السياحة: 3 آلاف سائح ألماني يستمتعون بعطلاتهم في مصر رغم إفلاس «FTI»    حماس تسلم الوسطاء ردها الرسمي على مقترح إسرائيل لتبادل المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة    عاجل.. تحديد إصابة مصطفي محمد ومدة غيابه عن الملاعب    المنتخب الأولمبي يهزم كوت ديفوار بثنائية وديا    الدكتور المحسن يتفقد مستشفى قوى الأمن والمراكز الصحية في مكة والمشاعر المقدسة    وفاة أصغر حاج مصري وطالب ثانوية عامة تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    أحمد عز: "الشعور بالقلق ده طبيعي لأي حد عايز ينجح لكن أنا وجود طارق العريان بيطمني ديما"    تفاصيل واقعة عريس كفر صقر: "كان معمول لنا عمل"    مسئول بنقابة الصيادلة: الدواء المصري الأرخص في العالم.. وهذا واقع مرير    ملتقى بنك التنمية الجديد يستكشف الأدوات التمويلية المبتكرة لدعم التنمية في مصر    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    خبير علاقات دولية: دور مصر فى تخفيف معاناة الفلسطينيين مستمر    الداخلية تواصل مبادرة "مأموري أقسام ومراكز الشرطة" لتوزيع عبوات غذائية على محدودي الدخل    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    مدرب بلجيكا: دي بروين يتلقى إشارات في الملعب من طائرة دون طيار    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تولستوي الشخصية الأكثر تأثيراً وإلهاماً في التاريخ الإنساني
نشر في القاهرة يوم 03 - 08 - 2010

إن تولستوي «82» عاماً والذي وافته المنية في 7 نوفمبر عام 1910 شخصية فذة وروائي عالمي نتذكره بمناسبة مرور 182 عاماً علي ميلاده في 28 أغسطس 1828 وبمناسبة مرور 100 عام علي وفاته في نوفمبر وكذا مرور أكثر من 150 عاماً علي صدور أول رواية له كانت البداية لتطوره كأديب أصبح بعدها أعظم كتاب الرواية في العالم القديم والحديث حتي الآن..
يعتبر الأديب العالمي الروسي من أعظم كتاب الرواية في العالم بأسره حتي الآن عاش 82 عاماً «1828-1910» قضي منها 58 عاماً في الكتابة الإبداعية صدر له خلالها أكثر من مائة كتاب أهمها في مجال الرواية وأهمها علي الإطلاق رواية «أنا كارنينا» و«الحرب والسلام».. ويليها في الأهمية رواية «البعث» التي كتبها في أخريات حياته.
نشأ «ليوتولستوي» أرستقراطياً يحمل لقب الكونت وتقلب منذ نعومة أظفاره في أعطاف النعيم والدعة والجاه ثم نأي عن طبيعة طبقته وعشق المعرفة والثقافة ووهب الإحساس الرحيم والشعور النبيل فانقلب إلي زاهد مصلح واقترب بمبادئه من الأنبياء إذ تنازل عن ضياعه الشاسعة لعبيد الأرض وعاش عيشة الفلاح المسكين الزاهد القانع.
في طفولته المبكرة دخل يوماً علي العمة «تانيانا» يشكو إليها انه رأي منظراً كدره وآلمه وذلك بأنه شاهد أحد الفلاحين يساق إلي حظيرة حيث أوثقه رئيسه وضربه ولما سألته عمته لم يحل بينه وبين الضرب أطرف في خجل ولم يحر جواباً.
لقد أحب الفتي وهو مازال غضاً في الثامنة من عمره حباً كذلك الحب الذي قلما خلا منه قلب فتي أو فتاة في ربيع العمر ويميل علماء النفس إلي أن وجود هذه العاطفة في هذا السن الباكرة دليلاً علي الموهبة الفنية ولذلك يرجي لصاحبها أن يكون في غده من الأفذاذ.
في السادسة عشرة من عمره يمتلئ ذهنه بكثير من مسائل الفلسفة بل إنه ليطمع أن يحل ألغاز الوجود فيشغل نفسه بالنظر في خلود الروح ووظيفة الإنسان في هذا الكون وإمكان وجود حياة أخري إلي أمثالها من المعضلات والمسائل.
في عام 1851 لمحت للفتي بارقة أمل. لم لا يجعل الأدب حرفة له؟ ألم تكن عمته «تاتيانا» علي حق حين قالت له ذات يوم «إني أعجب يا عزيزي ليو كيف لا تكتب رواية ولك مثل ما لك من خيال».
كان الفتي يقرأ القصص أكثر مما يقرأ، ولم ينقطع عن القراءة مهما شغله الشاغل أوملأ حياته اللهو ولا يزال إعجابه بروسو عظيماً وكذلك لا يزال إعجابه بديكنز حيث أنزله منزلة عظيمة في نفسه أما الكتاب الروس فقد كان يقبل منهم علي بوشكين وجوجول إقبالا شديداً وكان لثانيهما تأثير قوي في خياله وعقله. في هذه الأيام بدأ يلمع اسم ترجنيف وكان أكبر من «توليستوي» بعشر سنوات وقد نشر أول كتبه سنة 1847 وهو «مذكرات رجل صيد» وكان لهذا الكتاب كذلك تأثير عميق في خياله ووجدانه وتصادف أن كتاب قصة ديكنز العظيم «دافيد كوبر فيلد» ينشر يومئذ تباعاً في إحدي المجلات فأحدثت في نفسه أثراً لم تحدث مثلها قصة غيرها وظلت في نفسه لها المكانة الأولي حتي آخر حياته.
يقول: «ليوتولستوي» في دفتره «إن الوصف ليس كل شيء.. كيف ينقل الكاتب إلي القارئ شعوره؟ قال: ذلك لأنه كان قد اعتزم أن يجعل الوصف غايته من الكتابة فيصف كل ما تقع عليه عيناه ثم بدأ له وكان أثر «دافيد كوبر فيلد» قوياً في نفسه فلما لا يكتب أيام طفولته.. انكب علي الكتابة كل صباح من الساعة الخامسة إلي الحادية عشرة حتي أتم باكورة قصته التي كتب لها الخلود وأخذ يكتب منذ سنة 1851 وفي شهر يوليو سنة 1852 أتم كتابة «عهد الطفولة» باكورة فنه وخطوته الأولي صوب المجد وذهاب الصيت وأرسله بإمضاء ل. ن إلي مجلة شهيرة كانت تسمي «المعاصر» وظل ليو شهرين ينتظر رداً من المجلة وهو يسلم نفسه إلي الأمل الحلو تارة وإلي اليأس المرير تارة أخري حتي جاءه الرد ينبئه بقبول القصة للنشر وفرح «تولستوي» فرحاً عظيماً بالنشر في ذاته فهذه أمنيته وازداد فرحاً حين جاءه كتاب ثان يبدي فيه صاحب المجلة انه ازداد رضاء عن القصة وهو يصححها للطبع وانه يعتقد أن مؤلفها ممن وهبوا المقدرة وأنه لأمر ذي أهمية أن يعلم المؤلف ذلك في بداية عهده بالكتابة
نشرت القصة في عدد أكتوبر وسرعان ما حظيت بثناء أهل الفن جميعاً وفي مقدمتهم ترجنيف ذلك الذي بدأ يلمع يومئذ في فن القصة ومنهم دستويفسكي وكان في منفاه بسيبريا فكتب إلي أحد أصدقائه يسأله من يكون ل. ن هذا صاحب هذه القصة.
.. وطابت نفس الفتي «ليو نيقولا تولستوي» 23 عاما وابتهج فؤاده بهذا النجاح فلم يكن بالأمر الهين أن يلتفت ترجنيف ودستويفسكي إلي هذا الكتاب فقد خلف هذان الكاتبان جوجول في زعامة القصة وأصبح أسماهما من أرفع الأسماء في الجيل الذي أعقب جوجول.
.. أخذت تتفتح الأكمام في هذا الكتاب عن عبقرية الكاتب الناشئ الذي لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره وبدأت تنجلي خصائص فنية وتتفتح مواهبه وفي مقدمة تلك المواهب إحساسه المرهف وقلبه الشاعر وذكاؤه الحاد وبصيرته النافذة إلي أعماق الأشياء.. أما فنه فكان قوامه الأصالة والصدق والسمو.
.. لقد وفق تولستوي توفيقا كبيرا في تصوير الخلجات النفسية في كتابه هذا حتي يظن قارؤه إن لم يكن يعرف أنه عمل مبتدئ.. هذا إلي دقة اللمسة الفنية والبراعة في عرض الصور مع وضوحها وخلق المناسبات واختيار ما يحتاج إليه السياق في غير استطراد ممل أو علي حد تعبيره استبعاد كل ما لا ضرورة له أو كل ما هو سطحي وللكتاب «باكورة إنتاجه الأدبي» «عهد الطفولة» أهمية من ناحية أخري إذ هو يرينا تأثره إلي حد ما بروسو واستندال وديكنز.
.. جعله نجاحه في كتابه الأول إلي أن يكتب «عهد اليفاعة» فأقبل علي ذلك في نشاط أمل وغبطة وكان أثناء كتابته «عهد الطفولة» قد بدأ يكتب بعض الأقاصيص عن حياته في الجندية ومنها «قطع الغابة» و«الفارة» وقد أرسل هذه الأخيرة إلي مجلة المعاصر فنشرتها وقد اطمأنت إلي القاص الشاب.. وبدأ القاص الشاب يعكف علي مذكراته يثبت فيها ما يعتزم كتابته من قصص وكلما طرأ علي خاطره موضوع يصلح لقصة عجل بإثباته ودون ما يعن له من ملاحظات ليعود إليها في حينه وكلما أعجبته حادثة أو شخصية ممن يحيطون به كتبها مخافة أن ينساها ليجدها فيما بعد حين يأخذ في بناء قصصه وهكذا بث نجاحه الأول في نفسه كثيرا من الأمل والنشوة.
.. يكتب تولستوي في كراس سنة 1852 عندما كان عمره 23 عاما..
«إني أؤمن بإله واحد لا تدركه الأبصار وأؤمن بخلود الروح وأؤمن بالجزاء علي أعمالنا».
.. يتأمل الفتي في أمر يتصل بالأخلاق فيكتب «إن الضمير خير رائد لنا وخير ما نعول عليه من هاد، ولكن ما هي الشواهد التي نميز بها صوت الضمير من الأصوات الكثيرة التي تنبعث في أنفسنا علي أنه الصوت الحق الوحيد، ذلك لأن الغرور يتكلم بنفس القوة إن الرجل الذي يكون غرضه في الحياة سعادة نفسه هو رجل سوء وان الذي يكون غرضه إسعاد الآخرين رجل خير ولكن الذي جعل غرضه وجه الله العظيم هو رجل عظيم.. ان النشر في رأيي يكون من اتباع السوء تجاه الآخرين والخير كامن في محبة الخير لهم بهذا يتحدث الضمير أبداً.. وأن غرض الحياة هو الخير ورأيي أن وسيلتنا لنعيش عيشة طيبة هي معرفة الخير والشر وأننا لن نكون أخياراً إلا عندما نوجه جميع قوانا نحو هذا الغرض.
مما يذكر عن تولستوي أن ما رآه من مجازر تعرض لها شعب الشيشان وما قام به الروس في جرزوني من حرق للبيوت والمزارع والأجساد كان وراء كراهيته للحروب.
في عام 1886 عندما بلغ تولستوي «58» عاماً بدأ علي الفور يتجه بعمق نحو الدين مما جعله يتخذ لنفسه عقيدة خاصة عرفت «بالتولوستويه» وبدأ يدعو الناس إلي اعتناقها وهي تعني مبدأ المقاومة السلبية للشر وعدم رد الاعتداء بمثله فكان من آرائه أن أساليب العنف إجرامية ولذلك كان يدفع اتباعه إلي عدم التجنيد وتأدية الخدمة العسكرية كما حرم علي نفسه أكل اللحوم والمشروبات الروحية وأخذ يتنازل عن أراضيه للفلاحين ويصنع حذاءه بيديه محاولاً أن يكون مستكفياً بنفسه وفي هذا كان أستاذا لغاندي حيث سبقه للدعوة إلي المقاومة السلبية للشر وكراهية العنف.. وقبل رحيله في 7 نوفمبر 1910 بسبع سنوات حرمته الكنيسة من حقوقه الدينية لاتجاهه إلي الاشتراكية وكان قد أتم توزيع جميع أراضيه علي الفلاحين من منطق انهم أولي بها لأنهم هم الذين يزرعونها.. وقد أدي تنازله عن جميع ممتلكاته إلي نشوب خلاف بينه وبين زوجته وانضم إليها أولاده وكانوا 11 ابناً وابنة فيما عدا ابنته الصغري «إلكسندرا» التي صاحبته حين ترك بيته ليتوفي مصابا بالتهاب رئوي في مصحة السكك الحديدية قريباً من القضبان التي انتهت عليه حياة بطلة «آنا كارنينا» ويدفن تولستوي بلا طقوس ليصبح فيما بعد الشخصية الأكثر تأثيراً وإلهاماً في التاريخ الإنساني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.