخصيات الدينية التي ستطرحها في الألبوم، وبالفعل توصلنا لمجموعة من نساء المسلمين مثل «أم أيمن» حاضنة الرسول، وقد امتاز الألبوم بالفعل بتكريم مجموعة كبيرة من نساء المسلمين، لأن أنغام دائما تسعي لتقديم شيء مميز وجديد. (مش خوف من الموت والحساب ولا عشان أخذ الثواب.. بلجأ إليك من غير غرض وفي حب ربي مفيش عذاب) الحكاية المحمدية وهل كنت بالفعل ستطلق عليه اسم «حضرة المحبوب2»؟ هذا حقيقي، ولكن أنغام اعترضت علي الاسم حتي لا يعتقد الجمهور أن ألبومها مرتبط بألبوم وائل جسار، وفضلت أن يكون لألبومها اسم خاص بها، وقد كان، واخترنا له اسم «الحكاية المحمدية». (الوصال الوصال يا حميد الخصال روحي يتسأل بلال والقمر والهلال.. امتي أصلي وأقول في مقام الرسول لو ينول القبول نسل روحي الحلال) هل حقق «الحكاية المحمدية» نفس نجاح ألبوم «في حضرة المحبوب»؟ أنغام مطربة كبيرة ولها احساس عال وصوت مميز، بالإضافة إلي أن ألبومها يتناول جوانب مضيئة في حياة نساء المسلمين، وأعتقد أن ألبومها حقق نجاحاً مميزاً، وإن شاء الله يستمر في تحقيق النجاح. ما ظروف تقديمك لمسرحيتك «وطن الجنون»؟ هي مسرحية قمت بتأليفها، وقام ببطولتها مجموعة من الوجوه الشابة، وأردت من خلالها تقديم فكرة معينة وجديدة وهي أن أي إنسان يخرج عن الثقافة السائدة للوطن يعد مجنونا، لذلك فقد قرر هؤلاء الشباب عمل وطن للجنون، حيث قاموا عن طريقه بطرح ثقافة بديلة ومغايرة للثقافة السائدة مثل رفض الأغاني الاستهلاكية المبتذلة، لهذا فقد أردت تقديم وجهة نظر مختلفة من خلال المسرحية، وقد قام بعمل الألحان للمسرحية مصطفي قمر. ( بتأخذ من الإيمان قوة ومبتخافش ولا بتهاب .. يا أطهر قلب يا نبينا .. ومفطومة علي التقوي وتكالها كان علي الوهاب بكلمة حب تهدينا) وأخيرا ما جديدك؟ أنا بصدد الاستعداد والتجهيز لطرح ألبوم ديني جديد للأطفال مع وائل جسار ووليد سعد، ولكننا الآن في مرحلة التجهيزات، ومازلنا لا نعرف ميعاد طرحه، وأنا اعتبره سيكون مفاجأة للجميع.