تزايدت حالة الاستقطاب السياسي في مصر مع دعوة نشطاء وطلاب وعمال لإضراب عام يوم السبت تمهيدا لعصيان مدني بهدف الضغط على المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد حاليا للاسراع بتسليم السلطة لحكومة مدنية. وانطلقت عبر موقعي «فيسبوك وتويتر» للتواصل الاجتماعي على الأنترنت دعوات للعصيان المدني في حين استنكر آخرون الدعوة وتهكموا عليها. واختار الداعون للإضراب العام يوم 11 فبراير موعدا له وهو اليوم الذي يوافق الذكرى السنوية الأولى لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك تحت ضغط انتفاضة شعبية دامت 18 يوما. وتحمل صفحة على موقع فيسبوك اسم «عصيان مدني» وتجاوز عدد المشاركين بها 4600 مشتركا صباح يوم الخميس وتصدرتها عبارات «اضراب عام بداية من 11 فبراير. طلباتنا سحب الثقة من الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ ووفاق وطني تقوم بالتالي.. هيكلة (وزارة) الداخلية. تطهير ماسبيرو (مبنى الاذاعة والتلفزيون). إقالة النائب العام. استقلال القضاء. استعادة أموالنا المنهوبة. محاكمات ناجزة. حد أقصى وأدنى للأجور فورا». كما انتشرت نفس الدعوة عبر موقع تويتر. وسقط 15 قتيلا على الأقل في اشتباكات في الشوارع بالقاهرة ومدينة السويس بشرق البلاد في الأيام القليلة الماضية في اضطرابات اندلعت بعد سقوط أكثر من 70 قتيلا في أعمال عنف عقب مباراة لكرة القدم في الدوري الممتاز. وأعلن طلاب من 36 جامعة مصرية عامة وخاصة مشاركتهم في الإضراب عن الدراسة بدءا من 11 فبراير من بينها جامعات القاهرة وعين شمس والاسكندرية والمنصورة والجامعة الامريكية والألمانية والفرنسية. وتشارك أيضا حركة 6 أبريل وائتلاف شباب الثورة في الإضراب علاوة على أحزاب غد الثورة والتحالف الشعبي الاشتراكي والوسط والتجمع والتيار المصري علاوة على اتحاد العمال المستقل. ونشرت صفحة على فيسبوك تحمل شعار ما يسمى باللجان الشعبية للدفاع عن الثورة بيانا بتوقيع 40 حركة وحزبا بعنوان (لنرفع راية العصيان ونسقط حكم العسكر- بيان القوى الثورية). ودعا البيان «جموع الشعب المصري لمساندة هذه الاضرابات ودعمها من أجل انهاء هذا الحكم الغاشم وبناء وطن يسوده العدل والحرية والكرامة». وفي الوقت نفسه انطلقت دعوات رافضة للعصيان المدني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مع امتناع عدد من الاحزاب عن المشاركة أبرزها الحرية والعدالة صاحب الاكثرية في البرلمان وحزب الوفد وحزب النور السلفي. وأطلق (ائتلاف 19 مارس للاغلبية الصامتة) على فيسبوك حملة مضادة للاضراب اتخذت شعارا ساخرا يقول (شغلني مكانه). وقال الائتلاف في بيان «دعوة لأصحاب الشركات والمصانع. نظرا لحالة البطالة التي يعاني منها الكثير من المواطنين وشباب الخريجين فأننا نهيب بكم بفصل كل من يقوم بالعصيان المدني في شركاتكم ومصانعكم وتعيين بدلا منه طابور الشرفاء العاطلين المنتظرين في صفوف البطالة حيث أن هناك طابورا طويلا من الكفاءات يحتاجون لبناء بلدهم عن طريق العمل وليس عن طريق العصيان المدني ولكن لا يجدون الفرصة» في إشارة إلى ارتفاع نسبة البطالة بمصر. وتبلغ نسبة البطالة رسميا 11.8 بالمئة وفقا لأحدث البيانات والتي تعود للربع الثاني من 2011 لكن هذا الرقم لا يعكس حجم المشكلة الحقيقي إذ لا يشمل من يعملون في وظائف بدوام جزئي خارج الاقتصاد الرسمي. ويقدر خبراء اقتصاديون معدل البطالة بين الشبان عند حوالي 25 بالمئة. وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية لمصر 1.77 مليار دولار في يناير كانون الثاني إلى 16.4 مليار دولار بعد هبوطها بنحو ملياري دولار في كل من أكتوبر ونوفمبر وديسمبر . وهبطت الاحتياطيات بأكثر من النصف منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق. وتظهر أحدث البيانات أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر انكمش إلى 440 مليون دولار في الربع الثالث من العام الماضي من 60 ر1 مليار دولار قبل عام. ورفض كل من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية الدعوات للإضراب، وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب في بيان للمصريين «لا تستمعوا لدعاة الهدم وتعطيل العمل والفناء». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عن البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قوله خلال عظته الاسبوعية يوم الاربعاء «العصيان المدني لا يقبله الدين ولا تقبله الدولة.. والآيات في الكتاب المقدس التي تحض على طاعة الحاكم كثيرة». ونقلت صفحة ائتلاف 19 مارس عن أحد المشتركين بها واسمه أحمد رشاد قوله «لو عايز تعمل عصيان مدني وإضراب يوم 11 براحتك بس كمل عصيانك ولا تطلب توفير قمح أو أي طعام من إنتاج فلاح شريف محب لوطنه يعمل في هذا اليوم».