تسبب أحداث العنف الراهنة والتي دخلت الثلاثاء يومها الرابع على التوالي، في إنتكاسة جديدة للاقتصاد المصري الذي يعاني حالة من التخبط انتابته منذ إندلاع ثورة 25 يناير التي يرجع المصريون أحد أسبابها إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر لتطال 40% من المصريين. وأفادت شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية أن ممارسات العنف ضد المتظاهرين السلميين على مدار ثلاثة أيام ساهمت فى رفع تكاليف الديون المصرية إلى مستويات قياسية، حيث صعدت تكاليف أذون الخزانة لمدة تسعة أشهر إلى 45 نقطة أساس، فى طرح أمس الأول، ليصل سعر الفائدة إلى 14.7%، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2006. ونقلت صحيفة الشروق عن عالية ممدوح، محللة الاقتصاد الكلى بشركة سى أى كابيتال، قولها أن الديون قصيرة الأجل ستكون العبء الأكبر على الخزانة العامة، لأن تكاليفها عادة تكون أعلى من الديون طويلة الأجل، والمخاطر السياسية الحالية تزيد الضغوط عليها. وترى المحللة إن الانتخابات البرلمانية أصبحت أمرا مصيريا لتحسن الاقتصاد المصرى، فالوضع الأمثل للمستثمرين الاجانب هو وجود نظام سياسى عليه توافق مجتمعى، والاضطرابات الحالية لا توحى بوجود هذا التوافق، بحسب تعبيرها. وتضع أحداث العنف الأمنى الأخيرة، التى امتدت للعديد من المحافظات المصرية، الوضع المالى فى مصر أمام تحديات كبيرة، ونقلت بلومبيرج عن المدير الإقليمى بأحد صناديق الاستثمار الدولية بدبى، رامى سيدانى، توقعاته أن تساهم تلك الأزمة فى رفع تكاليف القرض المنتظر ابرامه بين مصر وصندوق النقد الدولى بقيمة 3 مليارات دولار. واصلت البورصة المصرية، نزيف خسائرها الحاد للجلسة التاسعة علي التوالي في ختام تداولات اليوم الاثنين ليسجل المؤشر الرئيسي ادني مستوي له منذ 32 شهر في 18 مارس 2009 علي خلفية تجدد الاشتباكات بميدان التحرير بين المحتجين وقوات الشرطة وسقوط ما يقرب من 33 قتيل خلال الاشتباكات فضلا عن مئات المصابين . وحذر الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية من تضرر مساعي الاقتراض الخارجى بسبب استمرار الاضطرابات السياسية وتصاعد المظاهرات والأحداث فى الشارع قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر الشهر الجاري ، واصفا مظاهرات التحرير والمصادمات التى وقعت خلالها بين المحتجين وقوات الشرطة بالمخيفة ، ومؤكدا أن الوضع الاقتصادي فى غاية الدقة ويتأثر حتما بما يحدث . وتنتظر مصر العديد من أشكال المساندة الدولية لوضعها المالى، والذى ترى وكالة موديز للتصنيف الائتمانى أنه معرض للتأزم أكثر، متوقعة ارتفاع عجز الموازنة إلى أكثر من 10% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الحالى، بينما تتطلع الحكومة إلى عدم تعدى العجز هذا العام نسبة ال 8.6%. وبينما وعدت السعودية والامارات بتقديم نحو 7 مليارات دولار لمصر بعد الثورة، تلقت مصر منهم حتى الآن 500 مليون دولار، إلى جانب 500 مليون دولار اخرى من قطر. ويرى بعض الخبراء الماليين أن ابرام قرض بين مصر وصندوق النقد سيكون شهادة من الصندوق على الجدارة الائتمانية لاقتصاد البلاد، بما سيخفض من تكاليف ديونها، بعد الارتفاع المستمر لأعباء الديون وتخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتمانى لمصر ثلاث مرات خلال العام الجارى، الا أن الخبير المالى سيرجى ديرجاشيف، قال لبلومبرج إن مصر تحتاج لتطبيق سياسات اقتصادية تطمئن المستثمرين الاجانب، بحيث تكون هناك رؤية واضحة عن كيفية مواجهة تحديات الاقتصاد الكلى وتخفيض معدلات بطالة الشباب وعجز الموازنة.